ايبك الصفدي (خليل )
Aybak al-safadi (Khalil Ben-) - Aybak al-safadi (Khalil Ben-)
أيبك الصفدي (خليل بن ـ)
(696ـ 764 هـ / 1296ـ 1363م)
صلاح الدين، أبو الصفاء، خليل ابن الأمير عز الدين أيبك بن عبد الله الصفدي المولد، الدمشقي المنزل والوفاة. كان والده من أمراء المماليك في صفد، وفيها وُلد خليل، ونشأ في بيئة عربية، وحفظ القرآن صغيراً، فكان لهذين العاملين أثرهما في فصاحة لسانه وإجادته العربية. ولكن أباه منعه من الانصراف إلى طلب العلم والاشتغال به، فلمّا بلغ العشرين من عمره انصرف إلى طلب العلم بنفسه وإلى الاتصال بالعلماء والشيوخ. وممّن اتصل بهم وأخذ عنهم الإمام تقي الدين السُبكي (ت756 هـ)، وأخذ الأدب عن شهاب الدين محمود بن سليمان (ت 725 هـ)، وأخذ النحو عن أبي حيّان محمد بن يوسف الأندلسي (ت 745 هـ)، وأخذ التاريخ والمغازي والسِير عن ابن سيّد الناس محمد بن محمد (ت 734 هـ)، وعن الحافظ شمس الدين الذهبي (ت 748 هـ)، وأخذ الحديث عن الحافظ يوسف بن عبد الرحمن المِزّي (ت 742 هـ)، وأخذ الفقه الشافعي عن القاضي محمد بن إبراهيم بن جماعة (ت 733هـ).
ولم يكتف ابن أيبك بما أخذه عن شيوخه، بل عكف على مطالعة الكتب في شتى المعارف، فنمت ثقافته واتسعت آفاقه، وذلك ما أعانه على تصنيف الكتب في مختلف الموضوعات.
وقد ظهرت منذ صباه مواهبه في الخط والرسم، فمهر فيهما ثم انصرف إلى الأدب والشعر وعلوم العربية، وكان يرتحل إلى العلماء في مدن الشام ومصر ويأخذ عن شيوخها، وبرزت مواهبه في الكتابة الديوانية في وقت مبكّر، فتولّى عدداً من المناصب الكتابية في القاهرة ودمشق وحلب.
بيد أن المناصب التي تولاها لم تشغله عن الانصراف إلى تأليف الكتب في شتى الموضوعات، فصنّف عشرات من الكتب في الأدب والتاريخ والتراجم وشرح القصائد المشهورة، ووجّه عنايته إلى تقويم أخطاء العامة في اللغة، وتصحيح ما وقع من تصحيف وتحريف في كتب اللغويين والأدباء، واتجه إلى نظم الشعر، وتدل كثرة مصنفاته على ما اتصف به من نشاط وافر وهمّة عالية، وجلد قوي مكنّه من تأليف الكتب الضخمة.
ألّف ابن أيبك عشرات من الكتب فُقد بعضها ومازال جانب منها مخطوطاً ومن أبرز آثاره المطبوعة الكتب الآتية:
ـ «الوافي بالوفيات»، وهو من أعظم مؤلفاته ومن أوسع كتب التراجم في التراث العربي، وقد قصد من تأليفه استيفاء تراجم الأعلام حتى زمنه. وكان ابن خلّكان ألّف كتاب «وفيات الأعيان» وترجم فيه لمن وجدوا حتى زمنه (توفي سنة 681هـ)، ثم جاء ابن شاكر الكتبي (ت 764هـ) فألف كتاب «فوات الوفيات» واستدرك فيه ما فات ابن خلكان من تراجم، ثم جاء ابن أيبك فألف كتابه الضخم هذا، وقال في مقدمته مبيناً نهجه فيه: «فأحببت أن أجمع من تراجم الأعيان من هذه الأمة الوسط وكملة هذه الملة التي مد الله تعالى لها الفضل الأوفى وبسط، ونجباء الزمان وأمجاده، ورؤوس كل فضل وأعضاءه، وأساطين كل علم وأوتاده... ممن وقع عليه اختيار تتبعي واختباري، ولزّني إليه اضطرام تطلبي واضطراري، ما يكون متّسقاً في هذا التأليف درّه، منتشقاً من هذا التصنيف زهره، فلا أغادر أحداً من الخلفاء الراشدين، وأعيان الصحابة والتابعين، والملوك والأمراء، والقضاة والعمال والوزراء، والقرَّاء والمحدّثين والفقهاء، والمشايخ والصلحاء، وأرباب العرفان والأولياء، والنحاة والأدباء والكتّاب والشعراء …».
