قصور الأمويين
أخذ الأمويون بعد الفتح يميلون إلى حياة الترف والنعيم وتقليد غيرهم من الأمم باتخاذ القصور المنيفة، فاستخدم الخلفاء والأمراء في العصر الأموي بعض القصور الرومانية الموجودة في دمشق، كما شيدوا قصوراً كثيرة اندثرت؛ لكون معظمها قد شيد من الطين أو الآجر، غير أن حياتهم التي كانت قريبة العهد بالصحراء، قد دفعتهم إلى اللجوء إليها بين الفينة والأخرى، وذلك بتشييدهم القصور الصحراوية في بلاد الشام التي كانوا يلجؤون إليها حنيناً لعهدهم القريب، وللتسرية والتسلية والاسترخاء، بعيدين عن جو العاصمة والمدينة وضوضائها، وللتواصل مع القبائل البدوية لحل مشكلاتهم وضمان ولائهم تأميناً لخطوط التجارة والحجيج، واستجلابهم إلى صفهم ضد الحركات الثورية والخارجية التي كانت تهدد عروشهم وممارسة أنشطة زراعية مهمة، كما عكست هذه القصور مظاهر فنونهم وحضارتهم الخلاّقة، ومن هذه القصور:
قصر سيس
يقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة دمشق، على مسافة 105كم منها، بناه الوليد بن عبد الملك على سفح الهضبة البركانية المعروفة باسم جبل سيس، وعلى ضفاف بحيرة قليلة العمق تتجمع فيها مياه الأمطار والسيول.
يتخذ القصر الشكل شبه المستطيل، أطوال أضلاعه 53×67م، باستثناء ضلعه الجنوبي الذي يبلغ طوله 66م، وتتوزع على الأضلاع مجموعة الأبراج الدفاعية نصف الدائرية، التي يبلغ عددها تسعة أبراج موزعة بمعدل ثلاثة أبراج في كل جانب، باستثناء السور الشمالي الذي يتركز فيه أربعة أبراج، اثنان في الزوايا، وآخران يحفان بالبوابة المركزية التي تؤدي إلى دهليز مقبى، ينتهي بالصحن المكشوف، المحاط بالأروقة المسقفة التي تشكل موزعاً لغرف الطابقين الأرضي المشيد من الحجر البركاني المنحوت، والعلوي المشيد بالآجر واللبن؛ وقد كشفت أعمال التنقيب الأثري الأخيرة التي أجرتها البعثة الألمانية، عن بقايا درابزين مزدان بالزخارف الجصية التي تأخذ شكل المحاريب، وكذلك العديد من الرسوم الجدارية، مما يشير إلى غنى الزخرفة والكسوة الداخلية للقصر.
يضم القصر أيضاً الجامع والحمام الذي يعد من أقدم الحمامات الإسلامية المشيدة خارج المدن، هذا إلى جانب زخارفه الفريدة التي تعد من أقدم الزخارف الإسلامية.
قصر عمره
شيده الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك في منطقة وادي البطم على بعد 50كم، شمال غرب البحر الميت في البادية الأردنية، ويتألف من حمام ومنزل يؤرخان على عهد الوليد بن عبد الملك (705ـ715م)، يحيط بالقصر سور أبعاده 50×25م، ويضم مجموعة من الغرف والمخازن والإسطبلات، وقد شيد إلى جانب القصر الحمام المكون من الصالة الكبرى ذات ثلاثة بلاطات (أروقة) المشيدة على نمط البازيليك، والتي يتصدرها في الزوايا غرفتان صغيرتان منتهيتان بحنيات نصف دائرية، تحصران بينهما قاعة مربعة الشكل، وتتصل القاعات فيما بينها وبين الأروقة بأبواب صغيرة، في حين تم تسقيف الغرف والأروقة بأقباء طولية، محمولة على عقدين كبيرين، يستندان إلى دعائم جدارية قليلة الارتفاع.
وتتصل الصالة الرئيسة الكبرى المشكلة لمجموعة المدخل مع الحمام عبر باب جانبي صغير، يؤدي إلى قاعة الاستقبال الأولى في الحمام المستخدمة استراحة ومشلحاً، مع الغرفة الباردة، ومن ثم الفاترة والحارة ذات التسقيف المقبب والمقبى، والأرضيات المرصوفة بالرخام والفسيفساء، وكذلك الجدران المؤزرة بالرخام والرسوم الجدارية ذات المضامين الفنية المختلفة، التي تمثلت في مشاهد الرقص، والألعاب الرياضية ومشاهد الحب والطيور والحيوانات والتراكيب الهندسية، ويتميز الحمام بنظام توزيع المياه الحارة التي تصل إلى أقسام الحمام كافة، وكذلك أنابيب توزيع البخار التي تعمل على تدفئة الأقسام الجافة فيه كالمشلح.
