على الرغم أن الكواكب تحيط بالنجوم في المجرة، إلا أن تشكّلها لا يزال موضعا للنقاش. وعلى الرغم أيضا من غِنى نظامنا الشمسي بالعوالم، لا يزال العلماء حائرين حول كيفية تكون هذه الكواكب. حاليا، هناك نظريتان تتصارعان لدور الريادة في معرفة ذلك.
في حين أن النظرية الأولى، (تراكم اللب)، تعمل بشكل جيد مع تشكّل الكواكب الأرضية (الصخرية)، يجد العلماء رغم ذلك صعوبة في التوفيق بينها وبين تكّون الكواكب العملاقة مثل كوكب المشتري.
قد يساعد نموذج أكثر حداثة يعرف باسم (عدم الاستقرار للقرص) في حل بعض المشاكل التي فشلت النظرية الأولى في معالجتها.
وبما أن كتلته تساوي 2.5 ضعف كتل بقية كواكب النظام الشمسي مجتمعة، لعب المشتري دورا هاما في تشكل وتطور باقي الكواكب الأصغر منه. وتشير نظريات جديدة حول بدايات النظام الشمسي أن كوكب المشتري قد تنقل من مكان إلى أخر، مثيراً في طريقه بعض المواد. أثرت هذه الرقصة المعقدة لملك الكواكب بشكل مباشر على تشكيل كوكب المريخ ولعبت دورا في قصف الكواكب الصخرية.
تصّور فني حول سديم نظامنا الشمسي، وسحابة الغاز والغبار التي شكّلت الكواكب.
نموذج (تراكم اللب):
قبل حوالي 4.6 مليار عام، كان النظام الشمسي عبارة عن سحابة من الغاز والغبار المعروفة باسم السديم الشمسي. قامت الجاذبية بتجميع المواد على بعضها مع بدء دورانها حول نفسها، مشكّلة الشمس في وسط هذا السديم.
ومع صعود الشمس، بدأت المواد المتبقية بالتجمع فوق بعضها. تجاذبت الجسيمات الصغيرة معا، بقوة الجاذبية، إلى جزيئات أكبر. ودفعت الرياح الشمسية عناصر أخف مثل الهيدروجين والهيليوم بعيدا من المناطق الأقرب للشمس، ولم يتبق سوى المواد الثقيلة، والصخرية لتخلق عوالم أرضية صغيرة. ولكن أبعد من ذلك، كان للرياح الشمسية تأثير أقل على العناصر الأخف وزنا، مما سمح لها بالاندماج لتكوّن الكواكب الغازية العملاقة. وبهذه الطريقة، تكونت الكويكبات والمذنبات والكواكب والأقمار.
ويقترح نموذج تراكم اللب أن النوى الصخرية للكواكب تشكّلت أولا، ثم تجمعت العناصر الأخف حولها لتشكل دثار الأرض والقشرة الخارجية. وفي العوالم الصخرية، كونت العناصر الأخف غلافها الجوي.
يبدو أن رصد الكواكب الخارجية قد أكدت هيمنة هذه النظرية. النجوم ذات «المعادن» الأكثر –وهو مصطلح يستخدمه علماء الفلك لعناصر أخرى غير الهيدروجين والهليوم–، يحتوي لٌبها على كواكب عملاقة أكثر من أبناء عمومتها التي تفتقر للمعادن. ووفقا لناسا، تشير نظرية (تراكم اللب) إلى أن العوالم الصخرية الصغيرة يجب أن تكون شائعة أكثر من الكواكب الغازية العملاقة الأكثر ضخامة.
كان اكتشاف الكوكب العملاق (HD 149026) في عام 2015 بما لديه من لب عملاق يدور حول نجم شبيه بالشمس مثالاً لكوكب خارجي ساعد على تعزيز هذه النظرية.
«هذا تأكيد على نظرية (تراكم اللب حول تشّكل الكواكب، ودليل على أن مثل هذا النوع من الكواكب لابد أن يكثر تواجدها» صرّح جريج هنري (Greg Henry) في بيان صحفي. (هنري)، وهو عالم فلك في جامعة ولاية تينيسي، ناشفيل، والذي حدد إعتام النجم.
