الدكتور صبري القباني
اطفال تحت الطلب ومنع الحمل
مقدمة
أي قارئي العزير
هذا الكتاب أخرجته إلى الناس ، لأفتح لهم أبواب المجهول من عالم الطب والحنس ، وكنت من نشره وطيه بين الإقدام والإحجام ... ولكنه لم يكد يصل إلى أيدي الباعة حتى تلقفه الناس ، فنفدت
جميع نسخه خلال أيام معدودات ، وذلك دليل ، يصفع كل مكابر ، على حاجة الشعب إلى ثقافة جنسية صريحة ترتكز على العلم دون المثيرات .
وإنني لأعتز بمحبة وصداقة هذه النفوس الكريمة البارة ، التي تحركت أقلامها ، فأفصحت لي عن مكنونات دخائلها الطيبة ، معربة عن تقديرها وتشجيعها برسائل وبرقيات ما زالت تنهال علي " من جميع أنحاء الأقطار العربية من ساعة صدور الكتاب حتى اليوم .
هذا الكتاب
تفتحت لي قلوب كثير من فتياننا وفتياتنا بالبث والشكوى وطلب النصيحة ، خلال فترة من الوقت ما تزال مستمرة إلى اليوم .. فهم يرسلون إلي رسائل ينفضون بها متاعبهم ، ويبثون شكاواهم . إن هذا البريد الساعي بيني وبين قرائي ومستمعي ، واستجاباتي لطلباتهم ، أقام بيننا ثقة متبادلة ، فمنحوني من أنفسهم ما لم يمنحوه لذويهم أو أقاربهم ، وقد أتيح لي أن أمسك من خلال هذه الرسائل بخيوط المشكلة الكبرى التي تقلق خواطر الشباب والشابات على اختلاف مراتبهم العلمية والاجتماعية فإذا هي بصريح العبارة مشكلة الحنس .
وحيرني أن حل هذه المشكلة لا يبلغ بردود قصيرة شخصية تخط على صفحات المجلات ، أو بردود مختصرة ترسل من خلف المذياع فقطرات الماء لا تروي ظمأ ، ولا تبل غليلا ً ، وما أراها غير ترطيب للشفاه حتى تبلغ الينبوع ..
ولكن التفصيل في هذه المسألة الشائكة يقتضينا ـ نحن الأطباء - أن نحارب في أكثر من جبهة واحدة ، لنمهد الطريق أمام البحث العلمي الخالص الصريح .
فهناك التقاليد وما تركته في النفوس من رواسب التزمت والتعنت وبقايا الفزع والجزع في هذه المشكلة الاجتماعية المعقدة وهناك أدعياء المدافعة عن الدين والأخلاق والعرف والعادة ومن ينهج مناهجهم ويسلك مسالكهم من الجهلة وأهل الغفلة الذين يراؤون ويداجون في حقائق حياتهم . فكيف السبيل إلى تخطي هذه العوائق واجتياز هذه العقبات كلها لاستئصال المشكلة من جذورها ، ورد الشباب إلى أمان الراحة وثقـة المعرفة ، بعد قلق الجهل وحيرة الغفلة ؟
ليس من سبيل إلى هذه الغاية إلا في مواجهة الحقيقة ، بعزم وحزم وقوة ... وبسطها إلى الناس بجرأة وصراحة وإقدام ، وأنا كفيل أن يكون
الراضون أكثر من الغاضبين والموافتمون أكثر من المخالفين ، ذلك أن حقائق الجنس تقلق بال الكبار قبل الصغار ، وتحدو بالجميع إلى أن يفتشوا عن أجوبة شافية وافية لما يجيش في نفوسهم ويجول في خواطرهم من أسئلة قلما جالت على ألسنتهم أو باحت وقد شجعني على الشفاه ا تحليل وتعليل وجمع عناصر هذا البحث الشائك المتعرج الدقيق ، ثم اخراجه في سلسلة من الكتب ، أن الرسول العربي الكريم ، وهو المعلم والقائد والطبيب ، لم يجنح إلى المداورة والمحاورة ، في علاج الأدواء الحنسية ، بل عمد إلى الصراحة والايضاح ، فنصح وأفاد في النصح وفصل العامة ما يتعلق باللذة الجنسية ودقق في التفصيل ، ولم يمسك عن الإجابة الصريحة الواضحة البينة ، غير الملتوية ولا المبهمة حتى في حضرة النساء ! وهو لم يتنكب في مجالسه فهو يتحدث عنها بكل صراحة ، وبدون تكنية .
