في أوائل القرن العشرين، وفي الوقت الذي كانَ جُلُّ ما يعلمه عُلماء الفلك حقًا هو وجودُ مجرّتنا، كانَ «ألبرت آينشتاين – Albert Einstein» يَصوغ نظريَّتهُ عن الجاذبيّة، حيثُ اضطرّ لاستخدام الافتراض المُبسّط والذي يَعتبر بأن جميعَ أجزاءِ الكون لها ذاتُ الخصائص الإجماليّة، وأنّه يبدو متماثلًا تقريبًا في كلِ اتجاه أيًا كان موقع المراقب في الكون، كما فعلَ «السير اسحاق نيوتن – Sir Isaac Newton» قبلَ مِئتَي عام حيثُ افترضَ كَونًا لانهائيًّا وفي حالةٍ مُستقرّة معَ نجومِه المُعلّقةُ أساسًا بلا حراك في الفراغ الواسع.
وبالرغم من ذلك، عندما حاول آينشتاين تطبيق نظريّته «النسبيّة العامّة – General Relativity» للكون بالمُجمل، أدركَ بأنَّ «الزمكان» ككل لابد أن يكونَ مُنحنٍ على نفسه، وذلك بحدِّ ذاته ما يؤدّي به للتحرك، ويتقلّص تحتَ تأثير جاذبيَّته بشكلٍ غير قابلٍ للسيطرة.
ولهذا، وفي وقتٍ مُبكرٍ من عام 1917 أدركَ آينشتاين وآخرون بأنَّ مُعادلات النسبيّة العامة لا تصِف الكون المُستقر.
ومع ذلك، لم يقبل تمامًا بفكرة الديناميكيّة.
فقام بإضافة قوّةٍ غامضةٍ مُضادةٍ للتنافر الكوّني وأطلق عليها اسم «الثابت الكوني – Cosmological Constant» حتى تتّفِق مُعادلاته مع مفهومِ أنَّ الكون ثابت، ساكن، وغير متمدد.
إنَّ إضافة مُصطلحاتٍ إضافيّة وتعسُفيّة لأي نظريّة ليس بشيء يفعله العلماء بسهولة، وكثيرٌ من الناس يُجادلون أنّه كان بناءً مُصطنعًا وتعسُفيًّا وفي أحسن الأحوال، كانَ حلًا لسدِّ الفجوة.
كما لاحظنا، حتّى ذلك الوقت، كان افتراضُ وجود كونٍ ثابت أمرًا مفروغًا منه دائمًا.
ولِوضع هذه الأشياء ضمن المنظور، ابحث في التاريخ في قسم النظريّات الكونيّة وستجد بأنّ ما كانَ مُسلَّمًا به في مُعظم التاريخ هو أنَّ الأرض ثابتة وأنها مركزُ الكون بأسره، كما وصفها «أرسطو – Aristotle» و «بطليموس – Ptolemy».
ولم تَكُن فقط في منتصف القرن السادس عشر عندما أظهر «نيكولاس كوبرنيكوس – Nicolaus Copernicus» أننا لم نكن مركز الكون ولا حتّى النظام الشمسي.
ففي وقتٍ متأخرٍ من بداية القرن العشرين، أشارَ «جاكوبوس كابتين – Jacobus Kapteyn» لأول مرّة بأن الشمسَ هي مركز مجرّة النجوم المغزليّة التي تُشكّل «درب التبّانة – Milky Way».
ثُم عانت البشريّة في عام 1917 من ضربةٍ أخرى في كبريائها عندما كشف «كورتس شابلي – Curtis Shapely» أننا لسنا مركز المجرّة، وإنما كأحد الضواحي النائيّة في درب التبّانة (بالرغم من أنّه كان لايزال مُفترضًا بأنّ درب التبانة هو كلُّ شيء).
تُظهر الصورة الكون وكوكب الأرض هو المركز
حسب رأي «أرسطو – Aristotle»
وبعد بضع سنين، في عام 1925 فاجأ العالم الفلكيّ «إدوين هابل – Edwin Hubble» المُجتمع العلميّ بعدما أوضحَ لهم بأنَّ للكون أكثر من مجرّة وليس فقط مجرّتنا درب التبّانة، وأنّه في الحقيقة هنالك العديد من جُزر النجوم المُنفصلة، الآلاف وربما الملايين منها، ويبعدُ الكثير منها مسافات هائلة عنّا.
