جميعًنا نعلم بخصوص الكواكب والنجوم والمجرات والبُنى الضخمة الأخرى التي تُشكل الكون المرئي حولنا، لكن ينسى العديد منا التساؤل عن الفضاء الموجود فيما بين كل هذه البُنى. مع أنه تساؤل مزعج للدماغ، لكن ما هو الفراغ الذي صُنع منه الفضاء؟ ولماذا تكونت المجرات فقط في بعض المناطق؟
تشرح سلسلة تداع على قناة “Veritasium”، أنه بفضل الفراغ تكونت البُنى الرئيسية في كوننا المرئي قبل كل شيء. إلا أن الفراغ لا وجود له في الواقع. وهو أمر سنتطرّق إليه فيما بعد.
دعونا نبدأ بالانفجار العظيم. عكس الكيفية التي قد تتخيله بها، لم يتوسع الكون انطلاقًا من نقطة دقيقة بمعدل ثابت حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم. بل بدأ التوسع باطراد، لكن في غضون كسر من الثانية، زاد الكون في الحجم بنحو 1026 مرات، فيما يعرف بالتضخم الكوني.
كما يشرح ديريك مولر، أن تلك الفترة من التضخم انتهت سريعًا تمامًا كما بدأت، ومن ثم استمر الكون في التوسع، لكن بمعدل متناقص بل إنه صار يتباطأ بالفعل.
بعد حوالي 5 أو 6 بلايين سنة، يعتقد العلماء أن السبب الذي جعل الكون يتمدد مرة أخرى هو الطاقة المظلمة التي بدأت في تسريع عملية توسع الكون، وهي حالة الكون الآن.
لكن بماذا سيؤثر ذلك في تكوين المجرات؟ حسنًا، لفهم ذلك، نحتاج إلى فهم طبيعة الفراغ.
نعلم أن كل شيء حولنا هو مكون من جسيمات، ذرات وإلكترونات وما إلى ذلك. لكن يشرح ديريك أن أفضل نظريات الفيزياء في اللحظة الحالية هي نظريات المجالات أو الحقول، التي تنص على أنه يجب أن يُنظر إلى كل هذه الجسيمات على أنها مجرد إثارة بالحقل (يشبه الحقل المحيط وتشبه الإثارة أو الجسميات المُثارة الموجة في المحيط).
يعني ذلك في الأساس أن كل مكان عبر الفضاء مغطى بحقل لكل جسيم دون ذري وكل جسيم دون ذري له الحقل أو المجال الخاص به، كحقل النيوترينو وحقل الكوارك السفلى. ويوجد هناك فقط ت إثارة – أو انفجار الطاقة – في منطقة الحقل حيث نرصد ما نمسيه نحن بالجسيمات. (الحقل هو شيء له قيمة بكل نقطة في الفضاء).
لذا فقد يعود الفضل في تكون المجرات والنجوم والكواكب وكذلك نحن إلى الفراغ.
وبُناءًا عليه فإن فراغ الفضاء ليس خاليًا أو فارغًا إطلاقًا، بل إنه ممتلئ بحقول جسيمات دون ذرية غير مُستثارة. لكن المشكلة هي، أنه من المستحيل فعليًا جعل تلك الحقول مستوية تمامًا ومنعدمة الطاقة، فهي تتجه دومًا لأن تكون تموجات طبيعية دقيقة.
عندما تمدد الكون، تم تضخيم أو تكبير هذه التموجات للدرجة التي تغير معها توزيع المادة، وجعلت تجمع سحب الغاز العملاقة معًا أمرًا ممكنًا لكي تتكون بالنهاية المجرات والنجوم والكواكب ونحن.
الشيء الأكثر جنونًا هو إمكانية رؤيتنا اليوم لبصمات تلك التموجات الكمومية الدقيقة من خلال الإشعاع المتبقي من الانفجار العظيم، الذي يمكن التحقق منه من خلال مقطع الفيديو الموجود في الرابط.