علامات على طريق الفن 16
البعد الواحد ليس اتجاها حروفيا في الفن فحسب.
نص مقتطع من دراسة عن الفنان شاكر حسن آل سعيد نشر في مجلة (ماكو) الالكترونية.
يقول الفنان شاكر حسن آل سعيد: " لقد ظلت القيمة الحقيقية للخط، كشكل وبعد، مجهولة طيلة العصور المتقدمة لعصرنا الراهن، حتى قيّض لها أن تُعرَف بعد البحث الموضوعي الجهيد والكشف الروحي المضني، ومن قبل الفنان العالمي المعاصر. فمنذ أوائل القرن العشرين.. ظهرت مكانة الخط (وضمناً الكتابة بالخط) التعبيرية والتجريدية بل والتكعيبية في المجال الفني…".
والخط عند شاكر حسن، هو ليس فقط الخط كـ(كتابة)، أو تجويد في رسم الكلمات، أو الحروف، فيما يسمى بفن الخط او بـ(الكاليغرافيا calligraphy)؛ بل هو خط صِرْف أيضاً، أي الـ(Line بالإنكليزية)، وهو أمر مهم لفهم موضوع البعد الواحد، وذلك بسبب حدوث إشكالات كثيرة من قبل النقاد في فهم ما جاء به منذ زمن طويل.
ويكتب شاكر حسن في توضيح هذا الأمر بالشكل التالي: "... وكان أن وجدت هذه العلاقة بين (الفنان) وبين (الأبعاد الفنية بالذات)؛ أي من أجل فن يتخذ من الأبعاد التشكيلية نفسها موضوعاً للمناقشة، بدلاً من أن يسلّم بها كل التسليم، دونما مناقشة. فالتعبير بالحرف إذن، هو في صلبه محاولة مشروعة، وتطور تاريخي للفن نحو تخطي الواقع السطحي ذي البعدين كمناخ طبيعي للعمل الفني، إلى حقيقة الخط (أو البعد الواحد)."
ويؤكد شاكر حسن على التعبير التالي: "تحقيق البعد الواحد بواسطة الحرف" أي أن الحرف عنده، وبهذا المعنى، سيكون (مناسبة) أو (ذريعة) لمبحثه في البعد الواحد وليس (موضوعاً).
ظل مسعى الوصول الى التعبير عن (بعد واحد) على سطح الصورة ثنائي الأبعاد موضوعاً إشكالياً، استغرق شاكر فيه وقتا طويلاً، بدأً من بيانه حول (البعد الواحد) في السبعينات، حيث يفرد لمعنى (الخط/ Line) وطبيعته مساحة كبرى.
وأزعم أن شاكر حسن آل سعيد قد واجه تناقضاً بين الخطاب اللغوي النظري، والتطبيق العملي له، مما فاقم قلقه طوال مسيرته التنظيرية. خصوصاً وأنني عرفت شاكراً من خلال أحاديثه وكتاباته كفنان ينفر من (العنصر الإيهامي) في الفن، وقد عمد إلى إسقاطه من لائحة الشروط الإبداعية للإنجاز الفني (فيزياوياً)، فتراه يقول: "يتم التعبير عن ثلاثة أبعاد، أي عن الكتلة وليس السطح على سطح ذي بعدين، أليس معنى ذلك وتماماً إسقاط للكتلة من عالمها في الفراغ لحساب السطح التصويري؟ اليس من المنطق أن ننحت الكتلة نحتاً من أن نعبر عنها رسماً ؟".
وسيواجه شاكر حسن آل سعيد الى النهاية، معضلة استحالة التعبير (بشكل حقيقي) عن البعد الواحد على سطح ذو بعدين، وهو يعترف بهذه المشكلة… ويؤكد أن ذلك لن يتم إلا بالإيهام... إذ لا يمكن التعبير عن الخط بمعناه كـ(أزل للأبعاد) إلا بوسائل مادية…
وشخصياً، لا يعتريني شك بأن شاكر حسن كان يحسّ بمعضلة أن يحمل تصوره الفكري ما هو مضاد له على صعيد التنفيذ العملي. لكنه في النهاية يتشبث بما أسماه "التناقض الأزلي" الذي سينشأ بسبب الإصرار على التعبير عن الفراغ، الذي هو حقيقة الخط على سطح ذي بعدين.