تخطط وكالة الفضاء الأوروبية في عام 2017، لإطلاق قمر صناعي خاص لدراسة ووصف الكواكب الخارجية (CHEOPS)، والذي سوف يقوم بدراسة الكواكب خارج النظام الشمسي، والتي تتراوح في أحجامها من أرضية فائقة إلى قريبة من حجم كوكب نبتون. قد تساعد دراسة هذه العوالم البعيدة في تحديد كيفية تشكّل كواكب النظام الشمسي.
«في سيناريو نظرية تراكم اللب، يجب أن تصل نواة الكوكب إلى كتلة حرجة قبل أن تكون قادرة على تجميع الغاز بأسلوب مطّرد»، يقول فريق (CHEOPS).
«تعتمد هذه الكتلة الحرجة على العديد من المتغيرات المادية، من أهمها معدل تراكم الكوكبية».
ومن خلال دراسة الكيفية التي تجمع فيها الكواكب النامية طبقاتها، سوف يوفر (CHEOPS) نظرة ثاقبة حول نمو العوالم.
نموذج (عدم الاستقرار لِلقرص):
قد تأخذ نظرية (تراكم اللب) وقتا طويلا جدا بالنسبة لعمالقة الغاز الضخمة مثل المشتري، لا تستغرق سحابة المواد حول الشمس سوى وقت قصير، فإما أن تتجمع بواسطة الكواكب أو تتبخر تماما.
«تتكون الكواكب العملاقة بشكل سريع حقا، في بضعة ملايين من السنين”، يقول كيفن والش (Kevin Walsh) لموقع (Space.com)، وهو باحث في معهد أبحاث الجنوب الغربي في بولدر بولاية كولورادو. وأضاف “هذا يخلق حداً زمنيا، لأن قرص الغاز حول الشمس لا يستغرق سوى 4 إلى 5 ملايين عام».
بينما الكواكب الصخرية لديها الكثير من الوقت لبناء غلاف جوي أثقل، أو جمعها من المواد الهابطة على الكوكب، أجواء الكواكب الغازية العملاقة خفيفة جدا وتختفي بسرعة كبيرة للغاية. على سبيل المثال، يتكون المشتري بشكل كامل تقريبا من الهيدروجين، مع نحو 10 في المئة من حجمه تتكون من الهيليوم. بإلاضافة إلى وجود آثار صغيرة من العناصر الأخرى في الغلاف الجوي لكوكب المشتري كذلك، ولكن معظم كتلته متماسكة من قِبل هذين العنصرين. وكان على العلماء البحث عن طريقة جديدة لبناء الكواكب الكبرى.
وفقا لنظرية جديدة نسبيا، عدم الاستقرار لِلقرص، ترابطت كتل الغبار والغاز معا في في وقت مبكر من حياة النظام الشمسي. ومع مرور الوقت، تجمعت هذه الكتل ببطء لِتكّون الكوكب العملاق. ويمكن لهذه الكواكب أن تتشكل أسرع من نظيراتها في نظرية تراكم اللب، وأحيانا في أقل من ألف عام، وتسمح لها باعتراض الغازات الأخف التي تتلاشى بسرعة. كما أنها تصل بسرعة إلى كتلة استقرار المدار التي تمنعهم من مسيرة الموت نحو الشمس.
ترفع الاصطدامات المتكررة من درجات الحرارة على كوكب المشتري مثله مثل جميع الكواكب، وتغرق المواد الكثيفة في المركز، والتي تشكل اللب. فسر بعض العلماء أن اللب الحالي قد يكون كرة ساخنة منصهرة من السائل، في حين تشير أبحاث أخرى أنه يمكن أن يكون صخرة صلبة أكبر ب 14 إلى 18 مرة من كتلة الأرض.
تراكم الحصاة:
التحدي الأكبر لنظرية تراكم اللب هو الزمن، فبناء عمالقة الغاز الضخمة سريع بما فيه الكفاية لجذب مكونات أخف وزنا من الغلاف الجوي. البحوث الحديثة التي أجريت مؤخرا حول كيفية تجمع أجسام بحجم حصاة أصغر مندمجة معا لبناء كواكب عملاقة تصل إلى أسرع ب 1000 مرة من الدراسات السابقة.