لاحقًا، وفي عام 1929، أعلنَ «هابل» عن اكتشافٍ درامتيكيٍ آخر ليغيّر علمَ الفلك تمامًا على نحوٍ مُذهل.
فمع الاستفادة من التلسكوبات المطوّرة، بدأ «هابل» بملاحظة أنَّ الضوء القادم من هذه المجرّات قد انزاحَ قليلًا باتجاه اللون الأحمراء من الطَّيف نظرًا لــِـ«تأثير دوبلر- Doppler effect» والمعروف باسم «انزياح أحمر – Redshift»، والتي أشارت بأنَّ المجرّات تتحركُ بعيدًا عنّا.
وبعدَ تحليلٍ مُفصَّل للانزياح نحو الأحمر على صنفٍ خاصٍ من النجوم يُطلق عليها اسم (النجوم المتحوّلة – Cepheids) والتي تملك صفاتٍ خاصّة يجعلها مُفيدةً لتُستخدم كوحدة قياس (شمعات قياسية-Standard Candles) أو علامات للمسافات، خَلُصَ «هابل» إلى أنّ المجرّات وتجمّعاتٍ أخرى من المجرّات كانت في الواقع تُحلِّق بعيدًا عن بعضها البعض بسرعة كبيرة، وبالتالي فإنَّ الكونَ كان ينمو في الحجم بشكلٍ مُحدد.
وفي الواقع، جميعَ المجرّات التي نراها بلونٍ أحمر ذلك سببه الإنزياح نحو الأحمر من الطيف.
أظهر «هابل» في كوننا المتمدد، أنَّ المجرة التي تبعد عنا ضعف محرة أخرىـ تبتعد عنا بضعف سرعة ابتعاد تلك المجرة، والذي عُرف باسم قانون هابل : ( v=H0D ) .
حيث أنَّ (v) هي السرعة، (D) هو المسافة بينَ المجرّة والمُراقب، و (H0) هو ثابت هابل الذي يربطهم.
لقد كانت القيمة الدقيقة لثابت «هابل» بحدِّ ذاتها موضِعَ خلافٍ لفترة طويلة من الزمن، فكانت تقديرات «هابل» الأوليّة تبلغ حوالي 500 كيلومتر في الثانية لكل ميغابارسك (أي ما يُعادل 160كم/ثا/مليون سنة ضوئية).
ولكنَّ أفضَل التقديرات الأخيرة والتي تمَّت بالاستفادة من تلسكوب «هابل» و «مسبار ويلكينسون لتباين الأشعة الكونية- WMAP » بلغت حوالي 72 كيلومتر في الثانية لكل ميغابارسك.
وربّما من الجدير بالذِكر أنَّ ثابت هابل هو عاملٌ متغيّر من الناحية الفنيّة وليس ثابتًا، لأنه سيتغيّرُ فعليًّا على مدى فترات طويلة من الزمن.
هذا التمدد الكوّني والذي يُطلقُ عليه عادةً اسم «التمدد المتري للفضاء» (metric expansion)، هو تمددٌ عام في المجراتِ الفرديّة التي لا تتمدد بنفسها، ولكن تجمُّعات المجرّات والتي أصبحت جزءًا من الكون قد انقسمت وأمسَت أكثر انفصالًا وانتشارًا في أنحاء الفضاء.
ولهذا، فإن الكون لا يتمدّد للخارج في الفضاء الموجودِ مُسبقًا، وما يحدد هذا التمدد هو الانفصال النسبي لأجزاء من الكون.
وبالعودة لصورة الكون المُتمَدِد كأنه بالونٌ في تضخم مستمر، إذا ما رُسمت نقاطٌ صغيرة على البالون لتُمثّل المجرات، وتمدد البالون، فإن المسافات بين النقاط سوف تزداد وتتحرك بسرعة أكبر، وهنالك تشبيهٌ آخر يستخدم في كثير من الأحيان وربّما يكون أكثر وضوحًا وهو: «فطيرةُ الزبيب»، التي تتوسع عندما يتم خبزُها بحيث أن حبّات الزبيب (التي تمثل المجرات) تبتعد عن بعضها تدريجيًّا.
