أعلن علماء الفلك اليوم أنّ النجوم قد تولد كبيرة، وكبيرة جدًّا.
وقد توقّعت النظريات على مرّ السنين أن هناك حدًّا أعلى للكتلة النجمية وهو ما بين 10 إلى 1.000 مرّة كتلة شمسنا.
وقد وجدت مراقبات حديثة لمجموعة ضخمة من النجوم في مركزِ مجرّتنا، أنّ هذا الحدّ الأعلى يبلغ حوالي 150 مرة كتلة الشمس.
قال دون فيجر (Don Figer) من معهد علوم تليسكوب الفضاء: «تشيرُ النتيجة الرئيسية إلى وجود حدّ أعلى، وهناكَ القليل من الشكّ بشأنِ ذلك. وتقول النتيجة الثانية أن هذا الحدّ الأعلى يبلغ حوالي 150 كتلة شمسية»
استخدم فيجر تليسكوب هابل الفضائي لقياس كُتل النجوم في مجموعة آرتشيس، التي تبعد 25000 سنة ضوئية، ويبلغ حجمها عشرة أضعاف حجم المجموعات النجميّة النموذجية في مجرتنا.
والمجموعة النجميّة عبارة عن تكتّل من النجوم التي تشكّلت تقريبًا في نفس الوقت.
وقال فيجر خلال مؤتمر عقدته وكالة ناسا اليوم عبر الإنترنت: «تحتوي مجموعة آرتشيس على نجوم بكتلة أصغر بكثير من النجوم ذوي الكتلة الكبيرة، وهذا أمر نموذجي بالنسبة للمجموعات النجميّة»
لكنّ صعوبةُ رصدِ الحدِّ الأعلى للكتلة النجمية تكمن في أنّ النجوم الضخمة نادرة، وإنّ أفضل مكان للعثور على نجوم كبيرة هو في أكبر المجموعات النجميّة.
ومجموعة آرتشيس -التي تحتوي على 10.000 كتلة شمسية- هي أكبر مجموعة نجميّة مكشوفة معروفة في مجرّتنا.
(للملاحظة: هناك مجموعات كونيّة أكبر)
تقول سالي أوي (Sally Oey) من جامعة ميشيغان، وهي عضو في أبحاث فيجر: «كلّما زادَ غنى المجموعة النجميّة بالنجوم، زادَ احتمال العثور على نجوم كبيرة للغاية»:وقد بحثت أوي وزملاءها عن النجوم ذوي الكتلة الأكبر في تسع مجموعات نجميّة ذوي حجم صغير نموذجي، وتمكّنوا من تقديرِ الحدِّ الأعلى لكتلة النجوم، والذي يتوافق مع نتيجة فيجر المدعومة إحصائيًّا.
عش سريعًا ومت شابًّا
إنّه لأمر معروف منذ زمن طويل، أنّ كرة من الغاز تزن أقل من حوالي عُشر كتلة شمسنا، لن تكون قادرة على تشغيل قلب مفاعل الانصهار النووي. وبمجرد تشغيل الانصهار النووي قي قلب النجوم، ستصبح النجوم الأكبر أكثرَ إشراقًا. ويقول ستان ووسلي (Stan Woosley) من جامعة كاليفورنيا، سانتا كروز، أنّ النجم الذي تبلغ كتلته مئةَ مرّة كتلة الشمس، سيشرقُ أكثر منها بمليون مرّة.
لكنَّ هذه النجوم الكبيرة تستهلك وقودها النووي بسرعةٍ أكبر. وتعيش النجوم التي تزيد كتلتها عن مئةِ كتلةٍ شمسية، حوالي 3 ملايين سنة فقط، بينما من المتوقع أن تعيش شمسنا لأكثر من 10 مليارات سنة.
لذلك، لنمكّن من رصدِ نجمٍ عملاق، لا يجب علينا البحث في مجموعة نجميّة كبيرة فقط، لكن علينا البحث أيضًا بين النجوم الشابّة.
لحسنِ الحظّ، فإنّ مجموعة آرتشيس تبلغ من العمر ما بين 2 و2.5 مليون سنة. وقد وجد فيجر بمساعدة دقّة عدسة تلسكوب هابل نجوم يتراوح حجمها ما بين 2 و130 كتلة شمسية.
وقد قال فيجر: «كنّا نتوقع إيجاد 20 إلى 30 نجم، تبلغ كتلته ما بين 130 و1.000 كتلة شمسية» وأضاف: «لكنّنا لم نعثر على شيء. لو تشكّلت هذه النجوم فعلًا، كنّا قد رأيناهم؟»
إذا قمنا بتقليل عدد النجوم المتوقّع العثور عليها (لنقل واحد أو اثنين من النجوم العملاقة)، في ذلك الحين يمكن لفيجر أن يفسّر غيابها على أنّه مجرّد سوء حظ. لكن هذا الإحباط الكبير في النتائج، لا يمكن تفسيره إلا بوجود حاجز مادّي يفصل النجوم الكبيرة.
التشكّل المحدّد
ما من أحد يعلم بشكل مؤكّد ماهيّة هذا الحاجز المادي.
واعتقد ووسلي أنَّ هناك سيناريوهين محتملين: إمّا هنالك شيء ما يسبّب توقّف نموّ النجم في وقت مبكر، أو أنّ النجم يتشكّل، لكنّ إشعاعهُ المكثف يؤدّي إلى تفجّره.
بالرغم من ذلك، قد نجد بعض النجوم التي تتحايل على الحد الأعلى الذي يبلغ 150 كتلة شمسية. فعلى سبيل المثال، تبلغ كتلة نجم بيستول (Pistol) 200 كتلة شمسية.
ويقول فيجر: «إنَّ إحدى الطرق لشرح هذا التناقض الواضح هو أنَّ نجم بيستول من الممكن أنْ يكون نجمًا قد وُلدَ للمرة الثانية، وقد تكوّن نتيجة اندماج نجمين صغيرين» غير أن هذا النوع من آلية التكوّن غيرعادي بالمرّة.
قال فيجر: «لا يوجد نجم في المجرة يزيد عن حد 150 كتلة شمسيّة»