الصور المرفقة: اعمال للفنان شاكر حسن ال سعيد.ا
اميرداوود
البعد الواحد ليس اتجاها حروفيا في الفن فحسب.
نص مقتطع من دراسة عن الفنان شاكر حسن آل سعيد نشر في مجلة (ماكو) الالكترونية.
يقول الفنان شاكر حسن آل سعيد: " لقد ظلت القيمة الحقيقية للخط، كشكل وبعد، مجهولة طيلة العصور المتقدمة لعصرنا الراهن، حتى قيّض لها أن تُعرَف بعد البحث الموضوعي الجهيد والكشف الروحي المضني، ومن قبل الفنان العالمي المعاصر. فمنذ أوائل القرن العشرين.. ظهرت مكانة الخط (وضمناً الكتابة بالخط) التعبيرية والتجريدية بل والتكعيبية في المجال الفني…".
والخط عند شاكر حسن، هو ليس فقط الخط كـ(كتابة)، أو تجويد في رسم الكلمات، أو الحروف، فيما يسمى بفن الخط او بـ(الكاليغرافيا calligraphy)؛ بل هو خط صِرْف أيضاً، أي الـ(Line بالإنكليزية)، وهو أمر مهم لفهم موضوع البعد الواحد، وذلك بسبب حدوث إشكالات كثيرة من قبل النقاد في فهم ما جاء به منذ زمن طويل.
ويكتب شاكر حسن في توضيح هذا الأمر بالشكل التالي: "... وكان أن وجدت هذه العلاقة بين (الفنان) وبين (الأبعاد الفنية بالذات)؛ أي من أجل فن يتخذ من الأبعاد التشكيلية نفسها موضوعاً للمناقشة، بدلاً من أن يسلّم بها كل التسليم، دونما مناقشة. فالتعبير بالحرف إذن، هو في صلبه محاولة مشروعة، وتطور تاريخي للفن نحو تخطي الواقع السطحي ذي البعدين كمناخ طبيعي للعمل الفني، إلى حقيقة الخط (أو البعد الواحد)."
ويؤكد شاكر حسن على التعبير التالي: "تحقيق البعد الواحد بواسطة الحرف" أي أن الحرف عنده، وبهذا المعنى، سيكون (مناسبة) أو (ذريعة) لمبحثه في البعد الواحد وليس (موضوعاً).
ظل مسعى الوصول الى التعبير عن (بعد واحد) على سطح الصورة ثنائي الأبعاد موضوعاً إشكالياً، استغرق شاكر فيه وقتا طويلاً، بدأً من بيانه حول (البعد الواحد) في السبعينات، حيث يفرد لمعنى (الخط/ Line) وطبيعته مساحة كبرى.
وأزعم أن شاكر حسن آل سعيد قد واجه تناقضاً بين الخطاب اللغوي النظري، والتطبيق العملي له، مما فاقم قلقه طوال مسيرته التنظيرية. خصوصاً وأنني عرفت شاكراً من خلال أحاديثه وكتاباته كفنان ينفر من (العنصر الإيهامي) في الفن، وقد عمد إلى إسقاطه من لائحة الشروط الإبداعية للإنجاز الفني (فيزياوياً)، فتراه يقول: "يتم التعبير عن ثلاثة أبعاد، أي عن الكتلة وليس السطح على سطح ذي بعدين، أليس معنى ذلك وتماماً إسقاط للكتلة من عالمها في الفراغ لحساب السطح التصويري؟ اليس من المنطق أن ننحت الكتلة نحتاً من أن نعبر عنها رسماً ؟".
وسيواجه شاكر حسن آل سعيد الى النهاية، معضلة استحالة التعبير (بشكل حقيقي) عن البعد الواحد على سطح ذو بعدين، وهو يعترف بهذه المشكلة… ويؤكد أن ذلك لن يتم إلا بالإيهام... إذ لا يمكن التعبير عن الخط بمعناه كـ(أزل للأبعاد) إلا بوسائل مادية…
وشخصياً، لا يعتريني شك بأن شاكر حسن كان يحسّ بمعضلة أن يحمل تصوره الفكري ما هو مضاد له على صعيد التنفيذ العملي. لكنه في النهاية يتشبث بما أسماه "التناقض الأزلي" الذي سينشأ بسبب الإصرار على التعبير عن الفراغ، الذي هو حقيقة الخط على سطح ذي بعدين.
الصور المرفقة: اعمال للفنان شاكر حسن ال سعيد.ا
اميرداوود