بقعة المشتري الحمراء العظيمة هي في الواقع مصدر هائل للحرارة
أشارت أبحاث جديدة لوكالة ناسا أنَّ البُقعة الحمراء العظيمة لكوكب المشتري يُحتمل أن تكون مصدر الحرارة الغامض الذي يُسبِّب ارتفاع درجات الحرارة في الطبقة العلوية من الغلاف الجوي لكوكب المُشتري.
يُسخن ضوء الشمس غلاف الأرض الجوي عند ارتفاعات أعلى بكثير من سطح الأرض، فعلى سبيل المثال، يتم ذلك على ارتفاع 250 ميلًا فوق سطح الأرض ضمن المدار الذي تدور فيه محطة الفضاء الدولية. احتار العلماء لماذا تكون درجات الحرارة في الطبقة العلوية من الغلاف الجوي لكوكب المشتري هي نفس درجات الحرارة الموجودة على الأرض، على الرغم من أن المشتري أبعد بـ 5 مرات من الأرض عن الشمس، وأرادوا إيجاد إجابة على السؤال: إن لم تكن الشمس هي مصدر الحرارة على هذا الكوكب، إذًا ما هو مصدرها؟
تمكّن مجموعة من الباحثين في مركز الفيزياء الفضائية لجامعة بوسطن من حل اللغز عبر تخطيط درجات الحرارة التي تقع في أعلى سحب الكوكب باستخدام معلوماتٍ ومراقباتٍ من الأرض. حللوا البيانات من مطياف (سبيكس- SpeX) في مُنشأة مرصد الأشعة تحت الحمراء التابع لوكالة ناسا (IRTF) في ماونا كيا في هاواي، حيث تم تشغيل مرصد يعمل بالأشعة تحت الحمراء طوله 3 متر لوكالة ناسا بواسطة جامعة هاواي. بمراقبة الأشعة تحت الحمراء غير المرئية على ارتفاع مئات الأميال فوق العملاق الغازي (المشتري)، وجد العلماء أن درجات الحرارة في مناطق خطوط طول وعرض معينة في نصف الكوكب الجنوبي (حيث تقع البقعة الحمراء العظيمة) هي أعلى بكثير من باقي المناطق.
استنتجت الدراسة التي نُشرت في السابع والعشرين من يوليو/تموز في مجلة (Nature) أن العاصفة في البُقعة الحمراء العظيمة تنتج نوعين من موجات الطاقة المضطربة التي تتصادم وتُسخِّن الطبقة العلوية للغلاف الجوي. تُشبه موجات الجاذبية إلى حدٍ كبير تحرُّك خيوط الغيتار عندما يتمُّ نقرُها، بينما تَصدُر موجات صوتية من انضغاط الهواء. يُعتقد أن سبب سخونة الطبقة العلوية من الغلاف الجوي عند ارتفاع 500 ميل (800 كيلومتر) فوق البقعة الحمراء العظيمة هو مزيج من هذين النوعين من الموجات، التي «تتصادم» كموجات المياه عند الشاطئ.
يقول الدكتور المُساعد في جامعة بوسطن (جيمس أودونوغو- James O’Donoghue ) وهو مؤلف الدراسة: «تُعدّ درجات الحرارة المرتفعة للغاية فوق هذه العاصفة ُ دليلًا دامغًا على نقل الطاقة. وهذا يُخبرنا أن السخونة على نطاق الكوكب هي تفسير معقول لما يُسمَّى بـ (أزمة الطاقة) التي تكون فيها درجات الحرارة في الطبقة العليا للغلاف الجوي أسخن بمئات الدرجات، وهذا لا يُمكن اعتبارُه بسبب تأثير أشعة الشمس وحدها».
لوحظ هذا التأثير هنا على الأرض فوق جبال الآنديس، وقد يحدث أيضًا في أي مكان آخر من النظام الشمسي الخارجي، على الرغم من عدم ملاحظته مباشرةً. يعتقد العلماء أن هذه الظاهرة تحدث أيضًا على الكواكب الخارجية العملاقة التي تدور حول النجوم الأخرى.
أدهشتنا هذه البقعة الحمراء العظيمة وأسعدتنا منذ لحظة اكتشافها في القرن السابع عشر. يتراوح عرض البقعة التي تتميز بدوامات حمراء بين ضعفين إلى ثلاثة أضعاف قطر الكرة الأرضية، وقد نظر إليها العديد بوصفها «إعصارٌ دائم» برياح تبلغ ذروتها 400 ميل في الساعة.
سيكون هناك لمركبة «جونو» الفضائية التابعة لوكالة ناسا والتي وصلت حديثًا إلى المشتري فُرصًا عديدة خلال فترة مهمتها البالغة 20 شهرًا لمراقبة البقعة الحمراء العظيمة والمنطقة المُضطربة التي تُحيط بها. ستتحقق المركبة من مئات الأميال أسفل الغلاف الجوي بواسطة المقياس الراديوي للموجات الدقيقة «microwave radiometer»، حيث ستستشعر الحرارة القادمة من داخل الكوكب. ستُمكّن هذه القدرة مركبة جونو على كشف البنية العميقة للبقعة الحمراء العظيمة، إلى جانب ميِّزات المشتري البارزة الأخرى كنطاقات السُحب الملونة.