وتعود أهمية الحمام إلى مجموعة اللوحات التزيينية التي غطت جدرانه الداخلية، وبينها رسومات تمثل مشاهد صيد وطرب وموضوعات ميثولوجية وسياسية، ولاسيما اللوحة التي تمثل الملوك الذين انتصر عليهم المسلمون، أمثال كسرى وقيصر، وكذلك الملك الإسباني رودريك الذي قتل في معركة غوادالينا في عهد الوليد عام 711م.
قصر المنيا
يقع هذا القصر إلى الشرق من بحيرة طبرية، تم الكشف عنه في الثلاثينات من القرن الماضي، شيده الخليفة الأموي الوليد من الحجر الكلسي المشذب على أساسات بازلتية، بارتفاع 40سم. ويتخذ القصر الشكل المستطيل، المحفوف ببرج دائري في كل ركن من أركانه، وآخر نصف دائري في منتصف كل جدار، باستثناء الجانب الشرقي، حيث يقع المدخل الرئيس المحفوف ببرجين ربع دائريين بعرض 16م، يحصران بينهما صالة دائرية مساحتها 6م2، ذات تسقيف على شكل قبة مزينة بإفريز وزهريات جميلة الحفر، ارتكزت على أعمدة مثلثية دائرية؛ يفتح الباب الرئيس الذي يلي الصالة الدائرية على قاعة أبعادها 7×11.5م، تؤدي بدورها إلى الفناء المركزي المفتوح، المحفوف برواق مسقف مرفوع على أربع دعائم ركنية تأخذ شكل الزاوية، وتحصر بينها في كل ضلع ستة أعمدة تساعد على رفع سقف الرواق. يقع المسجد في الجهة الجنوبية الغربية من القصر الذي قدرت أبعاده بنحو 13.1×19.42م والذي يتم الدخول إليه عبر بوابة متواضعة في ركن الفناء المركزي من الخارج؛ في حين يحتل الجزء الأوسط من الجانب الجنوبي مجموعة الغرف ذات الزخارف الرائعة المخصصة للاستخدام الاحتفالي؛ ويتألف الجزء الأوسط من قاعة ضخمة بعمق 20م، ذات مدخل ثلاثي يقسمها إلى رواق مركزي فسيح، وجانبين صغيرين مفصولين بوساطة صف مكون من أربع دعائم في كل جانب، في حين تميزت جدران هذه القاعة بكسوتها الرخامية في الأجزاء السفلى من الجدار، وبلوحات الفسيفساء التي كانت تغطي الجزء العلوي، وكسيت الأرضية بالقطع الزجاجية الملونة المطعمة بأوراق الذهب، ويتم الانتقال من هذه القاعة إلى غرفتين مستطيلتين جانبيتين مرتبطتين معها بباب أحادي، ومن جانبٍ آخر هناك باب ثانوي يؤدي عبر ممر جانبي إلى الرواق الخلفي للمسجد، الأمر الذي يشير إلى أن استخدام هذه القاعة والغرف المجاورة لها كان مقصوراً على الخليفة فقط.
في الجهة الغربية تتوضع مجموعة سكنية مستقلة مكونة من خمس غرف ذات أرضيات مرصوفة بالفسيفساء، كانت تستخدم من قبل الأشخاص المقربين من الخليفة.
قصر المشتَّى
ينسب هذا القصر إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك الذي شيده في البادية الأردنية على مسافة 32كم جنوب شرقي عمان، لكنه قتل قبل أن يكتمل البناء، وهو أهم قصر أموي في الأردن, يحيط بالقصر سور مربع يبلغ طول ضلعه 144م، ويحف به من الخارج 25 برجاً دفاعياً نصف دائري موزعه بترتيب منظم بمعدل خمسة أبراج بقطر خمسة أمتار في كل ضلع، محصورة ضمن أبراج الزوايا التي يبلغ قطر الواحد منها سبعة أمتار، باستثناء الجهة الجنوبية التي تتوسطها البوابة الرئيسة، والتي تتضمن ستة أبراج بما فيها برجا البوابة نصفا المثمنين.
