يعرض الفضاء علينا العديد من الألغاز التي تحتاج لتفسيرات عن طريق علماء الفلك، وهذا واحدٌ من الألغاز في نظامنا الشمسي التي لم تُفسّر لعقودٍ مضت: لماذا يدور كوكب الزُهرة وأورانوس في إتجاٍه مخالف لباقي كواكب نظامنا الشمسي؟
يدور الزُهرة حول محوره من الشرق للغرب، بينما يميل أورانوس على محوره بشدة فيُعتبر فعليًا يدور حول محوره على جانبه.
جميع الكواكب الأخرى – بما فيهم كوكبنا – تدور من الغرب للشرق، ولم يستطع العلماء تفسير سبب ذلك.
لابد من أنْ تدور جميع الكواكب حول محورها بالطريقة ذاتها: فنظامنا الشمسي تكوّن من انهيار ودوران سحابة من الغاز، ويعتقد أن الدوران المحوري لأغلبية الكواكب – بما فيهم الأرض – اتخذ اتجاهه من اتجاه دوران تلك السحابة القديمة.
ولكن الزُهرة وأورانوس هما الاستثناء: فلديهم ما يُسمى بـ “الدوران التراجعي” أي الدوران المحوري في اتجاهٍ معاكسٍ لدوران الشمس.
ولكن كيف يمكن أن يحدث ذلك؟
واحدةٌ من الفرضيّات الأكثر بقاءً حتى الآن، هي أن الزُهرة وأورانوس كان اتجاه دورانهما المحوري مشابهًا لباقي الكواكب في نظامنا الشمسي حتى اصطدامهما بأجسامٍ أخرى كبيرة – قد تكون كواكب أخرى – مما جعلهما يتّخذان اتجاه دورانٍ محوريٍ معاكس.
في السنوات الأخيرة، بحث علماء الفلك عن تفسيراتٍ أخرى عن طريق دراسةٍ مستقلةٍ للكوكبين.
في عام 2011، اقترحت المحاكاة أن عددًا من التصادمات الصغيرة بدلاً من اصطدامٍ واحدٍ كبير جعلت زاوية الدوران المحوري لأورانوس حوالي 98 درجة، يمكن لهذا تفسير سبب دوران أقمار الكواكب بنفس زاوية الميل، سيكون هناك شيءٌ ما خاطئٌ إذا كان هناك اصطدام واحد عملاق.
هناك تفسيرٌ بديلٌ تم وضعه عن طريق مجموعة من علماء الفلك عام 2009 حيث أن أورانوس كان لديه قمر كبير ذو جاذبية جعلت الكوكب يدور على أحد جانبيه.
وفي النهاية قد يكون ذلك القمر قد تم طرده بعد اصطدامه بكوكب آخر كما يحدث في لعبة (Pinball).
أما بالنسبة للزهرة – أقرب جيراننا – فقد اقترح العلماء أنه بدأ دورانه المحوري في اتجاه عكس عقارب الساعة، ثم أبطأ من دورانه حتى وصل إلى السكون ثم بدأ في دورانه المحوري في اتجاه عقارب الساعة، كما هو الحال الآن.
قد يفسر ذلك الحركة الدورانية البطيئة للكوكب، فيستغرق الزُهرة 243 يومًا أرضيًا ليدور دورة كاملة حول نفسه، بينما يستغرق 225 يومًا أرضيًا ليدور دورة كاملة حول الشمس.
فإذا كنت تعيش على سطح الزُهرة فسيكون اليوم هناك أطول من السنة وستشرق الشمس من الغرب.
كيف حدث هذا لذلك الكوكب؟ يعتقد علماء الفلك أن الجاذبية القوية للشمس سحبت الغلاف الجوي الكثيف للزهرة، فالمد والجزر الناجم من تأثير ذلك الغلاف الجوي والناجم أيضًا من باقي الكواكب الأخرى قد تم الجمع بينهم لعكس اتجاه الدوران المحوري للكوكب.
فكرة أن عزوم الدوران الناتجة عن المد والجزر – في منطقة الغلاف الجوي الكثيف تحت حرارة الشمس – تجذب المناطق الباردة المقابلة من الكوكب؛ هي واحدةٌ من أكثر التفسيرات رسوخًا لدوران الزُهرة التراجعي بالتوازي مع التصادم الكوكبي.
حتى الآن، لا يوجد من هو متأكدٌ بنسبة 100% من تفسير كون الزُهرة وأورانوس هما الاستثناء في مجموعتنا الشمسية.
نظرتنا القريبة القادمة لكوكب الزُهرة ستأتينا من مسبار “بيبي كولومبو” الذي تم تحديد وجهته لكوكب المريخ وسينطلق في عام 2018.
هذه المهمة قد تعطينا بيانات جديدة قد تساعد في حل ذلك اللغز، وسنكون مراقبين عن كثب لتلك البيانات.