إِذ تَبدو لَنا القُدرة الخارِقةُ على تحريكِ كَواكِبِ النِّظام الشمسي مُجَرَّد خيال أو واحِدَةٍ مِن قِصَصِ أبطال كُتُبِ الأطفال، لكِنَّ العُلَماءَ أظهروا مُؤخَّرًا أن الأمرَ، وَإِن كان صَعبٍا، فَإِنَّهُ غيرُ مستحيل.
ظهرتِ الفِكرةُ حين تقدَّم مٌستَمِعٌ لإحدى البرامِج الإذاعية بسُؤالٍ لِعالِم الفيزياء الفَلَكيَّة نيل ديغراس تايسون (Neil DeGrasse Tyson) حول الأمرِ الذي لَم يسبِق للعالِمِ ولا وحتى وِكالة ناسا الانتباهَ إليه:
«هل يُمكن استعمال نفس الأساليب التي يُفَسِّرُ بِها العلماءُ القدرَة على تحريكِ النَّيازِك، لتحريك الكواكب وبالتالي نقلِ كواكِب غيرَ صالحةٍ للحياة نَحوَ مناطق من النظام الشمسي يُمكن وُجودُ الحياةِ فيها؟».
ويُسَمِّي العلماء هذه المناطق بالنطاقات الصالحة للحياة (Goldilocks Zone) والتي تُحَدَّدُ إمكانيةُ العيشِ فيها بِحسَبِ موقعها من الشمس.
وكان جوابُ تايسون على مستمعه عبر البريد الإلكتروني كالتالي:
«سؤالٌ ممتاز، إذا كان هناكَ كَوكبٌ نَرغَبُ في العيشِ فيه، بعيدًا كانَ أو قريبًا، سنقومُ بِنَقلهِ إلى النِّطاق الصَّالحِ للحياة، بِحيثُ تكونُ دَرجةُ الحرارةِ القادِمةِ منَ الشمسِ مناسِبةً لتَكَوُّن مياهٍ سائلة، لا مُتجَمِّدة ولا مُتبَخِّرة».
يبدو الأمرُ خارِجًا عنِ المألوف، لكِنَّه مُمكنٌ نظريًا وِفقَ تايسون وكذا العالِم الكبير دونالد جون كيسلر (Donald J. Kissler)، المتقاعِد من وكالة ناسا حيث كانَ مُتَخصِّصًا في أبحاث الحُطام المداري (NASA’s Orbital Debris Research).
يرى تايسون أنه إذا استطاع العُلماءُ تحريكَ أجسامَ الفضاءِ كالنيازكِ الصغيرة والكبيرة، فإنه لا يوجدُ سَببٌ يمنعُ تحريك الكواكِبِ أيضًا. ويرى كيسلر أن المفهوم بسيطٌ جِدًّا وَمُمكِنٌ تمامًا، إلا أنَّ هناك أمورًا يَجِبُ تَوضيحُها.
حين تلقَّى تايسون السؤال من أحد المستمعينَ خلال برنامَجِه الأسبوعي (Star Talk)، أجاب بكونِ الأمر يحتاجُ إلى كَمٍّ ضَخمٍ من الطاقة اللازمة لِدفع الكواكِب والتي يجِبُ أن تظَلَّ مُسلطةً بصفَةٍ مستَمِرَّةٍ على الكوكب المُرادِ تحريكُه، بالإضافةِ إلى أنَّ هناك فرقًا بين تحريكِ جِسمٍ فضائيٍّ يَتّجهُ للاصطِدامِ بالأرض وإعادة تَموضُعِ كَوكبٍ بِكامِلِه، حيث إن في الحالةِ الأولى، يَكفي تَسريعُ الجِسم أو تبطيئُه وهذا لا يَحتاجُ إلى طاقةٍ كبيرة، وهي الطريقةُ ذاتُها المُتَّبَعةُ لتغيير مسارات الحطام الفضائي في المداراتِ المُنخَفِضةِ حول الأرض.
يُمكن استخدام نَفس مُخَطَّطات مُعالجة الحطام المداري (التي نراها في الصورة أعلاه) لتحريك أجسام فضائية أكبر، إلا أن الأمر لم يُستخدَم على كَواكِبَ لِحّدِّ الآن.
ويُشيرُ تايسون أن العلماءَ اقترحوا عدَّةَ طُرُقٍ لِتحريكِ هذه الأجسام، مِن شَبكاتٍ عملاقةٍ إلى الدفع الصاروخي أو استخدام جاذبية الأقمار الاصطناعية، وبالتالي فإن تحريك كوكبٍ ما سيتطلَّبُ طُرقًا مُماثِلةً، إلا أن الشيطان يكمُنُ في التفاصيل، وحجم الكوكبِ سيَجعلُ تفاصيلهُ كبيرة، والمشكل الأكبر يكمنُ، وِفقَ كيسلر، في محاولة تثبيتِ الكوكبِ ثُمَّ تَحريكُه.
