النحت:
sculpture among the Arabs
عرفه العرب منذ أقدم العصور. ونحت بعضهم بيوتهم من الصخور الكبيرة أو الجبال. كما نحتوا بعض الأشكال الآدمية والحيوانية لأغراض تتعلق بالاستخدام في الحياة اليومية، أو لأغراض عَقَديّة قبل الإسلام. ونقشوا على الصخور بعض الصور والرموز والحروف. وهناك أمثلة عديدة لنحوتهم القديمة توجد في المتاحف المختلفة.
لما انتشر نور الإسلام، استمر العرب في النحت، ولكن تغيَّر نوع النحت والهدف منه. وارتبط النحت الإسلامي بالعمارة، فنحت الفنانون ما يوافق التوجه الإسلامي. ومن ذلك واجهة قصر المشتى، الذي أنشئ في العصر الأموي بالأردن على طريق الحج القديمة بين دمشق ومكة المكرّمة، وقد أخذت الواجهة إلى ألمانيا وتوجد اليوم في متحف الدولة ببرلين. والأشكال المنحوتة على هذه الواجهة تتكون من زخارف متباينة متداخلة ومترابطة بعضها مع بعض، وتشمل بعض الأشكال المجردة المستوحاة من الحيوان والإنسان.
نحت الفنانون العرب المسملون عددًا من التيجان المرمرية في العصر العباسي، ووُجدت بين الرصافة ودير الزور في العراق، وهي موجودة اليوم بمُتحف المتروبوليتان في نيويورك. وتوجد مجموعة من هذه التيجان في متاحف إسطنبول بتركيا، وفي متاحف برلين بألمانيا.
وفي مدينة سامراء التي أنشأها المعتصم عام 221هـ (836م)، وُجد عدد كبير من الزخارف التي يمكن أن تُقسَّم إلى ثلاثة أقسام : 1- الزخارف المصبوبة في قوالب، وتشمل فروع العنب وكيزان الصنوبر. 2- النحت المشطوف أو المائل، وقد نُحتت فيه عناصر زخرفية هندسية نحتًا مائلاً تتقابل أطرافه في زوايا منفرجة. 3- الحشوات الجصِّية، وتمثلها الزخارف الجصية التي وُجدت في نيسابور، وتتكون من تفريعات المراوح النخلية ومقتبساتها.
واهتم السلاجقة في إيران من القرن الخامس إلى السابع الهجريين بالنحت الحجري والجَصِّي في عمل الزخارف، وفي الخط العربي. ومن أهم مميزات الحفر السلجوقي تقسيم السطح إلى مستويات مختلفة، وإدخال موضوعات جديدة على الزخارف النباتية تقترب من الطبيعة.
أما فن النحت المغولي من منتصف القرن السابع إلى القرن الثامن الهجريين، فكان أغلبه على الحجارة والجص أيضًا، واختلف عن النحت السلجوقي بظهور المبالغة في الازدحام الزخرفي.
وأهم آثار النحت الفاطمي في مصر من القرن الرابع إلى القرن السادس الهجريين في الزخارف الجصية الموجودة في كل من الجامع الأزهر الذي بُني في القرن الرابع الهجري، وفي المسجد الطولوني. وتتسم الزخارف بغزارتها، فلا يبدو من الخلفية شيء غير الأجزاء التي تربط أطراف الزخارف بعضها ببعض. وفي زخارف الفاطميين، تُوجد عناصر نباتية ونماذج من الخط الكوفي المشجَّر.
واتبَّع الأيوبيون والمماليك بمصر وسوريا (مابين القرنين السادس والتاسع الهجريين) أساليب الفاطميين في النحت. وتميّز العصر المملوكي بازدهار الزخارف الجصية والحجرية، كما في مسجد الظاهر بيبرس، وفي الأضرحة، والمدارس. واهتموا بتزيين المآذن والقباب والمنابر، ونحتوا الأواني الحجرية والرخامية، والنافورات، وأحواض المياه وجِرارها. وتزخر المتاحف بنماذج عديدة من نحت هذه الفترة، وأجمل هذه النماذج توجد في متحف فكتوريا وألبرت في لندن، ومتحف المتروبوليتان بنيويورك ومتحف الفن الإسلامي بالقاهرة.
