ابتداءً من شهر أغسطس، ستقيد الصين تصدير الغاليوم والجرمانيوم، وهما عنصران بالغا الأهمية في صناعة شرائح أشباه الموصلات. مع سيطرة الصين على الإمداد بهذين العنصرين، سيحتاج المصدرون الآن إلى رخصٍ خاصة لإخراجهما من البلد. تطرح هذه الخطوة إمكانية الإضرار بقطاع من مصنّعي التكنولوجيا في الغرب الذين يستعملون هذه العناصر لصناعة منتجاتهم.
يقال إن هذه الخطوة جاءت ردًّا على القيود الغربية على المعدات الحيوية لصناعة الأجهزة من أشباه الموصلات. علاوةً على كل ذلك، فإن القانون الأمريكي للشرائح والعلوم لعام 2022 قلّص من صادرات الشرائح الإلكترونية عالية الجودة إلى الصين، الذي سيؤثر على قدرة الصين في الحوسبة عالية الأداء في مجالاتٍ مثل الدفاع. فرضت بلدانٌ أخرى مثل اليابان وهولندا قيودًا شبيهةً أيضًا.
إذن ما مدى أهمية هذه القيود وماذا يُرجّح أن تكون تبعاتها؟
أهمية الغاليوم والجرمانيوم
يُعد السيليكون أكثر مادة تُستعمل في أشباه الموصلات، وهو متوفرٌ بكثرة. لكن الجرمانيوم والغاليوم لهما خصائص فريدة يصعب استنساخها، لذا يقتصر استعمالها على تطبيقاتٍ نادرةٍ وفريدة. إذ تُدمج في أجهزة لا تقع تحت حصرٍ، منها الهواتف الذكية والحواسيب والألواح الشمسية والمعدّات الطبية بالإضافة إلى التطبيقات العسكرية.
إن كلا العنصرين بالغا الأهمية في التقدّم التكنولوجي على مدى السنوات القادمة. الجرمانيوم بالذات مفيد في تكنولوجيات الفضاء مثل الخلايا الشمسية لأنه أكثر مقاومةً للإشعاع الشمسي من السيليكون. نظرًا لوجود حدودٍ ماديةٍ للسيليكون قد اقتربت بعض التكنولوجيات من بلوغها، ثمة اقتراح أن الاستعمال المتزايد للجرمانيوم يشكل طريقةٌ لتجاوز هذه الحدود. إذ أنه يُستعمل بالفعل بكميات صغيرة في بعض أشباه الموصلات. لتحسين بعض الخصائص كتدفق الإلكترونات والتوصيل الحراري.
أما بالنسبة للغاليوم، فيُستعمل 95% منه في مادة تُسمى زرنيخيد الغاليوم، وهي تُستعمل في أشباه موصّلاتٍ بأداء أعلى من السيليكون واستهلاك أقلّ للطاقة. وتُستعمل أشباه الموصّلات هذه في أشياء مثل مصابيح LED وأجهزة المايكرويف.
بينما يُستعمل نيتريد الغاليوم في أشباه الموصّلات في مكونات لأشياء مثل السيارات الكهربائية والمستشعرات والاتصالات اللاسلكية عالية الجودة ومصابيح LED ومشغلات بلو-راي. ويُتوقّع أن يتزايد استعمالها بكثرة.
كل من الغاليوم والجرمانيوم موجود على لائحة العناصر بالغة الأهمية للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. بينما تعتبر المملكة المتحدة الغاليوم بالغ الأهمية لمصالحها الصناعية، رغم أنها ترى الجرمانيوم أقل أهمية.
من أين تأتي هذه العناصر؟
تتحكم الصين في ما يقارب 60% من إمدادات الجرمانيوم. يُشتق العنصر بطريقتين أساسيتين، إما كحصيلة ثانويّةٍ لإنتاج الزنك وإما من الفحم. تمثل الطريقة الأولى نسبة 75% من الإمداد بينما تمثل الثانية نسبة 25%. أي أن الصين تهيمن على الجرمانيوم المشتق من إنتاج الزنك.
تُعد الولايات المتحدة من المزوّدين البدلاء، إذ توجد رواسب في ألاسكا وتينيسي ومنشآت تكريرٍ إضافية في كندا. لكن حاليًّا تظل الولايات المتحدة معتمدةً على الجرمانيوم المُستورد بنسبة تزيد عن 50%.