«هذا هو النموذج الأول الذي نعرفه، إذ أنك تبدأ بهيكل بسيط جدا للسديم الشمسي والذي تتكون منه الكواكب، وينتهي بنظام كوكبي عملاق كالذي نراه»، قال مؤلف الدراسة هارولد ليفيسون (Harold Levison)، وهو عالم فلك في معهد أبحاث الجنوب الغربي (SwRI) في ولاية كولورادو لموقع (Space.com) في عام 2015.
بين الباحثان ميشيل لامبرختس (Michiel Lambrechts) واندرس جوهانسن (Anders Johansen) من جامعة لوند (Lund University)، في عام 2012، في السويد، أنه إذا تم محو الحصى الصغيرة، فإن ذلك يحمل مفتاح بناء الكواكب العملاقة بسرعة.
«أظهر الباحثون أن بقايا الحصى من هذه العملية، والتي سبق وأن اعتقدوا أنها غير مهمة، يمكن أن تكون في الواقع حلا كبيرا لمشكلة تشكيل الكوكب»، قال ليفيسون.
بنى ليفيسون وفريقه على هذا البحث نموذجا أكثر دقة يبين كيف أن الحصى الصغيرة يمكن أن تشكل الكواكب في المجرة اليوم.
في حين أنه في المحاكاة السابقة، استهلكت الأجسام الكبيرة والمتوسطة الحجم قريباتها ذوات حجم (الحصاة) بمعدل ثابت نسبيا، وتشير محاكاة ليفيسون أن الأجسام الكبيرة تصرفت أكثر مثل المتنمرين، بخطف الحصى من الكتل المتوسطة الحجم لتنمو في حجمها بمعدل متسارع.
«إن الأجسام الكبيرة الآن تميل إلى تشتيت الأجسام الأصغر حجما، أكثر من أن تقوم هذه الأخيرة بذلك لها، وبالتالي فإن الأجسام الأصغر تتفرق بعيدا في نهاية المطاف عن قرص الحصاة” تقول الباحثة المشاركة في الدراسة كاثرين كريتك (Katherine Kretke)، من معهد (SwRI) لموقع (Space.com). «في الأساس، يتنمر الأكبر حجما على الأصغر وتقوم بأكل الحصوات لنفسها، حتى يمكنها الاستمرار في النمو لتشكيل نوى من الكواكب العملاقة.”
الكواكب الراقصة
في الأصل، يعتقد العلماء أن الكواكب تشكّلت حول نفس المكان الذي تعيش فيه اليوم.
وضح ذلك اكتشاف الكواكب خارج المجموعة الشمسية، بأنه وحول النجوم الأخرى على الأقل، انتقلت بعض العوالم من أماكن ولادتها. كانت الكواكب الخارجية الأولى «كواكب ساخنة كالمشتري»، وعمالقة غاز ضخمة أكبر من كوكب المشتري تدور حول نجمها في أيام أو حتى ساعات. هذه العوالم لا يمكن أنها تشكلت في مكانها، لأن درجات الحرارة كانت مرتفعة جدا بالنسبة لها لجمع الهيدروجين والهيليوم. وسريعا ما استنتج العلماء أن بعض الكواكب الغازية العملاقة في الكون على الأقل قد هاجرت من أماكن موطنها.
وفي الوقت نفسه، عانى النظام الشمسي مما يدعيه البعض «مشكلة المريخ الصغيرة». حيث إن محاكاة تشكّل الكواكب المتعلقة بالعوالم الأخرى، بينت أنه في المكان والحجم المناسب، ما من عالم تمكن من إنتاج الكوكب الأحمر بشكل كاف. بدلا من ذلك، تم تكوين عالم أصغر بكثير في فلك المريخ.
في عام 2011، كشف العلماء نموذج المسمار العظيم (Grand Tack model). في النموذج الجديد، ينتقل المشتري إلى الداخل باتجاه الشمس، ناثراً المواد أمامه، وفي نهاية المطاف، يتنقل إلى حيث يدور المريخ اليوم، على مسافة تقارب 1.5 مرة من مدار الأرض.
وإذا افترضنا أنه تُرك لوحده، فإن كوكب المشتري قد ينجرف خلال النظام الشمسي الداخلي. «يضع الناس النماذج حول كيفية الحفاظ على كوكب المشتري من الانتقال إلى الداخل نحو الشمس»، قال والش (Walsh)، أحد العلماء الذين اقترحوا نموذج المسمار العظيم.
