كمال الدين الفارسيKamal Ad-Din al-Farisi

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كمال الدين الفارسيKamal Ad-Din al-Farisi

    كمال دين فارسي Kamal Ad-Din al-Farisi - Kamal Ad-Dine al-Farisi
    كمال الدين الفارسي

    (665 ـ 718هـ/1266 ـ 1319م)



    كمال الدين الحسن بن علي بن الحسن الفارسي أحد موسوعيي عصره البارزين في مجالي الرياضيات والفيزياء، ولد في إيران، ولكن لا يُعرف في أي مدينة. وقد سافر كثيراً طلباً للعلم لدى العلماء العظماء - كما يقول في مقدمات مؤلفاته - وفي نهاية سفره التقى بابن الخوّام البغدادي في أصفهان، ودرس الرياضيّات عليه.

    وفي سـنة 700هـ سـافر الفارسي إلى تبريز حيث انتسب لحلقة الشيرازي (ت710هـ) الذي تتلمذ على يد الطوسي (ت 672هـ)، وأصبح الفارسي من ألمع طلاب الشيرازي.

    لقد شغل الفارسي مكانة مهمة في مجتمعه بشهادة أستاذه الشيرازي الذي يعدّ من كبار علماء عصره. كما أن الذين جاؤوا بعده قدّروا أعماله، وذكروها في مؤلفاتهم، مثل عماد الدين الكاشي (القرن الثامن للهجرة/القرن الرابع عشر الميلادي) في كتابه «إيضاح المقاصد»، وجمشيد الكاشي (بين القرن الرابع عشر والقرن الخامس عشر للميلاد) في كتابه «مفتاح الحساب».

    وبالعودة إلى مؤلفات الفارسي وموسوعتيه: «أساس القواعد»، و«تنقيح المناظر»، يُستنتج أنه كان أحد موسوعيّي عصره في علمي الرياضيّات والبصريّات.

    منجزاته وإبداعاته:

    1- في الرياضيات:

    تظهر مؤلفات الفارسي الرياضية تطبيقات العلوم الرياضية بعضها على بعض، هذه التطبيقات شرع بها من جاء بعد الخوارزمي تدريجياً وهي: تطبيق الحساب على الجبر، وتطبيق الجبر على الحساب، وتطبيق الحساب والجبر على المثلثات، وتطبيق الجبر على نظرية إقليدس للأعداد، وتطبيق الجبر على الهندسة، وقد تألّف من خلال هذه التطبيقات جبر متعدد الحدود، والتحليل التوافقي، والتحليل العددي، والحلول العددية للمعادلات، والنظرية الجديدة الأولية للأعداد، والتحليل الديوفنطسي للأعداد الصحيحة، والتحليل الديوفنطسي للأعداد المجذورة (التحليل غير المحدود).

    وأدخل كمال الدين فصلاً جديداً بفضل الطرق الجبرية يمكن تسميته: «قواسم العدد والأعداد المسطحة» ويعدّ هذا الفصل من فصول النظرية الجديدة للأعداد التي بدأت تتكون بدءاً من القرن العاشر.

    وتوصّل الفارسي إلى أن كل عدد يمكن تحليله وبطريقة واحدة إلى عناصر أولية منتهية العدة، وبذلك نجد أول صياغة لما يسمى بنظرية الحساب الأساسية ومحاولة البرهان عليها.

    وهكذا تتبين أهمية مساهمة الفارسي في نظرية الأعداد، أي دراسة أجزاء العدد وقواسمه، ومجموعات الأعداد المثلثة وما فوقها من المراتب، والتوابع الحسابية الأولية وكذلك التحليل التوافقي ومنها التفسيرات التوافقية المفروضة، أي أن الفارسي من خلال براهينه طور الحساب الإقليدسي، وأضاف موضوعات جديدة في نظرية الأعداد.

    مؤلّفاته في الرياضيات «أساس القواعد في أصول الفوائد» وهو شرح لـ«الفوائد البهائية في القواعد الحسابية» لعبد الله بن محمد الخوام البغدادي، ويتضمن الكتاب مقدمة وخمس مقالات، تعالج المقدمة الموضوعات الآتية: حقيقية الحساب، حقيقة العدد وأقسامه وخواصّه، العدد واحد والواحدة، وأضاف فصلين: أحدهما يعالج الأعداد التامة والزائدة والناقصة؛ والآخر يتضمن تعاريف مختلفة، وفي المقالة الأولى: تعريف لأصول الحساب والضرب ومراتب العدد، دراسة لحالات الضرب كافة، ثم ركّز الفارسي على ذكر قوانين اختصار الضرب التي تعتمد على الحساب الذهني، ويمكن عدها من الفصول المفيدة جداً في تدريس الحساب. ثم انتقل للتحدث عن ميزان العمليات الحسابية، ثم درس الكسور والنسبة وتحليل الأعداد والنسب الستينية، وتحويل الكسور إلى كسور ستينية، والقسمة والجذر التربيعي للأعداد وللكسور، وخصص الفصول الأخيرة لضرب الأعداد الستينية وتقسيمها ونسبتها، واهتمت المقالة الثانية بمسائل المعاملات وقوانين البيوعات، وبمسائل الخلط والمزج والإجارات.

    أما المقالة الثالثة فقد ضمنها خواص الأشكال الهندسية ومساحتها، ويعدّ فصل جداول القسي والأوتار والسهام والمساحات من الفصول المهمة جداً، وشملت المقالة أيضاً حجم الأجسام، وختم مقالته بباب عن وزن الأرض يذكر من خلاله الأدوات المستعملة لشق القنوات وطريقة عملها.

