"باربي" مُراقَبَة في بيروت: أيُّ فعلٍ يُفيد؟
نديم جرجوره
14 اغسطس 2023
FacebookTwitterWhatsAppانشر
باربي تفتخر بفيلمها عبر مارغو روبي.. رغم كلّ شيءٍ لبناني (جاستن تاليس/فرانس برس)
+الخط-
مأزقٌ يواجه ناقداً: أيُشارك في سجال يتعلّق بـ"رأي" وزير لبناني للثقافة، يطلب منع عرضٍ تجاري محلّي لفيلمٍ سينمائي أميركي؛ أم يتغاضى عن ذلك، لأنّ المشاركة تؤدّي إلى تكرار كلامٍ قيل مراراً في أعوامٍ مديدة سابقة؟ أيتغاضى عن أزمة تعانيها الثقافة والفنون، في بلدٍ منهار، عيشاً وحياة وعلاقات وانفعالات؛ أم يقول موقفاً، يلتزمه في أزمنة لبنانية لاحقة على النهاية المزعومة للحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990)، ويلتزمه إلى الآن (رفض كلّ رقابة، أمنية وسياسية واجتماعية متزمّتة ومنغلقة، وطائفية/مذهبية وثقافية/فنية، على الثقافة والفنون)؟
ما الجديد الذي يُمكن التعبير عنه إزاء رقابة لبنانية غير محصورة بجهاز أمني، لانتشارها في الاجتماع والطوائف/المذاهب والإعلام، وفي جزءٍ كبيرٍ من ثقافة وفنون؟ ما فائدة تعبيرٍ كهذا، طالما أنّ النظام اللبناني - الحاكم باسم أمراء حرب، هم أنفسهم يُصبحون "أسياد سلام"، بفضل قانون العفو العام (26 أغسطس/آب 1991)، وباسم طوائف/مذاهب/أحزاب ـ غير مُكترث بموقف ورأي وتحليل، لأنّه الأقوى، ببطشه وقمعه وتنكيله بكلّ شيءٍ خارجٍ عن مفاهيمه ومفاهيم من يُمثّل، وبكلّ أحدٍ ينتفض على بيئته الطائفية/المذهبية/الحزبية، من أجل حرية فردية على الأقلّ، تُتيح له التزام ما يشاء من أفكارٍ ومسالك، طالما أنّ التزاماً كهذا، يُبنى على معرفة ووعي وتفكير، غير مؤذٍ؟
المطالبة بمنع العرض التجاري المحلي لـ"باربي" (2023)، للأميركية غريتا غرويغ، الذي يُفترض به أنْ يبدأ لبنانياً في 31 أغسطس/آب 2023، غير نافعة، فكلّ قرار بمنع العرض أو إجازته يصدر عن "جهاز الرقابة على المصنّفات الفنية"، التابع لـ"المديرية العامة للأمن العام". كلامٌ، يتردّد في إعلامٍ ومواقع مختلفة، يُشير إلى أنّ لجنة رقابية غير واجدة فيه ما يستدعي المنع. أيكون صراعٌ خفي بين أجهزة سلطة تتحكّم بالبلد وناسه؟ هذا غير مهمّ. المطالبة (9 أغسطس/آب 2023) متأتية من "مُشاهدة" وزير الثقافة، محمد وسام المرتضى، الفيلمَ المذكور، كما يقول الوزير نفسه في ردٍّ، منشور في الصحيفة اليومية اللبنانية "النهار" (11 أغسطس/آب الجاري)، على مقالة للناقد هوفيك حبشيان ("النهار"، قبل يومٍ واحد على الردّ)، ينتقد فيها موقف الوزير، ويُطالب المثقفين، "أو من بقي منهم في لبنان"، الذين يفترض به (الوزير) "تمثيلهم"، أنْ يتحرّكوا "فوراً".
هذه معضلة. يندر وجود مثقّفٍ/مثقّفة قادر على تحرّك مفيد، في بلدٍ مُكبَّل بأغلال طائفية/مذهبية/حزبية قاتلة. تاريخ البلد شاهدٌ على ذلك، فمن يُعلي صوتاً باسم حقّ وحرية وكرامة، معطوفة كلّها على مطالبة بإصلاحاتٍ جذرية، ودفاع عن بلدٍ وناسه، موجودٌ حالياً إمّا في قبر، أو في منفى، أو في عزلة خانقة؛ وإنْ يكتب ويقول، فكتابته وقوله غير مؤثِّرين إطلاقاً (من يقرأ ويسمع؟).