حيثُ إنَّ وَضعَ كوكبٍ في نِظامٍ شمسيٍّ مُلائمٍ لتَكوُّن غلافٍ جويٍّ كالغلاف الأرضي قَد يتطلَّبُ وُجودَه في مدارِ كوكبِ الأرض ممَّا قد يؤدي إلى طردِ هذا الأخيرِ خارج النظامِ الشمسي بسبب وجود مدار كوكبٍ مُنافسٍ قريب بِحسَبِ ما يُعرفُ بالرَّنينِ الثقالي.
عِوَض ذلك، يَقترحُ كيسلر أنه من الأسهل تركُ الكوكبِ في مكانِه والعملُ على تغييرِ غلافهِ الجَوي اصطناعيًّا بِالكامل ليُصبح مشابهًا للأرض، وذلكَ بغضِّ النَّظر عن موقِعِه من الشمس، وهو الأمر الذي يحاوِل العلماءُ تحقيقه خلال الثلاثينَ سنةً الأخيرة.
ويُعتبَرُ كوكبُ المريخ خير مِثالٍ على ذلك، فهو أكثرُ مُلائمةً للحفاظ على حياة الإنسان من كوكَبِ الزهرة الذي يَتكوَّن غلافه الجوي من 97% غاز ثنائي أُكسيد الكربون كما تبلغ درجة الحرارة السطحية المطلقة 900 درجة فهرنهايت.
إذ يرى كيسلر أن استخدامَ طرقٍ مثل إطلاق مُذنبات جليدية بشكلٍ دوري نحو سطح المريخ لإيصال تجهيزات المياه، سيُمَكِّنُ العُلماءَ مِن جعلِه مُستقرًا على المدى البعيد وبالتالي مُلائمًا للحياة الإنسانية.
وأضاف: «لا يهم ما تفعله، لن يدوم ذلك إلى الأبد على أية حال».
حوالي 95% من الأجسام الظاهرة في هذا الرسم التوضيحي هي حطام فضائي، أي ليست أقمارًا صناعية وظيفية، ولذلك قامت ناسا بتطوير برامج كتلك التي عمل عليها كيسلر لتحريك وإزالة هذه الأجسام.
أما بالنسبة إلى سؤال المستمع حول تحريك الكواكب إلى مدارٍ ملائم؛ فبالرغمِ من أن الفكرة جيدة إلا أنها ستُواجه مصاعبَ كثيرةً قبلَ أن تُنَفَّذ.
وختم بنصيحةٍ تقول: «الطريقة مُمكنة نظريًا، ولكن عِلميةً كانت أو لا، سيكون مِن الأفضلِ تركُها لقِصَصِ الخَيالِ العلمي».
ظهرتِ الفِكرةُ حين تقدَّم مٌستَمِعٌ لإحدى البرامِج الإذاعية بسُؤالٍ لِعالِم الفيزياء الفَلَكيَّة نيل ديغراس تايسون (Neil DeGrasse Tyson) حول الأمرِ الذي لَم يسبِق للعالِمِ ولا وحتى وِكالة ناسا الانتباهَ إليه:
«هل يُمكن استعمال نفس الأساليب التي يُفَسِّرُ بِها العلماءُ القدرَة على تحريكِ النَّيازِك، لتحريك الكواكب وبالتالي نقلِ كواكِب غيرَ صالحةٍ للحياة نَحوَ مناطق من النظام الشمسي يُمكن وُجودُ الحياةِ فيها؟».
ويُسَمِّي العلماء هذه المناطق بالنطاقات الصالحة للحياة (Goldilocks Zone) والتي تُحَدَّدُ إمكانيةُ العيشِ فيها بِحسَبِ موقعها من الشمس.
وكان جوابُ تايسون على مستمعه عبر البريد الإلكتروني كالتالي:
«سؤالٌ ممتاز، إذا كان هناكَ كَوكبٌ نَرغَبُ في العيشِ فيه، بعيدًا كانَ أو قريبًا، سنقومُ بِنَقلهِ إلى النِّطاق الصَّالحِ للحياة، بِحيثُ تكونُ دَرجةُ الحرارةِ القادِمةِ منَ الشمسِ مناسِبةً لتَكَوُّن مياهٍ سائلة، لا مُتجَمِّدة ولا مُتبَخِّرة».
يبدو الأمرُ خارِجًا عنِ المألوف، لكِنَّه مُمكنٌ نظريًا وِفقَ تايسون وكذا العالِم الكبير دونالد جون كيسلر (Donald J. Kissler)، المتقاعِد من وكالة ناسا حيث كانَ مُتَخصِّصًا في أبحاث الحُطام المداري (NASA’s Orbital Debris Research).
يرى تايسون أنه إذا استطاع العُلماءُ تحريكَ أجسامَ الفضاءِ كالنيازكِ الصغيرة والكبيرة، فإنه لا يوجدُ سَببٌ يمنعُ تحريك الكواكِبِ أيضًا. ويرى كيسلر أن المفهوم بسيطٌ جِدًّا وَمُمكِنٌ تمامًا، إلا أنَّ هناك أمورًا يَجِبُ تَوضيحُها.
