وثيقةٌ نادرة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هذه وثيقة نادرة ، هي مقاطع من رسالة كان الشاعرُ السوري المعروف " محمد الماغوط " ( 1934 ــ 2006 ) قد أرسلها إلى الناقدة " خالدة صالح " ، المعروفة بإسم " خالدة سعيد " و التي هي زوجة الشاعر " علي أحمد سعيد " المعروف بإسم " أدونيس " .
في هذه الرسالة يبث " الماغوط " لواعجه تجاه الشاعرة السورية " سنية صالح " ( 1935 ــ 1985 ) التي التقاها لأول مرة في منزل " أدونيس " في بيروت ، أواخر الخمسينيات ، قبل أن يتزوجها أواسط الستينيات عندما كانت طالبةً في كلية الآداب ، جامعة دمشق ، و التي هي شقيقة " خالدة سعيد " ، التي أذنت لملحق مجلة ( كلمات ) بنشر هذه الرسالة ، و قد نُشرت في العدد 2666 بتاريخ 15 آب / أغسطس 2015 .. و لأول مرة .
ولكن بقدر ما تعبر هذه الرسالة ــ النص عن هيام جارف ، فإنه يُشاع عن " الماغوط " أنه اضطهد الشاعرة العذبة " سنية صالح " ــ بعد الزواج ــ على مرحلتين : مرةً حين سرق منها الأضواء و رمى عليها الظل ، و مرة حين راح يضطهدها نفسياً .. بل الى درجة أنه راح يصفعها .
فأين ذهب ذاك الهيام الجارف ؟
و كيف يبيح ( شاعر ) لنفسه أن يؤذي شاعرةً ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
الرسالة ــ الوثيقة :
دمشق ، في 5. 2 . 1963
أيتها العزيزة خالدة ،
منذ شهور و فكرة واحدة تضرب رأسي وأعصابي كالرصاصة : ما هو العالم لولا تلك الإلهة النّحيلة ، تلك الإلهة الرقيقة الحنونة ، تلك التي سُمّيت صدفة " سنيّة " و التي كان يجب أن تُسمّى " العالم يبكي " أو العالم ذو القدمين الصّغيرتين .
خالدة ، لتذهب الكلمات الشعريّة إلى الجحيم . « سنية حياتي » . ( ... ) آه يا خالدة...
لولاها ... لولا تلك الابتسامة التي تشبه جرحاً فوق جرح ، لَما كنتُ أجد أيّ مبرّرٍ حتى لتحريك الأصابع و الأجفان . ( ... ) لقد تسلّخَتْ يداي من الكتابة ، و اغرورقت كلُّ طاولات دمشق و بيروت بدموعي ، و أنا وحيدٌ كالمسمار... ( … ) . آه ، لن أنسى ما حييت ذلك اليوم القائظ ، تلك الظّهيرة الخانقة من الصيف الماضي ، حين رأيتها ، " سنية " الحبيبة ، بثوبها الأخضر ، بجلدها الرقيق كجلد الشحرور ، حيث جلسنا أمام بعضنا أشبه بطائرين يبكيان في قفصين متقابلين . ( ... ) و عندما أراها مقبلةً إليّ في الريح و تحت المطر، بمعطفها الأزرق القصير، بعنقها الذي يشبه ناياً تسيل من ثقوبه الدموع ( ... ) نظراتها الضّائعة أبداً و المحدّدة أبداً أشبه بنظرات طفل غريب .
أنت شقيقتها ! هل تأمَّلتِ أصابعها ذات يوم ؟ أبداً. إنه جاهل وطائش كلُّ من يقول إنها أصابع ... إنها مجموعةٌ مشرّدةٌ من القيثارات . أبواقٌ بدائية تغنّي لوحوش تقوّست ظهورُها من ... الزمهرير و الوحدة .