وجد والش وزملاؤه أنه عند وضع كوكب زحل كرفيق سفر للمشتري فإنه يتسبب في عكس مسار كوكب المشتري، كمركب شراعي يغير من اتجاهه في مهب الريح. كِلا الكوكبين عادا في نهاية المطاف إلى النظام الشمسي الخارجي واستقرا في مدارها الحالي.
حسن الجوار
أثر الكوكب الضخم على خلق ومسارات الكواكب الأخرى على الأرجح، وذلك لأنه تشكّل في وقت مبكر من تاريخ النظام الشمسي. إن الكوكب نفسه كانت لديه كتلة كافية لتغيير مسار الكواكب الصغيرة الأخرى والتي سافرت بالقرب منه، فيرسلهم خارج مساراتهم نحو الروافد الخارجية للنظام الشمسي أو نحو الموت الناري قرب الشمس. وقد تكون المذنبات والكويكبات أيضا لقيت نفس المصير خارجا.
وكثيرا ما أُشيد بكوكب المشتري كدرع للأرض، ولكن هذا قد لا يكون الحال دائما. تشير دراسات حديثة بأن الكواكب الغازية العملاقة تُسرّع من الجدول الزمني للاصطدامات. في وقت مبكر من حياة النظام الشمسي، قذف كوكب المشتري المواد شذراً مذراً، لتُمطَر بعضاً منها على الكواكب الأرضية في حين أُلقي البعض الآخر خارج النظام الشمسي تماما. كانت الاصطدامات أضعف في الأنظمة التي ليس لديها كواكب كالمشترى، ولكنها مستمرة خلال حياة الكوكب، وذلك لأن معظم الصخور تصبح عالقةً في مدار حول الشمس دون وجود كوكب عملاق يركلها جانبا.
«الكواكب الأرضية أساسا لا تمنحها تلك الركلة الكافية لترك النظام الشمسي»، قالت إليسا كوينتانا (Elisa Quintana)، عالمة الأبحاث في مركز أبحاث أميس في ناسا لموقع (Space.com). درست كوينتانا دور الكواكب بحجم كوكب المشتري وتأثيراتها على العوالم الأرضية.
وقالت: «بالنسبة لنظامنا الشمسي، كان للمشتري تأثير عظيم».
في حين أن النظرية الأولى، (تراكم اللب)، تعمل بشكل جيد مع تشكّل الكواكب الأرضية (الصخرية)، يجد العلماء رغم ذلك صعوبة في التوفيق بينها وبين تكّون الكواكب العملاقة مثل كوكب المشتري.
قد يساعد نموذج أكثر حداثة يعرف باسم (عدم الاستقرار للقرص) في حل بعض المشاكل التي فشلت النظرية الأولى في معالجتها.
وبما أن كتلته تساوي 2.5 ضعف كتل بقية كواكب النظام الشمسي مجتمعة، لعب المشتري دورا هاما في تشكل وتطور باقي الكواكب الأصغر منه. وتشير نظريات جديدة حول بدايات النظام الشمسي أن كوكب المشتري قد تنقل من مكان إلى أخر، مثيراً في طريقه بعض المواد. أثرت هذه الرقصة المعقدة لملك الكواكب بشكل مباشر على تشكيل كوكب المريخ ولعبت دورا في قصف الكواكب الصخرية.
تصّور فني حول سديم نظامنا الشمسي، وسحابة الغاز والغبار التي شكّلت الكواكب.
نموذج (تراكم اللب):
قبل حوالي 4.6 مليار عام، كان النظام الشمسي عبارة عن سحابة من الغاز والغبار المعروفة باسم السديم الشمسي. قامت الجاذبية بتجميع المواد على بعضها مع بدء دورانها حول نفسها، مشكّلة الشمس في وسط هذا السديم.
ومع صعود الشمس، بدأت المواد المتبقية بالتجمع فوق بعضها. تجاذبت الجسيمات الصغيرة معا، بقوة الجاذبية، إلى جزيئات أكبر. ودفعت الرياح الشمسية عناصر أخف مثل الهيدروجين والهيليوم بعيدا من المناطق الأقرب للشمس، ولم يتبق سوى المواد الثقيلة، والصخرية لتخلق عوالم أرضية صغيرة. ولكن أبعد من ذلك، كان للرياح الشمسية تأثير أقل على العناصر الأخف وزنا، مما سمح لها بالاندماج لتكوّن الكواكب الغازية العملاقة. وبهذه الطريقة، تكونت الكويكبات والمذنبات والكواكب والأقمار.
