الضجاعمة
قبيلة عربية قُضاعيّة منسوبة إلى رجل اسمه حَمَاطَة، ويلقّب بـ (ضَجْعَم)، ويقال لهم أيضاً: السليحيون، نسبة إلى رجل يُلَقًَّبُ بـ (سليح) واسمه (عمرو) وهو جدّ (ضَجْعَم)؛ وذلكَ أنَّ نسب ضَجْعَم هو: ضَجْعَم بن سَعْد بن سَلِيح بنِ حُلْوان بن عمران بن الحاف ابن قضاعة، وقُضاعَةُ مُخْتَلَفٌ في نَسَبِها: أهيَ مِنْ مَعَدّ بن عدنان الشمالية أم مِنْ حمير الجنوبية [ر. قضاعة].
كان انتقال الضجاعمة السليحيين وغيرهم من قضاعة إلى الشمال في الزَمَنِ الذي انتقل فيه التنوخيّون الذينَ صاروا ملوكَ العراق ومنهم المناذرة، وبرزت أسماءُ عددٍ منهم في وقت مبكّر، إذ يرجَّح أن (Zocomus أو Zeokomos) الذي كان عاملاً للروم على عرب الشام، في أواخر القرن الرابع الميلادي، ما هو إلا تحريف للاسم العربي (ضَجْعَم)؛ وهذا يعني أن الروم أمَّروه على العرب بعد قضائهم على زنوبيا سنة 372 للميلاد.
وكان للضجاعمة خاصةً بادية الشام وأطرافها مما يلي البر من فلسطين إلى قنسرين، ونزلوا بلادَ مؤاب من أرض البلقاء، وسَلَمْيَة وحَوَّارين.
وقد وصلت إلينا أسماء عدد من ملوك الضجاعمة السليحيين وأمرائهم، منهم: داود اللثق بن هُبالة ابن عمرو بن عوف بن ضجعم، وقد تنصَّرَ فكرهَ الدماء والقتل، وبنى ديراً، فكان ينقل الطين والماء على ظهره، فلُقِّبَ اللَّثِق، لِلُثوقِ ثيابه بجسده، ونُسِبَ الدير إليه فسمي (دير داود)، فلما تعبَّدَ ضَعُفَ، فأمره ملك الروم بالغزو، وكان على خيلِه (جعفر بن صبح التنوخي). وفي جيشه زهير بن جناب الكلبي، وثعلبة الفاتك بن عامر الأكبر الكلبي، ومعاوية بن حجير المَشْجَعيّ، وكلهم من قضاعة، فغزوا عبدَ القيس فغنموا ورجعوا، وفي الطريق تذاكَرَ رجالُ قضاعة ما دخلهم من الذلِّ بسبب داود، فتواعد ثعلبة الفاتك ومعاوية بن حجير على قتله، حتى إذا كان في موضع يقال له (برقة حارب) من أرض الشام، وأمامه شمعةٌ، تقدَّما فأطفآها وقتلاه، وقال ثعلبة الفاتك من أبيات:
نحنُ الألى أردت ظُباتُ سيوفنا
داود بين البرقتين فحاربِ
ورثاه بعض الشعراء من أهلِهِ ومن تنوخ.
ومنهم ابن عمّ داود (ذياد بن هبولة ابن عمرو) بالذال؛ ومنهم من يسميه (زياد بن هبالة) بالزاي، ويجعله أخا داود، وكان معاصراً لآكل المرار، حجر بن معاوية بن الحارث الكندي، جد امرئ القيس، فعلم أنَّ حجراً أغار على البحرين، فسارَ إلى دياره فأخذ الحريم والأموال، فبلغ حُجراً ذلك فأدركه بالبَرَدان، دون (عين أباغ)، وحمل جيش حُجْرٍ على أتباعِهِ فانهزموا، ووقع أسيراً ثم قتل، في خبر لهم.
