إشكالية مفهوم اللاشكلية ( Informel art ) في الفن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إشكالية مفهوم اللاشكلية ( Informel art ) في الفن

    علامات على طريق الفن 15

    إشكالية مفهوم اللاشكلية ( Informel art ) في الفن

    نص مقتطف من دراسة كتبتها عن فن وافكار الفنان العراقي شاكر حسن آل سعيد، نشر في مجلة (ماكو) الالكترونية.

    لقد مهَّدَ شاكر حسن آل سعيد لمفهومه عن البعد الواحد في نصه المعنون: "مشروعية البحث عن البعد الواحد" من خلال تقصي مراحل تطور العمل الفني، بدءاً من تخلي الفنان عن "رؤيته الطبيعية أو شبه الطبيعية للأشياء" وإلى استبداله إياها بالرؤية "اللا- شكلية" (Informel)، وهو الاتجاه الفني الذي خبره جيداً أثناء دراسته في باريس، والذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية.

    ولا بد لي هنا من وقفة عند معنى هذه الصياغة اللغوية للتسمية، والتي كما يبدو، جرى الاتفاق عليها رغم علاتها، كما كان الحال مع سابقاتها من تسميات كالوحشية والتكعيبية والمستقبلية وغيرها.

    وتستدعي هذه التسمية العديد من التساؤلات، أولها: ما الشكل؟ ثم ماذا نعني باللا- شكل؟… وكما يبدو فإن العبارة الأخيرة تفترض أن ثمة كينونة لا تحمل شكلاً قابلاً لأن يكون شكلاً ما، أي بمعنى آخر: أن تلك الكينونة لا صورة لها أو هيئة ذات نسق شكلي، والنتيجة هي أن نقع بين خيارين: أما الإقرار أن لا وجود لشكل لها على الإطلاق، أو الإقرار بوجود شكل ما، ولكنه ما قبل شكلي، أو غير قابل للإرجاع إلى أصل شكلي ينبع منه، أو يتشبه به.

    بيد أن كلمة لا، في عبارة (لا- شكل) تعمل على نفي الشكل بالكامل، وهذا أمر مستحيل من ناحية عدم وجود شكل على الاطلاق، ومستحيل أيضاً من ناحية عدم وجود مقروئية له، فكل شكل، هو ناتج عن فعل تشكل سابق له، ومبلور له في شكل ما، ونفي الشكل بالمرة، أمر مستحيل، والقول بانعدام الشكل، سيعني اللاشيء، أو العدم.

    إن اللا - شكلية إذن، مفهوم ملتبس، باعتبار أننا لا يمكننا أن نقرأ شكلاً ما على أنه لا- شكل، لأن ما يدعى باللا- شكل، يظل ملزماً بالإحالة إلى أصل شكلي، وهذا الأصل هو المحتوى، أي الشكل عينه.

    صرح رودولف أرنهايم في كتابه المعنون بـ(الإدراك البصري) ما يلي: "عندما ندرك الشكل، فإننا نفترض دائماً، بوعي أو بغير وعي، أن هذا الشكل يمثل شيئاً ما، وبالتالي فهو شكل من أشكال المحتوى".

    وعليه، فلا توجد حالة مطلقة من لا مقروئية الشكل، وهذا ما تقدمه وتثبته على سبيل المثال حالة (الباريدوليا Pareidolia)، والتي تفرض على الناظر الوصول إلى أصل شكلي لأي شكل كان. وربما الأجدر هنا استخدام تعبير "ما قبل الشكل أو ما قبل التشكل"، أو ما قبل ترتيب أو تنسيق الأجزاء والعناصر للحصول على شكل ذي نسق مستقر، أي بمعنى: ما قبلية وصول الشكل إلى استقراره التام داخل الشعور كمدرك شكلي مقروء بطريقة لا تقبل ترجيح قراءة على قراءة أخرى.

    ولعلّ التعريف الذي سجلته أيام دراستي في بولندا عن الفن اللا- شكلي ولا أتذكر إلا الاسم الثاني لقائلة وهو (هوفستاتر Hofstadter) سيكون مجدياً في هذا السياق. وهو كالآتي: "إن الفن اللا- شكلي هو بلوغ الصورة في إطار ما قبل الشكل، الشكل الذي لم يتكون بعد، ويذكرنا بما يجري في اليوم الأول للخلق، وقبل أن تتحول المادة إلى شكل" وفي هذه الحال سيكون اللا- شكل هو اللا- نسق ضمن هذا المعنى.

    الصور المرفقة: نماذج من الفن اللاشكلي لفنانين معروفين في تاريخ الفن.
    امير داوود
يعمل...
X