القسم الأول النطفة والجنين
تعلموا كيف تنظمون نسلكم .. -١-
« استطاع العلماء مؤخراً التحكم في النسل ، وذلك بمراقبة الدورة الشهرية للمرأة ، والتعرف على الأيام الخصبة التي تنتج فيها ذرية ، والأيام المجدبة التي لا تنتج ! ... »
كان مقدراً لهذا الكتاب أن تتأخر أبحاثه عن غيرها من الأبحاث التي تضمنتها هذه السلسلة الجنسية ، لكن تجاربي في العيادة واحصاءاتي للاستشارات بها سواد الناس ، رجالا ً ونساء ، صغاراً وكباراً ، حدت التي بي إلى أن أفتتح السلسلة بهذا الموضوع .
ولعل وجه الصعوبة فيه ، انه مشكلة لحملة مشاكل ، يتعذر حسمها والحزم فيها ، بحل واحد يتفق وأحوال جميع الناس ، ذلك أن تحديد النسل أو اطلاقه ، من الموضوعات التي تبحث حقوقياً واجتماعياً ودينياً فضلا عن بحثها من نواحيها الطبية .
ولقد وقفت معظم العقول التي تعرضت لهذه المشكلة بالبحث والدرس حيرى ، غير مستقرة على نتيجة واضحة ، يمكن الركون اليها والأخذ بها في جميع الأحوال .
فأنصار تحديد النسل يرون أن نسبة سكان الأرض في ازدياد مضطرد طاقة الأرض على انتاج الغذاء ، مما عرض البلدان الكبرى المعروفة بكثرة السكان ، وسرعة التوالد ، كالهند مثلا ً ، إلى مجاعات متباين مع دورية ، لا قبل للسكان بدفع أخطارها ودرء نتائجها ففي الهند مثلا - عاماً -- ٤٥١ ـ مليون نسمة ، يزدادون سنوياً زيادة تبلغ عدة ملايين وليس من قوة يمكنها أن تحد من الاضطراد المتعاظم لهذه الزيادة بعد عام ، ما دامت سن الزواج في الهند تتراوح ما بين التاسعة والثانية عشرة . لذلك أجمع الاطباء المسؤولون في الحكومة الهندية على أن تحديد النسل هو العلاج الوحيد لوقف هذه الزيادات ومنع تكاثف السكان ، وضبط النسبة بين عدد الأحياء وبين امكانيات الانتاج الغذائي في الهند .
واقترح نهرو أثناء عرضه مشروع السنوات الخمس على البرلمان ، أن تؤسس مكاتب ووحدات صحية حكومية سيارة ، ترشد الأهلين إلى الطرق الصحية لتحديد النسل .
، وقد رحب معظم الهنود بهذا الاقتراح ، واستوفدت الحكومة الهندية منظمة الصحة العالمية التابعة لهيئة الأمم المتحدة بصورة رسمية مستشاراً فنياً لدرس الموضوع والبحث عن علاج له ، وهذا أول اعتراف رسمي بمشكلة زيادة النسل .
وقد وقع اختيار المنظمة على الدكتور « ابراهام ستون » للقيام بهذه المهمة ، ويبلغ عمر الدكتور « ابراهام ستون » 63 عاماً ، وهو المستشار الخاص للشؤون الزوجية والنسل في منظمة الصحة الدولية و يعتبر في اميركا أكثر الاطباء خبرة في هذا المضمار .
وقد توجه الدكتور ستون إلى الهند وقضى فيها شهرين مستقصياً باحثاً في الأدغال ، والأماكن النائية ، مرتاداً الأكواخ في رؤوس الحبال .. ولم يترك أحداً إلا وبحث معه هذا الموضوع الاجتماعي الهام ، بحثاً وافيـاً مستفيضا ..
فتناوله مع وزيرة الصحة الهندية « راجكو ماري امرت کور » .
ومع موظفي الصحة والشؤون الاجتماعية ومع النساء الهنديات أنفسهن فوجد أن 85 بالمئة من سكان الهند لا يعرفون شيئاً اسمه « تنظيم النسل » وتبين له أن الشرائع الدينية هناك لا تحرم « التنظيم » ، وأن في التقاليد الهندية القديمة طرقاً لضبط النسل تشبه إلى حد ما الطريقة الحديثة المتبعة والمعروفة « بالطريقة الشهرية » .