فقد جاء اعرابي وقال له : يا رسول الله انني أحب امرأتي ولا أطيق فراقها وقد طلقتها ثلاثاً ثم زوجتها آخر وأخشى أن يبني بها .. فأجابه الرسول ﷺ لا يجوز لا يجوز حتى تذوق عسيلته ويذوق عسيلتها . أي حتى حدوث الرعشة الكبرى .
وجاءته امرأة فقالت : ان زوجي يا رسول الله في النهار صائم وفي الليل قائم .. أي أن زوجها لا يقاربها نهاراً بسبب صيامه ، ولا يقاربها ليلا ً بسبب مثابرته على الصلاة . فأرسل في طلب الزوج وسأله على ملأ من الناس : لقد أتاني يا فلان انك في النهار صائم وفي الليل قائم فقال الزوج : في طاعة الله وطاعتك يا رسول الله فأجابه : ان لربك
عليك حقاً ولزوجك عليك حقاً فهو يدعوه صراحة إلى اشباع جوع امرأته الجنسي .
وعلى وما دام . الأنبياء لم يتنكبوا السبل عن ذكر هذه الناحية بكل صراحة ملأ من الناس ، وما دامت الحقيقة الساطعة الناصعة تقضي بذلك .
فلماذا لا تلقن الوالدة طفلتها خفايا الجنس منذ ما تبلغ العاشرة إلى أن تعتصم بعصمة الزواج ؟ .. ولماذا لا تستحدث مادة خاصة تدرس في المدارس والمعاهد فتوضح للطلاب بايجاز أو اسهاب ، حسب سنهم ، ما قد ينتابهم في مقتبل حياتهم من صعاب ، ويطلعوا على طرق محاورة المتاعب الجنسية ومغالبتها ، ريثما تهيئ لهم الظروف استخدامها ؟ ..
وكما أن الحوع البطني لا يتصل بعلم الأخلاق وعلم الاجتماع ، فالجوع الحنسي بجب أن لا نعيره كل هذا الاهتمام فنخفيه ونكبته .. ولو اننا حدثنا حيوانات الغاب والآجام عن متاعبنا التي نقاسيها في حياتنا الجنسية انما ا لغشيت من الضحك ، ولاعتبرتنا مرضى بنفوسنا أو أن عقولنا بها من الحنون مس . ولو كانت الحياة الجنسية مخجلة حقاً ، والتحدث عنها والكتابة عنها جريمة ، لكان من الضروري أن نسرع إلى الحقول والحبال لاجتثاث الازهار واستئصالها ، لا أن نزين بها حدائقنا ونوسدها صدور نسائنا ، فنستاف شذاها ونستنشق أرجها بدون خجل ! .. فا الزهرة كما نعلم إلا أعضاء تناسلية بادية عارية ، تقوم بعملها لحفظ النوع ، مثلها مثل أعضائنا التناسلية سواء بسواء .
وكذلك كان من الضروري أن نسرع إلى قتل البلابل والحمام والخيل ، لنمنعها من التغريد والسجع والتصهال ، لأن كل هذه الأصوات ما هي إلا لغة من الحب الجنسي ، ودعوة الذكر للانثى .. ولكن الفرق هو أن النباتات والحيوانات تعيش كما أرادت لها الطبيعة أن تعيش ، صريحة لا زيف فيها ولا رياء ، أما نحن فقد ألفنا النفاق وتعودنا اخفاء مشاعرنا بالتظاهر بالعفة والترفع عن هذا الرجس .
إن قصة الحياة الجنسية أصبحت تجاذباً ، بين جهل المتزمتين ، واباحية المستهترين تعالج بالكتمان أو بالكشف ، دون أن يكون بينها ناظم علمي يريح خاطر الحيل ولا يجرح وجدانه بالمهيجات الرخيصة التي يصنعها بعض الكتاب ، لغاية من ربح شره نهم عاجل ، غير متريث ولا متمهل في تشخيصه ، ولا ملتفت إلى مصلحة أبناء مجتمعه من فتيان وفتيات وآباء وأمهات .