يتكون القصر من مجمعين رئيسين؛ جنوبي ويشكل مجموعة المدخل والحراسة وكذلك المجموعة الإدارية والمسجد، وشمالي، وهو الرئيس، وكان يتضمن قاعة العرش وجناح الإقامة الخاص بالخليفة، ومن أهم ما يميز هذا القصر واجهته الحجرية المزخرفة بأشكال نباتية وحيوانية وهندسية غاية في الروعة والغنى، وهي معروضة اليوم في متحف البرغامون في برلين، بعد أن أهداها السلطان عبد الحميد إلى القيصر غليوم الثاني.
قصر الطوبة
شُيد القصر في منطقة وعرة في البادية الأردنية على بعد 100كم إلى الجنوب الشرقي من عمان، وهو معاصر لقصر المشتّى ومثله لم يكتمل بناؤه الأصلي، وقد تهدمت أكثر أقسامه، وبقيت أجزاء من سوره ومبانيه، ويلاحظ أن تخطيط القصر دقيق ومنتظم، حيث يشبه قصرين متناظرين، متلاصقين، لكل منهما بابه المستقل الموجود في الجهة الشمالية بين برجين نصف دائريين. يضم القصرين سور واحد مستطيل، أطواله 140×73م، وهو مُحصّن بمجموعة من الأبراج نصف دائرية، موزعة على شكل خمسة أبراج من الشمال وبرجين من الشرق والغرب، وأربعة أبراج دائرية على الزوايا، وبرج في أوسط الجدار الجنوبي، وبرجين مربعين على جانبي كل مدخل من مداخل القصر، يفتح كل واحد منها على فناء محاط بمجموعة من الغرف المتباينة المساحة، والمتصلة فيما بينها عبر أبواب جانبية.
خربة المفجر
وهو عبارة عن مدينة ملكية متكاملة تضم القصر والجامع والحمامات والفناء الداخلي المعمد الذي يتوسطه بركة الماء المزدانة بالزخارف، شيد من قبل الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك على مقربة من مدينة أريحا في فلسطين لاستخدامه استراحة ملكية.
القصر مربع الشكل، تبلغ أبعاده 64.5×61.25م، ويتكون من سور مرتفع مدعم بأربعة أبراج ركنية ضخمة، وأمام مدخله -الذي يتوسط الجدار الشرقي- فسحة معمدة تمتد حتى الحدود الشمالية للحمامات، أما المدخل الرئيسي للفناء والمحفوف ببرجين نصف دائريين؛ فقد شيد في الجهة الجنوبية، بحيث يطل على الفناء المكشوف، الذي تتوسطه بركة الماء المزخرفة ذات التشكيل المربع، والتي يبلغ عمقها ما يقارب المتر، وتعلوها قبة ضخمة ثمانية الأضلاع، مرفوعة على أربعة أقواس مرتكزة فوق ثماني دعائم ذات زخارف نباتية وهندسية جميلة.
ينتهي الدهليز بالفناء الداخلي للقصر؛ المحاط بالغرف الموزعة على طابقين، والمرتبة ضمن مجموعات شبه مستقلة، تعد أكملها مجموعة الجهة الغربية التي تشكل المقر الملكي، فيما تبدو مجموعة غرف الجهة الجنوبية المستخدمة غرف خدمة؛ شبه مستقلة عن بعضها، وإلى جانبها المسجد الذي يقع في الجهة الشرقية بين القصر والحمامات.
تتشكل الحمامات من رحبة أمامية ومدخل مقبى وقاعة ضخمة، طول كل ضلع من أضلاعها 30م، وهي ذات تسقيف على شكل قبة ضخمة محمولة على أقواس مزدوجة، تستند إلى 16قاعدة ضخمة، ويتخلل جدران الحمام خمسة تجاويف ذات تسقيف نصف مقبى، أما أرضية الحمام؛ فقد ازدانت بلوحات الفسيفساء ذات الألوان والموضوعات المختلفة.
يلي القاعة الكبرى للحمام من جهة الشمال باقي أقسام الحمام المكونة من الغرف الباردة والدافئة والحارة، على جانب مقصورات البخار، ويحدها من الجهة الشمالية صالة الاستجمام والاسترخاء ذات التشكيل المربع المحفوف من جانبيه بدكتي جلوس، والمتصلة مع صالة مرتفعة ذات حنية مقوسة؛ تميزت هذه الصالة بغناها الزخرفي والتزييني الذي تضمن مجموعة الرسوم الجدارية المنفذة على كافة السطوح، هذا إلى جانب لوحات الفسيفساء التي غطت أرضية الصالة.
