اوليا جلبي
Olia Jalabi - Olia Jalabi
أوليا جلبي
(1020 ـ 1095هـ/1611 ـ 1684م)
أوليا جلبي Olia Djalabi أو كما يسمي نفسه أوليا محمد ظلي بن درويش. كاتب ومؤرخ عثماني ولد في اصطنبول، يحيط الغموض بالكثير من جوانب حياته، ومعظم المعلومات المتوافرة عنه مأخوذة من كتاباته، بل إن اسمه لا يعرف بدقة ولقبه «أوليا» مقتبس من اسم معلمه الإمام في السرايا السلطانية أوليا محمد أفندي. ويذكر أن أصول أجداده من جهة أبيه تعود إلى كوتاهية، وقد هاجروا إلى اصطنبول بعد فتح العثمانيين لها في 857هـ/1453م وعملوا في خدمة السلاطين، فكان جده دمرجي أوغلي قره أحمد بك حامل اللواء للسلطان محمد الثاني واشترك في غزو القسطنطينية، وكان جده لأمه ياوز أوزبك حامل اللواء للسلطان محمد الثاني أيضاً، أما أمه فهي من أصل قفقاسي. وقد برز عدد من أقربائها في خدمة السلاطين العثمانيين والتحقت مثلهم، بالسرايا السلطانية حيث تزوجت درويش محمد ظلي الذي كان يعمل هناك والذي اشتهر بمواهبه الحرفية (الصياغة) والشعرية، ورافق السلطان سليمان القانوني والسلاطين اللاحقين في حملاتهم إلى بلغراد ورودس وبودابست وغيرها، وشهد حصار قبرص. وقد توفي درويش محمد ظلي، سنة 1058هـ/1648م بعد أن جاوز المئة من العمر وخدم عشرة سلاطين من سليمان الأول إلى إبراهيم بن أحمد الأول (1640-1648م).
ولما أنهى أوليا جلبي دراسته الأولى التحق بمدرسة شيخ الإسلام حامد أفندي في اصطنبول حيث أمضى سبع سنوات، ثم درس مدة أحد عشر عاماً في إحدى مدارس القرآن حيث أتقن تلاوة القرآن الكريم، وصار من حفاظ أياصوفيا. ويذكر أن حسن تلاوته للقرآن في ليلة القدر من عام 1045هـ/1636م قد ساعده في الالتحاق بخدمة القصر في عهد السلطان مراد الرابع (1623- 1640)، وهناك تدرب على الخط والموسيقى، والنحو العربي والتجويد. وبفضل نباهته قربه السلطان مراد الرابع إليه ومنحه لقب سباهي (فارس) قبيل حملته على بغداد في عام 1048هـ/1638م لاستعادتها من حكم الصفويين. ومنذ ذلك التاريخ حتى أربعين عاماً تقريباً قام أوليا جلبي بزيارة مناطق متعددة، داخل الدولة العثمانية وخارجها، لمهمات رسمية، أو لمرافقة كبار الموظفين العثمانيين أو بصفة شخصية، كما شارك في الحملات التي وجهت إلى كريت والمجر والنمسة وغيرها. وسجل مشاهداته في مؤلف بالتركية يقع في عشرة مجلدات ويحمل عنوان «سياحة نامة» أي كتاب الأسفار، ويشار إليه أحياناً بتاريخ سياح. ولهذا المؤلَّف نسخ مخطوطة عدة، وقد طبع بكامله وعلى أجزاء متفرقة، أكثر من مرة في اصطنبول، كما ترجمت أجزاء منه إلى عدد من اللغات الأوربية.
يصف أوليا جلبي في «سياحة نامه» مدينة اصطنبول وضواحيها ومدناً ومناطق كثيرة في الأناضول وبلغارية ووسط أوربة وشرقيها وروسية وكريت وبلاد الشام والعراق، وقيامه بالحج إلى مكة المكرمة، وكذلك زيارته لمصر والسودان والحبشة. وقد أمضى أوليا جلبي قرابة ثمانية أعوام في مصر حيث كتب الجزء الأخير (العاشر) من سياحته. وتوقف في كتابته عند عام 1087هـ/1676م، ولكنه ذكر في تضاعيف كتابه أحداثاً متفرقة تعود إلى عام 1093هـ/1682م ومابعده. ويبدو أن أوليا جلبي أمضى السنوات الأخيرة من حياته وهو يحاول تشذيب مؤلفه هذا، ولكنه لم ينته من ذلك كما تدل نسخة المخطوطة.
ويتميز كتاب «سياحة نامه» بأهمية معلوماته من النواحي الإدارية والتاريخية والجغرافية، كما أنه يلقي أضواءً مهمة على البنى الاجتماعية والاقتصادية لعدد من المناطق وللشعوب التي زارها. ويظهر، في الوقت نفسه، ثقافة الطبقة العثمانية المتعلمة التي ينتمي إليها المؤلف ونظرتها إلى الدول والشعوب التي عاصرتها. ويجمع الباحثون على أن كتاب «سياحة نامه» هو من أهم المصادر عن الدولة العثمانية في القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي.