وفي عصر ملوك الطوائف بشمالي إفريقيا والأندلس في القرن الخامس الهجري اهتم، النحاتون بالتفاصيل الدقيقة عند نحت النبات. واستخدم فنانو عصر المرابطين الألوان في الزخارف المنحوتة.
وإلى جانب الحجارة والجص، استخدم النحاتون المسلمون الخشب، وحفروا عليه الزخارف والخطوط. وهناك نماذج ممتازة من النحت الخشبي الإسلامي في متحف بناكي بأثينا باليونان، ويرجع تاريخها إلى العصر الأموي. وفي المتحف الإسلامي بالقاهرة، توجد نماذج يعود تاريخها إلى العصر الفاطمي تشمل أبواباً ومحاريب. وفي متحف دمشق ومتاحف طشقند وسمرقند وأكرا بالهند، نماذج من هذا الفن.
وإلى جانب الخامات السابقة (الحجر والخشب والجص)، استخدم النّحاتون المسلمون العاج والعظم فنحتوا منها الأبواق والصناديق والعلب، وحشوا بها الأبواب وزخرفوا بها الأثاث مستخدمين أساليب التطعيم والتجميع والترصيع.
ازدهر النحت في المغرب العربي أيضًا، وزُيِّنت به المساجد، والقصور مثل قصر الحمراء بالأندلس. واشتملت بعض القصور على تماثيل لحيوانات كالأسود وغيرها، ونُفِّذت بطريقة واقعية حاول فيها الفنانون التصوير حسب القواعد العلمية للفن. ولعل هذا هو أهم اختلاف بين العرب المشارقة والعرب المغاربة. ففي المشرق العربي، لم يلجأ النحاتون العرب المسلمون إلى التصوير الواقعي، وتفادوا نحت الإنسان أو الحيوان أو تصويرهما. ولعل التجاوز الوحيد في هذا المجال هو صور عبدالملك بن مروان المنحوتة على العُمْلة. وهذه الصور التي كانت منحوتة على الدنانير لم تكن واقعية، بل كانت تقريبية.
أما الرسم عند العرب المسلمين فلم يكن محصورًا في مجال تزيين الكتب فقط، بل تعداه إلى تزيين جدران المساكن، بل وجدران المساجد أيضًا ؛ فالمسجد الأُموي بدمشق تزخر بواباته برسوم الأشجار الجميلة والمياه، وغير ذلك من المناظر الطبيعية الخلابة التي تدل على مهارة الفنان الذي نفَّذها.
وبعد عصور الضعف، وانتشار الاستعمار الغربي، تأثَّر كثير من الفنانين العرب بفنون أوروبا في كل المجالات، ومنها مجالات الرسم والنحت. وفرضت أوروبا تعليم الفن الأوروبي على البلاد العربية المغلوبة على أمرها وعاد التجسيد، ونحت عدد من الفنانين العرب المسلمين تماثيل ضخمة نُصبت في الميادين العامة، تُمثِّل بعض الشخصيات العربية البارزة، وتماثيل أُخرى أُنشئت لأغراض فنية جمالية فقط تشمل أناسي وحيوانات وغيرها، توجد في صالات العرض والمتاحف وكليات الفنون في كثير من البلاد العربية.