ويقترح نموذج تراكم اللب أن النوى الصخرية للكواكب تشكّلت أولا، ثم تجمعت العناصر الأخف حولها لتشكل دثار الأرض والقشرة الخارجية. وفي العوالم الصخرية، كونت العناصر الأخف غلافها الجوي.
يبدو أن رصد الكواكب الخارجية قد أكدت هيمنة هذه النظرية. النجوم ذات «المعادن» الأكثر –وهو مصطلح يستخدمه علماء الفلك لعناصر أخرى غير الهيدروجين والهليوم–، يحتوي لٌبها على كواكب عملاقة أكثر من أبناء عمومتها التي تفتقر للمعادن. ووفقا لناسا، تشير نظرية (تراكم اللب) إلى أن العوالم الصخرية الصغيرة يجب أن تكون شائعة أكثر من الكواكب الغازية العملاقة الأكثر ضخامة.
كان اكتشاف الكوكب العملاق (HD 149026) في عام 2015 بما لديه من لب عملاق يدور حول نجم شبيه بالشمس مثالاً لكوكب خارجي ساعد على تعزيز هذه النظرية.
«هذا تأكيد على نظرية (تراكم اللب حول تشّكل الكواكب، ودليل على أن مثل هذا النوع من الكواكب لابد أن يكثر تواجدها» صرّح جريج هنري (Greg Henry) في بيان صحفي. (هنري)، وهو عالم فلك في جامعة ولاية تينيسي، ناشفيل، والذي حدد إعتام النجم.
تخطط وكالة الفضاء الأوروبية في عام 2017، لإطلاق قمر صناعي خاص لدراسة ووصف الكواكب الخارجية (CHEOPS)، والذي سوف يقوم بدراسة الكواكب خارج النظام الشمسي، والتي تتراوح في أحجامها من أرضية فائقة إلى قريبة من حجم كوكب نبتون. قد تساعد دراسة هذه العوالم البعيدة في تحديد كيفية تشكّل كواكب النظام الشمسي.
«في سيناريو نظرية تراكم اللب، يجب أن تصل نواة الكوكب إلى كتلة حرجة قبل أن تكون قادرة على تجميع الغاز بأسلوب مطّرد»، يقول فريق (CHEOPS).
«تعتمد هذه الكتلة الحرجة على العديد من المتغيرات المادية، من أهمها معدل تراكم الكوكبية».
ومن خلال دراسة الكيفية التي تجمع فيها الكواكب النامية طبقاتها، سوف يوفر (CHEOPS) نظرة ثاقبة حول نمو العوالم.
نموذج (عدم الاستقرار لِلقرص):
قد تأخذ نظرية (تراكم اللب) وقتا طويلا جدا بالنسبة لعمالقة الغاز الضخمة مثل المشتري، لا تستغرق سحابة المواد حول الشمس سوى وقت قصير، فإما أن تتجمع بواسطة الكواكب أو تتبخر تماما.
«تتكون الكواكب العملاقة بشكل سريع حقا، في بضعة ملايين من السنين”، يقول كيفن والش (Kevin Walsh) لموقع (Space.com)، وهو باحث في معهد أبحاث الجنوب الغربي في بولدر بولاية كولورادو. وأضاف “هذا يخلق حداً زمنيا، لأن قرص الغاز حول الشمس لا يستغرق سوى 4 إلى 5 ملايين عام».
بينما الكواكب الصخرية لديها الكثير من الوقت لبناء غلاف جوي أثقل، أو جمعها من المواد الهابطة على الكوكب، أجواء الكواكب الغازية العملاقة خفيفة جدا وتختفي بسرعة كبيرة للغاية. على سبيل المثال، يتكون المشتري بشكل كامل تقريبا من الهيدروجين، مع نحو 10 في المئة من حجمه تتكون من الهيليوم. بإلاضافة إلى وجود آثار صغيرة من العناصر الأخرى في الغلاف الجوي لكوكب المشتري كذلك، ولكن معظم كتلته متماسكة من قِبل هذين العنصرين. وكان على العلماء البحث عن طريقة جديدة لبناء الكواكب الكبرى.