إن الحب ، هذا المعنى المستوعب في حرفين لينطوي على كل ما في الوجود من عوامل الرحمة والالفة والمودة ، ولكن المتزمتين هم الذين حجبوا اشراق جاله وروعة فتنته بما أقاموا حوله من أسوار الباطل باسم الفضيلة وبما أتاحوه للاباحيين من فرص لتهديم هذه الأسوار وتقويض أركانها . وهذا ما حدا بالشباب : فتيات وفتياناً ، أن يتساءلوا عن هذه المشكلة في خجل ووجل ، وأن يتجنبوا الخوض فيها بحضرة الآباء والامهات وان لا يستريحوا إلى مصدر للهدى مضمون يكشف لهم مغاليق المجهول من أمر الجنس . وكذلك أحجم الآباء عن ارشاد أبنائهم وخجلت الامهات من تلقين بناتهن مبادئ المعرفة الجنسية التي أكسبتهم إياها تجارب الحياة ·
وهكذا ظلت المشكلة خافية عنهم ، مستغلقة على أفهامهم ، لا يدركون من أمرها أبسط التجارب التي مرت من قبل بآبائهم ، وما عليهم لادراكها حين يتزاوجون ، إلا أن يبدأوا بما بدأ به أبو البشر من أساليب ، ليستجمعوا منها معرفة منقوصة بعد فوات الأوان ، مما يخالف أبسط قواعد الاستطلاع . ذلك أن العلوم والمعرفة الإنسانية لم تنبثق الينا كاملة - المجهول ، بل كانت ثمرة أحقاب طوال ، وجهد أجيال لا عد لها ولا حصر ، ومن حق إنسان اليوم أن يأخذ بالخيط الذي امتد اليه من أعاق الماضي ليفتل منه نصيبه المحتم ، كي يستمر امتداد الخيط إلى الأبد .
ولعل الرمز المتوقد في شعلة ( الاولمب ) ، كفيل بأن يصور لنا سلسلة التعاون بين الأجيال لنقل شعلة المعرفة ـ على أشكالها - - من يد إلى يد . . من الماضي إلى الحاضر ، ثم إلى المستقبل حتى ينقضي أجل الدهر .
ذلك هو مجمل الدوافع التي حدت بي إلى بذل أقصى الجهد في اخراج هذا الكتاب ، وأرجو أن أحقق به الغاية من هداية الشباب ، والله من وراء القصد .
اطفال تحت الطلب ومنع الحمل
مقدمة
أي قارئي العزير
هذا الكتاب أخرجته إلى الناس ، لأفتح لهم أبواب المجهول من عالم الطب والحنس ، وكنت من نشره وطيه بين الإقدام والإحجام ... ولكنه لم يكد يصل إلى أيدي الباعة حتى تلقفه الناس ، فنفدت
جميع نسخه خلال أيام معدودات ، وذلك دليل ، يصفع كل مكابر ، على حاجة الشعب إلى ثقافة جنسية صريحة ترتكز على العلم دون المثيرات .
وإنني لأعتز بمحبة وصداقة هذه النفوس الكريمة البارة ، التي تحركت أقلامها ، فأفصحت لي عن مكنونات دخائلها الطيبة ، معربة عن تقديرها وتشجيعها برسائل وبرقيات ما زالت تنهال علي " من جميع أنحاء الأقطار العربية من ساعة صدور الكتاب حتى اليوم .
هذا الكتاب
تفتحت لي قلوب كثير من فتياننا وفتياتنا بالبث والشكوى وطلب النصيحة ، خلال فترة من الوقت ما تزال مستمرة إلى اليوم .. فهم يرسلون إلي رسائل ينفضون بها متاعبهم ، ويبثون شكاواهم . إن هذا البريد الساعي بيني وبين قرائي ومستمعي ، واستجاباتي لطلباتهم ، أقام بيننا ثقة متبادلة ، فمنحوني من أنفسهم ما لم يمنحوه لذويهم أو أقاربهم ، وقد أتيح لي أن أمسك من خلال هذه الرسائل بخيوط المشكلة الكبرى التي تقلق خواطر الشباب والشابات على اختلاف مراتبهم العلمية والاجتماعية فإذا هي بصريح العبارة مشكلة الحنس .
وحيرني أن حل هذه المشكلة لا يبلغ بردود قصيرة شخصية تخط على صفحات المجلات ، أو بردود مختصرة ترسل من خلف المذياع فقطرات الماء لا تروي ظمأ ، ولا تبل غليلا ً ، وما أراها غير ترطيب للشفاه حتى تبلغ الينبوع ..
