الـرمـزيــة في الأدب الجــاهـلي
رفاه الدروبي:
رأى الباحث عبد الله نفاخ أنَّ الرمزية في الأدب الجاهلي عبق ودقيق وخلافي وإرث أدبي عظيم مايزال يراه كبار أهل الأدب أعلى أنماط أدبنا العربي وأرقاها كلام عبد الله ورد في مستهل ندوة بعنوان «الرمزية في الشعر الجاهلي» قدَّمها في المركز الثقافي في المزة.
وأشار إلى أنَّ مفهوم الرمزية الاصطلاحي لم يكن تشكَّل بعد في الذهنية العربية أيامئذ ولكن المشتغل في التراث من أهل الذوق والفقه والولوج إلى أعماق النصوص متفقون على أنَّ أثراً له في أدب الجاهلين وإن اختلفوا فيما بعده على درجة ظهوره وطريقته، لافتاً إلى أنَّ نظرة دقيقة لرسوم من عاشوا العصر الحجري على قدر مغاراتهم نجد أنَّها تنطق بالرمزية ليست كالحداثيين في عمقها ودلالاتها لكنَّها تتناسب وعقول أصحابها البدائيين والعرب أهل البيان والفصاحة ساكنو الوهاد والقفار حيث تتجلى الطبيعة في محسوساتها ومظاهرها الوجودية الكبرى، وتتصف في المعاني والمشاعر النابضة فيهم.
الباحث نفاخ أكَّد أنَّ الرمزية عند شعراء الجاهلية ليست كالأوروبيين المبنية على أسس ومفاهيم ثقافية وفكرية بدأت تغزو أدبهم مقترنة بالطوفان الرومانسي العارم والسائد بعد الثورة الصناعية وطغيان المادة وليست كرمزية الحداثيين العرب، مُنوِّهاً أنَّها كانت مزيجاً من الشاعرية واستدعاء الثقافات البائدة والحاضرة لتجميل النص وبدلالات الهروب أولاً وأخيراً بل لم تبلغ الإدراك عند أكثر من استعملوها و إن ابتغينا الدقة ظهرت في أشعارهم للحسِّ قوية تغلب بإدراك العرب في فطرتهم خلال الجاهلية وامتزاجهم الشديد بالطبيعة الآسرة كانت تتوهج سرائرهم بما لايخدم أشعار أحفادهم في العصرين الأموي والعباسي أشد مابرزت عند أبي تمام فكانت رمزيته فكرية ظهر فيها أثر الفلسفات وشاعت في عصره وليست رمزية الحسّ الشفاف والمتوهج المعروفة في الجاهلية.
ثم تابع الباحث عبد الله موضوعه بأنَّ سؤالاً يطرق الأذهان عن عدم إبراز رمزية الجاهليين في الكلام أكثر من النقاد العرب القدامى وكثير من المحدثين والسبب يعود حسب أحد العلماء بأنَّ الجاهلي ليست في حياته إلا خيمته وفريسته وغزوات ضمن إطار بسيط فكان ينظر إلى العصر الجاهلي بالتسطح وقال امرؤ القيس بعد أن بلغه مصرع أبيه:
وَلَيلٍ كَمَوجِ البَحرِ أَرخى سُدولَهُ
عَلَيَّ بِأَنواعِ الهُمومِ لِيَبتَلي
بينما بيّن بأنَّه لو توجهنا إلى فنيته البازخة فلانجد إلا الكثير من الحور كرمزية واضحة جلية في مواطن كثيرة منه، ولعل مظاهرها البسيطة نراها في تصوير الدنيا موحشة كئيبة في المقدمات الطللية بقصيدة الرثاء وبهيجة ونضج بالحياة في المديح كما برزت في قصيدة زهير بن أبي سلمى:
بِهَا العِيْنُ وَالأَرْآمُ يَمْشِينَ خِلْفَـةً
وَأَطْلاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ
فيما رأى بأنَّ الأدب الجاهلي أعلى آداب العرب احتوى لغة فنية واكتمالاً إبداعياً مدهشاً يثير الاستغراب أن يخرج من بسطاء في جزيرتهم لكنَّهم في الواقع استعانوا بعيشتهم الفطرية نسبياً وبحدة جوارحهم وأحاسيسهم كي يبنوا بناءً أدبياً مايزال يسطع ويتوهَّج وتعاد قراءته على وجوه مختلفة بعد عشرات القرون.
