النجم (AR Scorpii) يومض كل دقيقتين
يعتقد علماء الفلك أنّهم قد توصلوا أخيرًا إلى حلّ اللغز النّجمي الّذي طالما حيّر العلماء لأكثر من أربعين عامًا، وهو معرفة السبب الكامن خلف الوميض الزاهي الذي يصدر كلّ دقيقتين من النجم «AR Scorpii».
وتشير الملاحظات الجديدة إلى أنّ النظام الذي يتبعه النجم ليس مجرد شيء لم نَره من قبل، بل هو شيء لم يتخيل العلماء يومًا حدوثه، وهو بمثابة تذكير لنا بأنّ ما نعرفه عن ظواهر الكون لايزال قليلًا جدًّا.
يقع هذا النجم على بعد 380 سنة ضوئية داخل التجمع النجمي لكوكبة العقرب، ويرجع تاريخ اكتشافه إلى عام 1970، وقد صنفه العلماء كأحد النجوم المتغيرة.
لكن فريقًا دوليًّا من هواة الفلك لاحظ شيئًا أكثر غرابة حول سلوك النجم في العام الماضي، فهو يتصرف بطريقة فريدة من نوعها.
ثمّ تعاون هواة الفلك مع علماء فلك محترفين؛ وباستخدام مجموعة من التلسكوبات، بما في ذلك تلسكوب هابل والمقراب أو التلسكوب العظيم (هو مجموعة من المقاريب الضوئية تسمى مقراب أنتو، ومقراب كوين، ومقراب ميليبال، ومقراب يوبون مُشكّلة على هيئة مصفوف، بناه »المرصد الأوروبي الجنوبيESO-» وهو الّذي يقوم بتشغيله)، تبيّن أن هذا النجم ليس نجمًا واحدًا بل نجمين. يتشاركان معًا في رقصة عنيفة، إذ يدور كل منهما حول الآخر مرة واحدة كل 3.6 ساعة.
تَشكل الثنائي من قزم أبيض في حجم الأرض لكن كثافته تعادل 200,000 مرة كثافتها، وقزم أحمر بارد يعادل حجمه ثلث حجم الشمس.
ويعتقد العلماء أنّ الوميض المنتظم ينشأ بسبب دوران القزم الأبيض بسرعة شديدة تؤدي إلى تنشيط وتسريع الإلكترونات حتى تصل سرعتها إلى ما يُقارب سرعة الضوء، صانعًا منها سوطًا كونيًا يجلد به شريكه القزم الأحمر، ومسببًا انبعاث نبضة إشعاع كهرومغناطيسي ضخمة كل 1.97 دقيقة، ومن هنا يحدث الوميض.
إنّ تَراوح نبضة الإشعاع من إشعاع فوق بنفسجي إلى ترددات راديوية كان أمرًا غريبًا.
أخبر توماس مارش (الباحث بجامعة وُرِكْ في المملكة المُتحدة) مادلين ستون (الكاتبة بمدونة Gizmodo) قائلًا: «إنّ قوة نبضات الإشعاع الكهرومغناطيسي غير مسبوقة».
في الماضي، كنا نرصد هذا النوع من النبض لدى النجوم النيوترونية التي تكونت من البقايا الناتجة عن الانهيار الجاذبي لنجم ضخم بعد انفجاره.
وبالرغم من أنّ عددًا قليلًا من الأشخاص قد توقعوا أنّ القزم الأبيض قد ينبض بشكل مشابه للنجوم النيوترونية، لكن لم يتوقع أحد على الإطلاق أن يصدر نبض الإشعاع الكهرومغناطيسي من نظام ثنائي عجيب كتلك.
والأكثر غرابة، أن علماء الفلك ليس لديهم أدنى فكرة عن مصدر الإلكترونات فائقة الشحن، ويغلب الظن أنّ مصدرها مرتبط بدوران القزم الأبيض السريع، لكن من المُحتمل أنّها تصدر أيضّا من القزم الأحمر البارد.
قال مارش: «وجود ظاهرة الإلكترونات عالية الطاقة أمر غريب جدًّا، لأن الإلكترونات النسبوية تعصى على الفهم عندما يتعلق الأمر بالأقزام البيضاء التي لا تتسم عمومًا بحدوث ظواهر عالية الطاقة كتلك».
ويضيف: «أعتقد أنا هذا ما يثيرني أكثر، قد يكون ما نراه شكل جديد لمُسرع جسيمات كوني».
لقد نشر الباحثون الآن النتائج في مجلة «Nature«، وعلى الرغم من أنّ اكتشاف نظام نجمي ثنائي يُمثل حادثة فريدة من نوعها ومثيرة، إلّا أنّ إمكانية وجود مزيد من تلك الثنائيات العنيفة في أنحاء الكون يُعد شيئًا مخيفًا.
وسيواصل الفريق استخدام مجموعة التلسكوبات حول العالم لرصد نظام النجم، بما في ذلك (XMM-Newton the) لالتقاط انبعاثات الأشعة السينية والراديوية، آملين أن يُمكنهم ذلك من تحديد مصدر الإلكترونات عالية الشحن.
وفي هذه الأثناء، علينا أن نمتن لكوننا لا نحيا قرب نجم يُجلد كل 1.97 دقيقة بسوط من الجسميات المُسرعة. ونَعي حقيقة أن الكون مكان وحشي للغاية.