وقد بدأ بترجمة محمد عليه الصلاة والسلام ثم من كان اسمه محمداً، وهو نهج سار عليه طائفة من المؤلفين في التراجم، ثم ذكر المترجمين بعد ذلك على الحروف.
نشر الجزء الأول من الوافي بعناية المستشرق الألماني هلموت ريتر وطبع بدار النشر التي يشرف عليها فرانز شتاينر بمدينة فيسبادن وصدرت الطبعة الثانية غير المنقحة سنة 1962م. وتوالى نشر الأجزاء الأخرى بعد ذلك بتحقيق طائفة من الباحثين الغربيين والعرب في إطار النشرات الإسلامية التي أسسها هلموت ريتر وأصدرها لجمعية المستشرقين الألمانية ألبرت ديتريش وهانس روبرت رويمر. وقد نُشر حتى اليوم أربعة وعشرون جزءاً من أجزاء الكتاب كاملاً وعدتها ثلاثون ومازالت ستة أجزاء قيد التحقيق والنشر.
ـ «تصحيح التصحيف وتحرير التحريف»، يتناول هذا الكتاب ما تلحن فيه العامة وتصحيح ما وقع من تصحيف أو تحريف في كتب المتقدمين وفي كلام الناس. والمؤلف يشكو في مقدمة الكتاب من فشوّ اللحن في عصره على ألسنة العامة حتى لم يسلم منه أحد، وقد تتبع ما وقع فيه العلماء القدامى، ومنهم علماء اللغة المشهورون، من تصحيف وتحريف سواء في حلقاتهم ومجالسهم أو في كتبهم. والكتاب مرّتب على الحروف.
حقق الكتاب السيد الشرقاوي ونشرته مكتبة الخانجي بالقاهرة سنة 1987م.
ـ «نَكت الهميان في نُكت العميان»، ذكر ابن أيبك سبب تأليفه هذا الكتاب في المقدمة، فقال إنه لما وقف على كتاب المعارف لابن قتيبة وجده ساق فصلاً في آخره للمكفوفين، وكذلك وجد أبا الفرج بن الجوزي عقد فصلاً في كتابه «تلقيح فهوم أهل الأثر» في تسمية العميان «الأشراف»، ثم وجد أحمد بن علي بن بانة قد ذكر في كتابه «رأس مال النديم» أشراف العميان، فاقترح عليه بعضهم تأليف كتاب في العميان فألف كتابه هذا، وقد جعل المؤلف لكتابه مقدمات لغوية تتصل بالعمى والألفاظ الدالة على عيوب في العين كالعمش، ثم ذكر ما يتعلق بلفظ أعمى في التصريف والإعراب ثم حدّ العمى ثم تفسير آيات قرآنية ورد فيها لفظ «أعمى»، ثم أورد أخباراً تتصل بالعميان، وقد استغرقت هذه المقدمات جانباً كبيراً من الكتاب. ثم أخذ يترجم للعميان ورتبهم على حروف الهجاء.
وقف على طبع الكتاب أحمد زكي بك، وطبع بمصر عام 1911م.
ـ «أعيان العصر وأعوان النصر»، ذكر الصفدي في مقدمة هذا الكتاب أنه أراد اختصار كتابه المطوّل «الوافي بالوفيات» فألف هذا الكتاب، ولكنه أضاف إليه تراجم من عاصروه، سواء ألقيهم أم لم يلقهم.
