اكتشف الباحثون انبعاثات بلازما فوق صوتية في الغلاف الجوي العلوي للأرض، هذه الانبعاثات مسؤولة عن بعض الظروف الجوية القاسية جداً، فحرارتها تعادل 10.000 درجة مئوية أي (18,032°F) درجة فهرنهايت.
ويبدو أن هذه الانبعاثات لا تغير فقط التركيب الكيميائي لـ (الأيونوسفير- ionosphere) الغلاف الأيوني، بل تدفع هذه الطبقة الجوية فعلاً نحو الأعلى، وتقوم بتسريب بعض المواد الجوية من الكوكب إلى الفضاء.
و قبل أكثر من قرن، اقترح العالم النرويجي (كريستيان بيركيلاند- Kristian Birkeland) أن تيارات كهربائية واسعة النطاق مدعومة بالرياح الشمسية كانت تسافر عبر الأيونوسفير عن طريق المجال المغناطيسي للكوكب.
والأيونوسفير هو طبقة الغلاف الجوي التي تمتد من 75 إلى 1000 كم ،46 إلى 621 ميلاً فوق سطح الأرض، وبمجرد أن اكتشف العلماء كيفية وضع الأقمار الصناعية للتحليق في هذا المجال في السبعينات، تأكد وجود هذه التيارات الكهربائية المعروفة باسم تيارات «بيركيلاند»، و هي تحمل ما يصل إلى 1 تريليون واط من الطاقة الكهربائية إلى الغلاف الجوي العلوي، أي حوالي ثلث إجمالي استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة سنوياً، كما أنها مسؤولة عن الشفق القطبي الذي يضيء القطبين الشمالي والجنوبي.
وفي الآونة الأخيرة، أرسل علماء من وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) ثلاثة أقمار صناعية لرصد و دراسة هذه التيارات، في البداية، اكتشفت هذه الأقمار حقول كهربائية كبيرة بشكل لا يصدق، تنشأ في الأيونوسفير و تتجه إلى أعلى وأسفل.
وقال أحد أعضاء الفريق (بيل آرتشر- Bill Archer) من جامعة كالجاري: «باستخدام بيانات من أجهزة رصد المجال الكهربائي للأقمار الصناعية، اكتشفنا أن هذه المجالات الكهربائية القوية تتسبب بانبعاثات البلازما فوق الصوتية، والتي يمكنها أن ترفع درجات الحرارة في الأيونوسفير إلى 10000 درجة مئوية وتغير تركيبه الكيميائي، و تدفعه صعوداً إلى ارتفاعات أعلى، حيث يمكن أن يؤدي نشاط إضافي إلى هروب المواد الجوية إلى الفضاء».
يعتبرذلك غريب بما فيه الكفاية، فبعد الملاحظات الأخيرة المسجلة عن طريق الأقمار الصناعية، نعلم الآن أن أنظمة مماثلة يمكن أن تسبب نفس التأثير في الغلاف الجوي العلوي للأرض و في مركزها الخارجي السائل.
وفي كانون الأول / ديسمبر الماضي، أعلن فريق وكالة الفضاء الأوروبية أن الأقمار الصناعية قد اكتشفت نفاذاً متسارعاً للحديد المنصهر على عمق نحو 3000 كيلومتر 1864 ميلاً تحت سطح الأرض تحت ألاسكا وسيبيريا، ووجد الباحثون أن هذا التدفق الذي يبلغ عرضه 420 كيلومتراً (260) ميلا قد تضاعف ثلاث مرات في أقل من عقدين من الزمن، ويتوجه حالياً نحو أوروبا، وكما هو الحال بالنسبة لانبعاثات البلازما، فإن هذا التدفق للحديد المنصهر مرتبط بشكل مباشر بالمجال المغناطيسي للأرض، وهذه التغييرات في درجات الحرارة و الضغط في الطبقة السائلة، تتسبب بتحركات و دوامات في المعدن السائل، وتقوم هذه الدوامات جنباً إلى جنب مع حركة دوران الأرض بتوليد تيارات كهربائية، و التي بدورها تنتج مجالات مغناطيسية.
بعد أن اكتشفت هذه التدفقات في عمق الأرض و في الغلاف الجوي العلوي، سيكون الباحثون مجهزين جيداً للتنبؤ بما سيقوم به الحقل المغناطيسي بعد ذلك، وهذا أمر مهم، لأنه يبدو أن القطب الشمالي يخضع لعملية تحول بينما نحن نتحدث.
يبدو أن المجال المغناطيسي للأرض يأخذ بالتراجع بمعدل 5% في كل قرن، ولذلك فمن المتوقع أن ينعكس القطبين الشمالي و الجنوبي، ويتبادلا الأماكن.
يقول مدير البعثة في وكالة الفضاء الأوروبية (رون فلوبيرغاجين- Rune Floberghagen): « إن المجال المغناطيسي يتغير إلى الأبد، وهذا يمكن أن يدفع حتى الانبعاثات إلى تبديل اتجاهها».