عندما صنع غاليلو أول تلسكوب في العام 1600 اكتسب العلماء قدرة جديدة على رؤية أجزاء الكون غير المرئية للعين المجردة، وهوم ما أدى إلى سلسلة من الاكتشافات.
وكلما تطورت التلسكوبات فإنها تكشف لنا عن كواكب ومجرات جديدة وحتى لمحة عن تاريخ الكون المبكر. في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، طوّر العلماء أداة لا تقدر بثمن لها القدرة على سماع أصوات الكون من خلال موجات الجاذبية.
تموجات الزمكان
وصف نيوتن الجاذبية على أنها قوة، ويفسر التفكير في الجاذبية بهذه الطريقة معظم الظواهر التي تحدث على الأرض. ومنها قوة الجاذبية التي تؤثر على تفاحة تجعلها تسقط من الشجرة على رأس شخص مطمئن يجلس تحتها.
إلا أنه لفهم الجاذبية على النطاق الكوني علينا أن نلجأ إلى أينشتاين الذي وصف الجاذبية بأنها انحناء في الزمكان ذاته.
يصف علماء الفيزياء هذه الظاهرة باستخدام كرة البولنغ والبطانية.
تخيّل الزمكان على أنه البطانية، فوضع كرة البولنغ في منتصف البطانية يتسبب في إنحناء النسيج من حولها.
وكلما كان الشيء أثقل يغطس نسيج الزمكان أكثر. وعندما تتحرك الكرة على البطانية فإنها تنتج تموجات أشبه بقارب يتنقل فوق الماء، وهذا الانحناء هو الذي يسبب دوران الأرض حول الشمس.
تقول «غابريلا غونزاليس – Gabriela González» الناطق الرسمي باسم مرصد موجات الجاذبية «ليغو – LIGO»: «الشمس هي كرة البولنغ في نسيج الزمكان، وهذا الانحناء في النسيج يجعل الأرض تدور حولها.»
يسحب كل شيء يمتلك كتلة، كالكواكب والنجوم وحتى الأشخاص، نسيج الزمكان وينتج موجات جاذبية وهو يتحرك في الفضاء، وتمر هذه الموجات من خلالنا طوال الوقت لكنها أضعف من أن نكتشفها، فبنى علماء الفيزياء مرصد ليغو للكشف عن هذه الموجات الغامضة.
يتكون مرصد ليغو من كاشفين متماثلين في لويزيانا وواشنطن، ولكل منهما شكل الحرف L، ويفصل فيه بشعاع الليزر وإرساله إلى ذراعين طول كل منهما 4 كيلومترات، ثم تتحد الأشعة المنعكسة من المرايا الموجودة في نهاية كل ذراع من جديد، وتسبب موجات الجاذبية المارة تغيّرًا بسيطًا في الأطوال النسبية للأذرع، بحيث تحول مسار أشعة الليزر، وتتسبب بالتغير الذي يمكن للفيزيائيين الكشف عنه.
خلافًا للتليسكوبات التي تصوب نحو أجزاء محددة جدًا في السماء، تمتاز كواشف ليغو بقابلية مسح أكبر في الفضاء وتلتقط الموجات من جميع الجهات. وتقول «لورا نوتال – Laura Nuttall» الباحث في جامعة «سيراكوز – Syracuse»: «كواشف موجات الجاذبية أشبه بالميكروفونات.»
أولى الإكتشافات
في صباح يوم 14 سبتمبر/أيلول 2015، مرت موجة الجاذبية الناتجة من تصادم ثقبين أسودين قبل 1.3 مليار سنة من خلال كواشف ليغو، ونقول غونزاليس «استغرقنا وقتًا طويلًا ذلك اليوم لنقنع أنفسنا بأن هذا لم يكن وهمًا.» لأن كواشف ليغو في وقتها كانت ما زالت تستعد لانطلاق عملية المراقبة، لذا استمر العلماء بإجراء التجارب والتشخيص طوال اليوم، واحتاجوا لإجراء عدد كبير من الفحوصات والتحليلات للتأكد من أن الإشارة كانت حقيقة.
وبعدما فحص الباحثون البيانات بدقة للكشف عن خطأ أو ضوضاء (كالبرق أو الزلازل) أعلن الباحثون في مرصد ليغو للعالم أنهم وصلوا للهدف الذي طال انتظاره قرابة مئة عام بعدما تنبأ به أينشتاين لأول مرة.
بعد بضعة أشهر من وصول أول إشارة، كشف مرصد ليغو عن تصادم ثقب أسود آخر. وتقول نوتال: «يثبت العثور على إشارة ثانية وجود عدد هائل من المصادر التي تنتج موجات جاذبية قابلة للكشف.»