حقق الكتاب علي أبو زيد، نبيل أبو عمشة، محمد موعد، محمود سالم محمد، وجاء في ستة أجزاء، ونشرته دار الفكر بدمشق ودار الفكر المعاصر بلبنان سنة 1998.
ـ «أمراء دمشق في الإسلام»، يجمع هذا الكتاب أمرين: أولهما معجم صغير بأسماء أمراء دمشق منذ القديم حتى زمن المؤلف، والثاني أرجوزة سماها «تحفة ذوي الألباب فيمن حكم بدمشق من الخلفاء والملوك والنواب» وقد شرح الأرجوزة شرحاً مفصلاً ضمنّه أحداثاً تاريخية تتصل بالولاة. وذكر من تولى إمارة دمشق في زمن كل دولة ورتب الولاة ترتيباً زمنياً. حقق الكتاب صلاح الدين المنجد ونُشر بدمشق سنة 1955م.
ـ كتاب «تحفة ذوي الألباب فيمن حكم بدمشق من الخلفاء والملوك والنواب» وفيه ترجمة لجميع من حكم دمشق منذ الفتح الإسلامي في عهد الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين والطولونيين والفاطميين والقرامطة والحمدانيين والسلاجقة والنوريين والأيوبيين والمماليك إلى ولاية علاء الدين المارداني الثانية سنة 760هـ/1359م. أي قبل وفاته بأربع سنوات. وقد قام بتحقيق كتاب الصفدي هذا إحسان خلوصي وزهير حميدان، ونشرته وزارة الثقافة بدمشق1991م في مجلدين صغيرين.
ـ «تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون»، حققه محمد أبو الفضل إبراهيم، ونشر في القاهرة سنة 1969م.
ـ «الغيث المسجم في شرح لامية العجم»، لامية العجم قصيدة طويلة نظمها الشاعر المشهور مؤيد الدين فخر الكُتاب أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد المعروف بالطغرائي المتوفى سنة 514هـ ، نسبة إلى من يكتب الطُغرى، وهي الطرّة التي تكتب في أعلى الكتب وتتضمن نعوت الملك وألقابه، وقد نظمها ببغداد سنة 505هـ في وصف حاله وشكوى زمانه ومطلعها:
وقد أطلق عليها لفظ «لامية العجم» مضاهاة لقصيدة الشنفرى المعروفة بلامية العرب. وقد شرح لامية العجم عدد من اللغويين قبل الصفدي وبعده، وشرح ابن أيبك في غاية الإطالة وفيه استطرادات كثيرة، ومنها ما لا صلة له بمعنى الأبيات، إضافة إلى شرح معاني الأبيات وبيان ما فيها من وجوه الإعراب مع تعليقات عروضية وبلاغية.
نشرت الكتاب دار الكتب العلمية ببيروت في جزأين عام 1990.
ومن آثاره المطبوعة كذلك: «جنان الجناس» و«ألحان السواجع» و«رشف الزلال في وصف الهلال»، و«نصرة الثائر على المثل السائر» وهذا الكتاب نشره مجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1971م، بتحقيق محمد علي سلطاني.
اتجهت عناية ابن أيبك إلى النثر والشعر، وأجاد فيهما جميعاً، وله ديوان شعر مفقود، ولكن آثاره النثرية أكثر وأعظم فائدة، وأسلوبه يتجه إلى الصنعة التي كانت سائدة في عصره والعصور السابقة، وقد التزم السجع في مقدمات كتبه خاصة، وهو يميل في شروحه وتعليقاته إلى الإطالة والإسهاب والاستطراد حتى ليستغرق شرح البيت في شرحه لامية العجم زهاء خمسين صفحة، وهذا الأمر يؤخذ على المؤلف لأنه حشا شرحه بكل ما خطر بباله ولو لم يكن له أي صلة بمعنى البيت.
على أن هذه الاستطرادات لا تنتقص من منزلة المؤلف الذي أنفق حياته في تأليف الكتب في مختلف الموضوعات، وهي معرض لمعارفه الجمة في اللغة والنحو والعروض والتاريخ والأخبار وغير ذلك، وقد أثنى العلماء عليه وأشادوا بجهوده في التأليف وسعة اطلاعه، ومنهم شمس الدين الذهبي الذي قال فيه: «كان إماماً عالماً صادقاً ماهراً رأساً في صناعة الإنشاء وقدوة في فن الأدب».