وفقا لنظرية جديدة نسبيا، عدم الاستقرار لِلقرص، ترابطت كتل الغبار والغاز معا في في وقت مبكر من حياة النظام الشمسي. ومع مرور الوقت، تجمعت هذه الكتل ببطء لِتكّون الكوكب العملاق. ويمكن لهذه الكواكب أن تتشكل أسرع من نظيراتها في نظرية تراكم اللب، وأحيانا في أقل من ألف عام، وتسمح لها باعتراض الغازات الأخف التي تتلاشى بسرعة. كما أنها تصل بسرعة إلى كتلة استقرار المدار التي تمنعهم من مسيرة الموت نحو الشمس.
ترفع الاصطدامات المتكررة من درجات الحرارة على كوكب المشتري مثله مثل جميع الكواكب، وتغرق المواد الكثيفة في المركز، والتي تشكل اللب. فسر بعض العلماء أن اللب الحالي قد يكون كرة ساخنة منصهرة من السائل، في حين تشير أبحاث أخرى أنه يمكن أن يكون صخرة صلبة أكبر ب 14 إلى 18 مرة من كتلة الأرض.
تراكم الحصاة:
التحدي الأكبر لنظرية تراكم اللب هو الزمن، فبناء عمالقة الغاز الضخمة سريع بما فيه الكفاية لجذب مكونات أخف وزنا من الغلاف الجوي. البحوث الحديثة التي أجريت مؤخرا حول كيفية تجمع أجسام بحجم حصاة أصغر مندمجة معا لبناء كواكب عملاقة تصل إلى أسرع ب 1000 مرة من الدراسات السابقة.
«هذا هو النموذج الأول الذي نعرفه، إذ أنك تبدأ بهيكل بسيط جدا للسديم الشمسي والذي تتكون منه الكواكب، وينتهي بنظام كوكبي عملاق كالذي نراه»، قال مؤلف الدراسة هارولد ليفيسون (Harold Levison)، وهو عالم فلك في معهد أبحاث الجنوب الغربي (SwRI) في ولاية كولورادو لموقع (Space.com) في عام 2015.
بين الباحثان ميشيل لامبرختس (Michiel Lambrechts) واندرس جوهانسن (Anders Johansen) من جامعة لوند (Lund University)، في عام 2012، في السويد، أنه إذا تم محو الحصى الصغيرة، فإن ذلك يحمل مفتاح بناء الكواكب العملاقة بسرعة.
«أظهر الباحثون أن بقايا الحصى من هذه العملية، والتي سبق وأن اعتقدوا أنها غير مهمة، يمكن أن تكون في الواقع حلا كبيرا لمشكلة تشكيل الكوكب»، قال ليفيسون.
بنى ليفيسون وفريقه على هذا البحث نموذجا أكثر دقة يبين كيف أن الحصى الصغيرة يمكن أن تشكل الكواكب في المجرة اليوم.
في حين أنه في المحاكاة السابقة، استهلكت الأجسام الكبيرة والمتوسطة الحجم قريباتها ذوات حجم (الحصاة) بمعدل ثابت نسبيا، وتشير محاكاة ليفيسون أن الأجسام الكبيرة تصرفت أكثر مثل المتنمرين، بخطف الحصى من الكتل المتوسطة الحجم لتنمو في حجمها بمعدل متسارع.
«إن الأجسام الكبيرة الآن تميل إلى تشتيت الأجسام الأصغر حجما، أكثر من أن تقوم هذه الأخيرة بذلك لها، وبالتالي فإن الأجسام الأصغر تتفرق بعيدا في نهاية المطاف عن قرص الحصاة” تقول الباحثة المشاركة في الدراسة كاثرين كريتك (Katherine Kretke)، من معهد (SwRI) لموقع (Space.com). «في الأساس، يتنمر الأكبر حجما على الأصغر وتقوم بأكل الحصوات لنفسها، حتى يمكنها الاستمرار في النمو لتشكيل نوى من الكواكب العملاقة.”
الكواكب الراقصة
في الأصل، يعتقد العلماء أن الكواكب تشكّلت حول نفس المكان الذي تعيش فيه اليوم.
