أدى وقوف المجتمع الدولي مكتوف اليدين اتجاه مشكلة التخلص من انبعاثات الكربون الناجمة عن احتراق الوقود الأحفوري الذي بدأ يظهر مع الثورة الصناعية العالمية إلى خسائر فادحة فاقت بكثير تكاليف إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي.
ما نراه اليوم من حرائق وفيضانات كارثية خير دليل على ما قد ينتج عن التقاعس عن التحرك الجاد بشأن تغير المناخ. قد تكون المعلومة بديهية الآن، غير أنها حازت على انتباه الجميع قبل 15 سنة.
استخدمت حكومات مجموعة السبع التحليل الاقتصادي لأول مرة في توضيح ضرورة الحد من انبعاثات الغازات وحل قضية الاحتباس الحراري في تقرير ستيرن لاقتصاديات تغير المناخ الصادر في عام 2006.
الآن وبعد مرور عقد ونصف على التقرير، توضحت الصورة بشأن استنتاجاته وتوصياته أكثر من أي وقت مضى.
كشف التقرير أيضًا عن ضيق أفق استخدام النماذج الاقتصادية التقليدية للإجابة عن الأسئلة التحويلية الرئيسية التي تخص المناخ، إلا أنه شجع الاقتصاديين على التسابق فيما بينهم بهدف إظهار فرضياتهم بشأن التكلفة التي أفضت إلى نتائج متناقضة في نهاية الأمر.
تُعد المشكلة السابقة أزلية في علم الاقتصاد، إذ دائمًا ما تفترض النماذج التقليدية معرفة الاقتصاديين المسبقة بما ستكون عليه تكاليف التقنيات الجديدة والتفضيلات والسلوكيات في المستقبل، التي ستحدد تكلفة تحويل نمط حياتنا الحالي الضار بالكوكب إلى نمط الحياة الذي لا يعرض كوكبنا للخطر.
بمعنى آخر، عادةً ما تحدد النماذج الاقتصادية التقليدية اهتماماتنا مسبقًا بناءً على فرضيات قد لا تكون دقيقة بالضرورة.
تعتمد النماذج الاقتصادية التقليدية على تحليل التكلفة والفائدة في دراساتها، إلا أن هذا التحليل غير كاف لتقييم المخاطر والتحولات الكبيرة عند مواجهة تحديات تغير المناخ، ما جعل الأساليب التقليدية المتبعة تقلل باستمرار من جدية المخاطر الناجمة عن تغير المناخ، وتبالغ في تقدير تكاليف النشاطات التي ستؤدي إلى خفض انبعاثات الكربون، ما سيؤجل التحرك بشأن تغير المناخ في كل مرة.
قد يكون التنبؤ بتكلفة إصلاح مشكلات التغير المناخي أمرًا معقدًا جدًا، لكن ما هو مؤكد أن تبني تقنيات جديدة ومتطورة بأسرع ما يمكن سيحفز الإبداع والابتكار في شتى مجالات الاقتصاد، وسيولّد تجارب وعلوم جديدة تدوم طويلًا، عدا عن كونه سيطلق العنان لمزيد من الاكتشافات وبذلك المزيد من الإنتاجات الجديدة.
ستقوم الشركات حينها بتصنيع منتجاتها وتوزيعها بذكاء وكفاءة عاليتين، فتؤدي إلى خفض التكاليف وتوليد حلقة من نشر التقنيات الجذابة التي يتبعها المزيد من الابتكارات والاستثمارات طويلة الأمد.
انخفضت اليوم تكلفة توليد الكهرباء باستخدام ألواح الطاقة الشمسية وتكاليف تخزينها في بطاريات الليثيوم أيون بأكثر من 80% خلال العقد الماضي، الأمر الذي لم يقلل من انبعاثات الكربون فحسب، إنما وفر للناس مصدرًا رخيصًا للاستفادة من الكهرباء المنزلية وسيارات كهربائية بأداء أعلى ما كانت ستحصل عليه لولا اختراع توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية.
يُعد المثال السابق أحد الاختراعات التي لم يتنبأ الاقتصاديون بها، ولم تكن الأسواق الاقتصادية بأفكارها التقليدية وحدها قادرة على تحقيقها أبدًا.
الجيد في الأمر أن قدرة توليد الطاقة المتجددة نمت أسرع مما توقعه أي أحد؛ بسبب الانخفاض الكبير لتكاليف تركيب مصادر الطاقة المتجددة وتشغيلها، وذلك وفقًا للجنة تغير المناخ.
يتضح جليًا أن النماذج الاقتصادية التقليدية غير قادرة على مواكبة هذا النمو وما يتبعه من ديناميكيات مزعزعة للاستقرار ناجمة عن خفض متسارع للتكاليف.
