كُشف بدراسة جديدة باستخدام صواريخ ناسا عن أن نصف نجوم الكون تتوضع في مساحات الفضاء الشاسعة بين المجرّات.
ويقول العلماء أن هذه النجوم قد تساعد على كشف الأسرار المتعلقة بالضوء والجسيمات المفقودة التي اقترحت النظريات وجودها.
فحص الفلكيون في الدراسة اشعاع الخلفية الكوني، وهو مجموع الضوء المنبعث من النجوم في الكون عبر التاريخ.
وكان بحث سابق قد كشف عن تقلبات في هذا الضوء لم تبدُ ناجمة عن أي من المجرات المعروفة.
وقد اقترح العلماء أنها أتت من المجرات البدائية القديمة التي لم يتم الكشف عن أضوائها بعد.
ومن أجل فحص هذه التقلبات طوّر الباحثون تجربة «الخلفية الكونية تحت الحمراء» أو (CIBER)، والمؤلفة من مجموعة من التلسكوبات مصممة خصيصًا لتحليل اشعاع الخلفية الكوني، حيث أرسلوا( CIBER) إلى الفضاء على متن صاروخين لناسا أُطلقا عامي 2010 و2012.
قال المؤلف المشارك بالدراسة وعالم الكونيات التجريبي في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا جيمس بوك (James Bock): «نستخدم الخلفية الكونية تحت الحمراء (CIBER) لندرس مساحة في السماء تبلغ عشرين ضعف مساحة القمر كاملًا.
نأخذ كل الضوء الذي تنتجه المجرّات المنفردة ثم ننظر إلى ما تبقّى».
صواريخ صغيرة…علم كبير
جعل (CIBER) من الممكن استخدام الصواريخ الصغيرة مثل صواريخ السبر والتي تُعتبر مهمات بحث تذهب للفضاء ولكن لا تدور.
قال بوك: «احتجنا أن تكون أدواتنا وآلاتنا على ارتفاع ستين ميلًا في الأعلى ولكن لم نحتاج لأن نكون نحن بذلك العلوّ، وكان صاروخ السّبر طريقة رائعة لإجراء هذه التجارب بسرعة وبكلفة متاحة».
ركز الباحثون على التقلبات الموجودة بالقرب من منطقة الأشعة تحت الحمراء من اشعاع الخلفية الكوني باعتبار أن الضوء المرئي والأشعة فوق البنفسجية القادمة من النجوم في المجرات البدائية يجب أن تكون قد احمرّت عبر الزمن وذلك بسبب توسع الكون.
(تُعرف هذه الظاهرة باسم «الانزياح نحو الأحمر».
اقترحت النتائج أن المجرات البدائية لم تكن في الحقيقة مصدر تقلبات الضوء، فاكتشف العلماء أن هذه التقلبات كانت ساطعة وزرقاء جدًا لأن تأتي من المجرات البدائية.
بما أن هذه المجرات الأولية قديمة جدًا، فإن أي ضوء منها تمت رؤيته الآن سيكون قد انبعث منذ مليارات السنين في الماضي، وإن كان هذا الضوء قد سافر لكل تلك المدة الطويلة فيجب أن يظهر بشكلٍ خافت ولون أحمر نسبيًا بسبب الغاز الذي توجب عليه أن يمر من خلاله.
بدلًا من ذلك، كشفت نتائج هذا الضوء الساطع الأزرق بشكلٍ غير متوقع عن أن هذه التقلبات قد يكون مصدرها شيء يُدعى «الضوء داخل الهالة»، والذي ينشأ عن طريق النجوم النائية في الفضاء خارج المجري خلال التصادمات والاندماجات الهائلة للمجرات.
ووجد الباحثون أن كمية الضوء الناجم عن هذه النجوم بين المجرية تساوي تلك الناجمة عن النجوم المتوضعة في المجرات.
قال بوك لموقع Space.com : «هذا الضوء مساوٍ لكل الضوء القادم من النجوم في المجرات.
يخبرنا ذلك أن النجوم انشقت عن مجراتها بعدد مرات أكثر مما كان يُعتقَد سابقًا».
هل حُلّ لغز النجوم؟
قد تساعد هذه النجوم المُكتشفة حديثًا على حل ما يُسمَّى بـ«أزمة نقص إنتاج الفوتون»، والتي تقترح أن كمية غير عادية من الأشعة فوق البنفسجية قد تكون مفقودة من الكون».
كما يمكن أن تساعد النجوم بين المجرية على تصنيف وحل ما يُعرف بـ«مشكلة الباريون المفقود».
الباريونات هي صنف من الجسيمات دون الذرية والتي تتضمن البروتونات والنيوترونات التي تشكل قلب الذرات في المادة العادية.
تتوقع نظريات تشكل وتطور الكون أنه يجب أن يكون هناك باريون أكثر بكثير مما يراه العلماء الآن، كما أن الباريونات التي حسبها الفلكيون في الجوار الكوني المحلي هي فقط نصف تلك التي يُتوقع وجودها في تلك المنطقة.
يحلل علماء الدراسة الآن المعلومات من الجهازين الآخرين اللذين تم إطلاقهما على متن صاروخي السّبر وكذلك النتائجَ من صاروخي سبرٍ آخرين أُرسلا إلى الفضاء.
قال بوك: «نأمل أن نتعلم أكثر عن كيفية إنتاج هذه النجوم الضالّة».