حلول مصر لمواجهة الطلاق بالتوثيق تصطدم باستسهال الخلع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حلول مصر لمواجهة الطلاق بالتوثيق تصطدم باستسهال الخلع


    حلول مصر لمواجهة الطلاق بالتوثيق تصطدم باستسهال الخلع


    أحمد حافظ
    القاهرة - تصطدم حلول الحكومة المصرية لمواجهة ظاهرة الطلاق والسعي نحو إلغاء العمل بالطلاق الشفهي واستبداله بالموثق باستسهال نسائي نحو اللجوء إلى الخلع، والذي أصبح مسؤولا عن النسبة الأكبر من معدلات الطلاق في البلاد.
    اتهمت نقابة المأذونين المصريين قانون الخلع بأنه سبب خراب الكثير من الأسر المصرية، كونه يقف وراء 88 في المئة من حالات الطلاق، وهي إحصائية صادمة للحكومة التي تسعى بشتى السبل للبحث عن معالجة قانونية للأزمة.

    تعاني الحكومة من معضلة أخرى مرتبطة بخلاف المؤسسات الدينية حول مشروعية استمرار أو إلغاء العمل بقانون الخلع أو تقييده حتى لا يكون طريقا سهلا أمام بعض السيدات لهدم كيان الأسرة لمبررات واهية.

    ورأى الأزهر، ممثل في شيخه أحمد الطيب، أن الخلع حق شرعي للزوجة ثابت بالقرآن والسنة النبوية وأعطته الشريعة للزوجة التي تكره زوجها وتريد فراقه، مقابل حق الطلاق الذي منحه الإسلام للزوج إذا كره زوجته وأراد فراقها.

    لكن دار الإفتاء تدعم تعديل قانون الخلع، لأنه من وجهة نظرها سبب رئيسي في ارتفاع معدلات الطلاق، وسبق للمفتي شوقي علام أن دعا إلى حتمية إعادة النظر في مواده، كي لا يتم ترك الباب مفتوحا أمام الزوجات للجوء إليه دون ضوابط.

    علاء الغندور: بعض أزواج وزوجات العصر الراهن لا يقدّرون قدسية العلاقة ولا يدركون مخاطر هدم الأسرة
    علاء الغندور: بعض أزواج وزوجات العصر الراهن لا يقدّرون قدسية العلاقة ولا يدركون مخاطر هدم الأسرة
    توافقت القوى السياسية في مصر خلال جلسات الحوار الوطني في المحور الاجتماعي على حتمية إلغاء الطلاق الشفهي واستبداله بالموثق، بحيث لا يقع الانفصال إلا أمام المحكمة، في محاولة لتمرير رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي للحد من أزمة الطلاق.

    يعتقد متابعون أن تصعيد نقابة المأذونين المصريين ضد قانون الخلع في الوقت الراهن، بالتوازي مع سخونة أزمة الطلاق الشفهي وخطورة تداعياته، يبدو محاولة للفت انتباه الدولة إلى معضلة استمرار الخلع بصورته الحالية دون ضوابط صارمة.

    وناقش مجلس النواب المصري تعديلات مقترحة على قانون الخلع من قبل لتقتصر الدوافع على السماح للزوجة بطلب الطلاق عن طريق المحكمة، إذا كانت متضررة من الناحية الفسيولوجية (حالات العجز الجنسي) فقط.

    تتمسك أصوات حقوقية نسائية باستمرار قانون الخلع كما هو دون تغيير أو تقييد للأسباب، لأنه لا يمكن تفصيل مبررات بعينها للخلع، قد لا تتوافق مع كل النساء، مع أن بعضهن يعانين من أزمات أخرى غير مدرجة في القانون وتستحق الطلاق.

    ولا ترغب الحكومة في الصدام مع النساء أو التضييق عليهن، حتى لا يُفهم ذلك على أنه انتصار للرجل أو يهدد المكتسبات السياسية التي حققتها السلطة من التعامل مع المرأة بخصوصية شديدة، وصار السيسي بالنسبة لها أكبر الداعمين.

    ترفض الشريحة الأكبر من النساء في مصر فتح قضية الخلع، لأنه يمثل الملاذ الآمن للكثير من المتزوجات اللاتي يرغبن في التحرر من سجن الزوجية، حيث ترى هذه الفئة أن أي تحرك رسمي أو تشريعي لتعديل القانون سوف يكرس إذلالهن ويجعلهن أسرى لتوجهات الأزواج.

    يبرر مؤيدون لضرورة إعادة النظر في الخلع بأن هناك أسبابا واهية للطلاق من جانب بعض النساء لا تستحق أن تكون دافعا لانهيار العلاقة الزوجية، بالتالي لا يمكن أن تدخل الحكومة في صراع مع الأزهر لإلغاء الطلاق الشفهي، ثم تعجز عن غلق ثغرة أكبر، مرتبطة باستسهال الطلاق بالخلع.