رفاه الدروبي:
رأى الباحث عبد الله نفاخ أنَّ الرمزية في الأدب الجاهلي عبق ودقيق وخلافي وإرث أدبي عظيم مايزال يراه كبار أهل الأدب أعلى أنماط أدبنا العربي وأرقاها كلام عبد الله ورد في مستهل ندوة بعنوان «الرمزية في الشعر الجاهلي» قدَّمها في المركز الثقافي في المزة.
وأشار إلى أنَّ مفهوم الرمزية الاصطلاحي لم يكن تشكَّل بعد في الذهنية العربية أيامئذ ولكن المشتغل في التراث من أهل الذوق والفقه والولوج إلى أعماق النصوص متفقون على أنَّ أثراً له في أدب الجاهلين وإن اختلفوا فيما بعده على درجة ظهوره وطريقته، لافتاً إلى أنَّ نظرة دقيقة لرسوم من عاشوا العصر الحجري على قدر مغاراتهم نجد أنَّها تنطق بالرمزية ليست كالحداثيين في عمقها ودلالاتها لكنَّها تتناسب وعقول أصحابها البدائيين والعرب أهل البيان والفصاحة ساكنو الوهاد والقفار حيث تتجلى الطبيعة في محسوساتها ومظاهرها الوجودية الكبرى، وتتصف في المعاني والمشاعر النابضة فيهم.
الباحث نفاخ أكَّد أنَّ الرمزية عند شعراء الجاهلية ليست كالأوروبيين المبنية على أسس ومفاهيم ثقافية وفكرية بدأت تغزو أدبهم مقترنة بالطوفان الرومانسي العارم والسائد بعد الثورة الصناعية وطغيان المادة وليست كرمزية الحداثيين العرب، مُنوِّهاً أنَّها كانت مزيجاً من الشاعرية واستدعاء الثقافات البائدة والحاضرة لتجميل النص وبدلالات الهروب أولاً وأخيراً بل لم تبلغ الإدراك عند أكثر من استعملوها و إن ابتغينا الدقة ظهرت في أشعارهم للحسِّ قوية تغلب بإدراك العرب في فطرتهم خلال الجاهلية وامتزاجهم الشديد بالطبيعة الآسرة كانت تتوهج سرائرهم بما لايخدم أشعار أحفادهم في العصرين الأموي والعباسي أشد مابرزت عند أبي تمام فكانت رمزيته فكرية ظهر فيها أثر الفلسفات وشاعت في عصره وليست رمزية الحسّ الشفاف والمتوهج المعروفة في الجاهلية.
ثم تابع الباحث عبد الله موضوعه بأنَّ سؤالاً يطرق الأذهان عن عدم إبراز رمزية الجاهليين في الكلام أكثر من النقاد العرب القدامى وكثير من المحدثين والسبب يعود حسب أحد العلماء بأنَّ الجاهلي ليست في حياته إلا خيمته وفريسته وغزوات ضمن إطار بسيط فكان ينظر إلى العصر الجاهلي بالتسطح وقال امرؤ القيس بعد أن بلغه مصرع أبيه:
وَلَيلٍ كَمَوجِ البَحرِ أَرخى سُدولَهُ
عَلَيَّ بِأَنواعِ الهُمومِ لِيَبتَلي
بينما بيّن بأنَّه لو توجهنا إلى فنيته البازخة فلانجد إلا الكثير من الحور كرمزية واضحة جلية في مواطن كثيرة منه، ولعل مظاهرها البسيطة نراها في تصوير الدنيا موحشة كئيبة في المقدمات الطللية بقصيدة الرثاء وبهيجة ونضج بالحياة في المديح كما برزت في قصيدة زهير بن أبي سلمى:
بِهَا العِيْنُ وَالأَرْآمُ يَمْشِينَ خِلْفَـةً
وَأَطْلاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ
فيما رأى بأنَّ الأدب الجاهلي أعلى آداب العرب احتوى لغة فنية واكتمالاً إبداعياً مدهشاً يثير الاستغراب أن يخرج من بسطاء في جزيرتهم لكنَّهم في الواقع استعانوا بعيشتهم الفطرية نسبياً وبحدة جوارحهم وأحاسيسهم كي يبنوا بناءً أدبياً مايزال يسطع ويتوهَّج وتعاد قراءته على وجوه مختلفة بعد عشرات القرون.