وضح ذلك اكتشاف الكواكب خارج المجموعة الشمسية، بأنه وحول النجوم الأخرى على الأقل، انتقلت بعض العوالم من أماكن ولادتها. كانت الكواكب الخارجية الأولى «كواكب ساخنة كالمشتري»، وعمالقة غاز ضخمة أكبر من كوكب المشتري تدور حول نجمها في أيام أو حتى ساعات. هذه العوالم لا يمكن أنها تشكلت في مكانها، لأن درجات الحرارة كانت مرتفعة جدا بالنسبة لها لجمع الهيدروجين والهيليوم. وسريعا ما استنتج العلماء أن بعض الكواكب الغازية العملاقة في الكون على الأقل قد هاجرت من أماكن موطنها.
وفي الوقت نفسه، عانى النظام الشمسي مما يدعيه البعض «مشكلة المريخ الصغيرة». حيث إن محاكاة تشكّل الكواكب المتعلقة بالعوالم الأخرى، بينت أنه في المكان والحجم المناسب، ما من عالم تمكن من إنتاج الكوكب الأحمر بشكل كاف. بدلا من ذلك، تم تكوين عالم أصغر بكثير في فلك المريخ.
في عام 2011، كشف العلماء نموذج المسمار العظيم (Grand Tack model). في النموذج الجديد، ينتقل المشتري إلى الداخل باتجاه الشمس، ناثراً المواد أمامه، وفي نهاية المطاف، يتنقل إلى حيث يدور المريخ اليوم، على مسافة تقارب 1.5 مرة من مدار الأرض.
وإذا افترضنا أنه تُرك لوحده، فإن كوكب المشتري قد ينجرف خلال النظام الشمسي الداخلي. «يضع الناس النماذج حول كيفية الحفاظ على كوكب المشتري من الانتقال إلى الداخل نحو الشمس»، قال والش (Walsh)، أحد العلماء الذين اقترحوا نموذج المسمار العظيم.
وجد والش وزملاؤه أنه عند وضع كوكب زحل كرفيق سفر للمشتري فإنه يتسبب في عكس مسار كوكب المشتري، كمركب شراعي يغير من اتجاهه في مهب الريح. كِلا الكوكبين عادا في نهاية المطاف إلى النظام الشمسي الخارجي واستقرا في مدارها الحالي.
حسن الجوار
أثر الكوكب الضخم على خلق ومسارات الكواكب الأخرى على الأرجح، وذلك لأنه تشكّل في وقت مبكر من تاريخ النظام الشمسي. إن الكوكب نفسه كانت لديه كتلة كافية لتغيير مسار الكواكب الصغيرة الأخرى والتي سافرت بالقرب منه، فيرسلهم خارج مساراتهم نحو الروافد الخارجية للنظام الشمسي أو نحو الموت الناري قرب الشمس. وقد تكون المذنبات والكويكبات أيضا لقيت نفس المصير خارجا.
وكثيرا ما أُشيد بكوكب المشتري كدرع للأرض، ولكن هذا قد لا يكون الحال دائما. تشير دراسات حديثة بأن الكواكب الغازية العملاقة تُسرّع من الجدول الزمني للاصطدامات. في وقت مبكر من حياة النظام الشمسي، قذف كوكب المشتري المواد شذراً مذراً، لتُمطَر بعضاً منها على الكواكب الأرضية في حين أُلقي البعض الآخر خارج النظام الشمسي تماما. كانت الاصطدامات أضعف في الأنظمة التي ليس لديها كواكب كالمشترى، ولكنها مستمرة خلال حياة الكوكب، وذلك لأن معظم الصخور تصبح عالقةً في مدار حول الشمس دون وجود كوكب عملاق يركلها جانبا.
«الكواكب الأرضية أساسا لا تمنحها تلك الركلة الكافية لترك النظام الشمسي»، قالت إليسا كوينتانا (Elisa Quintana)، عالمة الأبحاث في مركز أبحاث أميس في ناسا لموقع (Space.com). درست كوينتانا دور الكواكب بحجم كوكب المشتري وتأثيراتها على العوالم الأرضية.
وقالت: «بالنسبة لنظامنا الشمسي، كان للمشتري تأثير عظيم».