لذلك نستنتج أن النماذج التقليدية للتنبؤ بأحوال الاقتصاد والطاقة كانت خاطئة بوضوح منذ عقود.
لا يمكن لتحليل التكلفة والفائدة إعطاء الجواب الكافي عما سيكلف التخلص من انبعاثات الكربون على المدى الطويل، فالإجابة تعتمد على الخيارات المتاحة والإجراءات المتخذة اليوم وفي المستقبل أيضًا.
من المتوقع أن تؤدي ردود الأفعال الإيجابية بشأن تحول النشاط البشري من نشاطات ضارة بالكوكب إلى استخدام شبكات تكنولوجية جديدة ومستدامة إلى زيادة رغبة الناس في استثمار هذا التحول، لا سيما في حال انخفاض تكلفة خفض انبعاثات الكربون، وفقًا للجنة تغير المناخ.
عندها نستطيع القول أن توقعات تحول النشاط السريع ستحقق ذاتها، وستجعل سياسات الحكومة المتوقعة محط ثقة لدى المستثمرين والشركات بشأن مدى ربحية المستقبل الجديد منخفض الكربون.
قد تكون السياسة الطموحة التي تهدف إلى التحول الكامل إلى مصادر الطاقة النظيفة بلا تكلفة في نهاية المطاف، إذ إنه بعد دفع تكاليف الاستثمار الأولية قد يحقق المشروع وفورات كبيرة.
علاوة على ذلك، يُظن أنه عند البدء بتشغيل مصادر الطاقة النظيفة ستصبح على الفور أكثر كفاءة وابتكارًا وإنتاجية من بدائلها التقليدية.
مع الانخفاض المستمر لمبيعات التقنيات التقليدية المساهمة في تغير المناخ، سيؤدي نمو القطاعات والتقنيات الجديدة إلى زيادة الإنتاجية.
يتجه علم الاقتصاد الحديث إلى خدمة مصالحنا عبر توجيهها وتصميمها بالطرائق الحديثة عوضًا عن الشروع في محاولات غير مثمرة للتنبؤ بمستقبل الاقتصاد باستخدام النماذج والأدوات الاقتصادية الخاطئة.
يُعد علم الاقتصاد اليوم في وضع أفضل للتعامل مع المخاطر والشكوك التي تنطوي عليها.
نستطيع القول بثقة كبيرة بعد مرور خمسة عشر عامًا على تقرير ستيرن إن مخاطر اتخاذ خطوات جدية بشأن تغير المناخ أقل بكثير من مخاطر الوقوف مكتوفي اليدين، بل أصبحت تلك المخاطر تحت السيطرة أكثر من أي وقت سابق.
يملك المجتمع الدولي القدرة على جعل نشاطات الاقتصاد أكثر أمانًا واستدامة اتجاه الكوكب وأكثر كفاءة وابتكارًا وإنتاجًا في الوقت ذاته.
هذا ما سعى إليه زعماء العالم في اجتماعهم الأخير في غلاسكو لحضور قمة المناخ للأمم المتحدة، إذ كانت دعواتهم للتحرك والعمل الجاد أكثر إلحاحًا وصرامة من أي وقت مضى.
ما نراه اليوم من حرائق وفيضانات كارثية خير دليل على ما قد ينتج عن التقاعس عن التحرك الجاد بشأن تغير المناخ. قد تكون المعلومة بديهية الآن، غير أنها حازت على انتباه الجميع قبل 15 سنة.
استخدمت حكومات مجموعة السبع التحليل الاقتصادي لأول مرة في توضيح ضرورة الحد من انبعاثات الغازات وحل قضية الاحتباس الحراري في تقرير ستيرن لاقتصاديات تغير المناخ الصادر في عام 2006.
الآن وبعد مرور عقد ونصف على التقرير، توضحت الصورة بشأن استنتاجاته وتوصياته أكثر من أي وقت مضى.
كشف التقرير أيضًا عن ضيق أفق استخدام النماذج الاقتصادية التقليدية للإجابة عن الأسئلة التحويلية الرئيسية التي تخص المناخ، إلا أنه شجع الاقتصاديين على التسابق فيما بينهم بهدف إظهار فرضياتهم بشأن التكلفة التي أفضت إلى نتائج متناقضة في نهاية الأمر.
تُعد المشكلة السابقة أزلية في علم الاقتصاد، إذ دائمًا ما تفترض النماذج التقليدية معرفة الاقتصاديين المسبقة بما ستكون عليه تكاليف التقنيات الجديدة والتفضيلات والسلوكيات في المستقبل، التي ستحدد تكلفة تحويل نمط حياتنا الحالي الضار بالكوكب إلى نمط الحياة الذي لا يعرض كوكبنا للخطر.
بمعنى آخر، عادةً ما تحدد النماذج الاقتصادية التقليدية اهتماماتنا مسبقًا بناءً على فرضيات قد لا تكون دقيقة بالضرورة.