إحسان النص
Aybak al-safadi (Khalil Ben-) - Aybak al-safadi (Khalil Ben-)
أيبك الصفدي (خليل بن ـ)
(696ـ 764 هـ / 1296ـ 1363م)
صلاح الدين، أبو الصفاء، خليل ابن الأمير عز الدين أيبك بن عبد الله الصفدي المولد، الدمشقي المنزل والوفاة. كان والده من أمراء المماليك في صفد، وفيها وُلد خليل، ونشأ في بيئة عربية، وحفظ القرآن صغيراً، فكان لهذين العاملين أثرهما في فصاحة لسانه وإجادته العربية. ولكن أباه منعه من الانصراف إلى طلب العلم والاشتغال به، فلمّا بلغ العشرين من عمره انصرف إلى طلب العلم بنفسه وإلى الاتصال بالعلماء والشيوخ. وممّن اتصل بهم وأخذ عنهم الإمام تقي الدين السُبكي (ت756 هـ)، وأخذ الأدب عن شهاب الدين محمود بن سليمان (ت 725 هـ)، وأخذ النحو عن أبي حيّان محمد بن يوسف الأندلسي (ت 745 هـ)، وأخذ التاريخ والمغازي والسِير عن ابن سيّد الناس محمد بن محمد (ت 734 هـ)، وعن الحافظ شمس الدين الذهبي (ت 748 هـ)، وأخذ الحديث عن الحافظ يوسف بن عبد الرحمن المِزّي (ت 742 هـ)، وأخذ الفقه الشافعي عن القاضي محمد بن إبراهيم بن جماعة (ت 733هـ).
ولم يكتف ابن أيبك بما أخذه عن شيوخه، بل عكف على مطالعة الكتب في شتى المعارف، فنمت ثقافته واتسعت آفاقه، وذلك ما أعانه على تصنيف الكتب في مختلف الموضوعات.
وقد ظهرت منذ صباه مواهبه في الخط والرسم، فمهر فيهما ثم انصرف إلى الأدب والشعر وعلوم العربية، وكان يرتحل إلى العلماء في مدن الشام ومصر ويأخذ عن شيوخها، وبرزت مواهبه في الكتابة الديوانية في وقت مبكّر، فتولّى عدداً من المناصب الكتابية في القاهرة ودمشق وحلب.
بيد أن المناصب التي تولاها لم تشغله عن الانصراف إلى تأليف الكتب في شتى الموضوعات، فصنّف عشرات من الكتب في الأدب والتاريخ والتراجم وشرح القصائد المشهورة، ووجّه عنايته إلى تقويم أخطاء العامة في اللغة، وتصحيح ما وقع من تصحيف وتحريف في كتب اللغويين والأدباء، واتجه إلى نظم الشعر، وتدل كثرة مصنفاته على ما اتصف به من نشاط وافر وهمّة عالية، وجلد قوي مكنّه من تأليف الكتب الضخمة.
ألّف ابن أيبك عشرات من الكتب فُقد بعضها ومازال جانب منها مخطوطاً ومن أبرز آثاره المطبوعة الكتب الآتية:
ـ «الوافي بالوفيات»، وهو من أعظم مؤلفاته ومن أوسع كتب التراجم في التراث العربي، وقد قصد من تأليفه استيفاء تراجم الأعلام حتى زمنه. وكان ابن خلّكان ألّف كتاب «وفيات الأعيان» وترجم فيه لمن وجدوا حتى زمنه (توفي سنة 681هـ)، ثم جاء ابن شاكر الكتبي (ت 764هـ) فألف كتاب «فوات الوفيات» واستدرك فيه ما فات ابن خلكان من تراجم، ثم جاء ابن أيبك فألف كتابه الضخم هذا، وقال في مقدمته مبيناً نهجه فيه: «فأحببت أن أجمع من تراجم الأعيان من هذه الأمة الوسط وكملة هذه الملة التي مد الله تعالى لها الفضل الأوفى وبسط، ونجباء الزمان وأمجاده، ورؤوس كل فضل وأعضاءه، وأساطين كل علم وأوتاده... ممن وقع عليه اختيار تتبعي واختباري، ولزّني إليه اضطرام تطلبي واضطراري، ما يكون متّسقاً في هذا التأليف درّه، منتشقاً من هذا التصنيف زهره، فلا أغادر أحداً من الخلفاء الراشدين، وأعيان الصحابة والتابعين، والملوك والأمراء، والقضاة والعمال والوزراء، والقرَّاء والمحدّثين والفقهاء، والمشايخ والصلحاء، وأرباب العرفان والأولياء، والنحاة والأدباء والكتّاب والشعراء …».