نديم جرجوره
14 اغسطس 2023
FacebookTwitterWhatsAppانشر
باربي تفتخر بفيلمها عبر مارغو روبي.. رغم كلّ شيءٍ لبناني (جاستن تاليس/فرانس برس)
+الخط-
مأزقٌ يواجه ناقداً: أيُشارك في سجال يتعلّق بـ"رأي" وزير لبناني للثقافة، يطلب منع عرضٍ تجاري محلّي لفيلمٍ سينمائي أميركي؛ أم يتغاضى عن ذلك، لأنّ المشاركة تؤدّي إلى تكرار كلامٍ قيل مراراً في أعوامٍ مديدة سابقة؟ أيتغاضى عن أزمة تعانيها الثقافة والفنون، في بلدٍ منهار، عيشاً وحياة وعلاقات وانفعالات؛ أم يقول موقفاً، يلتزمه في أزمنة لبنانية لاحقة على النهاية المزعومة للحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990)، ويلتزمه إلى الآن (رفض كلّ رقابة، أمنية وسياسية واجتماعية متزمّتة ومنغلقة، وطائفية/مذهبية وثقافية/فنية، على الثقافة والفنون)؟
ما الجديد الذي يُمكن التعبير عنه إزاء رقابة لبنانية غير محصورة بجهاز أمني، لانتشارها في الاجتماع والطوائف/المذاهب والإعلام، وفي جزءٍ كبيرٍ من ثقافة وفنون؟ ما فائدة تعبيرٍ كهذا، طالما أنّ النظام اللبناني - الحاكم باسم أمراء حرب، هم أنفسهم يُصبحون "أسياد سلام"، بفضل قانون العفو العام (26 أغسطس/آب 1991)، وباسم طوائف/مذاهب/أحزاب ـ غير مُكترث بموقف ورأي وتحليل، لأنّه الأقوى، ببطشه وقمعه وتنكيله بكلّ شيءٍ خارجٍ عن مفاهيمه ومفاهيم من يُمثّل، وبكلّ أحدٍ ينتفض على بيئته الطائفية/المذهبية/الحزبية، من أجل حرية فردية على الأقلّ، تُتيح له التزام ما يشاء من أفكارٍ ومسالك، طالما أنّ التزاماً كهذا، يُبنى على معرفة ووعي وتفكير، غير مؤذٍ؟
المطالبة بمنع العرض التجاري المحلي لـ"باربي" (2023)، للأميركية غريتا غرويغ، الذي يُفترض به أنْ يبدأ لبنانياً في 31 أغسطس/آب 2023، غير نافعة، فكلّ قرار بمنع العرض أو إجازته يصدر عن "جهاز الرقابة على المصنّفات الفنية"، التابع لـ"المديرية العامة للأمن العام". كلامٌ، يتردّد في إعلامٍ ومواقع مختلفة، يُشير إلى أنّ لجنة رقابية غير واجدة فيه ما يستدعي المنع. أيكون صراعٌ خفي بين أجهزة سلطة تتحكّم بالبلد وناسه؟ هذا غير مهمّ. المطالبة (9 أغسطس/آب 2023) متأتية من "مُشاهدة" وزير الثقافة، محمد وسام المرتضى، الفيلمَ المذكور، كما يقول الوزير نفسه في ردٍّ، منشور في الصحيفة اليومية اللبنانية "النهار" (11 أغسطس/آب الجاري)، على مقالة للناقد هوفيك حبشيان ("النهار"، قبل يومٍ واحد على الردّ)، ينتقد فيها موقف الوزير، ويُطالب المثقفين، "أو من بقي منهم في لبنان"، الذين يفترض به (الوزير) "تمثيلهم"، أنْ يتحرّكوا "فوراً".
هذه معضلة. يندر وجود مثقّفٍ/مثقّفة قادر على تحرّك مفيد، في بلدٍ مُكبَّل بأغلال طائفية/مذهبية/حزبية قاتلة. تاريخ البلد شاهدٌ على ذلك، فمن يُعلي صوتاً باسم حقّ وحرية وكرامة، معطوفة كلّها على مطالبة بإصلاحاتٍ جذرية، ودفاع عن بلدٍ وناسه، موجودٌ حالياً إمّا في قبر، أو في منفى، أو في عزلة خانقة؛ وإنْ يكتب ويقول، فكتابته وقوله غير مؤثِّرين إطلاقاً (من يقرأ ويسمع؟).