انور الدرويش
مواليد 1946م -2022م
ببالغ الاسى والاسف انعي لكم و لنا نحن ابناؤه وتلاميذه ومحبيه ٠ فقدانه ٠
القامة الفنية الفوتوغرافية الكبيرة شيخ المصورين نور الدين حسين الذي
وافته المنيه في هذا اليوم الفضيل الاول من رمضان … لروحه الرحمة وانا لله وانا اليه راجعون
******************************
من ضمن آراء المصور نور الدين حسين في التصوير الفوتوغرافي :
- المصور الفوتوغرافي لايموت في عالمه الخاص في الفوتوغراف ، فما التقطه يبقى وثيقة تاريخية خاصة عندما تخلد الصورة حدثا مهما أو تخدم قضية وطنية أوقومية أوانسانية .
- ان الفوتوغراف هو فن تخليد زوايا نظر .. انه يرى ما نراه موضوعا غنيا بدلالاته سواء في اجتماع اجزاء اللقطة في لحظة ما أو في العين البصيرة التي ترى وتفسر وتركب .
- الفوتغرافي اكثر رقيا من المصور أو المستخدم لآلة التصوير؛ لانه يأخذ الصورة في فضاء اللقطة أي يأخذها من حيز النقل الالي الى فضاء الدلالة .
- ان الصورة الفوتوغرافية لها علاقة جدلية مع الانسان وزمانه ومكانه ..مع تاريخه بالزمان والمكان .
- ان الفوتوغرافي مٌلزم بأن يوثق ما يثيره ويثير أحاسيسه مما يراه من أبنية ، ومعالم، وبشر ، وموروث .
- انه يرى بأن الفوتوغراف له علاقة تفاعلية بالتشكيل ، والنحت ، والرسم ، والحفر .
- ان اهم ما موجود في الفوتوغراف ، هو اصطياد اللحظة الشاردة وايقاف الزمن واختيار التوقيت في عملية التصوير .. فضلا عن الالتزام بنسب الظل والضوء في أي موقع يراد تصويره ، وكذلك الالتزام بدرجة التباين المتدرجة .
- ان ثمة امكانات ، لترجيح الصورة بالاعتماد على التقتيات الحديثة التي باتت اليوم متوفرة في أي كاميرا .. وقد تطور العمل الفوتوغرافي واصبح عمل الفوتوغرافيين سهلا الى حد كبير . لكن اللقطة الفوتوغرافية لاتزال بحاجة الى الفنان الماهر الذي يتحلى بالصبر والاناة والحكمة والسرعة في الاقتناص .
- يرى الاستاذ نور الدين حسين ان الفنان الحقيقي كلما نضجت خبرته واتسع جمهوره ازداد خوفه وحرصه على ان يقدم الافضل والجديد في اعماله وهو ما يمكن الاصطلاح عليه بالخوف الابداعي الذي يعني احساس الفنان بحجم مسؤوليته ازاء اسمه وفنه وجمهوره .
- ولهذا فهو يرى بأن الفنان الكبير هو الذي يتطلع دائما الى الثراء الابداعي الذي هو خطوة ابعد من النجاح هي الاضافة ويسأل نفسه دوما ما الذي تجاوزه وما هو الجديد خاصة بعد ان اصبح فن التصوير الفوتوغرافي من ابرز فنون العصر الحديث ؛فلكاميرا لم تعد مجرد عدسة لاقطة بل اضحت كما يقول احد كبار رواد هذا الفن تتدخل في تشكيل الصورة وتلوينها وفق معادلات خاصة بها لايدركها سوى المصور المتمرس القادر على ان يضمن عمله الفوتوغرافي وجهة نظر في الطبيعة او الانسان او المجتمع .
- ان المصور المبدع ، هو الذي يستطيع ايقاف لحظة من الزمن ، لتكون رصيدا لأجيال قادمة ، ووثيقة ابداعية للتاريخ .. وهنا قد يصبح المصور مؤرخا ، كما ان المؤرخ الحقيقي ينبغي ان يكون كما يقول المؤرخ الالماني الشهير ليوبولد فون رانكة ، مصورا فوتوغرافيا يسجل الحدث كما وقع بالضبط .