ومن القصور الأموية في شمالي الأردن أيضاً:
الموقر، الحرّانة، مشاش، الحلابات، عين السل، قلعة الأزرق، القسطل، وهي كلها منشآت ازدهرت خاصة في بداية العصر الأموي، وتعكس مختلف الصفات المعمارية والفنية والسياسية والاقتصادية لذلك العصر.
شعلان الطيار
أخذ الأمويون بعد الفتح يميلون إلى حياة الترف والنعيم وتقليد غيرهم من الأمم باتخاذ القصور المنيفة، فاستخدم الخلفاء والأمراء في العصر الأموي بعض القصور الرومانية الموجودة في دمشق، كما شيدوا قصوراً كثيرة اندثرت؛ لكون معظمها قد شيد من الطين أو الآجر، غير أن حياتهم التي كانت قريبة العهد بالصحراء، قد دفعتهم إلى اللجوء إليها بين الفينة والأخرى، وذلك بتشييدهم القصور الصحراوية في بلاد الشام التي كانوا يلجؤون إليها حنيناً لعهدهم القريب، وللتسرية والتسلية والاسترخاء، بعيدين عن جو العاصمة والمدينة وضوضائها، وللتواصل مع القبائل البدوية لحل مشكلاتهم وضمان ولائهم تأميناً لخطوط التجارة والحجيج، واستجلابهم إلى صفهم ضد الحركات الثورية والخارجية التي كانت تهدد عروشهم وممارسة أنشطة زراعية مهمة، كما عكست هذه القصور مظاهر فنونهم وحضارتهم الخلاّقة، ومن هذه القصور:
قصر سيس
يقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة دمشق، على مسافة 105كم منها، بناه الوليد بن عبد الملك على سفح الهضبة البركانية المعروفة باسم جبل سيس، وعلى ضفاف بحيرة قليلة العمق تتجمع فيها مياه الأمطار والسيول.
يتخذ القصر الشكل شبه المستطيل، أطوال أضلاعه 53×67م، باستثناء ضلعه الجنوبي الذي يبلغ طوله 66م، وتتوزع على الأضلاع مجموعة الأبراج الدفاعية نصف الدائرية، التي يبلغ عددها تسعة أبراج موزعة بمعدل ثلاثة أبراج في كل جانب، باستثناء السور الشمالي الذي يتركز فيه أربعة أبراج، اثنان في الزوايا، وآخران يحفان بالبوابة المركزية التي تؤدي إلى دهليز مقبى، ينتهي بالصحن المكشوف، المحاط بالأروقة المسقفة التي تشكل موزعاً لغرف الطابقين الأرضي المشيد من الحجر البركاني المنحوت، والعلوي المشيد بالآجر واللبن؛ وقد كشفت أعمال التنقيب الأثري الأخيرة التي أجرتها البعثة الألمانية، عن بقايا درابزين مزدان بالزخارف الجصية التي تأخذ شكل المحاريب، وكذلك العديد من الرسوم الجدارية، مما يشير إلى غنى الزخرفة والكسوة الداخلية للقصر.
يضم القصر أيضاً الجامع والحمام الذي يعد من أقدم الحمامات الإسلامية المشيدة خارج المدن، هذا إلى جانب زخارفه الفريدة التي تعد من أقدم الزخارف الإسلامية.
قصر عمره
قصر عمرة |
وتتصل الصالة الرئيسة الكبرى المشكلة لمجموعة المدخل مع الحمام عبر باب جانبي صغير، يؤدي إلى قاعة الاستقبال الأولى في الحمام المستخدمة استراحة ومشلحاً، مع الغرفة الباردة، ومن ثم الفاترة والحارة ذات التسقيف المقبب والمقبى، والأرضيات المرصوفة بالرخام والفسيفساء، وكذلك الجدران المؤزرة بالرخام والرسوم الجدارية ذات المضامين الفنية المختلفة، التي تمثلت في مشاهد الرقص، والألعاب الرياضية ومشاهد الحب والطيور والحيوانات والتراكيب الهندسية، ويتميز الحمام بنظام توزيع المياه الحارة التي تصل إلى أقسام الحمام كافة، وكذلك أنابيب توزيع البخار التي تعمل على تدفئة الأقسام الجافة فيه كالمشلح.