ولكن التفصيل في هذه المسألة الشائكة يقتضينا ـ نحن الأطباء - أن نحارب في أكثر من جبهة واحدة ، لنمهد الطريق أمام البحث العلمي الخالص الصريح .
فهناك التقاليد وما تركته في النفوس من رواسب التزمت والتعنت وبقايا الفزع والجزع في هذه المشكلة الاجتماعية المعقدة وهناك أدعياء المدافعة عن الدين والأخلاق والعرف والعادة ومن ينهج مناهجهم ويسلك مسالكهم من الجهلة وأهل الغفلة الذين يراؤون ويداجون في حقائق حياتهم . فكيف السبيل إلى تخطي هذه العوائق واجتياز هذه العقبات كلها لاستئصال المشكلة من جذورها ، ورد الشباب إلى أمان الراحة وثقـة المعرفة ، بعد قلق الجهل وحيرة الغفلة ؟
ليس من سبيل إلى هذه الغاية إلا في مواجهة الحقيقة ، بعزم وحزم وقوة ... وبسطها إلى الناس بجرأة وصراحة وإقدام ، وأنا كفيل أن يكون
الراضون أكثر من الغاضبين والموافتمون أكثر من المخالفين ، ذلك أن حقائق الجنس تقلق بال الكبار قبل الصغار ، وتحدو بالجميع إلى أن يفتشوا عن أجوبة شافية وافية لما يجيش في نفوسهم ويجول في خواطرهم من أسئلة قلما جالت على ألسنتهم أو باحت وقد شجعني على الشفاه ا تحليل وتعليل وجمع عناصر هذا البحث الشائك المتعرج الدقيق ، ثم اخراجه في سلسلة من الكتب ، أن الرسول العربي الكريم ، وهو المعلم والقائد والطبيب ، لم يجنح إلى المداورة والمحاورة ، في علاج الأدواء الحنسية ، بل عمد إلى الصراحة والايضاح ، فنصح وأفاد في النصح وفصل العامة ما يتعلق باللذة الجنسية ودقق في التفصيل ، ولم يمسك عن الإجابة الصريحة الواضحة البينة ، غير الملتوية ولا المبهمة حتى في حضرة النساء ! وهو لم يتنكب في مجالسه فهو يتحدث عنها بكل صراحة ، وبدون تكنية .
فقد جاء اعرابي وقال له : يا رسول الله انني أحب امرأتي ولا أطيق فراقها وقد طلقتها ثلاثاً ثم زوجتها آخر وأخشى أن يبني بها .. فأجابه الرسول ﷺ لا يجوز لا يجوز حتى تذوق عسيلته ويذوق عسيلتها . أي حتى حدوث الرعشة الكبرى .
وجاءته امرأة فقالت : ان زوجي يا رسول الله في النهار صائم وفي الليل قائم .. أي أن زوجها لا يقاربها نهاراً بسبب صيامه ، ولا يقاربها ليلا ً بسبب مثابرته على الصلاة . فأرسل في طلب الزوج وسأله على ملأ من الناس : لقد أتاني يا فلان انك في النهار صائم وفي الليل قائم فقال الزوج : في طاعة الله وطاعتك يا رسول الله فأجابه : ان لربك
عليك حقاً ولزوجك عليك حقاً فهو يدعوه صراحة إلى اشباع جوع امرأته الجنسي .
وعلى وما دام . الأنبياء لم يتنكبوا السبل عن ذكر هذه الناحية بكل صراحة ملأ من الناس ، وما دامت الحقيقة الساطعة الناصعة تقضي بذلك .
فلماذا لا تلقن الوالدة طفلتها خفايا الجنس منذ ما تبلغ العاشرة إلى أن تعتصم بعصمة الزواج ؟ .. ولماذا لا تستحدث مادة خاصة تدرس في المدارس والمعاهد فتوضح للطلاب بايجاز أو اسهاب ، حسب سنهم ، ما قد ينتابهم في مقتبل حياتهم من صعاب ، ويطلعوا على طرق محاورة المتاعب الجنسية ومغالبتها ، ريثما تهيئ لهم الظروف استخدامها ؟ ..