وقد بدأ بترجمة محمد عليه الصلاة والسلام ثم من كان اسمه محمداً، وهو نهج سار عليه طائفة من المؤلفين في التراجم، ثم ذكر المترجمين بعد ذلك على الحروف.
نشر الجزء الأول من الوافي بعناية المستشرق الألماني هلموت ريتر وطبع بدار النشر التي يشرف عليها فرانز شتاينر بمدينة فيسبادن وصدرت الطبعة الثانية غير المنقحة سنة 1962م. وتوالى نشر الأجزاء الأخرى بعد ذلك بتحقيق طائفة من الباحثين الغربيين والعرب في إطار النشرات الإسلامية التي أسسها هلموت ريتر وأصدرها لجمعية المستشرقين الألمانية ألبرت ديتريش وهانس روبرت رويمر. وقد نُشر حتى اليوم أربعة وعشرون جزءاً من أجزاء الكتاب كاملاً وعدتها ثلاثون ومازالت ستة أجزاء قيد التحقيق والنشر.
ـ «تصحيح التصحيف وتحرير التحريف»، يتناول هذا الكتاب ما تلحن فيه العامة وتصحيح ما وقع من تصحيف أو تحريف في كتب المتقدمين وفي كلام الناس. والمؤلف يشكو في مقدمة الكتاب من فشوّ اللحن في عصره على ألسنة العامة حتى لم يسلم منه أحد، وقد تتبع ما وقع فيه العلماء القدامى، ومنهم علماء اللغة المشهورون، من تصحيف وتحريف سواء في حلقاتهم ومجالسهم أو في كتبهم. والكتاب مرّتب على الحروف.
حقق الكتاب السيد الشرقاوي ونشرته مكتبة الخانجي بالقاهرة سنة 1987م.
ـ «نَكت الهميان في نُكت العميان»، ذكر ابن أيبك سبب تأليفه هذا الكتاب في المقدمة، فقال إنه لما وقف على كتاب المعارف لابن قتيبة وجده ساق فصلاً في آخره للمكفوفين، وكذلك وجد أبا الفرج بن الجوزي عقد فصلاً في كتابه «تلقيح فهوم أهل الأثر» في تسمية العميان «الأشراف»، ثم وجد أحمد بن علي بن بانة قد ذكر في كتابه «رأس مال النديم» أشراف العميان، فاقترح عليه بعضهم تأليف كتاب في العميان فألف كتابه هذا، وقد جعل المؤلف لكتابه مقدمات لغوية تتصل بالعمى والألفاظ الدالة على عيوب في العين كالعمش، ثم ذكر ما يتعلق بلفظ أعمى في التصريف والإعراب ثم حدّ العمى ثم تفسير آيات قرآنية ورد فيها لفظ «أعمى»، ثم أورد أخباراً تتصل بالعميان، وقد استغرقت هذه المقدمات جانباً كبيراً من الكتاب. ثم أخذ يترجم للعميان ورتبهم على حروف الهجاء.
وقف على طبع الكتاب أحمد زكي بك، وطبع بمصر عام 1911م.
ـ «أعيان العصر وأعوان النصر»، ذكر الصفدي في مقدمة هذا الكتاب أنه أراد اختصار كتابه المطوّل «الوافي بالوفيات» فألف هذا الكتاب، ولكنه أضاف إليه تراجم من عاصروه، سواء ألقيهم أم لم يلقهم.
