نسخة صغيرة من الجحيم على الارض تختبئ في مدينة كليفلاند بولاية اوهايو

نسخة صغيرة من الجحيم على الأرض تختبئ في مدينة كليفلاند بولاية أوهايو: إنه مشروع جلين للبيئات القاسية (Glenn Extreme Environments Rig) أو (GEER). يمكن للغرفة التي تزن أربعة عشر طنًا من الحديد الصلب إعادة إنشاء الظروف السامة والخانقة والحارقة والساخنة على سطح كوكب الزهرة (توأم الأرض الذي كان يومًا ما صالحًا للحياة، ثم ذهبت الأمور فيه إلى مسار سيء جدًا).

وقد كان العلماء في مركز أبحاث جلين في ناسا (Glenn Research Centre)- حيث يقع المشروع- يطورون المشروع على مدى السنوات الخمسة الماضية، وقد أطلقوه لأول مرة في عام 2014.

ومنذ ذلك الحين توسع الباحثون في مدة اختباراتهم وعرّضوا جميع أنواع المعادن والسيراميك والأسلاك والشبك والطلاء والإلكترونيات لظروف كوكب الزهرة لمعرفة ما يصمد منها وما ينتهي إلى زوال.

قال لوري أرنيت (Lori Arnett)- مدير المشروع في ناسا- لنشرة (Business Insider): «في مارس من عام 2015، قضينا ما يقرب من 100 يوم على سطح كوكب الزهرة، وكان أطول شريط 42 يومًا».

ما هو أملهم؟

يأمل الباحثون في تعلم كيفية بناء المركبات الفضائية التي يمكنها أن تستمر لأشهر أو حتى سنوات على كوكب الزهرة بدلًا من تدميرها على الفور تقريبًا، فكما قال غوستافو كوستا (Gustavo Costa)- الكيميائي وعالم المواد الذي يعمل في المشروع: «كان فينيرا 13 (Venera 13) آخر مسبار يزور كوكب الزهرة في عام 1982، وقد تمكن من النجاة لمدة ساعتين وسبع دقائق فقط»، ويضيف: «كوكب الزهرة ذو طبيعة آكلة جدًا».

وحتى تعبر مركبة فضائية حديثة خلال الغلاف الجوي الكثيف للكوكب مرة أخرى وتستكشف السطح، فإن مشروع (GEER) هو أفضل وسيلة لمعرفة ما هو عليه الواقع هناك. ويقول كوستا: «إنه مثل الجحيم على الأرض، فهو قاسي جدًا».
كوكب الزهرة هو التوأم القاتل للأرض:




كوكب الزهرة هو الكوكب الثاني من حيث بعده عن الشمس، وهو يشبه كوكب الأرض إلى حد بعيد. تصل كتلة الكوكب الصخري إلى ما يقرب من 82% من كتلة كوكب الأرض، وجاذبيته إلى 90% من جاذبيتها، كما أن لديه غلافًا جويًا ثابتًا ويدور حول الشمس في «المنطقة القابلة للسكن» (حيث يمكن للماء أن يكون سائلًا).

يعتقد بعض الباحثون أن الكوكب كانت لديه محيطات ضحلة ودافئة يمكن أن تدعم الحياة لحوالي ملياري سنة، وهو وقت طويل بما يكفي بنحو 1.2 مليارعام لكي تظهر الحياة وتزدهر على الكوكب، إذا كانت الأرض تستخدم في المقارنة كمقياس.

وبعدما اختفت المياه، بدأ ثاني أكسيد الكربون في سد الغلاف الجوي، وبسبب ظاهرة الاحتباس الحراري فإن السطح هناك ساخن بشدة.

باختصار، كوكب الزهرة اليوم هو أسوأ مكان يمكن تصور زيارته في النظام الشمسي، ولكن في نفس الوقت من المهم أن نفهم هذا النظير لكوكبنا بشكل أفضل. ونحن نعرف كل هذا بفضل ما يقرب من أكثر من عشرين بعثة ناجحة إلى هناك، ثمانية منها مدارية وعشرة أرضية، ومعظمها أطلقها الاتحاد السوفيتي.

تبين البيانات التي جمعتها هذه المركبات الفضائية أن الهواء السطحي للزهرة مكون من ثاني أكسيد الكربون بنسبة تقترب من 97%، وأن الغلاف الجوي أكثر سمكًا من الغلاف الجوي للأرض بحوالي 100 مرة، وهو ساخن بدرجة 864 فهرنهايت (462 درجة مئوية)، أي ضعف درجة الحرارة اللازمة لإشعال الخشب والكافية لإذابة الرصاص.