في زمن (ذيادٍ) كان أول قدوم الغساسنة إلى الشام، بعد تهدّم سدّ مأرب، بقيادة ثعلبة بن عمرو بن المجالد ابن عمرو بن عدي بن مازن بن الأزد، فوقعت بينهما حربٌ ظهرت فيها سليح، فاتفقوا على أن تؤدّي غسان إلى سليح إتاوة عن كلِّ رجلٍ؛ وكأن الحرب هي المقصودة بقولهم في المثل «يوم كيوم القسطل»، وهو موضعٌ أدركت سليح فيه غسّان، و(القسطل) قرية قديمة بين دمشق وحمص من أرض القلمون قريبة من بادية الشام التي كان فيه السَّليحيّون، فلعلها المقصودة.
ثم إنّ سَبِيطَ بن المنذر بن عمرو بن عوف بن ضجعم وبعضهم يسميه سبطة جاء يجبي الإتاوة وشدّد في طلبهم، فأرسله ثعلبة بن عمرو إلى أخيه (جذع بن عمرو) وكان فاتكاً، فقتل سبيطاً في خبرٍ يذكرونه عند الحديث عن المثل (خذ من جِذْعٍ ما أعطاك)، وفي ذلك يقول الشاعر:
أَلم يبلغك والأنباء تنمي
بظهر الغيب ما لاقى السبيطُ
بجلّقَ إذ سما جذع إليه
وجذع في أرومتِهِ وسيطُ
فوقعت لذلك الحرب بينهم ثانيةً، في موقع يقال له (المحفّف)، وامتنعت منهم غسّان، فأرسلَ ملك الرّوم إلى الغساسنة، فأقرّهم مكان الضّجاعمة، وكان ذلك في زمن ملك الروم (أنستاسيوس الأول) الذي حكم بين (491 ـ 518م).
وتًعَدُّ سليح من القبائل العربية المتنصّرة، وهم ممّن وقف في وجه المسلمين في فتوح الشام، وفي حروب الردة، إذ وقفوا إلى جانب المرتدين حين حاصرهم خالد بن الوليد في (دومة الجندل)، وكان رئيسهم (ابن الحدرجان) ثم إنّ بعضهم أسلَمَ، وكانوا في (قنّسرين) أَيام المهديّ العباسيّ.
محمد شفيق البيطار
قبيلة عربية قُضاعيّة منسوبة إلى رجل اسمه حَمَاطَة، ويلقّب بـ (ضَجْعَم)، ويقال لهم أيضاً: السليحيون، نسبة إلى رجل يُلَقًَّبُ بـ (سليح) واسمه (عمرو) وهو جدّ (ضَجْعَم)؛ وذلكَ أنَّ نسب ضَجْعَم هو: ضَجْعَم بن سَعْد بن سَلِيح بنِ حُلْوان بن عمران بن الحاف ابن قضاعة، وقُضاعَةُ مُخْتَلَفٌ في نَسَبِها: أهيَ مِنْ مَعَدّ بن عدنان الشمالية أم مِنْ حمير الجنوبية [ر. قضاعة].
كان انتقال الضجاعمة السليحيين وغيرهم من قضاعة إلى الشمال في الزَمَنِ الذي انتقل فيه التنوخيّون الذينَ صاروا ملوكَ العراق ومنهم المناذرة، وبرزت أسماءُ عددٍ منهم في وقت مبكّر، إذ يرجَّح أن (Zocomus أو Zeokomos) الذي كان عاملاً للروم على عرب الشام، في أواخر القرن الرابع الميلادي، ما هو إلا تحريف للاسم العربي (ضَجْعَم)؛ وهذا يعني أن الروم أمَّروه على العرب بعد قضائهم على زنوبيا سنة 372 للميلاد.
وكان للضجاعمة خاصةً بادية الشام وأطرافها مما يلي البر من فلسطين إلى قنسرين، ونزلوا بلادَ مؤاب من أرض البلقاء، وسَلَمْيَة وحَوَّارين.