حين تلقَّى تايسون السؤال من أحد المستمعينَ خلال برنامَجِه الأسبوعي (Star Talk)، أجاب بكونِ الأمر يحتاجُ إلى كَمٍّ ضَخمٍ من الطاقة اللازمة لِدفع الكواكِب والتي يجِبُ أن تظَلَّ مُسلطةً بصفَةٍ مستَمِرَّةٍ على الكوكب المُرادِ تحريكُه، بالإضافةِ إلى أنَّ هناك فرقًا بين تحريكِ جِسمٍ فضائيٍّ يَتّجهُ للاصطِدامِ بالأرض وإعادة تَموضُعِ كَوكبٍ بِكامِلِه، حيث إن في الحالةِ الأولى، يَكفي تَسريعُ الجِسم أو تبطيئُه وهذا لا يَحتاجُ إلى طاقةٍ كبيرة، وهي الطريقةُ ذاتُها المُتَّبَعةُ لتغيير مسارات الحطام الفضائي في المداراتِ المُنخَفِضةِ حول الأرض.
يُمكن استخدام نَفس مُخَطَّطات مُعالجة الحطام المداري (التي نراها في الصورة أعلاه) لتحريك أجسام فضائية أكبر، إلا أن الأمر لم يُستخدَم على كَواكِبَ لِحّدِّ الآن.
ويُشيرُ تايسون أن العلماءَ اقترحوا عدَّةَ طُرُقٍ لِتحريكِ هذه الأجسام، مِن شَبكاتٍ عملاقةٍ إلى الدفع الصاروخي أو استخدام جاذبية الأقمار الاصطناعية، وبالتالي فإن تحريك كوكبٍ ما سيتطلَّبُ طُرقًا مُماثِلةً، إلا أن الشيطان يكمُنُ في التفاصيل، وحجم الكوكبِ سيَجعلُ تفاصيلهُ كبيرة، والمشكل الأكبر يكمنُ، وِفقَ كيسلر، في محاولة تثبيتِ الكوكبِ ثُمَّ تَحريكُه.
حيثُ إنَّ وَضعَ كوكبٍ في نِظامٍ شمسيٍّ مُلائمٍ لتَكوُّن غلافٍ جويٍّ كالغلاف الأرضي قَد يتطلَّبُ وُجودَه في مدارِ كوكبِ الأرض ممَّا قد يؤدي إلى طردِ هذا الأخيرِ خارج النظامِ الشمسي بسبب وجود مدار كوكبٍ مُنافسٍ قريب بِحسَبِ ما يُعرفُ بالرَّنينِ الثقالي.
عِوَض ذلك، يَقترحُ كيسلر أنه من الأسهل تركُ الكوكبِ في مكانِه والعملُ على تغييرِ غلافهِ الجَوي اصطناعيًّا بِالكامل ليُصبح مشابهًا للأرض، وذلكَ بغضِّ النَّظر عن موقِعِه من الشمس، وهو الأمر الذي يحاوِل العلماءُ تحقيقه خلال الثلاثينَ سنةً الأخيرة.
ويُعتبَرُ كوكبُ المريخ خير مِثالٍ على ذلك، فهو أكثرُ مُلائمةً للحفاظ على حياة الإنسان من كوكَبِ الزهرة الذي يَتكوَّن غلافه الجوي من 97% غاز ثنائي أُكسيد الكربون كما تبلغ درجة الحرارة السطحية المطلقة 900 درجة فهرنهايت.
إذ يرى كيسلر أن استخدامَ طرقٍ مثل إطلاق مُذنبات جليدية بشكلٍ دوري نحو سطح المريخ لإيصال تجهيزات المياه، سيُمَكِّنُ العُلماءَ مِن جعلِه مُستقرًا على المدى البعيد وبالتالي مُلائمًا للحياة الإنسانية.
وأضاف: «لا يهم ما تفعله، لن يدوم ذلك إلى الأبد على أية حال».
حوالي 95% من الأجسام الظاهرة في هذا الرسم التوضيحي هي حطام فضائي، أي ليست أقمارًا صناعية وظيفية، ولذلك قامت ناسا بتطوير برامج كتلك التي عمل عليها كيسلر لتحريك وإزالة هذه الأجسام.
أما بالنسبة إلى سؤال المستمع حول تحريك الكواكب إلى مدارٍ ملائم؛ فبالرغمِ من أن الفكرة جيدة إلا أنها ستُواجه مصاعبَ كثيرةً قبلَ أن تُنَفَّذ.
وختم بنصيحةٍ تقول: «الطريقة مُمكنة نظريًا، ولكن عِلميةً كانت أو لا، سيكون مِن الأفضلِ تركُها لقِصَصِ الخَيالِ العلمي».