وتعود أهمية الحمام إلى مجموعة اللوحات التزيينية التي غطت جدرانه الداخلية، وبينها رسومات تمثل مشاهد صيد وطرب وموضوعات ميثولوجية وسياسية، ولاسيما اللوحة التي تمثل الملوك الذين انتصر عليهم المسلمون، أمثال كسرى وقيصر، وكذلك الملك الإسباني رودريك الذي قتل في معركة غوادالينا في عهد الوليد عام 711م.
قصر المنيا
يقع هذا القصر إلى الشرق من بحيرة طبرية، تم الكشف عنه في الثلاثينات من القرن الماضي، شيده الخليفة الأموي الوليد من الحجر الكلسي المشذب على أساسات بازلتية، بارتفاع 40سم. ويتخذ القصر الشكل المستطيل، المحفوف ببرج دائري في كل ركن من أركانه، وآخر نصف دائري في منتصف كل جدار، باستثناء الجانب الشرقي، حيث يقع المدخل الرئيس المحفوف ببرجين ربع دائريين بعرض 16م، يحصران بينهما صالة دائرية مساحتها 6م2، ذات تسقيف على شكل قبة مزينة بإفريز وزهريات جميلة الحفر، ارتكزت على أعمدة مثلثية دائرية؛ يفتح الباب الرئيس الذي يلي الصالة الدائرية على قاعة أبعادها 7×11.5م، تؤدي بدورها إلى الفناء المركزي المفتوح، المحفوف برواق مسقف مرفوع على أربع دعائم ركنية تأخذ شكل الزاوية، وتحصر بينها في كل ضلع ستة أعمدة تساعد على رفع سقف الرواق. يقع المسجد في الجهة الجنوبية الغربية من القصر الذي قدرت أبعاده بنحو 13.1×19.42م والذي يتم الدخول إليه عبر بوابة متواضعة في ركن الفناء المركزي من الخارج؛ في حين يحتل الجزء الأوسط من الجانب الجنوبي مجموعة الغرف ذات الزخارف الرائعة المخصصة للاستخدام الاحتفالي؛ ويتألف الجزء الأوسط من قاعة ضخمة بعمق 20م، ذات مدخل ثلاثي يقسمها إلى رواق مركزي فسيح، وجانبين صغيرين مفصولين بوساطة صف مكون من أربع دعائم في كل جانب، في حين تميزت جدران هذه القاعة بكسوتها الرخامية في الأجزاء السفلى من الجدار، وبلوحات الفسيفساء التي كانت تغطي الجزء العلوي، وكسيت الأرضية بالقطع الزجاجية الملونة المطعمة بأوراق الذهب، ويتم الانتقال من هذه القاعة إلى غرفتين مستطيلتين جانبيتين مرتبطتين معها بباب أحادي، ومن جانبٍ آخر هناك باب ثانوي يؤدي عبر ممر جانبي إلى الرواق الخلفي للمسجد، الأمر الذي يشير إلى أن استخدام هذه القاعة والغرف المجاورة لها كان مقصوراً على الخليفة فقط.
في الجهة الغربية تتوضع مجموعة سكنية مستقلة مكونة من خمس غرف ذات أرضيات مرصوفة بالفسيفساء، كانت تستخدم من قبل الأشخاص المقربين من الخليفة.
قصر المشتَّى
ينسب هذا القصر إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك الذي شيده في البادية الأردنية على مسافة 32كم جنوب شرقي عمان، لكنه قتل قبل أن يكتمل البناء، وهو أهم قصر أموي في الأردن, يحيط بالقصر سور مربع يبلغ طول ضلعه 144م، ويحف به من الخارج 25 برجاً دفاعياً نصف دائري موزعه بترتيب منظم بمعدل خمسة أبراج بقطر خمسة أمتار في كل ضلع، محصورة ضمن أبراج الزوايا التي يبلغ قطر الواحد منها سبعة أمتار، باستثناء الجهة الجنوبية التي تتوسطها البوابة الرئيسة، والتي تتضمن ستة أبراج بما فيها برجا البوابة نصفا المثمنين.
يتكون القصر من مجمعين رئيسين؛ جنوبي ويشكل مجموعة المدخل والحراسة وكذلك المجموعة الإدارية والمسجد، وشمالي، وهو الرئيس، وكان يتضمن قاعة العرش وجناح الإقامة الخاص بالخليفة، ومن أهم ما يميز هذا القصر واجهته الحجرية المزخرفة بأشكال نباتية وحيوانية وهندسية غاية في الروعة والغنى، وهي معروضة اليوم في متحف البرغامون في برلين، بعد أن أهداها السلطان عبد الحميد إلى القيصر غليوم الثاني.