وقد وصلت إلينا أسماء عدد من ملوك الضجاعمة السليحيين وأمرائهم، منهم: داود اللثق بن هُبالة ابن عمرو بن عوف بن ضجعم، وقد تنصَّرَ فكرهَ الدماء والقتل، وبنى ديراً، فكان ينقل الطين والماء على ظهره، فلُقِّبَ اللَّثِق، لِلُثوقِ ثيابه بجسده، ونُسِبَ الدير إليه فسمي (دير داود)، فلما تعبَّدَ ضَعُفَ، فأمره ملك الروم بالغزو، وكان على خيلِه (جعفر بن صبح التنوخي). وفي جيشه زهير بن جناب الكلبي، وثعلبة الفاتك بن عامر الأكبر الكلبي، ومعاوية بن حجير المَشْجَعيّ، وكلهم من قضاعة، فغزوا عبدَ القيس فغنموا ورجعوا، وفي الطريق تذاكَرَ رجالُ قضاعة ما دخلهم من الذلِّ بسبب داود، فتواعد ثعلبة الفاتك ومعاوية بن حجير على قتله، حتى إذا كان في موضع يقال له (برقة حارب) من أرض الشام، وأمامه شمعةٌ، تقدَّما فأطفآها وقتلاه، وقال ثعلبة الفاتك من أبيات:
نحنُ الألى أردت ظُباتُ سيوفنا
داود بين البرقتين فحاربِ
ورثاه بعض الشعراء من أهلِهِ ومن تنوخ.
ومنهم ابن عمّ داود (ذياد بن هبولة ابن عمرو) بالذال؛ ومنهم من يسميه (زياد بن هبالة) بالزاي، ويجعله أخا داود، وكان معاصراً لآكل المرار، حجر بن معاوية بن الحارث الكندي، جد امرئ القيس، فعلم أنَّ حجراً أغار على البحرين، فسارَ إلى دياره فأخذ الحريم والأموال، فبلغ حُجراً ذلك فأدركه بالبَرَدان، دون (عين أباغ)، وحمل جيش حُجْرٍ على أتباعِهِ فانهزموا، ووقع أسيراً ثم قتل، في خبر لهم.
في زمن (ذيادٍ) كان أول قدوم الغساسنة إلى الشام، بعد تهدّم سدّ مأرب، بقيادة ثعلبة بن عمرو بن المجالد ابن عمرو بن عدي بن مازن بن الأزد، فوقعت بينهما حربٌ ظهرت فيها سليح، فاتفقوا على أن تؤدّي غسان إلى سليح إتاوة عن كلِّ رجلٍ؛ وكأن الحرب هي المقصودة بقولهم في المثل «يوم كيوم القسطل»، وهو موضعٌ أدركت سليح فيه غسّان، و(القسطل) قرية قديمة بين دمشق وحمص من أرض القلمون قريبة من بادية الشام التي كان فيه السَّليحيّون، فلعلها المقصودة.
ثم إنّ سَبِيطَ بن المنذر بن عمرو بن عوف بن ضجعم وبعضهم يسميه سبطة جاء يجبي الإتاوة وشدّد في طلبهم، فأرسله ثعلبة بن عمرو إلى أخيه (جذع بن عمرو) وكان فاتكاً، فقتل سبيطاً في خبرٍ يذكرونه عند الحديث عن المثل (خذ من جِذْعٍ ما أعطاك)، وفي ذلك يقول الشاعر:
أَلم يبلغك والأنباء تنمي
بظهر الغيب ما لاقى السبيطُ
بجلّقَ إذ سما جذع إليه
وجذع في أرومتِهِ وسيطُ
فوقعت لذلك الحرب بينهم ثانيةً، في موقع يقال له (المحفّف)، وامتنعت منهم غسّان، فأرسلَ ملك الرّوم إلى الغساسنة، فأقرّهم مكان الضّجاعمة، وكان ذلك في زمن ملك الروم (أنستاسيوس الأول) الذي حكم بين (491 ـ 518م).
وتًعَدُّ سليح من القبائل العربية المتنصّرة، وهم ممّن وقف في وجه المسلمين في فتوح الشام، وفي حروب الردة، إذ وقفوا إلى جانب المرتدين حين حاصرهم خالد بن الوليد في (دومة الجندل)، وكان رئيسهم (ابن الحدرجان) ثم إنّ بعضهم أسلَمَ، وكانوا في (قنّسرين) أَيام المهديّ العباسيّ.
محمد شفيق البيطار