القتال الكلابي
عبد الله بن مُجيب بن المضرّحي. اختلفوا في اسمه فقيل: هو عبيد الله، وعبيد، أو عبادة، أو عبّاد، كما اختلفوا في اسم أبيه فقيل: محبب. يُكنى أبا المسيّب وأبا سليل(أو شليل)، و(القتّال): لقبٌ أُطلق عليه لتمرّده وشدة فتكه، وهو المشهور بهذا اللقب، وهناك شعراء آخرون لُقّبوا بهذا اللقب لكنهم أقل شهرة، منه وهم: القتال الباهلي، والبَجَلي، والسَّكوني، والمحاربي.
القتال الكلابي شاعر بدوي إسلامي من بني أبي بكر بن كلاب بن ربيعة الذين كانت قبائلهم تسكن في هضبة نجد. وبعضهم يجعله مخضرماً أدرك الجاهلية والإسلام، وهذا التناقض والاختلاف في اسمه وأخباره ناتج عن أسباب، منها حياته المتمردة وعيشه في البادية بعيداً عن الاختلاط بالناس وأولي الأمر. ولم تشر المصادر إلى زمن ولادته أو وفاته.
أمه من بني كلاب، اسمها عمرة، افتخر بها في شعره قائلاً:
لَقَد ولدَتني حـرَّةٌ ربعيـةٌ
من اللائي لم يحضرْنَ في القيظِ دندنا
وقال:
صلّى على عمرةَ الرَّحمنُ وابنتِها
ليلى وصلى على جاراتها الأُخَرِ
كان القتّال أحمر اللون، »ويبدو من أخباره وطبيعة الحياة التي مارسها أنه كان ـ ولا بد ـ خفيفاً عصلبياً قليل اللحم سريع العدو لاعتماده في حياته على قطع الطريق وحاجته إلى الهرب السريع، وقد نقدّر مستأنسين بشعره أنه كان طويل القامة. وكان فارساً شجاعاً، كثير الجنايات مما حمل قبيلته على التخلي عنه؛ فأغضبه ذلك. قتل زياداً أخا العالية التي أحبها، وندم على ذلك، ولات ساعة مندم، فقال:
ولمَّا رأيتُ أنَّني قد قتلتُه
ندمْتُ عليه أيَّ ساعة مندمِ
وطلبه والي المدينة وقتَها مروان بن الحكم؛ فهرب، وعاش طريداً، ثم قُبِض عليه وأودع السجنَ؛ إلا أنه هرب منه، ويقال: إنه قتل السجّان الذي كان يسيء معاملته قبل هربه، وهذا ما عبّر عنه في قوله:
إذا قلتُ رفِّهني من السجن ساعةً
تداركْ بها نُعمَى عليَّ وأفضل
يشـدُّ وَثاقـي عابسـاً ويتلُّنـي
إلى حلقاتٍ في عمودٍ مُرمـّل
أقولُ لهُ والسيفُ يعصبُ رأسـَهُ:
أنا ابنُ أبي أسماء غير التَّنحُّلْ
أحبَ العاليةَ بنت عبيد الله من بني عمومته حباً شديداً، وأُولع بها؛ إلا أنها تزوجت غيره، فظل يذكرها في شعره على الرغم من أنه تزوج بعدها أكثر من امرأة، ورُزق أولاداً، ويبدو أن إحدى بناته كانت شاعرة.
اشتُهر القتال الكلابي بشعره كما اشتهر بشدة قتله وفتكه، وقد جمع القدماء ديوانه؛ جمعه ابن السكيت، كما جمعوا بعض أخباره وأشعاره، وأُعيد جمعُ شعره في ديوانٍ نُشر بتحقيق إحسان عباس.
ويمثل شعره من حيث الموضوع أنواعَ الصراع الذي كانت تشهده البادية في عصره، فمن قصائده ما هو صورة للمنازعات القبلية...ومنها ما هو صورة للصراع بين القتّال وقبيلته...ويصور شعره أيضاً الصراع بين الدم النقي والدم الدخيل...أما غزله فتتردد فيه أسماء نساء كثيرات...ولكنه في شرح مواجده وتصويره الأسى يشبه العذريين، أما موضوعات الشعر الأخرى فيكاد ديوانه يخلو منها؛ إلا من قصيدة في المدح، وشيء من الهجاء. وشعره على الجملة يتميز بالنقاء والبساطة والتعبير المباشر والقوة والنسق البدوي الجميل». ومن شعره قوله وقد اختبأ من الجند، ولبس ثياب امرأة:
ألا هل أتَى فتيانَ قوميَ أننـي
تسمّيتُ لما اشتدتِ الحربُ زينبا
وأدنيتُ جلبابي على نَبْتِ لحيتي
وأبديتُ للقومِ البنانَ المخضبـا
وقوله متغزلاً بامرأة تدعى (شميلة):
أشميلُ ما أدراكِ إنْ عاصيتِني
أنّ الرَّشادَ يكونُ خلفكِ من غد
يا ظبيـةً عطفَـتْ لآدمَ شادنٍ
هلّا أويتِ لقلب شيـخٍ مُقصدِ
فإذا أرادَ الوصـلَ لا تصلينَـهُ
ووصلتِ أصحابَ الشبابِ الأغيد
علي أبو زيد
عبد الله بن مُجيب بن المضرّحي. اختلفوا في اسمه فقيل: هو عبيد الله، وعبيد، أو عبادة، أو عبّاد، كما اختلفوا في اسم أبيه فقيل: محبب. يُكنى أبا المسيّب وأبا سليل(أو شليل)، و(القتّال): لقبٌ أُطلق عليه لتمرّده وشدة فتكه، وهو المشهور بهذا اللقب، وهناك شعراء آخرون لُقّبوا بهذا اللقب لكنهم أقل شهرة، منه وهم: القتال الباهلي، والبَجَلي، والسَّكوني، والمحاربي.