حقق الكتاب علي أبو زيد، نبيل أبو عمشة، محمد موعد، محمود سالم محمد، وجاء في ستة أجزاء، ونشرته دار الفكر بدمشق ودار الفكر المعاصر بلبنان سنة 1998.
ـ «أمراء دمشق في الإسلام»، يجمع هذا الكتاب أمرين: أولهما معجم صغير بأسماء أمراء دمشق منذ القديم حتى زمن المؤلف، والثاني أرجوزة سماها «تحفة ذوي الألباب فيمن حكم بدمشق من الخلفاء والملوك والنواب» وقد شرح الأرجوزة شرحاً مفصلاً ضمنّه أحداثاً تاريخية تتصل بالولاة. وذكر من تولى إمارة دمشق في زمن كل دولة ورتب الولاة ترتيباً زمنياً. حقق الكتاب صلاح الدين المنجد ونُشر بدمشق سنة 1955م.
ـ كتاب «تحفة ذوي الألباب فيمن حكم بدمشق من الخلفاء والملوك والنواب» وفيه ترجمة لجميع من حكم دمشق منذ الفتح الإسلامي في عهد الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين والطولونيين والفاطميين والقرامطة والحمدانيين والسلاجقة والنوريين والأيوبيين والمماليك إلى ولاية علاء الدين المارداني الثانية سنة 760هـ/1359م. أي قبل وفاته بأربع سنوات. وقد قام بتحقيق كتاب الصفدي هذا إحسان خلوصي وزهير حميدان، ونشرته وزارة الثقافة بدمشق1991م في مجلدين صغيرين.
ـ «تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون»، حققه محمد أبو الفضل إبراهيم، ونشر في القاهرة سنة 1969م.
ـ «الغيث المسجم في شرح لامية العجم»، لامية العجم قصيدة طويلة نظمها الشاعر المشهور مؤيد الدين فخر الكُتاب أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد المعروف بالطغرائي المتوفى سنة 514هـ ، نسبة إلى من يكتب الطُغرى، وهي الطرّة التي تكتب في أعلى الكتب وتتضمن نعوت الملك وألقابه، وقد نظمها ببغداد سنة 505هـ في وصف حاله وشكوى زمانه ومطلعها:
أصالة الرأي صانتني عن الخطل | وحلية الفضل زانتني لدى العطل |
نشرت الكتاب دار الكتب العلمية ببيروت في جزأين عام 1990.
ومن آثاره المطبوعة كذلك: «جنان الجناس» و«ألحان السواجع» و«رشف الزلال في وصف الهلال»، و«نصرة الثائر على المثل السائر» وهذا الكتاب نشره مجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1971م، بتحقيق محمد علي سلطاني.
اتجهت عناية ابن أيبك إلى النثر والشعر، وأجاد فيهما جميعاً، وله ديوان شعر مفقود، ولكن آثاره النثرية أكثر وأعظم فائدة، وأسلوبه يتجه إلى الصنعة التي كانت سائدة في عصره والعصور السابقة، وقد التزم السجع في مقدمات كتبه خاصة، وهو يميل في شروحه وتعليقاته إلى الإطالة والإسهاب والاستطراد حتى ليستغرق شرح البيت في شرحه لامية العجم زهاء خمسين صفحة، وهذا الأمر يؤخذ على المؤلف لأنه حشا شرحه بكل ما خطر بباله ولو لم يكن له أي صلة بمعنى البيت.
على أن هذه الاستطرادات لا تنتقص من منزلة المؤلف الذي أنفق حياته في تأليف الكتب في مختلف الموضوعات، وهي معرض لمعارفه الجمة في اللغة والنحو والعروض والتاريخ والأخبار وغير ذلك، وقد أثنى العلماء عليه وأشادوا بجهوده في التأليف وسعة اطلاعه، ومنهم شمس الدين الذهبي الذي قال فيه: «كان إماماً عالماً صادقاً ماهراً رأساً في صناعة الإنشاء وقدوة في فن الأدب».
إحسان النص