قلعة المرقب
تقع قلعة المرقب على بعد 35 كيلومتراً إلى الشمال من مدينة طرطوس، بالقرب من مدينة بانياس الساحلية. وصفها أحد الرحالة الأجانب عندما زارها في القـرن التاسـع عشـــر بقوله: «المرقب أشبه بمدينة فريدة من نوعها، تقع على صخرة كبيرة مشرفة على كل ما حولها، يمكن الوصول إليها في حالة النجدة ولايمكن الوصول إليها في أثناء القتال، النسر والصقر وحدهما يمكنهما التحليق فوق أسـوارها».
كما ورد تعريفها في «معجم البلدان» لياقوت الحموي: «إنها، أي المرقب، اسم الموضع الذي يرقب منه, بلد وقلعة حصينة تشرف على ساحل بحر الشام وعلى مدينة بانياس.».
«أطلق عليها بالعربية اسم المرقب Marqab وباليونانية ماركابوس Markappos ومارشابين Marchapin وبالفرنجية مرغات Margat... الخ». شيدت القلعة فوق ذروة جبل متاخم للبحر، تتخذ الشكل الثلاثي لمحيط قمة التلة، وارتبط وجودها بالصراع العربي البيزنطي وأحداث الحروب الصليبية.
ورد في المصادر العربية التي تعود إلى عام 1047م، أن القلعة أقيمت على أثر بناء قديم في عهد هارون الرشيد، وفي عام 1062م ذكرت هذه المصادر أن أول من بناها هورشيد الدين بن سنان شيخ القبائل العربية الجبلية التي تقيم في المنطقة. وفي عام 1104م شُغلت القلعة من قبل القوات البيزنطية، أما في عام 1116ـ1118م فقد تخلى عنها صاحب المرقب ابن محرز إلى روجر Roger أمير أنطاكية الصليبي بعد مفاوضات طويلة مقابل ولاية أخرى، وبدوره أهدى روجر القلعة إلى أسرة مانسوير Mansoer، وفي عام 1170م أصاب القلعة زلزال، ثم انتقلت في عام 1186م إلى حيازة الإسبيتارية Hospittallers مقابل أجر سنوي.
في عام 1188م مرَّ صلاح الدين بالقلعة في طريقه إلى شمالي سورية ولكنه لم يهاجمها، وفي عام 1204م حاصرها سلطان حلب الملك الظاهر غازي ودمر أجزاء منها. وتفيد المصادر أن السلطان قلاوون قام بتجهيز المنجنيقات وآلات الحديد والنفط والنشاب وشرع بالمسير حتى ظهر أمام القلعة في 17 نيسان 1285م، ونصب المنجنيقات وأدوات الحصار وبدأ القتال واشتد الحصار والقتال حتى بدت الثغرات في الأسوار، وأيقن الفرنج أنهم قتلى فطلبوا الأمان لأنفسهم بعد دفاعهم عن القلعة أكثر من 35يوماً، وقد أجاب السلطان قلاوون بالعفو والأمان رغبة منه في بقاء الحصن، كما وافق لأهل المرقب بالخروج من القلعة مع كل ما يستطيعون حمله، مع خمسة وخمسين حصاناً وبغلاً محملين بما يرغبون، وعلاوة على ذلك سمح لكل فارس بحمل ألفي قطعة ذهبية.
استخدم السلطان قلاوون القلعة مركزاً للتحركات العسكرية ضد الصـليبيين، ووضع فيها حـامية قوية، وأصبحت مركزاً لولاية مهمة ربطت بإمارة طرابلس، ويخلد ذكر فتح القلعة كتابة تذكارية على البرج الأمامي الجنوبي هذا نصها:
«غزا هذه القلعة» المحروسة وبنى هذا البرج المقدس.. السلطان.. قلاوون في أشهر سنة 684هـ ـ 1285م».
تتألف القلعة من قلعة صغيرة داخلية وقلعة خارجية كبيرة، يحيط بها سور مزدوج محصن بأبراج يصعد إليها بوساطة درج يؤدي إلى مدخل ثم ردهة «البرج المربع»، تمتد الأبراج على محيط القلعة وتسيطر على ساحات واسعة، وقد زودت بمرام للسهام والحجارة. شُيد البرج الواقع في الشمال الشرقي زمن سيطرة العرب على القلعة، أما البرج الجنوبي فقد شُيد في عهد قلاوون، وقد حفر خندق عميق عند الجهة الشرقية من القلعة لتوفير الحماية والمنعة. ومن منشآت القلعة المسجد والثكنة إضافة إلى إسطبلات ومخازن ومستودعات.