للجرمانيوم المشتق من الفحم عدة سلبيات. تعد روسيا وأوكرانيا إثنين من أكبر المنتجين وقد أثرت الحرب على الإمدادات القادمة من البلدين إلى الغرب. منذ سنة 2017 إلى 2020، كانت روسيا تزود الولايات المتحدة بنسبة 9% من احتياجاتها مثلاً، لكن يرجح أن الأمر قد انتهى. ردًّا على القيود الصينية، تخطط روسيا لزيادة إنتاج الجرمانيوم لسوقها المحلي. قد يخفف الأمر على الأقل من الطلب العالمي، حتى وإن لم يساعد الغرب مباشرة.
إن الجرمانيوم المشتق من الفحم تحت رحمة قطاع الطاقة أيضًا، إذ أن أنواعًا من الفحم الغنية بهذا العنصر تحرق لتستعمل كمصدر للطاقة. إضافة إلى ذلك، سيصبح الحصول على الجرمانيوم من الفحم أصعب لأن الكثير من بلدان العالم تسعى إلى التخلي عن الطاقة الآتية من الفحم، ما قد يضيّق على الإمداد.
بالنسبة للغاليوم، تمتلك الصين قرابة 80% من الإمداد في العالم، وتشتقه غالبًا من إنتاج الألمنيوم. حقيقةً، لا يوجد نقصٌ في الغاليوم، لكن حتى قبل الضوابط الجديدة، كان الإمداد مقيدًا بنقص في طاقة الإنتاج.
يمكن الحصول على الغاليوم أيضًا من خلال إعادة تدوير رقائق أشباه الموصلات، وهي شرائح من أشباه الموصلات تُستعمل في الدوائر الإلكترونية. لكن عندما تدمج الدوائر في المنتجات، تكون كميات الغاليوم في كلٍّ منها ضئيلة جدا لدرجة أن إعادة تدويرها يصبح تحدّيًا. تذكر دراسة نشرتها مجلة Nature communications في 2022 أن الغاليوم «يكاد يكون غير قابل لإعادة التدوير بطريقة تبقي على وظيفته» عندما يكون منتجًا نهائيًّا
التبعات
إن التأثير الشامل لنظام التصدير الجديد الذي وضعته الصين يعتمد على عددٍ من العوامل، من بينها الصرامة في تطبيق الضوابط وردة فعل الحكومات والشركات الغربية. أما حاليًّا، فيبدو أن الضوابط ستؤدي إلى ارتفاعٍ في أسعار الغاليوم والجرمانيوم، إضافةً إلى استغراق التوصيل لوقتٍ أطول.
ربما سيصعّب ذلك إنتاج الأجهزة الإلكترونية وسيصبح أكثر كلفةً للشركات، ما قد يؤدّي إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين. قد يجعل ذلك من منافسة الشركات الصينية أصعب بالنسبة للشركات الغربية. يشير ذلك إلى تأثير الشرائح الإلكترونية على الاقتصاد العالمي، ويذكرنا بما حدث من نقصٍ فيها خلال جائحة كوفيد وكيف أثر ذلك تأثيرًا بليغًا على صناعات التكنولوجيا.
يصعب التكهن بالآثار طويلة المدى لهذه الضوابط لأن العديد من العوامل تتداخل. تكديس هذه العناصر قد يساعد إلى حدٍّ ما: إذ تقول الولايات المتحدة أنها تحتفظ بمخزونٍ من الجرمانيوم، ولكن ليس الغاليوم.
ربما يُضطر المُصنعون في الغرب إلى تنويع سلاسل الإمداد لديهم عن طريق الحصول على مكونات تتضمن العناصر المطلوبة من بلدان تنوي الصين أن تُصدّر الصين إليها. وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار والمزيد من التعقيد.
يمكن أن تكون زيادة الإنتاج من مصادر بديلةٍ وسيلةً أخرى. ففي الماضي، كان الجرمانيوم يُشتق من الأملاح المستخرجة من المناجم بألمانيا وأمريكا اللاتينية و إفريقيا، إذن يمكن أن يُعاد طرح هذه الخيارات. ثمة أيضًا إمكانية الاستثمار في البحث لابتكار أجهزةٍ تعوّل أقل على هذه المواد بالغة الأهمية، لكن ذلك سيأخذ وقتًا.
من الواضح أن هذه الخطوة هي تصعيدٌ معتبر في الحرب التكنولوجية بين الصين والغرب. المقلق في الأمر هو أنها قد تذهب إلى ما أبعد من ذلك، إذ تسيطر الصين على الإمداد في مجال واسعٍ من المواد الحيوية المعروفة بالمعادن النادرة، بالإضافة إلى موادّ أخرى لازمةٍ للانتقال الطاقي. فحتى قبل التصعيد في العدائيات خلال السنوات القليلة الماضية، استعملت الصين هيمنتها على موادّ معينة كورقة ضغط في الخلافات المتعلقة بالمسائل التجارية.
