يكمن الجواب في الزجاج المشع.
القمر هو أقرب رفيق لنا في الكون الواسع المجهول، ولكن بعد قرون من وضع الفرضيات، لا يمكننا الجزم حول كيفية تشكل هذا القمر.
في البحث عن أدلة فعلية تجريبية يمكنها إزالة هذا الغموض، وجد الباحثون اكتشافًا غير متوقع وهو أن الظروف المتشكلة بأول قنبلةٍ نوويةٍ بشريةٍ مشابهة إلى درجة كبيرة للكمياء العنيفة المسوؤلة عن تشكل القمر.
لعقودٍ من الزمن، كانت تنص الفرضية الرئيسية لتشكل القمر على أنه تشكل نتيجة اصطدامٍ كارثيٍّ بين الأرض وجسمٍ افتراضي بحجم المريخ يدعى ثيا Theia.
هذا هو السيناريو الذي يتفق عليه معظم العلماء، ولكن الإجماع على فكرةٍ نابعة من حدسٍ قويٍّ غير كافي، فمن أجل إثبات أن هذه هي الطريقة التي تشكل بها القمر، نحن بحاجة إلى دليل قوي لنقلها من فرضيةٍ إلى واقع.
تكمن المشكلة الكبيرة في ثيا، الكوكب الافتراضي الذي يُعتقد أنه اصطدم بالأرض، وتحطم إلى أجزاء صغيرة، والتي بدورها إما انتشرت في الفضاء مسببة تشكيل القمر، أو اختلطت مع جيولوجيا الأرض، وارتد هذا الخليط بدوره إلى الفضاء مشكلًا القمر.
بغض النظر عن أي سيناريو نعتقد أنه أرجح، لم يوجد حتى الآن أي دليل واضح على وجود ثيا. ولكن إذا استطعنا إثبات أن هذا الانفجار الكبير حدث فعلًا، سنكون قد أحرزنا تقدمًا معينًا.
إحدى أهم الأدلة هي المواد المتطايرة (volatiles)، وهي مواد عضوية ذات درجة غليان منخفضة جدًا ويُظن أنها تبخرت في المراحل الأولى للقمر نتيجة الاصطدام.
تعتمد هذه الفرضية على كون نسب هذه المواد المتطايرة مثل الماء والزنك في صخور القمر متدنية بشكلٍ مفاجئ، في حين أنها متوافرة بشكلٍ كبيرٍ على الأرض.
ولكن كيف يمكن للعلماء محاكاة تفجيرٍ هائل بما فيه الكفاية لإثبات ذلك؟ وهنا تتدخل ترينيتي Trinity (أو الثالوث) وهي الاسم الرمزي للتفجير النووي الأول من نوعه للأسلحة النووية.
نقلًا عن مجلة The Verge، يقول جيمس دي James Day من معهد سكريبس لعلوم المحيطات في جامعة كاليفورنيا، في سان دييغو: ” اتضح لي أنه إذا كنا سنستخدم تجربة كبيرة، ستحتاج أن تكون بالحجم الكافي لملاحظة هذا الأثر”.
ويضيف قائلًا: ” بالكاد يمكن للتجارب المخبرية أن تصل إلى هذه الشروط ذات درجة الحرارة والضغط المرتفعين”.
يشتبه ديي وفريقه أن بقايا موقع اختبار تفجير ترينيتي في نيو مكسيكو، حيث تم تفجير أول قنبلة بلوتونيوم في عام 1945، يمكن لها أن تحاكي شروطًا مشابهة للانفجار المسؤول عن تشكيل القمر.
كما تنقل ليه كرين Leah Crane لصحيفة New Scientist: “أطلق الانفجار طاقةً مكافئة لعشرين كيلو طن من مادة TNT، ورفع درجة حرارة المنطقة المحيطة للقنبلة إلى ما يتجاوز 8000 درجة سيليزيوس (14432 درجة فهرنهايت) وسبَّب ضغطًا وصل إلى 80000 ضغط جوي”.
يقول ديي:” إنها أقرب الشروط التي يمكن أن نصل إليها والتي تصور تكوُّن جسمٍ كوكبيٍّ في المراحل الأولى للنظام الشمسي”.
أدى ذلك إلى ذوبان الرمال الواقعة أسفل القنبلة وتحولها إلى شريحةٍ رقيقةٍ من الزجاج المشع له لون أخضر تدعى ترينتي أو الثالوث، وجمع الباحثون عيناتٍ تبعد من عشرة أمتار إلى 250 مترًا عن الموقع الصفري أو موقع انفجار القنبلة.
ثم حللوا العينات لمعرفة مقدار المواد المتطايرة التي تم خسارتها في الانفجار.
أخبر ديي إيفا بوتكين-كواكي من منظمة The Christian Science Monitor ما يلي: ” كانت توقعاتنا عند تحليل هذه العينات الزجاجية المتشكلة في مكان تفجير القنبلة، أننا إما لن نرى شيئًا، وأن فرضياتنا التي تنص على أن هذه المواد المتطايرة تم خسارتها في الانفجار كانت خاطئة”.