ولكن ما الذي يبدو عليه الأمر فعلًا على السطح وماذا يحدث للمواد والمركبات الفضائية التي تجرؤ على الهبوط هناك، لم يكن ذلك واضحًا حتى جاءت (GEER).
كيف يبدو سطح كوكب الزهرة:


جمعت (GEER) كل ما يعلمه الباحثون حتى الآن عن ظروف سطح كوكب الزهرة في غرفة تسع 800 ليتر، حيث تجمع آلة خلط الغازات المعروفة على كوكب الزهرة ويسخنها موقد قوي.

وقد قال ليا ناكلي (Leah Nakley)- المهندس الرئيسي في (GEER) لنشرة (Business Insider): «يستغرق التسخين يومين ونصف، وخمسة أيام لتبريدها».

يقول كوستا بأنه قدم لفهم شيء واحد من خلال العمل مع (GEER )، وهو غرابة الغلاف الجوي لكوكب الزهرة، وأضاف «أنه عبارة عن خليط من السوائل فوق الحرجة، وليس مجرد غاز».

تتصرف السوائل فوق الحرجة مثل الغاز والسائل في نفس الوقت. إذا كنت تشرب القهوة الخالية من الكافيين، يمكنك الاستفادة منهم كالآتي: يترشح ثاني أكسيد الكربون فوق الحرج من خلال حبوب البن ليخترقها بعمق ويقوم بإذابة معظم الكافيين بها.

يمكن أن يحدث الشيء نفسه مع المعادن والإلكترونيات (أدناه)، وهو ليس شيئًا جيدًا للمركبات الفضائية.



عادة، تسرب سبائك الفولاذ المقاومة للصدأ بعض المعادن لتكوّن أشكال من المعادن السوداء، كنسخة قوطية من عدة صنع الكريستالات.

يقول كوستا أن التجول على سطح كوكب الزهرة سوف يُشعرك وكأنك تسير خلال هواء كثيف ككثافة حوض من الماء، تحت ضغط مساوي لذلك تحت سطح المياه بـ 100 متر (328 قدم)، بالإضافة إلى كثافته فإن الهواء ساخن بشكل قاتل.
ويضيف كوستا: «من الصعب أن نتخيل الأمر. أعتقد أنه يشبه أن تحجز نفسك داخل طنجرة ضغط».

بالإضافة إلى ذلك فإن غلاف كوكب الزهرة الجوي لديه أيضًا كميات ضئيلة من فلوريد الهيدروجين، وكلوريد الهيدروجين، وكبريتيد الهيدروجين، وحمض الكبريتيك، وكلها مواد كيماوية خطرة للغاية.

فكما يقول كوستا: «بدلًا من وجود غيوم من بخار الماء، لدى كوكب الزهرة غيوم من حامض الكبريتيك. وعليك أن تعبر خلالها للوصول إلى السطح، وهذا هو المرعب».
المهمة القادمة إلى كوكب الزهرة


اليابان حاليًا هي الدولة الوحيدة التي لديها مركبة فضائية تدور حول كوكب الزهرة، وتُدعى الفجر (Akatsuki). على الرغم من أنها وصلت متأخرة لخمس سنوات، فإنها مسبار مداري، وليست مركبة أرضية.

في الوقت نفسه، لم تطلق الولايات المتحدة مهمة مخصصة لكوكب الزهرة منذ عام 1989 (المسبار ماجلان) ولم تنزل أي شيء على ذلك الكوكب منذ أكثر من 45 عامًا. ومع ذلك، تدرس ناسا حاليًا إطلاق مسبار الزهرة المقترح ويدعى دافينشي (DAVINCI).

إذا اختارت وكالة ناسا أن تمول المهمة بشكل كلي كجزء من برنامج الاكتشاف- يجري حاليًا ترقية (GEER) كجزء من دعم المواد البحثية للمسبار الهابط- فإنه سيصل في وقت ما في عام 2023، هابطًا بمظلة عبر الغلاف الجوي لمدة 63 دقيقة، آخذًا عينة من الغازات على طول الطريق، وملتقطًا صورًا عالية الدقة حتى للسطح.

في الماضي، تصور باحثو ناسا أيضًا إسقاط مسبار أرضي يعمل بالطاقة النووية على كوكب الزهرة.
قد تكون مثل هذه المهمة ممكنة إذا تمكنت ناسا من تصميم بطاريات نووية أكثر كفاءة للتغلب على النقص المستمر في البلوتونيوم 238، وهو مادة مشعة نادرة مطلوبة لتغذية مصادر الطاقة هذه.