وفي القلعة كنيسة يعود تاريخها إلى نهاية القرن الثاني عشر الميلادي، وقد تحولت إلى مسجد بعد الفتح العربي الإسلامي. اتبع البناؤون في بنائها مخطط الكنائس التي انتشرت في أوربا في القرن الحادي عشر، فهي مستطيلة الشكل يبلغ طولها 23.64متراً وعرضها 9.9متر، ولها ست نوافذ تساعد على التهوية والإنارة أما البهو فهو يتألف من ردهتين مرتفعتين تنتهيان في صدر الكنيسة ذي الحنية المستديرة، وتستند عقود الكنيسة على دعائم، يفصل الرواقين قوس متين يرتكز على عمـودين يعلوهما تيجان كورنثية.
تجري في القلعة حالياً أعمال ترميم وصيانة وتقوية وإظهار، كما أنها أدرجت في مشروعات التعاون مع الاتحاد الأوربي الهادفة إلى توثيق التراث الدفاعي لدول البحر المتوسط. وهي من أهم المواقع التاريخية والسياحية في سورية والمنطقة.
جمال حـيدر
كما ورد تعريفها في «معجم البلدان» لياقوت الحموي: «إنها، أي المرقب، اسم الموضع الذي يرقب منه, بلد وقلعة حصينة تشرف على ساحل بحر الشام وعلى مدينة بانياس.».
«أطلق عليها بالعربية اسم المرقب Marqab وباليونانية ماركابوس Markappos ومارشابين Marchapin وبالفرنجية مرغات Margat... الخ». شيدت القلعة فوق ذروة جبل متاخم للبحر، تتخذ الشكل الثلاثي لمحيط قمة التلة، وارتبط وجودها بالصراع العربي البيزنطي وأحداث الحروب الصليبية.
ورد في المصادر العربية التي تعود إلى عام 1047م، أن القلعة أقيمت على أثر بناء قديم في عهد هارون الرشيد، وفي عام 1062م ذكرت هذه المصادر أن أول من بناها هورشيد الدين بن سنان شيخ القبائل العربية الجبلية التي تقيم في المنطقة. وفي عام 1104م شُغلت القلعة من قبل القوات البيزنطية، أما في عام 1116ـ1118م فقد تخلى عنها صاحب المرقب ابن محرز إلى روجر Roger أمير أنطاكية الصليبي بعد مفاوضات طويلة مقابل ولاية أخرى، وبدوره أهدى روجر القلعة إلى أسرة مانسوير Mansoer، وفي عام 1170م أصاب القلعة زلزال، ثم انتقلت في عام 1186م إلى حيازة الإسبيتارية Hospittallers مقابل أجر سنوي.
قلعة المرقب |
استخدم السلطان قلاوون القلعة مركزاً للتحركات العسكرية ضد الصـليبيين، ووضع فيها حـامية قوية، وأصبحت مركزاً لولاية مهمة ربطت بإمارة طرابلس، ويخلد ذكر فتح القلعة كتابة تذكارية على البرج الأمامي الجنوبي هذا نصها:
«غزا هذه القلعة» المحروسة وبنى هذا البرج المقدس.. السلطان.. قلاوون في أشهر سنة 684هـ ـ 1285م».
تتألف القلعة من قلعة صغيرة داخلية وقلعة خارجية كبيرة، يحيط بها سور مزدوج محصن بأبراج يصعد إليها بوساطة درج يؤدي إلى مدخل ثم ردهة «البرج المربع»، تمتد الأبراج على محيط القلعة وتسيطر على ساحات واسعة، وقد زودت بمرام للسهام والحجارة. شُيد البرج الواقع في الشمال الشرقي زمن سيطرة العرب على القلعة، أما البرج الجنوبي فقد شُيد في عهد قلاوون، وقد حفر خندق عميق عند الجهة الشرقية من القلعة لتوفير الحماية والمنعة. ومن منشآت القلعة المسجد والثكنة إضافة إلى إسطبلات ومخازن ومستودعات.
وفي القلعة كنيسة يعود تاريخها إلى نهاية القرن الثاني عشر الميلادي، وقد تحولت إلى مسجد بعد الفتح العربي الإسلامي. اتبع البناؤون في بنائها مخطط الكنائس التي انتشرت في أوربا في القرن الحادي عشر، فهي مستطيلة الشكل يبلغ طولها 23.64متراً وعرضها 9.9متر، ولها ست نوافذ تساعد على التهوية والإنارة أما البهو فهو يتألف من ردهتين مرتفعتين تنتهيان في صدر الكنيسة ذي الحنية المستديرة، وتستند عقود الكنيسة على دعائم، يفصل الرواقين قوس متين يرتكز على عمـودين يعلوهما تيجان كورنثية.
تجري في القلعة حالياً أعمال ترميم وصيانة وتقوية وإظهار، كما أنها أدرجت في مشروعات التعاون مع الاتحاد الأوربي الهادفة إلى توثيق التراث الدفاعي لدول البحر المتوسط. وهي من أهم المواقع التاريخية والسياحية في سورية والمنطقة.
جمال حـيدر