أخذ بعض النحاتين العرب المعاصرين الأساليب الغربية، وطوَّعوها ليعبرِّوا عن مواضيع تهمهم. وقد استفادوا من كل التجارب الغربية، والأساليب والمدارس التجريدية وغيرها وأنشأوا مجسَّمات تُعبِّر عنهم، وتتمشى مع قيمهم وحياتهم والاجتماعية.
sculpture among the Arabs
عرفه العرب منذ أقدم العصور. ونحت بعضهم بيوتهم من الصخور الكبيرة أو الجبال. كما نحتوا بعض الأشكال الآدمية والحيوانية لأغراض تتعلق بالاستخدام في الحياة اليومية، أو لأغراض عَقَديّة قبل الإسلام. ونقشوا على الصخور بعض الصور والرموز والحروف. وهناك أمثلة عديدة لنحوتهم القديمة توجد في المتاحف المختلفة.
لما انتشر نور الإسلام، استمر العرب في النحت، ولكن تغيَّر نوع النحت والهدف منه. وارتبط النحت الإسلامي بالعمارة، فنحت الفنانون ما يوافق التوجه الإسلامي. ومن ذلك واجهة قصر المشتى، الذي أنشئ في العصر الأموي بالأردن على طريق الحج القديمة بين دمشق ومكة المكرّمة، وقد أخذت الواجهة إلى ألمانيا وتوجد اليوم في متحف الدولة ببرلين. والأشكال المنحوتة على هذه الواجهة تتكون من زخارف متباينة متداخلة ومترابطة بعضها مع بعض، وتشمل بعض الأشكال المجردة المستوحاة من الحيوان والإنسان.
نحت الفنانون العرب المسملون عددًا من التيجان المرمرية في العصر العباسي، ووُجدت بين الرصافة ودير الزور في العراق، وهي موجودة اليوم بمُتحف المتروبوليتان في نيويورك. وتوجد مجموعة من هذه التيجان في متاحف إسطنبول بتركيا، وفي متاحف برلين بألمانيا.
وفي مدينة سامراء التي أنشأها المعتصم عام 221هـ (836م)، وُجد عدد كبير من الزخارف التي يمكن أن تُقسَّم إلى ثلاثة أقسام : 1- الزخارف المصبوبة في قوالب، وتشمل فروع العنب وكيزان الصنوبر. 2- النحت المشطوف أو المائل، وقد نُحتت فيه عناصر زخرفية هندسية نحتًا مائلاً تتقابل أطرافه في زوايا منفرجة. 3- الحشوات الجصِّية، وتمثلها الزخارف الجصية التي وُجدت في نيسابور، وتتكون من تفريعات المراوح النخلية ومقتبساتها.
واهتم السلاجقة في إيران من القرن الخامس إلى السابع الهجريين بالنحت الحجري والجَصِّي في عمل الزخارف، وفي الخط العربي. ومن أهم مميزات الحفر السلجوقي تقسيم السطح إلى مستويات مختلفة، وإدخال موضوعات جديدة على الزخارف النباتية تقترب من الطبيعة.
أما فن النحت المغولي من منتصف القرن السابع إلى القرن الثامن الهجريين، فكان أغلبه على الحجارة والجص أيضًا، واختلف عن النحت السلجوقي بظهور المبالغة في الازدحام الزخرفي.
وأهم آثار النحت الفاطمي في مصر من القرن الرابع إلى القرن السادس الهجريين في الزخارف الجصية الموجودة في كل من الجامع الأزهر الذي بُني في القرن الرابع الهجري، وفي المسجد الطولوني. وتتسم الزخارف بغزارتها، فلا يبدو من الخلفية شيء غير الأجزاء التي تربط أطراف الزخارف بعضها ببعض. وفي زخارف الفاطميين، تُوجد عناصر نباتية ونماذج من الخط الكوفي المشجَّر.
واتبَّع الأيوبيون والمماليك بمصر وسوريا (مابين القرنين السادس والتاسع الهجريين) أساليب الفاطميين في النحت. وتميّز العصر المملوكي بازدهار الزخارف الجصية والحجرية، كما في مسجد الظاهر بيبرس، وفي الأضرحة، والمدارس. واهتموا بتزيين المآذن والقباب والمنابر، ونحتوا الأواني الحجرية والرخامية، والنافورات، وأحواض المياه وجِرارها. وتزخر المتاحف بنماذج عديدة من نحت هذه الفترة، وأجمل هذه النماذج توجد في متحف فكتوريا وألبرت في لندن، ومتحف المتروبوليتان بنيويورك ومتحف الفن الإسلامي بالقاهرة.