أما الاحتمال الآخر فكان أنهم سيجدون نفس القيم النظرية المحسوبة في نموذج الاصطدام العظيم، وقال ديي أنه من المذهل حقًا، مدى قرب تركيب الزنك في الزجاج عند مقارنتها بالصخور القمرية التي أُحضرت من قبل مهمات أبولو.
وهذا الأمر لا يقتصر على تناقص مقدار الزنك في العينات كلما زاد اقترابها من موقع الانفجار، وإنما كون نسب الزنك في العينات الزجاجية قريبة جدًا من تلك الموجودة في الصخور القمرية.
في الواقع، وجدوا أن درجات الفصل بين النظائر الثقيلة والخفيفة للزنك خلال الانفجار مطابقة تمامًا لتلك في الصخور القمرية.
يقول ديي في تصريحٍ صحفي: ” تُظهر النتائج أن التبخر في درجات الحرارة المرتفعة، المشابه للمراحل الأولى من تشكل كوكب، يقود إلى خسارةٍ في العناصر المتطايرة وزيادةٍ في النظائر الثقيلة في المواد الباقية بعد الحدث”.
ويضيف قائلًا: ” لقد كانت حكمةً تقليديةً، ولكننا الآن نملك دلائل تجريبية لإظهارها”.
في حين توفر التجربة دلائل داعمة لحقيقة كون انفجارٍ هائل هو السبب الأكثر احتمالًا لتشكل القمر، لا يزال هناك العديد من الفجوات المعرفية، ككون دليل وجود ثيا صعب المنال، وشكك النقاد في كون عملية استخدام أدلة مشابهة فكرةً جيدة.
ولكن تبقى أوجه التشابه التي وجدها الفريق بين المواد الزجاجية المعنية والصخور القمرية مثيرةً للاهتمام، ويمكن أن يكون هذا الحدث الهام في تاريخ الأرض يأخذنا في الاتجاه الصحيح لإيجاد حقيقة تشكل القمر.
يقول ديي : ” استخدمنا ما كان حدثًا مُغَيِّرًا للتاريخ بأهدافٍ علمية، عن طريق الحصول على معلوماتٍ علميةٍ جديدةٍ ومهمةٍ من حدثٍ يعود إلى سبعين سنة والذي غير تاريخ البشرية إلى الأبد”.
القمر هو أقرب رفيق لنا في الكون الواسع المجهول، ولكن بعد قرون من وضع الفرضيات، لا يمكننا الجزم حول كيفية تشكل هذا القمر.
في البحث عن أدلة فعلية تجريبية يمكنها إزالة هذا الغموض، وجد الباحثون اكتشافًا غير متوقع وهو أن الظروف المتشكلة بأول قنبلةٍ نوويةٍ بشريةٍ مشابهة إلى درجة كبيرة للكمياء العنيفة المسوؤلة عن تشكل القمر.
لعقودٍ من الزمن، كانت تنص الفرضية الرئيسية لتشكل القمر على أنه تشكل نتيجة اصطدامٍ كارثيٍّ بين الأرض وجسمٍ افتراضي بحجم المريخ يدعى ثيا Theia.
هذا هو السيناريو الذي يتفق عليه معظم العلماء، ولكن الإجماع على فكرةٍ نابعة من حدسٍ قويٍّ غير كافي، فمن أجل إثبات أن هذه هي الطريقة التي تشكل بها القمر، نحن بحاجة إلى دليل قوي لنقلها من فرضيةٍ إلى واقع.
تكمن المشكلة الكبيرة في ثيا، الكوكب الافتراضي الذي يُعتقد أنه اصطدم بالأرض، وتحطم إلى أجزاء صغيرة، والتي بدورها إما انتشرت في الفضاء مسببة تشكيل القمر، أو اختلطت مع جيولوجيا الأرض، وارتد هذا الخليط بدوره إلى الفضاء مشكلًا القمر.
بغض النظر عن أي سيناريو نعتقد أنه أرجح، لم يوجد حتى الآن أي دليل واضح على وجود ثيا. ولكن إذا استطعنا إثبات أن هذا الانفجار الكبير حدث فعلًا، سنكون قد أحرزنا تقدمًا معينًا.
إحدى أهم الأدلة هي المواد المتطايرة (volatiles)، وهي مواد عضوية ذات درجة غليان منخفضة جدًا ويُظن أنها تبخرت في المراحل الأولى للقمر نتيجة الاصطدام.
تعتمد هذه الفرضية على كون نسب هذه المواد المتطايرة مثل الماء والزنك في صخور القمر متدنية بشكلٍ مفاجئ، في حين أنها متوافرة بشكلٍ كبيرٍ على الأرض.