القتال الكلابي شاعر بدوي إسلامي من بني أبي بكر بن كلاب بن ربيعة الذين كانت قبائلهم تسكن في هضبة نجد. وبعضهم يجعله مخضرماً أدرك الجاهلية والإسلام، وهذا التناقض والاختلاف في اسمه وأخباره ناتج عن أسباب، منها حياته المتمردة وعيشه في البادية بعيداً عن الاختلاط بالناس وأولي الأمر. ولم تشر المصادر إلى زمن ولادته أو وفاته.
أمه من بني كلاب، اسمها عمرة، افتخر بها في شعره قائلاً:
لَقَد ولدَتني حـرَّةٌ ربعيـةٌ
من اللائي لم يحضرْنَ في القيظِ دندنا
وقال:
صلّى على عمرةَ الرَّحمنُ وابنتِها
ليلى وصلى على جاراتها الأُخَرِ
كان القتّال أحمر اللون، »ويبدو من أخباره وطبيعة الحياة التي مارسها أنه كان ـ ولا بد ـ خفيفاً عصلبياً قليل اللحم سريع العدو لاعتماده في حياته على قطع الطريق وحاجته إلى الهرب السريع، وقد نقدّر مستأنسين بشعره أنه كان طويل القامة. وكان فارساً شجاعاً، كثير الجنايات مما حمل قبيلته على التخلي عنه؛ فأغضبه ذلك. قتل زياداً أخا العالية التي أحبها، وندم على ذلك، ولات ساعة مندم، فقال:
ولمَّا رأيتُ أنَّني قد قتلتُه
ندمْتُ عليه أيَّ ساعة مندمِ
وطلبه والي المدينة وقتَها مروان بن الحكم؛ فهرب، وعاش طريداً، ثم قُبِض عليه وأودع السجنَ؛ إلا أنه هرب منه، ويقال: إنه قتل السجّان الذي كان يسيء معاملته قبل هربه، وهذا ما عبّر عنه في قوله:
إذا قلتُ رفِّهني من السجن ساعةً
تداركْ بها نُعمَى عليَّ وأفضل
يشـدُّ وَثاقـي عابسـاً ويتلُّنـي
إلى حلقاتٍ في عمودٍ مُرمـّل
أقولُ لهُ والسيفُ يعصبُ رأسـَهُ:
أنا ابنُ أبي أسماء غير التَّنحُّلْ
أحبَ العاليةَ بنت عبيد الله من بني عمومته حباً شديداً، وأُولع بها؛ إلا أنها تزوجت غيره، فظل يذكرها في شعره على الرغم من أنه تزوج بعدها أكثر من امرأة، ورُزق أولاداً، ويبدو أن إحدى بناته كانت شاعرة.
اشتُهر القتال الكلابي بشعره كما اشتهر بشدة قتله وفتكه، وقد جمع القدماء ديوانه؛ جمعه ابن السكيت، كما جمعوا بعض أخباره وأشعاره، وأُعيد جمعُ شعره في ديوانٍ نُشر بتحقيق إحسان عباس.
ويمثل شعره من حيث الموضوع أنواعَ الصراع الذي كانت تشهده البادية في عصره، فمن قصائده ما هو صورة للمنازعات القبلية...ومنها ما هو صورة للصراع بين القتّال وقبيلته...ويصور شعره أيضاً الصراع بين الدم النقي والدم الدخيل...أما غزله فتتردد فيه أسماء نساء كثيرات...ولكنه في شرح مواجده وتصويره الأسى يشبه العذريين، أما موضوعات الشعر الأخرى فيكاد ديوانه يخلو منها؛ إلا من قصيدة في المدح، وشيء من الهجاء. وشعره على الجملة يتميز بالنقاء والبساطة والتعبير المباشر والقوة والنسق البدوي الجميل». ومن شعره قوله وقد اختبأ من الجند، ولبس ثياب امرأة:
ألا هل أتَى فتيانَ قوميَ أننـي
تسمّيتُ لما اشتدتِ الحربُ زينبا
وأدنيتُ جلبابي على نَبْتِ لحيتي
وأبديتُ للقومِ البنانَ المخضبـا
وقوله متغزلاً بامرأة تدعى (شميلة):
أشميلُ ما أدراكِ إنْ عاصيتِني
أنّ الرَّشادَ يكونُ خلفكِ من غد
يا ظبيـةً عطفَـتْ لآدمَ شادنٍ
هلّا أويتِ لقلب شيـخٍ مُقصدِ
فإذا أرادَ الوصـلَ لا تصلينَـهُ
ووصلتِ أصحابَ الشبابِ الأغيد
علي أبو زيد