تُمثّل الصورة انطباع الفنّان عن التمدد المتري للكون
في مثل هذا التوسّع، لايزال الكونُ يبدو نفسه تقريبًا من كل مجرّة، وبالتالي فإن حقيقة أن نرى جميع المجرات تنحسر بعيدة عنّا لا يعني بالضرورة أننا في مركز الكون، حيث أنَّ أيَّ مراقب في تلك المجرات سيرى جميع المجرات الأخرى تُحلِّق بعيدًا عنه وفقًا لنفس القانون، هذا النموذج من تشتّت المجرات سيظهر متطابقا إلى حدٍ كبير من أيّ مكانٍ في الكون.
وبهذا يكون النموذج القديم للكون قد ثَبُتَ بُطلانه بشكلٍ قاطع بعد أن استمر منذ عهد السير «اسحاق نيوتن»، ولكن اكتشاف «هابل» فعل أكثر من مُجرد إظهار أن الكون يتغيّر مع مرور الوقت.
فإذا كانت المجرّات تُحلِّق بعيدًا فهذا من شأنه أن يوضِّح بأن الكون في وقتٍ سابق كان أصغر مما هو عليه الآن.
وبالعودة منطقيًّا بالزمن إلى الوراء، ففي نهاية المطاف يجب أن نصل لبداية عندما كانت المجرّات صغيرة جدًا بالفعل، وهذا ما أدّى لظهور «نظريّة الانفجار العظيم – The Big Bang Theory»، وبالرغم من أنها تقريبًا مقبولة عالميًا، فإن هذه النظرية في البدايات لم تكن محلَّ ترحابٍ فوريّ، فقد كان مطلوبًا العديد من الأدلّة المؤيّدة لها.
وفي مواجهة دليل «هابل»، اضطر آينشتاين للتخلّي عن فكرته (قوة التنافر الكوني)، ووصفها بالخطأ الفادح الذي قام بارتكابه.
ولكن بالنسبة للبعض الآخر من العُلماء ولا سيما الفيزيائي الروسي «ألكسندر فريدمان- Alexander Friedmann» والكاهن والفيزيائي البلجيكي «جورج لوميتر- Georges Lemaître» فقد قاموا باستخدام نظريّة آينشتاين لإثبات أنّ الكون في حالة حركة، سواء بالتوسّع أو التقلص.
ومن المُسلَّم به الآن هو وصف آينشتاين للجاذبيّة في نظريّته النسبيّة العامة على أنّها إنحناءُ الزمكان وفي الواقع كان هذا من أُولى الدلائِل على أن الكون نمى من بداياتٍ بسيطة.
وكما سنرى لاحقًا، فإن «الخطأ الفادح» الذي ارتكبه آينشتاين قد يتحوّل في الواقع إلى واحدٍ من أكثر التنبّؤات عبقريةً.
وبالرغم من ذلك، عندما حاول آينشتاين تطبيق نظريّته «النسبيّة العامّة – General Relativity» للكون بالمُجمل، أدركَ بأنَّ «الزمكان» ككل لابد أن يكونَ مُنحنٍ على نفسه، وذلك بحدِّ ذاته ما يؤدّي به للتحرك، ويتقلّص تحتَ تأثير جاذبيَّته بشكلٍ غير قابلٍ للسيطرة.
ولهذا، وفي وقتٍ مُبكرٍ من عام 1917 أدركَ آينشتاين وآخرون بأنَّ مُعادلات النسبيّة العامة لا تصِف الكون المُستقر.
ومع ذلك، لم يقبل تمامًا بفكرة الديناميكيّة.
فقام بإضافة قوّةٍ غامضةٍ مُضادةٍ للتنافر الكوّني وأطلق عليها اسم «الثابت الكوني – Cosmological Constant» حتى تتّفِق مُعادلاته مع مفهومِ أنَّ الكون ثابت، ساكن، وغير متمدد.
إنَّ إضافة مُصطلحاتٍ إضافيّة وتعسُفيّة لأي نظريّة ليس بشيء يفعله العلماء بسهولة، وكثيرٌ من الناس يُجادلون أنّه كان بناءً مُصطنعًا وتعسُفيًّا وفي أحسن الأحوال، كانَ حلًا لسدِّ الفجوة.
كما لاحظنا، حتّى ذلك الوقت، كان افتراضُ وجود كونٍ ثابت أمرًا مفروغًا منه دائمًا.