ولكن كيف يمكن للعلماء محاكاة تفجيرٍ هائل بما فيه الكفاية لإثبات ذلك؟ وهنا تتدخل ترينيتي Trinity (أو الثالوث) وهي الاسم الرمزي للتفجير النووي الأول من نوعه للأسلحة النووية.
نقلًا عن مجلة The Verge، يقول جيمس دي James Day من معهد سكريبس لعلوم المحيطات في جامعة كاليفورنيا، في سان دييغو: ” اتضح لي أنه إذا كنا سنستخدم تجربة كبيرة، ستحتاج أن تكون بالحجم الكافي لملاحظة هذا الأثر”.
ويضيف قائلًا: ” بالكاد يمكن للتجارب المخبرية أن تصل إلى هذه الشروط ذات درجة الحرارة والضغط المرتفعين”.
يشتبه ديي وفريقه أن بقايا موقع اختبار تفجير ترينيتي في نيو مكسيكو، حيث تم تفجير أول قنبلة بلوتونيوم في عام 1945، يمكن لها أن تحاكي شروطًا مشابهة للانفجار المسؤول عن تشكيل القمر.
كما تنقل ليه كرين Leah Crane لصحيفة New Scientist: “أطلق الانفجار طاقةً مكافئة لعشرين كيلو طن من مادة TNT، ورفع درجة حرارة المنطقة المحيطة للقنبلة إلى ما يتجاوز 8000 درجة سيليزيوس (14432 درجة فهرنهايت) وسبَّب ضغطًا وصل إلى 80000 ضغط جوي”.
يقول ديي:” إنها أقرب الشروط التي يمكن أن نصل إليها والتي تصور تكوُّن جسمٍ كوكبيٍّ في المراحل الأولى للنظام الشمسي”.
أدى ذلك إلى ذوبان الرمال الواقعة أسفل القنبلة وتحولها إلى شريحةٍ رقيقةٍ من الزجاج المشع له لون أخضر تدعى ترينتي أو الثالوث، وجمع الباحثون عيناتٍ تبعد من عشرة أمتار إلى 250 مترًا عن الموقع الصفري أو موقع انفجار القنبلة.
ثم حللوا العينات لمعرفة مقدار المواد المتطايرة التي تم خسارتها في الانفجار.
أخبر ديي إيفا بوتكين-كواكي من منظمة The Christian Science Monitor ما يلي: ” كانت توقعاتنا عند تحليل هذه العينات الزجاجية المتشكلة في مكان تفجير القنبلة، أننا إما لن نرى شيئًا، وأن فرضياتنا التي تنص على أن هذه المواد المتطايرة تم خسارتها في الانفجار كانت خاطئة”.
أما الاحتمال الآخر فكان أنهم سيجدون نفس القيم النظرية المحسوبة في نموذج الاصطدام العظيم، وقال ديي أنه من المذهل حقًا، مدى قرب تركيب الزنك في الزجاج عند مقارنتها بالصخور القمرية التي أُحضرت من قبل مهمات أبولو.
وهذا الأمر لا يقتصر على تناقص مقدار الزنك في العينات كلما زاد اقترابها من موقع الانفجار، وإنما كون نسب الزنك في العينات الزجاجية قريبة جدًا من تلك الموجودة في الصخور القمرية.
في الواقع، وجدوا أن درجات الفصل بين النظائر الثقيلة والخفيفة للزنك خلال الانفجار مطابقة تمامًا لتلك في الصخور القمرية.
يقول ديي في تصريحٍ صحفي: ” تُظهر النتائج أن التبخر في درجات الحرارة المرتفعة، المشابه للمراحل الأولى من تشكل كوكب، يقود إلى خسارةٍ في العناصر المتطايرة وزيادةٍ في النظائر الثقيلة في المواد الباقية بعد الحدث”.
ويضيف قائلًا: ” لقد كانت حكمةً تقليديةً، ولكننا الآن نملك دلائل تجريبية لإظهارها”.
في حين توفر التجربة دلائل داعمة لحقيقة كون انفجارٍ هائل هو السبب الأكثر احتمالًا لتشكل القمر، لا يزال هناك العديد من الفجوات المعرفية، ككون دليل وجود ثيا صعب المنال، وشكك النقاد في كون عملية استخدام أدلة مشابهة فكرةً جيدة.
ولكن تبقى أوجه التشابه التي وجدها الفريق بين المواد الزجاجية المعنية والصخور القمرية مثيرةً للاهتمام، ويمكن أن يكون هذا الحدث الهام في تاريخ الأرض يأخذنا في الاتجاه الصحيح لإيجاد حقيقة تشكل القمر.
يقول ديي : ” استخدمنا ما كان حدثًا مُغَيِّرًا للتاريخ بأهدافٍ علمية، عن طريق الحصول على معلوماتٍ علميةٍ جديدةٍ ومهمةٍ من حدثٍ يعود إلى سبعين سنة والذي غير تاريخ البشرية إلى الأبد”.