يعلق الاستاذ سعد البزاز على هذه النقطة وعند مشاهدته بعضا من صور نور الدين حسين في يوم 10-2-1979 ويتساءل :” من منا يستطيع إيقاف الزمن ؟ ويجيب :” فنان الفوتوغراف يفعل ذلك .ونور الدين حسين يتعامل مع الزمن بحس اجتماعي عالٍ .. فهو يعبر عن اختيار اجتماعي مسبق . ومن دون ان ينظم لقطاته ،تراه إبن هذه المدينة :الموصل وإبن حياتها وإبن موضوعاتها .ولذلك كان صادقا في التقاط دقائق هذه الحياة ، والتعبير عنها بمستوى فني لائق ..واذا فتح كفه سيهرب الزمن من بين يديه بعد ان كان قد توقف بضع لحظات في قبضة ريح نادرة …” .
الكاتب والصحفي الاستاذ فليح وداي مجذاب يكتب مقالا في جريدة (الثورة ) البغدادية العدد الصادر في 28 تموز 1996 بعنوان :” الفنان الموصلي نور الدين حسين ..يرسم الزمن ” يقول فيه :” في تلك المدينة المجللة بالغابات ، والماء ، والمفعمة بشواهد التاريخ ، وبالحياة المزدهرة بالحب ، والوجوه والحضارة ..الموصل التي يهذبها الضوء ، فتتحول في عدسة الفنان الكبير المصور نورالدين حسين الى لحظات خالدة لايهرب منها الزمن ، ولايتسرب من بين الوانها ذلك الارتباط الوثيق بين المشهد وتاريخه ” ..”نور الدين حسين المصور فنان منغمس بالهواجس والاخيلة ، وهي ما تثير في اعماله دائما البحث عن اللحظة التي تقترن برغباته ، لكي تنسجم مع تلك الهواجس ، ويصنع منها لحظة خالدة ولابد من ان يجري ذلك في وعي الفنان المصور بتقنية جمالية ترفع من مشاهداته الى مستوى العمل الفني الرائع ” .
ويستند الصحفي الاستاذ فليح وداي مجذاب على ما سبق ان قاله شيخ الخطاطين الموصليين الاستاذ يوسف ذنون عن نور الدين حسين فيقول :” إن نور الدين حسين مسكون بالماضي ، ومملوء بمشاعر التراث ..شاغله الحدث .. وموضوعه رسم الزمن بحساسية مرهفة ..يتفاعل مع اللقطة ، ويناغم بتميز حركة الضوء ليحقق تشكيلا يكشف عن قدرات إبداعية كبيرة ومتميزة ” .ولعل الاستاذ يوسف ذنون هنا يشير الى سر نجاح الفوتوغرافي نور الدين حسين برسم الزمن ؛ فهذه الاشكالية معقدة لايستطيع حلها الا كبار المصورين الفوتوغرافيين .
لقد كان الاستاذ عبد الغفار الصائغ الكاتب والصحفي ورئيس نقابة الصحفيين -فرع الموصل سنة 1994 اكثر دقة وصدقا وهو يعلق على لوحات وصور الاستاذ نور الدين حسين اذ كتب يقول بأن الفنان نور الدين حسين “عودنا على الابداع والعطاء وهو في اعماله دقيق الرؤية ،عميق الانتباه الى مواضع الجمال في الحياة ” . واضاف يقول :”انني أراه ملتقطا يفوق الوصف للمرئيات حتى ليحيل الميت منها الى حركة والعادي منها الى جاذب للنظر ..انها حاسة استطيع ان اصفها بالفلسفة الرؤيوية ..يمزج بينها وبين عينيه كإنسان وكفنان وبين عدسة كامرنه التي تتحول الى عين سحرية تحركها مشاعر الفنان نفسه قبل عينيه ..من هنا يحق لنا ان نهنئه من الاعماق على عمق ودقة لقطاته حتى صارت كل صوره حياة كاملة من حيث التأمل ومن حيث المعايشة الوجدانية ” .
الاستاذ سامر الياس سعيد حاوره وكتب عن ذلك في اكثر من مكان ، ومنها ما كتبه في جريدة (الحدباء) الموصلية وفي العدد الصادر في 29 ايلول سنة 2012 . قال ان الاستاذ نور الدين حسين عرف طريق التميز والتألق من خلال الكثير من صوره التي جسد فيها حياة الموصل الحقيقية ، ببيوتها وازقتها وشوارعها وحياة الناس فيها حتى ان الناقد الدكتور فاتح عبد السلام علق في عدد من مجلة (الوطن العربي ) التي كانت تصدر في باريس سنة 1979 على معرض أقامه الفوتوغرافي نور الدين حسين في الموصل قائلا :” كاميرا الفنان نور الدين حسين في لقطاتها للطبيعة، لا تبحث عن منفذ خاص بها .لقد سلكت طريقا سهلة عبدها قبل اكثر من ربع قرن فنانون كثيرون أهمهم وأروعهم مراد الداغستاني رائد التصوير الفوتوغرافي في العراق ، ولقد تأثر الفنان نور الدين حسين بأجواء مراد الداغستاني الذي سبق ان عاش الاجواء نفسها بإعتباره إبن الموصل ايضا ” .