أروع ما في سنية روحها ... إنني أستطيع أن أراها تماماً ... كما أرى قطرة المطر وراء الزّجاج ... كما أرى الطائر بين الأغصان .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هذه وثيقة نادرة ، هي مقاطع من رسالة كان الشاعرُ السوري المعروف " محمد الماغوط " ( 1934 ــ 2006 ) قد أرسلها إلى الناقدة " خالدة صالح " ، المعروفة بإسم " خالدة سعيد " و التي هي زوجة الشاعر " علي أحمد سعيد " المعروف بإسم " أدونيس " .
في هذه الرسالة يبث " الماغوط " لواعجه تجاه الشاعرة السورية " سنية صالح " ( 1935 ــ 1985 ) التي التقاها لأول مرة في منزل " أدونيس " في بيروت ، أواخر الخمسينيات ، قبل أن يتزوجها أواسط الستينيات عندما كانت طالبةً في كلية الآداب ، جامعة دمشق ، و التي هي شقيقة " خالدة سعيد " ، التي أذنت لملحق مجلة ( كلمات ) بنشر هذه الرسالة ، و قد نُشرت في العدد 2666 بتاريخ 15 آب / أغسطس 2015 .. و لأول مرة .
ولكن بقدر ما تعبر هذه الرسالة ــ النص عن هيام جارف ، فإنه يُشاع عن " الماغوط " أنه اضطهد الشاعرة العذبة " سنية صالح " ــ بعد الزواج ــ على مرحلتين : مرةً حين سرق منها الأضواء و رمى عليها الظل ، و مرة حين راح يضطهدها نفسياً .. بل الى درجة أنه راح يصفعها .
فأين ذهب ذاك الهيام الجارف ؟
و كيف يبيح ( شاعر ) لنفسه أن يؤذي شاعرةً ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
الرسالة ــ الوثيقة :
دمشق ، في 5. 2 . 1963
أيتها العزيزة خالدة ،
منذ شهور و فكرة واحدة تضرب رأسي وأعصابي كالرصاصة : ما هو العالم لولا تلك الإلهة النّحيلة ، تلك الإلهة الرقيقة الحنونة ، تلك التي سُمّيت صدفة " سنيّة " و التي كان يجب أن تُسمّى " العالم يبكي " أو العالم ذو القدمين الصّغيرتين .
خالدة ، لتذهب الكلمات الشعريّة إلى الجحيم . « سنية حياتي » . ( ... ) آه يا خالدة...
لولاها ... لولا تلك الابتسامة التي تشبه جرحاً فوق جرح ، لَما كنتُ أجد أيّ مبرّرٍ حتى لتحريك الأصابع و الأجفان . ( ... ) لقد تسلّخَتْ يداي من الكتابة ، و اغرورقت كلُّ طاولات دمشق و بيروت بدموعي ، و أنا وحيدٌ كالمسمار... ( … ) . آه ، لن أنسى ما حييت ذلك اليوم القائظ ، تلك الظّهيرة الخانقة من الصيف الماضي ، حين رأيتها ، " سنية " الحبيبة ، بثوبها الأخضر ، بجلدها الرقيق كجلد الشحرور ، حيث جلسنا أمام بعضنا أشبه بطائرين يبكيان في قفصين متقابلين . ( ... ) و عندما أراها مقبلةً إليّ في الريح و تحت المطر، بمعطفها الأزرق القصير، بعنقها الذي يشبه ناياً تسيل من ثقوبه الدموع ( ... ) نظراتها الضّائعة أبداً و المحدّدة أبداً أشبه بنظرات طفل غريب .
أنت شقيقتها ! هل تأمَّلتِ أصابعها ذات يوم ؟ أبداً. إنه جاهل وطائش كلُّ من يقول إنها أصابع ... إنها مجموعةٌ مشرّدةٌ من القيثارات . أبواقٌ بدائية تغنّي لوحوش تقوّست ظهورُها من ... الزمهرير و الوحدة .
أروع ما في سنية روحها ... إنني أستطيع أن أراها تماماً ... كما أرى قطرة المطر وراء الزّجاج ... كما أرى الطائر بين الأغصان .