    وعالجت المقالة الرابعة علم الجبر والمقابلة، وتضمنت ضرب القوى الجبرية، والضرب الجبري،، وضرب الجذور، وضرب متعدد الحدود، والقسمة والنسبة وإخراج الجذور، وخصص باباً للمسائل الست الجبرية وباباً أخيراً لحساب الخطأين.

    أما المقالة الخامسة فقد عرض الفارسي فيها أربعاً وأربعين مسألة جبرية مختلفة، وجمع المسائل المتعلقة بالوصايا في فصل، وختم المقالة بعرض للمسائل المحالة الحل، منها معادلات من الدرجة الثالثة، ومعادلات من الدرجة الرابعة أو أكثر، وتُنسب بعض تلك المسائل إلى علماء غربيين.

    حقّق الكتاب مصطفى موالدي، ونشره معهد المخطوطات العربية بالقاهرة في سنة 1994. و«تذكرة الأحباب في بيان التحاب» ترتكز تلك المقالة على استخراج المتحابين وحصر الأجزاء واستخراج الأعداد التامة والزائدة والناقصة، حقق المقالة رشدي راشد، ونشرها في مجلة تاريخ العلوم العربية بحلب سنة 1982.

    وللفارسي رسائل صغيرة في الرياضيات: «رسالة بحث حول الزاوية»، و«رسالة على تحرير الأبهري في مسألة مشهورة من كتاب إقليدس»، و«ملاحظات حول الفرضية رقم 13» لنصير الدين الطوسي، و«رسالة بالهندسة».

    2- في الفيزياء (علم الضوء):

    أبدى كمال الدين ملاحظات دقيقة حول علم المناظر الجوية وتأثير الألوان، مما يذكـِّـر ببعض آراء ليوناردو دافنشي التي دونها في مفكرته.

    كما أن نظريته في قوس قزح تكتسي أهمية خاصة؛ لأنها تشرح تَََََـَوفيقات الانكسار والانعكاس للشعاع الشمسي في قطرة من المطر. وقد أفضى به ذلك إلى شرح تكوين قوس قزح الأولي والثانوي.

    يضاف إلى ذلك أن أبحاثه حول الظواهر الكونية والجوية وبمساعدة الحالكة (الغرفة المظلمة) قد فُهمت ونفذت بنجاح. وقد ذكر أن «سرعة الضوء نهائية»، وطبق مبدأ تركيب القوى.

    ومن مؤلفاته في الفيزياء «تنقيح المناظر لذوي الأبصار والبصائر»؛ وهو من الذخائر القيمة في التراث العلمي الذي خلفه العلماء العرب؛ ذلك لأنه شرح وإيضاح وإضافة لكتاب «المناظر» للحسن بن الهيثم، ويتألف الكتاب من سبع مقالات: الأولى: في كيفية الإبصار بالجملة، الثانية: في تفصيل المعاني التي يُدركها البعد، وعللها، وكيفية إدراكها. الثالثة: في أغلاط البصر فيما يدركه على استقامة، وعللها، الرابعة: في كيفية إدراك البصر بالانعكاس عن الأجسام الصقيلة، الخامسة: في مواضع الخيالات، وهي الصور التي تُـرى في الأجسام الصقيلة. السادسة: في أغلاط البصر فيما يدركه بالانعكاس، وعللها. السابعة: في كيفية إدراك البصر بالانعطاف من وراء الأجسام المشفة المخالفة الشفيف لشفيف الهواء.

    وأضاف إلى المقالات خاتمة وذيلاً ولواحق، أما الخاتمة: فتشتمل على مباحث الانعطاف إتماماً لما ذُكر في المقالة السابعة. وأما الذيل: فيبحث أسباب القوس والهالة، وفي أمر الكرة المحرقة، وفي كيفية تولّد الألوان، وفي سبب التقازيح، وفي كيفية حدوث القوس، وفي كيفية حدوث الهالة ذات التقازيح، وفي كيفية حدوث الهالة البيضاء. وأما اللواحق فتشتمل على تلخيص ثلاث مقالات له: مقالة الأظلال ومقالة صورة الكسوف ومقالة الضوء.

    وقد طبع كتاب «التنقيح» في مجلدين بحيدر آباد 1347-1348هـ/1928-1929م، وطبع ثانية في القاهرة بتحقيق مصطفى حجازي وتنقيحه، وصدر الجزء الأول عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في سنة 1984م.

    اختصر الفارسي كتاب «تنقيح المناظر» للطلاب، وسماه «البصائر في علم المناظر» وكان ذلك سنة 708هـ/1308-1309م، ويتضمن الكتاب قسمين: الأول: في المبادئ، والثاني: في المطالب، وقد حقق الكتاب مصطفى موالدي، والكتاب تحت الطبع.

    وقد كان لآراء ابن الهيثم والفارسي في الضوء آثار واضحة على علماء العرب الذين اتخذوا منها أساساً لدراساتهم ومباحثهم في علم الضوء.

    تشهد مؤلفات الفارسي في علمي الرياضيات والبصريات على مكانته الكبيرة وعلى إنجازاته وإضافاته المتميزة، لقد كان كمال الدين الفارسي أحد موسوعيّي عصره البارزين، ومن الذين تركوا بصمات واضحة على تطور العلوم في الحضارة العربية الإسلامية.

    مصطفى موالدي
يعمل...
X