عبد الكريم رافق
Olia Jalabi - Olia Jalabi
أوليا جلبي
(1020 ـ 1095هـ/1611 ـ 1684م)
أوليا جلبي Olia Djalabi أو كما يسمي نفسه أوليا محمد ظلي بن درويش. كاتب ومؤرخ عثماني ولد في اصطنبول، يحيط الغموض بالكثير من جوانب حياته، ومعظم المعلومات المتوافرة عنه مأخوذة من كتاباته، بل إن اسمه لا يعرف بدقة ولقبه «أوليا» مقتبس من اسم معلمه الإمام في السرايا السلطانية أوليا محمد أفندي. ويذكر أن أصول أجداده من جهة أبيه تعود إلى كوتاهية، وقد هاجروا إلى اصطنبول بعد فتح العثمانيين لها في 857هـ/1453م وعملوا في خدمة السلاطين، فكان جده دمرجي أوغلي قره أحمد بك حامل اللواء للسلطان محمد الثاني واشترك في غزو القسطنطينية، وكان جده لأمه ياوز أوزبك حامل اللواء للسلطان محمد الثاني أيضاً، أما أمه فهي من أصل قفقاسي. وقد برز عدد من أقربائها في خدمة السلاطين العثمانيين والتحقت مثلهم، بالسرايا السلطانية حيث تزوجت درويش محمد ظلي الذي كان يعمل هناك والذي اشتهر بمواهبه الحرفية (الصياغة) والشعرية، ورافق السلطان سليمان القانوني والسلاطين اللاحقين في حملاتهم إلى بلغراد ورودس وبودابست وغيرها، وشهد حصار قبرص. وقد توفي درويش محمد ظلي، سنة 1058هـ/1648م بعد أن جاوز المئة من العمر وخدم عشرة سلاطين من سليمان الأول إلى إبراهيم بن أحمد الأول (1640-1648م).
ولما أنهى أوليا جلبي دراسته الأولى التحق بمدرسة شيخ الإسلام حامد أفندي في اصطنبول حيث أمضى سبع سنوات، ثم درس مدة أحد عشر عاماً في إحدى مدارس القرآن حيث أتقن تلاوة القرآن الكريم، وصار من حفاظ أياصوفيا. ويذكر أن حسن تلاوته للقرآن في ليلة القدر من عام 1045هـ/1636م قد ساعده في الالتحاق بخدمة القصر في عهد السلطان مراد الرابع (1623- 1640)، وهناك تدرب على الخط والموسيقى، والنحو العربي والتجويد. وبفضل نباهته قربه السلطان مراد الرابع إليه ومنحه لقب سباهي (فارس) قبيل حملته على بغداد في عام 1048هـ/1638م لاستعادتها من حكم الصفويين. ومنذ ذلك التاريخ حتى أربعين عاماً تقريباً قام أوليا جلبي بزيارة مناطق متعددة، داخل الدولة العثمانية وخارجها، لمهمات رسمية، أو لمرافقة كبار الموظفين العثمانيين أو بصفة شخصية، كما شارك في الحملات التي وجهت إلى كريت والمجر والنمسة وغيرها. وسجل مشاهداته في مؤلف بالتركية يقع في عشرة مجلدات ويحمل عنوان «سياحة نامة» أي كتاب الأسفار، ويشار إليه أحياناً بتاريخ سياح. ولهذا المؤلَّف نسخ مخطوطة عدة، وقد طبع بكامله وعلى أجزاء متفرقة، أكثر من مرة في اصطنبول، كما ترجمت أجزاء منه إلى عدد من اللغات الأوربية.
يصف أوليا جلبي في «سياحة نامه» مدينة اصطنبول وضواحيها ومدناً ومناطق كثيرة في الأناضول وبلغارية ووسط أوربة وشرقيها وروسية وكريت وبلاد الشام والعراق، وقيامه بالحج إلى مكة المكرمة، وكذلك زيارته لمصر والسودان والحبشة. وقد أمضى أوليا جلبي قرابة ثمانية أعوام في مصر حيث كتب الجزء الأخير (العاشر) من سياحته. وتوقف في كتابته عند عام 1087هـ/1676م، ولكنه ذكر في تضاعيف كتابه أحداثاً متفرقة تعود إلى عام 1093هـ/1682م ومابعده. ويبدو أن أوليا جلبي أمضى السنوات الأخيرة من حياته وهو يحاول تشذيب مؤلفه هذا، ولكنه لم ينته من ذلك كما تدل نسخة المخطوطة.
ويتميز كتاب «سياحة نامه» بأهمية معلوماته من النواحي الإدارية والتاريخية والجغرافية، كما أنه يلقي أضواءً مهمة على البنى الاجتماعية والاقتصادية لعدد من المناطق وللشعوب التي زارها. ويظهر، في الوقت نفسه، ثقافة الطبقة العثمانية المتعلمة التي ينتمي إليها المؤلف ونظرتها إلى الدول والشعوب التي عاصرتها. ويجمع الباحثون على أن كتاب «سياحة نامه» هو من أهم المصادر عن الدولة العثمانية في القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي.
عبد الكريم رافق