عادل الناصر
عانت السينما العراقية خلال السنوات الأخيرة من أزمات مختلفة تسببت بغيابها عن المشهد السينمائي العربي والعالمي، خاصةً في ظل غياب الدعم والظروف الأمنية والاقتصادية السيئة. وقد اعتقد كثيرون أنه لا عودة للسينما العراقية في الوقت الحالي وفي ظل الظروف الصعبة الراهنة. ورغم ذلك، سعى بعض الكتّاب والمخرجين، وإن بوسائل وميزانيات محدودة، للعودة بالسينما العراقية إلى المشهد مجددًا.
وقد نجح هؤلاء في تحقيق بعض ما أرادوه وإعادة الاعتبار للسينما العراقية. وفي هذه المقالة، نستعرض خمسة أفلام عراقية مميزة عُرضت في مهرجانات سينمائية عربية وعالمية، وحازت على العديد من الجوائز المهمة، كما اختير أحدها لتمثيل العراق في جوائز الأوسكار.
1- جنائن معلقة
يروي الفيلم قصة الشقيقين طه وأسعد اللذان يعملان في مكب نفايات على أطراف العاصمة بغداد. أسعد هو الأخ الأصغر، إذ يبلغ من العمر 12 عامًا. وأثناء عمله هو وصديقه أمير، يعثر على دمية يقرر امتلاكها بعد اكتشاف قدراتها، وتعود عليهما بالكثير بالمال، لكن أسعد سيُدرك فيما بعد أن طه يستغله، وستحدث في حياته نقلة مفاجأة تؤدي إلى توتر علاقتهما.
يعكس الفيلم آثار الاحتلال الأمريكي للعراق وما رافقه على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، كما تمثّل بعض شخصياته الواقع المرير. ولم يسبق أن قدّم أي فيلم عراقي آخر ما يقدّمه "جنائن معلقة" الذي جمع بين الخيال والواقع والجرأة معًا وأصبح محظ أنظار الجميع لكنه تعرض أيضًا لانتقادات واسعة. الفيلم من تأليف وإخراج أحمد ياسين الدراجي، وبطولة جواد الشكرجي، وأكرم مازن، ووسام ضياء، وحسين محمد. وقد شارك في مهرجان البندقية، وفاز بجائزة "اليُسر الذهبي" في مهرجان البحر الأحمر، وعُرض في مهرجانات عدة منها "مالمو"، و"كان".
2- رجل الخشب
يُعتبر من أهم الأفلام العراقية التي أُنتجت خلال السنوات الأخيرة. يتناول الفيلم موضوع المنفى والنزوح إلى أماكن قد تغيّر مجرى حياة الإنسان. تدور أحداث الفيلم حول دمية خشبية تُحاكي أحوال المهاجرين واللاجئين غير الشرعيين، وكيف تتم معاملتهم أثناء هجرتهم باتجاه الدول الغربية. كما يتناول دور السلطات والعصابات في قمع المهاجرين والإجرام بحقهم.
يقدّم الفيلم وجهات نظر متعددة حول الغربة ومعنى الوطن والعودة إليه ونبذه، ويشتمل على حوار بسيط ولغة مكثفة من المشاعر جسد عبرها معاناة المهاجرين وضيق الحياة في الغربة والعنصرية التي تواجه المهاجرين. وهو من إخراج قتيبة الجنابي، وقد فاز بجوائز عديدة في مهرجانات مختلفة مثل "مهرجان طوكيو للفيلم المستقل"، و"مهرجان إشبيلية للفيلم المستقل"، و"مهرجان أفلام السعودية".
3- أوروبا
تدور أحداث الفيلم حول شاب يُدعى كمال يطمح للوصول إلى أوروبا هربًا من واقعه المرير، ولكي يعيش حياة كريمة. حاول الوصول إلى أوروبا سيرًا على الأقدام، فعبر الحدود التركية، لكنه واجه في طريقه عدة عوائق متمثلة بالشرطة البلغارية والمافيات العنصرية التي تسعى لإنهاء حياة المهاجرين. وخلال رحلته، وجد كمال نفسه عالقًا بين العدم والوجود، خاصةً بعد اعتقال زملائه وموت بعضهم، وظل يطارد خياله في غابة لا نهاية لها، حيث جرى تصوير الفيلم بأكمله.
يسلط الفيلم الضوء على الرعب الذي يواجه مئات الآلاف من المهاجرين عبر طريق البلقان، واستغلال المهربين للمهاجرين بمساعدة السلطات أو المافيات. وهو من إخراج حيدر رشيد، وبطولة الممثل الشاب آدم علي، والممثلة البلغارية سفيتلانا بانتشيفا، وغيرهم. وقد عُرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي بدورته الـ74. كما جرى اختياره لتمثيل العراق في جوائز الأوسكار.
4- ميسي بغداد
يحكي الفيلم قصة صبي اسمه "حمودي" أُصيب وفقد ساقه إثر عملية إجرامية قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية. يبلغ حمودي من العمر 8 سنوات، ويحب مشاهدة ولعب كرم القدم على الرغم من أنه بساق واحدة فقط، وهو من الأطفال الذين يعشقون الأسطورة ليونيل ميسي الذي يرتدي قميصه طوال الفيلم. وفي يوم نهائي دوري أبطال أوروبا، تعطّل تلفازه فذهب هو ورفاقه إلى رجل قام باستغلالهم.
وأثناء مشاهدة المباراة، سمح صاحب التلفاز الأولاد يشتمون كريستيانو رونالدو، فقام بطردهم. وحينها حاول حمودي إقناع والده بالذهاب إلى المدينة لكي يقوموا بصيانة التلفاز قبل موعد المباراة التالية. وأثناء عودتهم من السوق، أُصيب والد حمودي برصاصة طائشة، وعاد حمودي لمنزلهم مع التلفاز دون والده.
يُعتبر "ميسي بغداد" إنجازًا مهمًا للسينما العراقية، وخو من إخراج سهيم عمر خليفة، وبطولة الطفل علي الزيداوي، وحيدر حلو اللامي، وزهراء غندور. وقد عُرض في عدة مهرجانات سينمائية مهمة.
5- كلشي ماكو
فيلم درامي حربي يتناول أحداث العنف الطائفي في الأسبوع الأخير من عام 2006، بين عيد الميلاد وعيد الأضحى في بغداد، ويحكي قصة سارة، وهي كاتبة فقدت رغبتها في الكتابة نتيجة أعمال العنف، وتخشى هي وجيرانها من المستقبل المجهول، لكنهم يحاولون جاهدين التشبث بالأمل.
وعلى الرغم من أن الفيلم يقدّم قصة متخيلة، لكنها مستوحاة الظروف التي عاشها الشعب العراقي. وهو من إخراج وتأليف ميسون الباجه جي التي شاركتها في تأليفه إرادة الجبوري. وبطولة دارينا الجندي، وباسم حجار، ومريم عبّاس، ومحمود أبو العباس.