وكما أن الحوع البطني لا يتصل بعلم الأخلاق وعلم الاجتماع ، فالجوع الحنسي بجب أن لا نعيره كل هذا الاهتمام فنخفيه ونكبته .. ولو اننا حدثنا حيوانات الغاب والآجام عن متاعبنا التي نقاسيها في حياتنا الجنسية انما ا لغشيت من الضحك ، ولاعتبرتنا مرضى بنفوسنا أو أن عقولنا بها من الحنون مس . ولو كانت الحياة الجنسية مخجلة حقاً ، والتحدث عنها والكتابة عنها جريمة ، لكان من الضروري أن نسرع إلى الحقول والحبال لاجتثاث الازهار واستئصالها ، لا أن نزين بها حدائقنا ونوسدها صدور نسائنا ، فنستاف شذاها ونستنشق أرجها بدون خجل ! .. فا الزهرة كما نعلم إلا أعضاء تناسلية بادية عارية ، تقوم بعملها لحفظ النوع ، مثلها مثل أعضائنا التناسلية سواء بسواء .
وكذلك كان من الضروري أن نسرع إلى قتل البلابل والحمام والخيل ، لنمنعها من التغريد والسجع والتصهال ، لأن كل هذه الأصوات ما هي إلا لغة من الحب الجنسي ، ودعوة الذكر للانثى .. ولكن الفرق هو أن النباتات والحيوانات تعيش كما أرادت لها الطبيعة أن تعيش ، صريحة لا زيف فيها ولا رياء ، أما نحن فقد ألفنا النفاق وتعودنا اخفاء مشاعرنا بالتظاهر بالعفة والترفع عن هذا الرجس .
إن قصة الحياة الجنسية أصبحت تجاذباً ، بين جهل المتزمتين ، واباحية المستهترين تعالج بالكتمان أو بالكشف ، دون أن يكون بينها ناظم علمي يريح خاطر الحيل ولا يجرح وجدانه بالمهيجات الرخيصة التي يصنعها بعض الكتاب ، لغاية من ربح شره نهم عاجل ، غير متريث ولا متمهل في تشخيصه ، ولا ملتفت إلى مصلحة أبناء مجتمعه من فتيان وفتيات وآباء وأمهات .
إن الحب ، هذا المعنى المستوعب في حرفين لينطوي على كل ما في الوجود من عوامل الرحمة والالفة والمودة ، ولكن المتزمتين هم الذين حجبوا اشراق جاله وروعة فتنته بما أقاموا حوله من أسوار الباطل باسم الفضيلة وبما أتاحوه للاباحيين من فرص لتهديم هذه الأسوار وتقويض أركانها . وهذا ما حدا بالشباب : فتيات وفتياناً ، أن يتساءلوا عن هذه المشكلة في خجل ووجل ، وأن يتجنبوا الخوض فيها بحضرة الآباء والامهات وان لا يستريحوا إلى مصدر للهدى مضمون يكشف لهم مغاليق المجهول من أمر الجنس . وكذلك أحجم الآباء عن ارشاد أبنائهم وخجلت الامهات من تلقين بناتهن مبادئ المعرفة الجنسية التي أكسبتهم إياها تجارب الحياة ·
وهكذا ظلت المشكلة خافية عنهم ، مستغلقة على أفهامهم ، لا يدركون من أمرها أبسط التجارب التي مرت من قبل بآبائهم ، وما عليهم لادراكها حين يتزاوجون ، إلا أن يبدأوا بما بدأ به أبو البشر من أساليب ، ليستجمعوا منها معرفة منقوصة بعد فوات الأوان ، مما يخالف أبسط قواعد الاستطلاع . ذلك أن العلوم والمعرفة الإنسانية لم تنبثق الينا كاملة - المجهول ، بل كانت ثمرة أحقاب طوال ، وجهد أجيال لا عد لها ولا حصر ، ومن حق إنسان اليوم أن يأخذ بالخيط الذي امتد اليه من أعاق الماضي ليفتل منه نصيبه المحتم ، كي يستمر امتداد الخيط إلى الأبد .
ولعل الرمز المتوقد في شعلة ( الاولمب ) ، كفيل بأن يصور لنا سلسلة التعاون بين الأجيال لنقل شعلة المعرفة ـ على أشكالها - - من يد إلى يد . . من الماضي إلى الحاضر ، ثم إلى المستقبل حتى ينقضي أجل الدهر .
ذلك هو مجمل الدوافع التي حدت بي إلى بذل أقصى الجهد في اخراج هذا الكتاب ، وأرجو أن أحقق به الغاية من هداية الشباب ، والله من وراء القصد .
تعليق