ولِوضع هذه الأشياء ضمن المنظور، ابحث في التاريخ في قسم النظريّات الكونيّة وستجد بأنّ ما كانَ مُسلَّمًا به في مُعظم التاريخ هو أنَّ الأرض ثابتة وأنها مركزُ الكون بأسره، كما وصفها «أرسطو – Aristotle» و «بطليموس – Ptolemy».
ولم تَكُن فقط في منتصف القرن السادس عشر عندما أظهر «نيكولاس كوبرنيكوس – Nicolaus Copernicus» أننا لم نكن مركز الكون ولا حتّى النظام الشمسي.
ففي وقتٍ متأخرٍ من بداية القرن العشرين، أشارَ «جاكوبوس كابتين – Jacobus Kapteyn» لأول مرّة بأن الشمسَ هي مركز مجرّة النجوم المغزليّة التي تُشكّل «درب التبّانة – Milky Way».
ثُم عانت البشريّة في عام 1917 من ضربةٍ أخرى في كبريائها عندما كشف «كورتس شابلي – Curtis Shapely» أننا لسنا مركز المجرّة، وإنما كأحد الضواحي النائيّة في درب التبّانة (بالرغم من أنّه كان لايزال مُفترضًا بأنّ درب التبانة هو كلُّ شيء).
تُظهر الصورة الكون وكوكب الأرض هو المركز
حسب رأي «أرسطو – Aristotle»
وبعد بضع سنين، في عام 1925 فاجأ العالم الفلكيّ «إدوين هابل – Edwin Hubble» المُجتمع العلميّ بعدما أوضحَ لهم بأنَّ للكون أكثر من مجرّة وليس فقط مجرّتنا درب التبّانة، وأنّه في الحقيقة هنالك العديد من جُزر النجوم المُنفصلة، الآلاف وربما الملايين منها، ويبعدُ الكثير منها مسافات هائلة عنّا.
لاحقًا، وفي عام 1929، أعلنَ «هابل» عن اكتشافٍ درامتيكيٍ آخر ليغيّر علمَ الفلك تمامًا على نحوٍ مُذهل.
فمع الاستفادة من التلسكوبات المطوّرة، بدأ «هابل» بملاحظة أنَّ الضوء القادم من هذه المجرّات قد انزاحَ قليلًا باتجاه اللون الأحمراء من الطَّيف نظرًا لــِـ«تأثير دوبلر- Doppler effect» والمعروف باسم «انزياح أحمر – Redshift»، والتي أشارت بأنَّ المجرّات تتحركُ بعيدًا عنّا.
وبعدَ تحليلٍ مُفصَّل للانزياح نحو الأحمر على صنفٍ خاصٍ من النجوم يُطلق عليها اسم (النجوم المتحوّلة – Cepheids) والتي تملك صفاتٍ خاصّة يجعلها مُفيدةً لتُستخدم كوحدة قياس (شمعات قياسية-Standard Candles) أو علامات للمسافات، خَلُصَ «هابل» إلى أنّ المجرّات وتجمّعاتٍ أخرى من المجرّات كانت في الواقع تُحلِّق بعيدًا عن بعضها البعض بسرعة كبيرة، وبالتالي فإنَّ الكونَ كان ينمو في الحجم بشكلٍ مُحدد.
وفي الواقع، جميعَ المجرّات التي نراها بلونٍ أحمر ذلك سببه الإنزياح نحو الأحمر من الطيف.
أظهر «هابل» في كوننا المتمدد، أنَّ المجرة التي تبعد عنا ضعف محرة أخرىـ تبتعد عنا بضعف سرعة ابتعاد تلك المجرة، والذي عُرف باسم قانون هابل : ( v=H0D ) .
حيث أنَّ (v) هي السرعة، (D) هو المسافة بينَ المجرّة والمُراقب، و (H0) هو ثابت هابل الذي يربطهم.
لقد كانت القيمة الدقيقة لثابت «هابل» بحدِّ ذاتها موضِعَ خلافٍ لفترة طويلة من الزمن، فكانت تقديرات «هابل» الأوليّة تبلغ حوالي 500 كيلومتر في الثانية لكل ميغابارسك (أي ما يُعادل 160كم/ثا/مليون سنة ضوئية).
ولكنَّ أفضَل التقديرات الأخيرة والتي تمَّت بالاستفادة من تلسكوب «هابل» و «مسبار ويلكينسون لتباين الأشعة الكونية- WMAP » بلغت حوالي 72 كيلومتر في الثانية لكل ميغابارسك.