وتابع الدكتور فاتح عبد السلام قوله حول حس الفنان فقال :” انه يتألق مضيفا الى تجربته ولعا باللقطة الحياتية البسيطة ، مؤمنا بفلسفتها وانعكاسها النفسي ،ملتصقا بقوة واقعه وناس بيئته حيث كان الفنان نور الدين حسين في معرضه الاول إبنا مخلصا ووفيا لبلده ، ومدينته العتيقة الجميلة :الموصل ام الربيعين ” .
ويفصل الاستاذ فاتح عبد السلام في ذكر مميزات فن نور الدين حسين الفوتوغرافي متوغلا في داخلية صوره ولوحاته فيقول مثلا على لوحة :” طيور الحي ” انها من اكثر اللوحات جمالا وفنا وروعة وحسا ناضجا .انها تمثل طيورا تغادر اعشاشها محلقة على بيت موصلي قديم وعال والصورة ملتقطة من تحت .
عندما نتوغل في عالم نور الدين حسين الفوتوغرافي ، نجد انه يحاول إبراز قيم التعبير الموجودة في الظواهر التراثية والشعبية – يقول ذلك الناقد الاستاذ زهير غانم – ويضيف ان ذلك لايتم من خلال عملية النقل المباشر والمجرد لها ، بل من خلال العلاقة الجدلية القائمة بين العدسة ، وبين الشكل ، وبين روحية الفنان .ونور الدين حسين لايكتفي بالموروثات وحسب ، انما يتخذ من الطبيعة رحما يضم تجربته ورؤيته ويضمن استكمال كل مراحل الولادة الطبيعية والجميلة الامر الذي ادى بأن ترتبط تجربته ورؤيته ارتباطا وثيقا بقدرته واحساسه وذاته في تحقيق العمل المبدع والمشهود والخلاق .
ويرى الاستاذ القاص والكاتب الاستاذ أنور عبد العزيز ان نور الدين حسين ، تعامل مع التصوير بجهد وتواصل ابداعي مدركا انه يعايش مسألة كبيرة ليست سهلة تنطفئ بإنطفاء الانفعال السريع ، والرغبة الوقتية ومؤمنا ان قضية التصوير تشكل أداة تعبيرية لاتقل عن القصة والشعر والموسيقى ، بل انها تحتاج لتترك التأثير الحاد والكبير الى اضاءات ، وبؤر تتجسد فيها الكوامن التي تستطيع خلق الدهشة والانفعال والأثارة عند المشاهد الي لم يعد يقنع باللقطة المنطقية والعادية ، بل يريد ان تتحول الصورة عبر العين الناقدة الذكية الى لغة حارة موحية تتغلغل في اعماق الاشياء لتعبر عن الحياة بفرحها ، وتجددها ، وقسوتها ، واضطرابها ولتشف عن لغة الانسان اليومية في كل ومضة وحركة وموقف .ويظهر كل هذا في صور تحمل عناوين :البسملة ، زخرفة اسلامية ، بيت موصلي ،شباك قديم ، زخرفة ، بيت موصلي ، سكون ، قنطرة ، صناعة شعبية ، طيور الحي ، زي من بعشيقة ، الماضي .
يقول الاستاذ نور الدين حسين للكاتب والصحفي بهجت درسون : ان التصوير الفوتوغرافي جهد ابداعي شخصي بحت ، يقوم في الاساس على اقتناص اللحظة الهاربة التي هي وليدة الصدفة النادرة التي تحتاج الى سرعة وتركيز كبيرين . وبالرغم من التطور الذي حصل في ميدان التصوير الفوتوغرفي ، والقفزات المهمة والكبيرة في تقنياته ؛ فإن اللقطة الفوتوغرافية تحتاج الى عين فنان ماهر ، وعقل خبير متمرس ، وقلب مرهف يمتلك حس جمالي لضمان الشكل والمضمون .
تعليق