قصر الطوبة
شُيد القصر في منطقة وعرة في البادية الأردنية على بعد 100كم إلى الجنوب الشرقي من عمان، وهو معاصر لقصر المشتّى ومثله لم يكتمل بناؤه الأصلي، وقد تهدمت أكثر أقسامه، وبقيت أجزاء من سوره ومبانيه، ويلاحظ أن تخطيط القصر دقيق ومنتظم، حيث يشبه قصرين متناظرين، متلاصقين، لكل منهما بابه المستقل الموجود في الجهة الشمالية بين برجين نصف دائريين. يضم القصرين سور واحد مستطيل، أطواله 140×73م، وهو مُحصّن بمجموعة من الأبراج نصف دائرية، موزعة على شكل خمسة أبراج من الشمال وبرجين من الشرق والغرب، وأربعة أبراج دائرية على الزوايا، وبرج في أوسط الجدار الجنوبي، وبرجين مربعين على جانبي كل مدخل من مداخل القصر، يفتح كل واحد منها على فناء محاط بمجموعة من الغرف المتباينة المساحة، والمتصلة فيما بينها عبر أبواب جانبية.
خربة المفجر
وهو عبارة عن مدينة ملكية متكاملة تضم القصر والجامع والحمامات والفناء الداخلي المعمد الذي يتوسطه بركة الماء المزدانة بالزخارف، شيد من قبل الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك على مقربة من مدينة أريحا في فلسطين لاستخدامه استراحة ملكية.
القصر مربع الشكل، تبلغ أبعاده 64.5×61.25م، ويتكون من سور مرتفع مدعم بأربعة أبراج ركنية ضخمة، وأمام مدخله -الذي يتوسط الجدار الشرقي- فسحة معمدة تمتد حتى الحدود الشمالية للحمامات، أما المدخل الرئيسي للفناء والمحفوف ببرجين نصف دائريين؛ فقد شيد في الجهة الجنوبية، بحيث يطل على الفناء المكشوف، الذي تتوسطه بركة الماء المزخرفة ذات التشكيل المربع، والتي يبلغ عمقها ما يقارب المتر، وتعلوها قبة ضخمة ثمانية الأضلاع، مرفوعة على أربعة أقواس مرتكزة فوق ثماني دعائم ذات زخارف نباتية وهندسية جميلة.
ينتهي الدهليز بالفناء الداخلي للقصر؛ المحاط بالغرف الموزعة على طابقين، والمرتبة ضمن مجموعات شبه مستقلة، تعد أكملها مجموعة الجهة الغربية التي تشكل المقر الملكي، فيما تبدو مجموعة غرف الجهة الجنوبية المستخدمة غرف خدمة؛ شبه مستقلة عن بعضها، وإلى جانبها المسجد الذي يقع في الجهة الشرقية بين القصر والحمامات.
تتشكل الحمامات من رحبة أمامية ومدخل مقبى وقاعة ضخمة، طول كل ضلع من أضلاعها 30م، وهي ذات تسقيف على شكل قبة ضخمة محمولة على أقواس مزدوجة، تستند إلى 16قاعدة ضخمة، ويتخلل جدران الحمام خمسة تجاويف ذات تسقيف نصف مقبى، أما أرضية الحمام؛ فقد ازدانت بلوحات الفسيفساء ذات الألوان والموضوعات المختلفة.
يلي القاعة الكبرى للحمام من جهة الشمال باقي أقسام الحمام المكونة من الغرف الباردة والدافئة والحارة، على جانب مقصورات البخار، ويحدها من الجهة الشمالية صالة الاستجمام والاسترخاء ذات التشكيل المربع المحفوف من جانبيه بدكتي جلوس، والمتصلة مع صالة مرتفعة ذات حنية مقوسة؛ تميزت هذه الصالة بغناها الزخرفي والتزييني الذي تضمن مجموعة الرسوم الجدارية المنفذة على كافة السطوح، هذا إلى جانب لوحات الفسيفساء التي غطت أرضية الصالة.
ومن القصور الأموية في شمالي الأردن أيضاً:
الموقر، الحرّانة، مشاش، الحلابات، عين السل، قلعة الأزرق، القسطل، وهي كلها منشآت ازدهرت خاصة في بداية العصر الأموي، وتعكس مختلف الصفات المعمارية والفنية والسياسية والاقتصادية لذلك العصر.
شعلان الطيار