وربّما من الجدير بالذِكر أنَّ ثابت هابل هو عاملٌ متغيّر من الناحية الفنيّة وليس ثابتًا، لأنه سيتغيّرُ فعليًّا على مدى فترات طويلة من الزمن.
هذا التمدد الكوّني والذي يُطلقُ عليه عادةً اسم «التمدد المتري للفضاء» (metric expansion)، هو تمددٌ عام في المجراتِ الفرديّة التي لا تتمدد بنفسها، ولكن تجمُّعات المجرّات والتي أصبحت جزءًا من الكون قد انقسمت وأمسَت أكثر انفصالًا وانتشارًا في أنحاء الفضاء.
ولهذا، فإن الكون لا يتمدّد للخارج في الفضاء الموجودِ مُسبقًا، وما يحدد هذا التمدد هو الانفصال النسبي لأجزاء من الكون.
وبالعودة لصورة الكون المُتمَدِد كأنه بالونٌ في تضخم مستمر، إذا ما رُسمت نقاطٌ صغيرة على البالون لتُمثّل المجرات، وتمدد البالون، فإن المسافات بين النقاط سوف تزداد وتتحرك بسرعة أكبر، وهنالك تشبيهٌ آخر يستخدم في كثير من الأحيان وربّما يكون أكثر وضوحًا وهو: «فطيرةُ الزبيب»، التي تتوسع عندما يتم خبزُها بحيث أن حبّات الزبيب (التي تمثل المجرات) تبتعد عن بعضها تدريجيًّا.
تُمثّل الصورة انطباع الفنّان عن التمدد المتري للكون
في مثل هذا التوسّع، لايزال الكونُ يبدو نفسه تقريبًا من كل مجرّة، وبالتالي فإن حقيقة أن نرى جميع المجرات تنحسر بعيدة عنّا لا يعني بالضرورة أننا في مركز الكون، حيث أنَّ أيَّ مراقب في تلك المجرات سيرى جميع المجرات الأخرى تُحلِّق بعيدًا عنه وفقًا لنفس القانون، هذا النموذج من تشتّت المجرات سيظهر متطابقا إلى حدٍ كبير من أيّ مكانٍ في الكون.
وبهذا يكون النموذج القديم للكون قد ثَبُتَ بُطلانه بشكلٍ قاطع بعد أن استمر منذ عهد السير «اسحاق نيوتن»، ولكن اكتشاف «هابل» فعل أكثر من مُجرد إظهار أن الكون يتغيّر مع مرور الوقت.
فإذا كانت المجرّات تُحلِّق بعيدًا فهذا من شأنه أن يوضِّح بأن الكون في وقتٍ سابق كان أصغر مما هو عليه الآن.
وبالعودة منطقيًّا بالزمن إلى الوراء، ففي نهاية المطاف يجب أن نصل لبداية عندما كانت المجرّات صغيرة جدًا بالفعل، وهذا ما أدّى لظهور «نظريّة الانفجار العظيم – The Big Bang Theory»، وبالرغم من أنها تقريبًا مقبولة عالميًا، فإن هذه النظرية في البدايات لم تكن محلَّ ترحابٍ فوريّ، فقد كان مطلوبًا العديد من الأدلّة المؤيّدة لها.
وفي مواجهة دليل «هابل»، اضطر آينشتاين للتخلّي عن فكرته (قوة التنافر الكوني)، ووصفها بالخطأ الفادح الذي قام بارتكابه.
ولكن بالنسبة للبعض الآخر من العُلماء ولا سيما الفيزيائي الروسي «ألكسندر فريدمان- Alexander Friedmann» والكاهن والفيزيائي البلجيكي «جورج لوميتر- Georges Lemaître» فقد قاموا باستخدام نظريّة آينشتاين لإثبات أنّ الكون في حالة حركة، سواء بالتوسّع أو التقلص.
ومن المُسلَّم به الآن هو وصف آينشتاين للجاذبيّة في نظريّته النسبيّة العامة على أنّها إنحناءُ الزمكان وفي الواقع كان هذا من أُولى الدلائِل على أن الكون نمى من بداياتٍ بسيطة.
وكما سنرى لاحقًا، فإن «الخطأ الفادح» الذي ارتكبه آينشتاين قد يتحوّل في الواقع إلى واحدٍ من أكثر التنبّؤات عبقريةً.