الميكرفونات الكونية
يرى العديدون أن عملية الكشف عن موجات الجاذبية تمثل فجر عصر علماء الجاذبية، ويتوقع العلماء رؤية المئات وربما الآلاف من الثقوب السوداء الثنائية في السنوات القادمة. وستسمح كواشف موجات الجاذبية لعلماء الفضاء أيضًا بالبحث عن كثب في الظواهر الفلكية الأخرى، مثل النجوم النيوترونية والمستعرات الكبرى وحتى الانفجار العظيم.
ومن أهم الخطوات التالية هي الكشف عن التأكيدات البصرية لمصادر موجات الجاذبية، مثل الضوء الناتج من رشقات المادة المحيطة أو أشعة غاما.
ولفعل ذلك على العلماء توجيه التيليسكوبات إلى منطقة في السماء التي تم منها التقاط موجات الجاذبية للبحث عن أي ضوء يمكن الكشف عنه.
يشبه هذا حاليًا البحث عن أبرة في كومة قش. لأن مجال الرؤية لكواشف موجات الجاذبية أكبر بكثير من التليسكوبات، لذا من الصعب جدًا الربط بين موجات الجاذبية مع الضوء.
مرصد ليغو واحد من عدة مراصد للكشف عن موجات الجاذبية، فضلاً عن مرصد «فيرغو – Virgo» في إيطاليا ومرصد «كاغرا -KAGRA» في اليابان ومرصد ليغو المستقبلي في الهند الذي يمتلك حساسات مماثلة لمرصد ليغو. وتوجد أساليب أخرى يستخدمها العلماء ويخططون لاستخدامها في المستقبل للكشف عن موجات الجاذبية عند ترددات مختلفة.
ستكشف هذه المراصد وغيرها عن رؤية جديدة للكون، مما يساعد العلماء على دراسة عدة ظواهر مثل دمج الثقوب السوداء لاختبار نظريات الجاذبية وربما حتى لاكتشاف شيء غير متوقع تمامًا.
ويقول «دانيال هولز – Daniel Holz» أستاذ الفيزياء وعلم الفلك في جامعة شيكاغو: «في العلم ندفع الحدود قليلًا فحسب عادة، لكننا في هذه الحالة نفتح أفقًا كاملًا جديدًا.»
وكلما تطورت التلسكوبات فإنها تكشف لنا عن كواكب ومجرات جديدة وحتى لمحة عن تاريخ الكون المبكر. في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، طوّر العلماء أداة لا تقدر بثمن لها القدرة على سماع أصوات الكون من خلال موجات الجاذبية.
تموجات الزمكان
وصف نيوتن الجاذبية على أنها قوة، ويفسر التفكير في الجاذبية بهذه الطريقة معظم الظواهر التي تحدث على الأرض. ومنها قوة الجاذبية التي تؤثر على تفاحة تجعلها تسقط من الشجرة على رأس شخص مطمئن يجلس تحتها.
إلا أنه لفهم الجاذبية على النطاق الكوني علينا أن نلجأ إلى أينشتاين الذي وصف الجاذبية بأنها انحناء في الزمكان ذاته.
يصف علماء الفيزياء هذه الظاهرة باستخدام كرة البولنغ والبطانية.
تخيّل الزمكان على أنه البطانية، فوضع كرة البولنغ في منتصف البطانية يتسبب في إنحناء النسيج من حولها.
وكلما كان الشيء أثقل يغطس نسيج الزمكان أكثر. وعندما تتحرك الكرة على البطانية فإنها تنتج تموجات أشبه بقارب يتنقل فوق الماء، وهذا الانحناء هو الذي يسبب دوران الأرض حول الشمس.
تقول «غابريلا غونزاليس – Gabriela González» الناطق الرسمي باسم مرصد موجات الجاذبية «ليغو – LIGO»: «الشمس هي كرة البولنغ في نسيج الزمكان، وهذا الانحناء في النسيج يجعل الأرض تدور حولها.»
يسحب كل شيء يمتلك كتلة، كالكواكب والنجوم وحتى الأشخاص، نسيج الزمكان وينتج موجات جاذبية وهو يتحرك في الفضاء، وتمر هذه الموجات من خلالنا طوال الوقت لكنها أضعف من أن نكتشفها، فبنى علماء الفيزياء مرصد ليغو للكشف عن هذه الموجات الغامضة.