    ويعتقد هؤلاء أن هناك دوافع غير منطقية تحتمي فيها بعض الزوجات لإقناع المحكمة برغبتهن في الطلاق خلعا، وهذه الدوافع واهية ولم تكن موجودة وقت إقرار القانون قبل 23 عاما، بل كانت كل الأسباب مقبولة، لأن المرأة آنذاك واعية وتحافظ على أسرتها إلى آخر لحظة.

    اليوم، هناك من تطلب تطليق زوجها بالخلع لأنه لا يجلب لها كل متطلباتها أو يسهر كثيرا خارج المنزل، أو لا يقوم بتدليلها، وأخريات يقررن الطلاق لترك الرجل وظيفته أو منع الزوجة من الخروج مع صديقاتها، وهي دوافع لا تستحق أن تكون سببا في هدم كيان أسري تفترض فيه قدسية العلاقة.

    ويمنح قانون الخلع المصري للزوجة الحق في أن تطلق نفسها أو يحكم قاضي محكمة الأسرة بتطليقها متى أرادت، طالما أفصحت عن استحالة العشرة مع زوجها، لكن مقابل ذلك تقر بتنازلها عن كامل حقوقها المادية والأدبية ولا تحصل على نفقة ومؤخر.

    وقال علاء الغندور، استشاري العلاقات الأسرية في القاهرة، إن المطالبة بتعديل قانون الخلع يهدف إلى تقوية البناء الأسري لأطول فترة ممكنة، ولا يعني ذلك إلغاءه، بل تقنين الأسباب التي تقود المرأة إلى التفكير في هدم العلاقة الزوجية لأسباب غير مبررة يمكن تجاوزها بالتفاهم والعشرة.

    وأضاف لـ”العرب” أن تورط الخلع في 88 في المئة من حالات الطلاق مرتبط بترك الباب مفتوحا على مصراعيه أمام كل امرأة تطلب هدم كيان الأسرة، والمفترض أنه طالما هناك نية لإعادة النظر في أسباب ظاهرة الطلاق، يفترض تقنين الخلع بأسباب مقبولة ومنطقية.

    ◙ دار الإفتاء تدعم تعديل قانون الخلع، لأنه من وجهة نظرها سبب رئيسي في ارتفاع معدلات الطلاق وهدم الأسرة

    يبني المطالبون بتقنين الخلع وجهة نظرهم على أن القاضي الذي يحكم بتطليق المرأة لأي سبب، ولو كان لا يستحق هدم كيان الأسرة، لا يجد بين يديه مبررات قانونية يرفض بها طلب المرأة المستسهلة أو يدعم بها رغبة المرأة التي تتعرض لقهر وإذلال وتبحث عن الحرية، لذلك يحكم بتطليق كل الحالات.

    وثمة من يقترح اقتصار دوافع الخلع على السماح للزوجة بطلب الطلاق عن طريق المحكمة إذا كانت متضررة بوقائع مثبتة تؤكد استحالة استمرار العلاقة الزوجية، كأن يكون هناك عجز جنسي أو تتعرض الزوجة لأذى جسدي وعنف معنوي يتم إثباته في تقارير طبية وشهادة الشهود لغلق باب استسهال الخلع.

    يعكس انتشار ظاهرة الخلع تحرر الكثير من الزوجات من القيود العائلية المحافظة التي تعتبر تطليق الزوجة لنفسها من الأمور المعيبة، ويبرهن على غياب ثقافة التفاهم بين الشريكين، وعدم فهم الأجيال الجديدة للطبيعة التي يجب أن تكون عليها العلاقة الزوجية السوية.

    وأكد علاء الغندور لـ"العرب" أن بعض أزواج وزوجات العصر الراهن لا يقدّرون قدسية العلاقة ولا يدركون مخاطر هدم الأسرة، وهو أمر ناتج إما لغياب الوعي أو الثقافة أو الاصطدام بتحمل المسؤوليات، ولا يمكن استمرار فتح الباب أمام هؤلاء للطلاق دون وضع قيود تعزز قدسية العلاقة ويمكن أن تقرب المسافات بين الزوجين بمرور الوقت.

    وتنحصر أزمة الخلع في مصر في الفئة النسوية حديثة الزواج التي ترغب في الهروب من العلاقة مع السنوات الأولى، بالبحث عن أي سبب دون تحمل المسؤولية أو محاولة تغيير الشريك، وهذه مسؤولية تتحملها الأسر لأنها لا تثقف الفتيات بصورة كافية وتوعيتهن لإدارة مشكلاتهن بحكمة وعقلانية وتريبتهن على ألا يكون الطلاق أقرب الحلول لحسم الخلافات.


يعمل...
X