يقول الباحثون:« القمر، رفيق كوكبنا الدائم لحوالي 4.5 مليار عام، من الممكن أن يكون تكون نتيجة اصطدام أجرام صغيرة سريعة الحركة بالأرض في بدايتها». هذا الميلاد التصادمي سيكشف لنا عن التناقض الرئيسي في الفرضيات السائدة التي تقول بأن القمر إنفصل في تصادم وحيد ضخم بين الأرض والمريخ فكوَّن جرماً سماوياً.
في مثل هذا السيناريو يتوقع العلماء أنَّ حوالي خُمس مادة القمر لابد وأن تكون قد أتت من الأرض والباقي سيكون من الجسم المصطدم بالأرض. حتى الآن بنية الأرض والقمر متطابقة إلى حد كبير، وهذه معضلة حيرت أنصار فرضيات الإصطدام الأوحد كثيراً.
يقول “رالوكا روفو” من معهد وايزمان للعلوم في “ريهوفوت” والذي ساعد في كتابة هذه الدراسة الجديدة والتي نُشرت في مجلة علوم الأرض الطبيعية (Nature Geoscience):« سيناريو الإصطدام المتعدد أكثر واقعية في تفسير كيفية نشأة القمر».
يقول الباحثون أصحاب تلك الدراسة:«هذه الإصطدامات المتعددة سينتج عنها تناثر كميات كبيرة من مادة الأرض أكثر من حالة الإصطدام الواحد، مما يعني أن الأجسام القمرية الصغيرة الناتجة عن التصادم ستكون أكثر شبها بتكوين الأرض ».
“روفو” وفريقه صنعوا آلاف النماذج التي تحاكي التصادمات بين الأرض في بدايتها والكواكب الصغيرة الأخرى، والتي تسمى كويكبات، أصغر من المريخ. وجدوا أنَّ كل تصادم صنع قرصا من الحطام حول النموذج الهيكلي للأرض، ثم تجمعت معاً بدورها لتكون أجساما قمرية صغيرة. في نهاية الأمر تتجمع هذه الأجسام القمرية الصغيرة لتشكل القمر الذي نعرفه الآن.
يقول “روفو” لـ “AFP”:«في المراحل المبكرة لمجموعتنا الشمسية كانت التصادمات متعددة وكثيرة جداً، فمن المنطقي أن تعود نشأة القمر إلى عدة تصادمات مشتركة بدلاً من تصادم واحد».
النظرية المندثره أُعيد إحياؤها
يُعتقد أن نظامنا الشمسي تعود نشأته إلى حوالي 4,567 مليار عام، ثم تَبعه نشأة القمر بـ100 مليون عام. يقول الباحثون أصحاب تلك الدراسة:«هذه الإصطدامات المتعددة سينتج عنها تناثر كميات كبيرة من مادة الأرض أكثر من حالة الإصطدام الواحد، مما يعني أن الأجسام القمرية الصغيرة الناتجة عن التصادم ستكون أكثر تشابهاً مع تكوين الأرض».
إستنتج الباحثون أن حوالي 20 تصادما سيكون كافياً لبناء القمر، بينما يتم قبول تلك النظرية فإنه يجب أن تكون هناك دراسات أخرى لميكانيكية تكون القمر من الأجسام القمرية الصغيرة.
تم إقتراح فرضية التصادم الواحد الكبيرلأول مرة في منتصف سبعينيات القرن الماضي، ثم أتبع في الثمانينيات من نفس القرن بأول فرضية تقترح تعدد التصادمات التي قد تكون أعطت الأرض قمراً مسبباً المد والجزر.
كتب “جاريث كولينز” من كلية لندن الملكية تعليقاً نشر له في المجلة:«الدراسة الأخيرة أعادت إحياء السيناريو الذي كان يُرفض يومياً والذي يقول بتعدد التصادمات الصغيرة والمشتركة بدلاً من تصادم واحد كبير كونَّ القمر». يضيف أيضاً:«بناء القمر بتلك الطريقة سيستغرق عدة ملايين من السنوات، مما يعني أن نشأة القمر ستتداخل مع جزء كبير من تاريخ نشأة الأرض».