لذا يعتبر هذا التطور الأخير مثيرًا للقلق على أقل تقدير. في زمن تواجه البشرية فيه تحدّياتٍ أكبر من أي وقتٍ مضى، آخر ما يحتاجه الجميع هو ظهور قوميّات جديدة تتمحور حول الموارد.
يقال إن هذه الخطوة جاءت ردًّا على القيود الغربية على المعدات الحيوية لصناعة الأجهزة من أشباه الموصلات. علاوةً على كل ذلك، فإن القانون الأمريكي للشرائح والعلوم لعام 2022 قلّص من صادرات الشرائح الإلكترونية عالية الجودة إلى الصين، الذي سيؤثر على قدرة الصين في الحوسبة عالية الأداء في مجالاتٍ مثل الدفاع. فرضت بلدانٌ أخرى مثل اليابان وهولندا قيودًا شبيهةً أيضًا.
إذن ما مدى أهمية هذه القيود وماذا يُرجّح أن تكون تبعاتها؟
أهمية الغاليوم والجرمانيوم
يُعد السيليكون أكثر مادة تُستعمل في أشباه الموصلات، وهو متوفرٌ بكثرة. لكن الجرمانيوم والغاليوم لهما خصائص فريدة يصعب استنساخها، لذا يقتصر استعمالها على تطبيقاتٍ نادرةٍ وفريدة. إذ تُدمج في أجهزة لا تقع تحت حصرٍ، منها الهواتف الذكية والحواسيب والألواح الشمسية والمعدّات الطبية بالإضافة إلى التطبيقات العسكرية.
إن كلا العنصرين بالغا الأهمية في التقدّم التكنولوجي على مدى السنوات القادمة. الجرمانيوم بالذات مفيد في تكنولوجيات الفضاء مثل الخلايا الشمسية لأنه أكثر مقاومةً للإشعاع الشمسي من السيليكون. نظرًا لوجود حدودٍ ماديةٍ للسيليكون قد اقتربت بعض التكنولوجيات من بلوغها، ثمة اقتراح أن الاستعمال المتزايد للجرمانيوم يشكل طريقةٌ لتجاوز هذه الحدود. إذ أنه يُستعمل بالفعل بكميات صغيرة في بعض أشباه الموصلات. لتحسين بعض الخصائص كتدفق الإلكترونات والتوصيل الحراري.
أما بالنسبة للغاليوم، فيُستعمل 95% منه في مادة تُسمى زرنيخيد الغاليوم، وهي تُستعمل في أشباه موصّلاتٍ بأداء أعلى من السيليكون واستهلاك أقلّ للطاقة. وتُستعمل أشباه الموصّلات هذه في أشياء مثل مصابيح LED وأجهزة المايكرويف.
بينما يُستعمل نيتريد الغاليوم في أشباه الموصّلات في مكونات لأشياء مثل السيارات الكهربائية والمستشعرات والاتصالات اللاسلكية عالية الجودة ومصابيح LED ومشغلات بلو-راي. ويُتوقّع أن يتزايد استعمالها بكثرة.
كل من الغاليوم والجرمانيوم موجود على لائحة العناصر بالغة الأهمية للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. بينما تعتبر المملكة المتحدة الغاليوم بالغ الأهمية لمصالحها الصناعية، رغم أنها ترى الجرمانيوم أقل أهمية.
من أين تأتي هذه العناصر؟
تتحكم الصين في ما يقارب 60% من إمدادات الجرمانيوم. يُشتق العنصر بطريقتين أساسيتين، إما كحصيلة ثانويّةٍ لإنتاج الزنك وإما من الفحم. تمثل الطريقة الأولى نسبة 75% من الإمداد بينما تمثل الثانية نسبة 25%. أي أن الصين تهيمن على الجرمانيوم المشتق من إنتاج الزنك.
تُعد الولايات المتحدة من المزوّدين البدلاء، إذ توجد رواسب في ألاسكا وتينيسي ومنشآت تكريرٍ إضافية في كندا. لكن حاليًّا تظل الولايات المتحدة معتمدةً على الجرمانيوم المُستورد بنسبة تزيد عن 50%.
للجرمانيوم المشتق من الفحم عدة سلبيات. تعد روسيا وأوكرانيا إثنين من أكبر المنتجين وقد أثرت الحرب على الإمدادات القادمة من البلدين إلى الغرب. منذ سنة 2017 إلى 2020، كانت روسيا تزود الولايات المتحدة بنسبة 9% من احتياجاتها مثلاً، لكن يرجح أن الأمر قد انتهى. ردًّا على القيود الصينية، تخطط روسيا لزيادة إنتاج الجرمانيوم لسوقها المحلي. قد يخفف الأمر على الأقل من الطلب العالمي، حتى وإن لم يساعد الغرب مباشرة.