يتكون مرصد ليغو من كاشفين متماثلين في لويزيانا وواشنطن، ولكل منهما شكل الحرف L، ويفصل فيه بشعاع الليزر وإرساله إلى ذراعين طول كل منهما 4 كيلومترات، ثم تتحد الأشعة المنعكسة من المرايا الموجودة في نهاية كل ذراع من جديد، وتسبب موجات الجاذبية المارة تغيّرًا بسيطًا في الأطوال النسبية للأذرع، بحيث تحول مسار أشعة الليزر، وتتسبب بالتغير الذي يمكن للفيزيائيين الكشف عنه.
خلافًا للتليسكوبات التي تصوب نحو أجزاء محددة جدًا في السماء، تمتاز كواشف ليغو بقابلية مسح أكبر في الفضاء وتلتقط الموجات من جميع الجهات. وتقول «لورا نوتال – Laura Nuttall» الباحث في جامعة «سيراكوز – Syracuse»: «كواشف موجات الجاذبية أشبه بالميكروفونات.»
أولى الإكتشافات
في صباح يوم 14 سبتمبر/أيلول 2015، مرت موجة الجاذبية الناتجة من تصادم ثقبين أسودين قبل 1.3 مليار سنة من خلال كواشف ليغو، ونقول غونزاليس «استغرقنا وقتًا طويلًا ذلك اليوم لنقنع أنفسنا بأن هذا لم يكن وهمًا.» لأن كواشف ليغو في وقتها كانت ما زالت تستعد لانطلاق عملية المراقبة، لذا استمر العلماء بإجراء التجارب والتشخيص طوال اليوم، واحتاجوا لإجراء عدد كبير من الفحوصات والتحليلات للتأكد من أن الإشارة كانت حقيقة.
وبعدما فحص الباحثون البيانات بدقة للكشف عن خطأ أو ضوضاء (كالبرق أو الزلازل) أعلن الباحثون في مرصد ليغو للعالم أنهم وصلوا للهدف الذي طال انتظاره قرابة مئة عام بعدما تنبأ به أينشتاين لأول مرة.
بعد بضعة أشهر من وصول أول إشارة، كشف مرصد ليغو عن تصادم ثقب أسود آخر. وتقول نوتال: «يثبت العثور على إشارة ثانية وجود عدد هائل من المصادر التي تنتج موجات جاذبية قابلة للكشف.»
الميكرفونات الكونية
يرى العديدون أن عملية الكشف عن موجات الجاذبية تمثل فجر عصر علماء الجاذبية، ويتوقع العلماء رؤية المئات وربما الآلاف من الثقوب السوداء الثنائية في السنوات القادمة. وستسمح كواشف موجات الجاذبية لعلماء الفضاء أيضًا بالبحث عن كثب في الظواهر الفلكية الأخرى، مثل النجوم النيوترونية والمستعرات الكبرى وحتى الانفجار العظيم.
ومن أهم الخطوات التالية هي الكشف عن التأكيدات البصرية لمصادر موجات الجاذبية، مثل الضوء الناتج من رشقات المادة المحيطة أو أشعة غاما.
ولفعل ذلك على العلماء توجيه التيليسكوبات إلى منطقة في السماء التي تم منها التقاط موجات الجاذبية للبحث عن أي ضوء يمكن الكشف عنه.
يشبه هذا حاليًا البحث عن أبرة في كومة قش. لأن مجال الرؤية لكواشف موجات الجاذبية أكبر بكثير من التليسكوبات، لذا من الصعب جدًا الربط بين موجات الجاذبية مع الضوء.
مرصد ليغو واحد من عدة مراصد للكشف عن موجات الجاذبية، فضلاً عن مرصد «فيرغو – Virgo» في إيطاليا ومرصد «كاغرا -KAGRA» في اليابان ومرصد ليغو المستقبلي في الهند الذي يمتلك حساسات مماثلة لمرصد ليغو. وتوجد أساليب أخرى يستخدمها العلماء ويخططون لاستخدامها في المستقبل للكشف عن موجات الجاذبية عند ترددات مختلفة.
ستكشف هذه المراصد وغيرها عن رؤية جديدة للكون، مما يساعد العلماء على دراسة عدة ظواهر مثل دمج الثقوب السوداء لاختبار نظريات الجاذبية وربما حتى لاكتشاف شيء غير متوقع تمامًا.
ويقول «دانيال هولز – Daniel Holz» أستاذ الفيزياء وعلم الفلك في جامعة شيكاغو: «في العلم ندفع الحدود قليلًا فحسب عادة، لكننا في هذه الحالة نفتح أفقًا كاملًا جديدًا.»