ولقد آمن الدكتور « ستون » حينما كان في الهند ، بأن الطريقة الشهرية هي الطريقة الوحيدة التي يمكن استخدامها في ضبط نسل الهنود ، لأنها لا تكلف شيئاً ، ويسهل تفهمها .
وكان همه الأكبر ينحصر في كيفية نشر هذه المعلومات بين أناس غلبت عليهم التقاليد ، وسيطرت على عقولهم الأوهام .
وأول عمل قام به هو كسب ثقة الرجال ، لأنه أدرك ان المرأة الهندية آلة طيعة بيد الرجل ، وانها تواقة إلى تعلم أية طريقة تحدد نسلها ، ولعل الاجهاد وانتاج الذراري المتواصل دفعاها إلى ذلك .
فركز الطبيب جهده حول الرجال ، وراح يشرح لهم مسؤولية الأب وما تحمل معها هذه المسؤولية ، من واجبات نحو الأولاد من حيث التربية والتعليم والتثقيف .
فلا اعتزم تقديم ارشاداته إلى الأهلين وتحديد الخمسة الأيام الشهرية التي تكون المرأة فيها مستعدة للحمل ، واجهته مشكلة انتشار الأمية بينهم ، فابتكر وسيلة سهلة طريفة تعفي الأمهات من عب قراءة الأيام و الأرقام ، عند اتباعهن الطريقة الشهرية للتحكم في النسل . وهي تقديم عقد عادي مؤلف من حبات حجرية ملونة ، يشير الأحمر القائم منها إلى مدة الطمث والأحمر الفاتح لأيام الخصب ، ويشير الأخضر إلى أيام الأمان ، وليس على المرأة إلا أن تحرك حجراً واحداً في كل يوم على التوالي ليتم لها التحكم في نسلها .. فتقارب زوجها في الأيام الخصبة إن أحبت انجاب ذرية ، أو تجانبه فيها إذا أرادت التحديد ! ..
وقد أثبتت التقارير التي نظمها المشرفون على الوحدات الصحية المكلفة بهذه المهمة ، ان طريقة ضبط النسل بوساطة مراقبة الدورة الشهرية كانت مجدية ، وانها عادت بنتائج ايجابية في تحكم المرأة الهندية بالنسل .
وقد أعلن الدكتور « شيز ولم Chisolm » مدير مؤسسة الصحة العالمية ، انه يجري بنجاح ، ولأول مرة في التاريخ ، تطبيق نظام تحديد النسل في الهند على نطاق واسع لانقاذ البلاد من اكتظاظ السكان ، أما الطريقة المتبعة والتي استخدمت فهي طريقة مراقبة الدورة الطمثية الشهرية والمدونة في هذا الكتاب .
لكن معارضي هذه الخطة من الأطباء والاجتماعيين يستنكرون كل وسيلة تؤدي إلى الحد من حرية النسل . ويرون أن الطفل هبة إلهية لا يجوز لأحد من البشر أن يتحكم في مصيرها ويقف دونما نمائها وازدهارها و تعددها مهما كانت المبررات . ويذهبون إلى أن ثروات الأرض الغذائية كافية لاطعام أضعاف سكانها الحاليين ، إذا أتيح للبشر أن يتخلصوا من الأنظمة الفاسدة المحلية والعالمية التي تعيق تطورهم وتحول دون تقدمهم ، وتخلق لهم ألوان الشدائد والأزمات مما يعرضهم لمختلف مشاكل الغذاء والسكن والتربية .
وأرى أن البت في رأي يرتكز على قاعدة من العلم وأساس مـن العرفان ، أجدى على الناس من رأي يتمخض عنه الارتجال .
وأعتقد أن ما يطبق في الهند يستحيل الأخذ به في البلاد العربية التي لم يزدد عدد سكانها طوال ربع القرن الماضي إلا زيادة ضئيلة ، فضلاً رقعتها بالنسبة لعدد سكانها وفضلا عن المبررات الخارجية والداخلية التي تهيب بالمواطنين أن يختاروا طريق زيادة النسل بدلا من فنحن مهددون من الخارج بالاجتياح والاكتساح ، ومعرضون لعدوان الحشع الاستعاري ، مما يستلزم السواعد القوية العديدة لرده وصده عن تحديده وحماية الوطن منه .