إن الجرمانيوم المشتق من الفحم تحت رحمة قطاع الطاقة أيضًا، إذ أن أنواعًا من الفحم الغنية بهذا العنصر تحرق لتستعمل كمصدر للطاقة. إضافة إلى ذلك، سيصبح الحصول على الجرمانيوم من الفحم أصعب لأن الكثير من بلدان العالم تسعى إلى التخلي عن الطاقة الآتية من الفحم، ما قد يضيّق على الإمداد.
بالنسبة للغاليوم، تمتلك الصين قرابة 80% من الإمداد في العالم، وتشتقه غالبًا من إنتاج الألمنيوم. حقيقةً، لا يوجد نقصٌ في الغاليوم، لكن حتى قبل الضوابط الجديدة، كان الإمداد مقيدًا بنقص في طاقة الإنتاج.
يمكن الحصول على الغاليوم أيضًا من خلال إعادة تدوير رقائق أشباه الموصلات، وهي شرائح من أشباه الموصلات تُستعمل في الدوائر الإلكترونية. لكن عندما تدمج الدوائر في المنتجات، تكون كميات الغاليوم في كلٍّ منها ضئيلة جدا لدرجة أن إعادة تدويرها يصبح تحدّيًا. تذكر دراسة نشرتها مجلة Nature communications في 2022 أن الغاليوم «يكاد يكون غير قابل لإعادة التدوير بطريقة تبقي على وظيفته» عندما يكون منتجًا نهائيًّا
التبعات
إن التأثير الشامل لنظام التصدير الجديد الذي وضعته الصين يعتمد على عددٍ من العوامل، من بينها الصرامة في تطبيق الضوابط وردة فعل الحكومات والشركات الغربية. أما حاليًّا، فيبدو أن الضوابط ستؤدي إلى ارتفاعٍ في أسعار الغاليوم والجرمانيوم، إضافةً إلى استغراق التوصيل لوقتٍ أطول.
ربما سيصعّب ذلك إنتاج الأجهزة الإلكترونية وسيصبح أكثر كلفةً للشركات، ما قد يؤدّي إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين. قد يجعل ذلك من منافسة الشركات الصينية أصعب بالنسبة للشركات الغربية. يشير ذلك إلى تأثير الشرائح الإلكترونية على الاقتصاد العالمي، ويذكرنا بما حدث من نقصٍ فيها خلال جائحة كوفيد وكيف أثر ذلك تأثيرًا بليغًا على صناعات التكنولوجيا.
يصعب التكهن بالآثار طويلة المدى لهذه الضوابط لأن العديد من العوامل تتداخل. تكديس هذه العناصر قد يساعد إلى حدٍّ ما: إذ تقول الولايات المتحدة أنها تحتفظ بمخزونٍ من الجرمانيوم، ولكن ليس الغاليوم.
ربما يُضطر المُصنعون في الغرب إلى تنويع سلاسل الإمداد لديهم عن طريق الحصول على مكونات تتضمن العناصر المطلوبة من بلدان تنوي الصين أن تُصدّر الصين إليها. وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار والمزيد من التعقيد.
يمكن أن تكون زيادة الإنتاج من مصادر بديلةٍ وسيلةً أخرى. ففي الماضي، كان الجرمانيوم يُشتق من الأملاح المستخرجة من المناجم بألمانيا وأمريكا اللاتينية و إفريقيا، إذن يمكن أن يُعاد طرح هذه الخيارات. ثمة أيضًا إمكانية الاستثمار في البحث لابتكار أجهزةٍ تعوّل أقل على هذه المواد بالغة الأهمية، لكن ذلك سيأخذ وقتًا.
من الواضح أن هذه الخطوة هي تصعيدٌ معتبر في الحرب التكنولوجية بين الصين والغرب. المقلق في الأمر هو أنها قد تذهب إلى ما أبعد من ذلك، إذ تسيطر الصين على الإمداد في مجال واسعٍ من المواد الحيوية المعروفة بالمعادن النادرة، بالإضافة إلى موادّ أخرى لازمةٍ للانتقال الطاقي. فحتى قبل التصعيد في العدائيات خلال السنوات القليلة الماضية، استعملت الصين هيمنتها على موادّ معينة كورقة ضغط في الخلافات المتعلقة بالمسائل التجارية.
لذا يعتبر هذا التطور الأخير مثيرًا للقلق على أقل تقدير. في زمن تواجه البشرية فيه تحدّياتٍ أكبر من أي وقتٍ مضى، آخر ما يحتاجه الجميع هو ظهور قوميّات جديدة تتمحور حول الموارد.