عوالم جذابة وشخصيات ملونة يمتلك بعضها صفات محبّبة وأخرى تجسّد الشر والخطر، تلك هي سمات معظم أفلام الكرتون أو الرسوم المتحركة، التي يلجأ إليها الأطفال للتسلية.
وتتباين العروض المتخيلة من حيث درجة اقترابها من الواقع، وكذلك في طريقة معالجتها للأفكار، ومدى اعتمادها على الحركة والعنف، وفي مراعاتها للقيم الإنسانية المختلفة.
فتبرز في هذا الصدد العروض الموصى بها من جانب المختصين، وتلك التي يستوجب إبعاد الأطفال عنها، ولا سيما مع الحديث عن أضرارها النفسية والجسدية عليهم.
آثار نفسية بعد مشاهدة الرسوم المتحركة
في مصر، أشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء مطلع شهر يناير/ كانون الثاني الجاري، إلى أن 78% من الأطفال يعانون من آثار نفسية بعد مشاهدة الرسوم المتحركة، بينما يعانى البعض الآخر من آثار نفسية أقل.
وبحسب ما تناقلته وسائل إعلام مصرية، لفت المركز إلى أن حوالي 70% من الأطفال يغيرون لغتهم بعد مشاهدة تلك العروض.
ولطالما رُسمت علامات الاستفهام حول أثر شخصيات الكرتون على الأطفال، الذين يؤثِرون بعضها ويقلّدون سلوكها.
التقليد للتعلم واتقان المهارات
في هذا الصدد، توافق الاختصاصية النفسية التربوية سامية جبري في حديثها لـ"العربي" من عمان، على ما كانت قد ذهبت إليه الكاتبة ريبيكا ستيوارت في مقال على موقع "parents"، من حيث أن التقليد هو إحدى اللبنات الأساسية للتعلم، والطريقة التي يتقن بها الطفل كل أنواع المهارات الحياتية.
وفيما تلفت إلى أن التقليد يكون لفظيًا و/ أو جسديًا، توضح أن الخلل في هذه المهارة غالبًا ما يؤشر إلى اضطراب نمائي.
وتوضح أن الأطفال بين 5 و8 سنوات يمارسون اللعب التخيّلي ويُعد التقليد أساسيًا في حياتهم، لذا من الطبيعي أن تترك الرسوم المتحركة تأثيرًا عليهم.
وتلفت إلى ما تتركه التنشئة الاجتماعية على اختيار الكرتون، حيث يتم حث الطفل على مشاهدة برنامج والابتعاد عن آخر.
نصائح وتوصيات للأهل
ولأن بعض الشخصيات الكرتونية يتم تجسيدها بصورة غير واقعية ومثالية إلى حد بعيد، تنصح الجبري الأهل بمراقبة المحتوى، ومحاورة الطفل بشأنه لا سيما حول القدرات الخارقة، على غرار الطيران، لإفهامه محدودية القدرات البشرية وعدم واقعية المشاهد.
وبموازاة ذلك، توصي الجبري بالإضاءة على الإيجابيات في تلك الشخصيات، وتعزيز السلوكيات الحسنة.
كما توصي الأهل بتنبيه الطفل إلى مسألة الكمال والمثالية، وشرح أن الإنسان يمكن أن يخطئ في بعض الأمور فيتعلم منها.وتلفت إلى أن اكتشاف الطفل أنه لا يمتلك القدرات الخيالية لشخصيته الفضلى التي يعمد إلى تقليدها، يمكن أن يؤثر على ثقته بنفسه فينكفئ ويبتعد عن محيطه.
كما تحذر من أن تقليد سوبرمان ومحاولة الطيران على سبيل المثال، قد تترك أضرارًا جسدية مثل الكسور، وتولد لدى الطفل خوفًا من المرتفعات ومشكلات نفسية عدة.
أهمية مراقبة ما يشاهده الطفل
وتذهب إلى التحذير من مشاهد العنف التي تؤثر على المشاهد وبيئته المحيطة، وتصل بالطفل إلى حد إيذاء الآخرين، ما يستوجب تدخل المختصين.
الجبري تؤكد أن مراقبة ما يشاهده الطفل هو مسؤولية الأهل، وإن كانت للشركات المنتجة والمدارس نصيبها من المسؤولية والتوجيه.
وترفض ترك الأطفال يتعلّمون بشكل منفرد في مثل هذه السن، موصية بوجود الأهل خلال الوقت الذي يقضونه أمام الشاشة.
وتنصح باعتماد خيارات أخرى غير مسلسلات الكرتون للتسلية، على غرار الذهاب إلى الحديقة أو الألعاب الهادفة مثل الليغو والمعجون والبازيل.
وكان موقع parents قد كشف نقلًا عن شركة استخبارات البيانات العالمية Morning Consult، أن 7 من كل 10 آباء أبلغوا العام الماضي أن أطفالهم يقضون ما يصل إلى أربع ساعات على الشاشات كل يوم، ارتفاعًا عن ثلاث ساعات قبل جائحة كوفيد.
وذكّر الموقع بما كانت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP) قد أوصت به من حيث حصول الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين وخمسة أعوام على أقل من ساعة يوميًا أمام الشاشة، بمقابل "صفر وقت" لمن تقل أعمارهم عن 24 شهرًا.