تعلموا كيف تنظمون نسلكم .. -١-
« استطاع العلماء مؤخراً التحكم في النسل ، وذلك بمراقبة الدورة الشهرية للمرأة ، والتعرف على الأيام الخصبة التي تنتج فيها ذرية ، والأيام المجدبة التي لا تنتج ! ... »
كان مقدراً لهذا الكتاب أن تتأخر أبحاثه عن غيرها من الأبحاث التي تضمنتها هذه السلسلة الجنسية ، لكن تجاربي في العيادة واحصاءاتي للاستشارات بها سواد الناس ، رجالا ً ونساء ، صغاراً وكباراً ، حدت التي بي إلى أن أفتتح السلسلة بهذا الموضوع .
ولعل وجه الصعوبة فيه ، انه مشكلة لحملة مشاكل ، يتعذر حسمها والحزم فيها ، بحل واحد يتفق وأحوال جميع الناس ، ذلك أن تحديد النسل أو اطلاقه ، من الموضوعات التي تبحث حقوقياً واجتماعياً ودينياً فضلا عن بحثها من نواحيها الطبية .
ولقد وقفت معظم العقول التي تعرضت لهذه المشكلة بالبحث والدرس حيرى ، غير مستقرة على نتيجة واضحة ، يمكن الركون اليها والأخذ بها في جميع الأحوال .
فأنصار تحديد النسل يرون أن نسبة سكان الأرض في ازدياد مضطرد طاقة الأرض على انتاج الغذاء ، مما عرض البلدان الكبرى المعروفة بكثرة السكان ، وسرعة التوالد ، كالهند مثلا ً ، إلى مجاعات متباين مع دورية ، لا قبل للسكان بدفع أخطارها ودرء نتائجها ففي الهند مثلا - عاماً -- ٤٥١ ـ مليون نسمة ، يزدادون سنوياً زيادة تبلغ عدة ملايين وليس من قوة يمكنها أن تحد من الاضطراد المتعاظم لهذه الزيادة بعد عام ، ما دامت سن الزواج في الهند تتراوح ما بين التاسعة والثانية عشرة . لذلك أجمع الاطباء المسؤولون في الحكومة الهندية على أن تحديد النسل هو العلاج الوحيد لوقف هذه الزيادات ومنع تكاثف السكان ، وضبط النسبة بين عدد الأحياء وبين امكانيات الانتاج الغذائي في الهند .
واقترح نهرو أثناء عرضه مشروع السنوات الخمس على البرلمان ، أن تؤسس مكاتب ووحدات صحية حكومية سيارة ، ترشد الأهلين إلى الطرق الصحية لتحديد النسل .
، وقد رحب معظم الهنود بهذا الاقتراح ، واستوفدت الحكومة الهندية منظمة الصحة العالمية التابعة لهيئة الأمم المتحدة بصورة رسمية مستشاراً فنياً لدرس الموضوع والبحث عن علاج له ، وهذا أول اعتراف رسمي بمشكلة زيادة النسل .
وقد وقع اختيار المنظمة على الدكتور « ابراهام ستون » للقيام بهذه المهمة ، ويبلغ عمر الدكتور « ابراهام ستون » 63 عاماً ، وهو المستشار الخاص للشؤون الزوجية والنسل في منظمة الصحة الدولية و يعتبر في اميركا أكثر الاطباء خبرة في هذا المضمار .
وقد توجه الدكتور ستون إلى الهند وقضى فيها شهرين مستقصياً باحثاً في الأدغال ، والأماكن النائية ، مرتاداً الأكواخ في رؤوس الحبال .. ولم يترك أحداً إلا وبحث معه هذا الموضوع الاجتماعي الهام ، بحثاً وافيـاً مستفيضا ..
فتناوله مع وزيرة الصحة الهندية « راجكو ماري امرت کور » .
ومع موظفي الصحة والشؤون الاجتماعية ومع النساء الهنديات أنفسهن فوجد أن 85 بالمئة من سكان الهند لا يعرفون شيئاً اسمه « تنظيم النسل » وتبين له أن الشرائع الدينية هناك لا تحرم « التنظيم » ، وأن في التقاليد الهندية القديمة طرقاً لضبط النسل تشبه إلى حد ما الطريقة الحديثة المتبعة والمعروفة « بالطريقة الشهرية » .