وفي عصر ملوك الطوائف بشمالي إفريقيا والأندلس في القرن الخامس الهجري اهتم، النحاتون بالتفاصيل الدقيقة عند نحت النبات. واستخدم فنانو عصر المرابطين الألوان في الزخارف المنحوتة.
وإلى جانب الحجارة والجص، استخدم النحاتون المسلمون الخشب، وحفروا عليه الزخارف والخطوط. وهناك نماذج ممتازة من النحت الخشبي الإسلامي في متحف بناكي بأثينا باليونان، ويرجع تاريخها إلى العصر الأموي. وفي المتحف الإسلامي بالقاهرة، توجد نماذج يعود تاريخها إلى العصر الفاطمي تشمل أبواباً ومحاريب. وفي متحف دمشق ومتاحف طشقند وسمرقند وأكرا بالهند، نماذج من هذا الفن.
وإلى جانب الخامات السابقة (الحجر والخشب والجص)، استخدم النّحاتون المسلمون العاج والعظم فنحتوا منها الأبواق والصناديق والعلب، وحشوا بها الأبواب وزخرفوا بها الأثاث مستخدمين أساليب التطعيم والتجميع والترصيع.
ازدهر النحت في المغرب العربي أيضًا، وزُيِّنت به المساجد، والقصور مثل قصر الحمراء بالأندلس. واشتملت بعض القصور على تماثيل لحيوانات كالأسود وغيرها، ونُفِّذت بطريقة واقعية حاول فيها الفنانون التصوير حسب القواعد العلمية للفن. ولعل هذا هو أهم اختلاف بين العرب المشارقة والعرب المغاربة. ففي المشرق العربي، لم يلجأ النحاتون العرب المسلمون إلى التصوير الواقعي، وتفادوا نحت الإنسان أو الحيوان أو تصويرهما. ولعل التجاوز الوحيد في هذا المجال هو صور عبدالملك بن مروان المنحوتة على العُمْلة. وهذه الصور التي كانت منحوتة على الدنانير لم تكن واقعية، بل كانت تقريبية.
أما الرسم عند العرب المسلمين فلم يكن محصورًا في مجال تزيين الكتب فقط، بل تعداه إلى تزيين جدران المساكن، بل وجدران المساجد أيضًا ؛ فالمسجد الأُموي بدمشق تزخر بواباته برسوم الأشجار الجميلة والمياه، وغير ذلك من المناظر الطبيعية الخلابة التي تدل على مهارة الفنان الذي نفَّذها.
وبعد عصور الضعف، وانتشار الاستعمار الغربي، تأثَّر كثير من الفنانين العرب بفنون أوروبا في كل المجالات، ومنها مجالات الرسم والنحت. وفرضت أوروبا تعليم الفن الأوروبي على البلاد العربية المغلوبة على أمرها وعاد التجسيد، ونحت عدد من الفنانين العرب المسلمين تماثيل ضخمة نُصبت في الميادين العامة، تُمثِّل بعض الشخصيات العربية البارزة، وتماثيل أُخرى أُنشئت لأغراض فنية جمالية فقط تشمل أناسي وحيوانات وغيرها، توجد في صالات العرض والمتاحف وكليات الفنون في كثير من البلاد العربية.
أخذ بعض النحاتين العرب المعاصرين الأساليب الغربية، وطوَّعوها ليعبرِّوا عن مواضيع تهمهم. وقد استفادوا من كل التجارب الغربية، والأساليب والمدارس التجريدية وغيرها وأنشأوا مجسَّمات تُعبِّر عنهم، وتتمشى مع قيمهم وحياتهم والاجتماعية.