في هذا الفضاء الشاسع، فإن أقرب المجرات إلينا هما سحابتا ماجلان الكبرى والصغرى، وبين هاتين المجرتين يتواجد تيار من الهيدروجين يعرف باسم الجسر الماجلاني، وقد وجدت دراسة جديدة أن هذا الجسر يمتلك حقلًا مغناطيسيًا، كلا من الاكتشافات التي توصلت إليها الدراسة والطريقة التي استخدمت بها، قد يقودانا إلى فهم سبب مغنطة الكون على نطاق واسع.
اكتشف في عام 1950 امتلاك مجرة درب التبانة لحقل مغناطيسي والذي بدوره يؤثر على النجوم والغبار الموجود في هذه المجرة، وتدريجيًا أصبح جليًا أن هذا ليس شذوذًا؛ نعم فالمجرات الأخرى ممغنطة أيضًا بل إن هناك عناقيد مجرية تتشارك نفس المغناطيسية لأسباب لم نعلمها بعد، ومعرفة هذه الأسباب قد يفيدنا في فهم أكبر للكيفية التي تشكلت بها كوننا.
تمتد المغناطيسية إلى المجرتين القريبتين منا واللتان تدوران حول مجرتنا وتزودنا برؤية مدهشة، قامت جين كازمارك (Jane Kaczmarek)، وهي طالبة دكتوراه في جامعة سيدني بقياس جسر الهيدروجين الواصل بين المجرتين ووجدت أن قوة الحقل المغناطيسي تبلغ 0.3 x 10-6، هذا الرقم هو أكبر بقليل من واحد على مليون من قوة الحقل المغناطيسي لكوكب الأرض، وهذا الرقم ليس مفيدًا حتى في صناعة دينامو، لكن مع ذلك فوجوده لا يزال لغزًا يستحق التفسير.
بالرغم من امتلاك هذا الجسر لبعض النجوم في جعبته، إلا أن الهيدروجين المتعادل الذي يكوّن معظم مادته لا يبعث بأي إشعاعات، كما أن الحقل المغناطيسي رصد من جرّاء تأثيره على الضوء العابر من خلاله على شكل موجات راديوية قادمة من أكثر 124 مجرة سحيقة البعد عبرت هذا الجسر لتصل إلى التلسكوب، وبمقارنتها مع 45 مجرة أخرى لم تعبر الجسر استنتج وجود فارق ملحوظ في القطبية لا يمكن أن يكون مفهومًا إلا إذا حمل الجسر حقلًا مغناطيسيًا.
لم نستطع رصد هذا الحقل سوى هذا الأسبوع على حدّ قول كازمارك، وهذه هي المرة الأولى نستطيع فيها رصد حقل دون الحاجة إلى دراسة أثر المغنطة على طيفه الخاص، نشر هذا الاكتشاف في «Monthly Notices of Royal Astronomical Society»، وتضيف كازمارك أن التفسير الوحيد لهذه المغناطيسية أنها كانت قد نشأت من المجرتين -ماجلان الكبرى والصغرى- ويعتقد تكوّن الجسر من الهيدروجين الذي جذب من كل مجرة بتأثير الجاذبية لكل منها، وربما ساعدت مجرتنا بعض الشيء في هذه العملية. وتأمل كازمارك أن تساعد هذه التقنية في تسليط الضوء على مغناطيسية العناقيد المجرية الهائلة.