ولقد آمن الدكتور « ستون » حينما كان في الهند ، بأن الطريقة الشهرية هي الطريقة الوحيدة التي يمكن استخدامها في ضبط نسل الهنود ، لأنها لا تكلف شيئاً ، ويسهل تفهمها .
وكان همه الأكبر ينحصر في كيفية نشر هذه المعلومات بين أناس غلبت عليهم التقاليد ، وسيطرت على عقولهم الأوهام .
وأول عمل قام به هو كسب ثقة الرجال ، لأنه أدرك ان المرأة الهندية آلة طيعة بيد الرجل ، وانها تواقة إلى تعلم أية طريقة تحدد نسلها ، ولعل الاجهاد وانتاج الذراري المتواصل دفعاها إلى ذلك .
فركز الطبيب جهده حول الرجال ، وراح يشرح لهم مسؤولية الأب وما تحمل معها هذه المسؤولية ، من واجبات نحو الأولاد من حيث التربية والتعليم والتثقيف .
فلا اعتزم تقديم ارشاداته إلى الأهلين وتحديد الخمسة الأيام الشهرية التي تكون المرأة فيها مستعدة للحمل ، واجهته مشكلة انتشار الأمية بينهم ، فابتكر وسيلة سهلة طريفة تعفي الأمهات من عب قراءة الأيام و الأرقام ، عند اتباعهن الطريقة الشهرية للتحكم في النسل . وهي تقديم عقد عادي مؤلف من حبات حجرية ملونة ، يشير الأحمر القائم منها إلى مدة الطمث والأحمر الفاتح لأيام الخصب ، ويشير الأخضر إلى أيام الأمان ، وليس على المرأة إلا أن تحرك حجراً واحداً في كل يوم على التوالي ليتم لها التحكم في نسلها .. فتقارب زوجها في الأيام الخصبة إن أحبت انجاب ذرية ، أو تجانبه فيها إذا أرادت التحديد ! ..
وقد أثبتت التقارير التي نظمها المشرفون على الوحدات الصحية المكلفة بهذه المهمة ، ان طريقة ضبط النسل بوساطة مراقبة الدورة الشهرية كانت مجدية ، وانها عادت بنتائج ايجابية في تحكم المرأة الهندية بالنسل .
وقد أعلن الدكتور « شيز ولم Chisolm » مدير مؤسسة الصحة العالمية ، انه يجري بنجاح ، ولأول مرة في التاريخ ، تطبيق نظام تحديد النسل في الهند على نطاق واسع لانقاذ البلاد من اكتظاظ السكان ، أما الطريقة المتبعة والتي استخدمت فهي طريقة مراقبة الدورة الطمثية الشهرية والمدونة في هذا الكتاب .
لكن معارضي هذه الخطة من الأطباء والاجتماعيين يستنكرون كل وسيلة تؤدي إلى الحد من حرية النسل . ويرون أن الطفل هبة إلهية لا يجوز لأحد من البشر أن يتحكم في مصيرها ويقف دونما نمائها وازدهارها و تعددها مهما كانت المبررات . ويذهبون إلى أن ثروات الأرض الغذائية كافية لاطعام أضعاف سكانها الحاليين ، إذا أتيح للبشر أن يتخلصوا من الأنظمة الفاسدة المحلية والعالمية التي تعيق تطورهم وتحول دون تقدمهم ، وتخلق لهم ألوان الشدائد والأزمات مما يعرضهم لمختلف مشاكل الغذاء والسكن والتربية .
وأرى أن البت في رأي يرتكز على قاعدة من العلم وأساس مـن العرفان ، أجدى على الناس من رأي يتمخض عنه الارتجال .
وأعتقد أن ما يطبق في الهند يستحيل الأخذ به في البلاد العربية التي لم يزدد عدد سكانها طوال ربع القرن الماضي إلا زيادة ضئيلة ، فضلاً رقعتها بالنسبة لعدد سكانها وفضلا عن المبررات الخارجية والداخلية التي تهيب بالمواطنين أن يختاروا طريق زيادة النسل بدلا من فنحن مهددون من الخارج بالاجتياح والاكتساح ، ومعرضون لعدوان الحشع الاستعاري ، مما يستلزم السواعد القوية العديدة لرده وصده عن تحديده وحماية الوطن منه .
تعليق