تعتمد النماذج الاقتصادية التقليدية على تحليل التكلفة والفائدة في دراساتها، إلا أن هذا التحليل غير كاف لتقييم المخاطر والتحولات الكبيرة عند مواجهة تحديات تغير المناخ، ما جعل الأساليب التقليدية المتبعة تقلل باستمرار من جدية المخاطر الناجمة عن تغير المناخ، وتبالغ في تقدير تكاليف النشاطات التي ستؤدي إلى خفض انبعاثات الكربون، ما سيؤجل التحرك بشأن تغير المناخ في كل مرة.
قد يكون التنبؤ بتكلفة إصلاح مشكلات التغير المناخي أمرًا معقدًا جدًا، لكن ما هو مؤكد أن تبني تقنيات جديدة ومتطورة بأسرع ما يمكن سيحفز الإبداع والابتكار في شتى مجالات الاقتصاد، وسيولّد تجارب وعلوم جديدة تدوم طويلًا، عدا عن كونه سيطلق العنان لمزيد من الاكتشافات وبذلك المزيد من الإنتاجات الجديدة.
ستقوم الشركات حينها بتصنيع منتجاتها وتوزيعها بذكاء وكفاءة عاليتين، فتؤدي إلى خفض التكاليف وتوليد حلقة من نشر التقنيات الجذابة التي يتبعها المزيد من الابتكارات والاستثمارات طويلة الأمد.
انخفضت اليوم تكلفة توليد الكهرباء باستخدام ألواح الطاقة الشمسية وتكاليف تخزينها في بطاريات الليثيوم أيون بأكثر من 80% خلال العقد الماضي، الأمر الذي لم يقلل من انبعاثات الكربون فحسب، إنما وفر للناس مصدرًا رخيصًا للاستفادة من الكهرباء المنزلية وسيارات كهربائية بأداء أعلى ما كانت ستحصل عليه لولا اختراع توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية.
يُعد المثال السابق أحد الاختراعات التي لم يتنبأ الاقتصاديون بها، ولم تكن الأسواق الاقتصادية بأفكارها التقليدية وحدها قادرة على تحقيقها أبدًا.
الجيد في الأمر أن قدرة توليد الطاقة المتجددة نمت أسرع مما توقعه أي أحد؛ بسبب الانخفاض الكبير لتكاليف تركيب مصادر الطاقة المتجددة وتشغيلها، وذلك وفقًا للجنة تغير المناخ.
يتضح جليًا أن النماذج الاقتصادية التقليدية غير قادرة على مواكبة هذا النمو وما يتبعه من ديناميكيات مزعزعة للاستقرار ناجمة عن خفض متسارع للتكاليف.
لذلك نستنتج أن النماذج التقليدية للتنبؤ بأحوال الاقتصاد والطاقة كانت خاطئة بوضوح منذ عقود.
لا يمكن لتحليل التكلفة والفائدة إعطاء الجواب الكافي عما سيكلف التخلص من انبعاثات الكربون على المدى الطويل، فالإجابة تعتمد على الخيارات المتاحة والإجراءات المتخذة اليوم وفي المستقبل أيضًا.
من المتوقع أن تؤدي ردود الأفعال الإيجابية بشأن تحول النشاط البشري من نشاطات ضارة بالكوكب إلى استخدام شبكات تكنولوجية جديدة ومستدامة إلى زيادة رغبة الناس في استثمار هذا التحول، لا سيما في حال انخفاض تكلفة خفض انبعاثات الكربون، وفقًا للجنة تغير المناخ.
عندها نستطيع القول أن توقعات تحول النشاط السريع ستحقق ذاتها، وستجعل سياسات الحكومة المتوقعة محط ثقة لدى المستثمرين والشركات بشأن مدى ربحية المستقبل الجديد منخفض الكربون.
قد تكون السياسة الطموحة التي تهدف إلى التحول الكامل إلى مصادر الطاقة النظيفة بلا تكلفة في نهاية المطاف، إذ إنه بعد دفع تكاليف الاستثمار الأولية قد يحقق المشروع وفورات كبيرة.
علاوة على ذلك، يُظن أنه عند البدء بتشغيل مصادر الطاقة النظيفة ستصبح على الفور أكثر كفاءة وابتكارًا وإنتاجية من بدائلها التقليدية.
مع الانخفاض المستمر لمبيعات التقنيات التقليدية المساهمة في تغير المناخ، سيؤدي نمو القطاعات والتقنيات الجديدة إلى زيادة الإنتاجية.
يتجه علم الاقتصاد الحديث إلى خدمة مصالحنا عبر توجيهها وتصميمها بالطرائق الحديثة عوضًا عن الشروع في محاولات غير مثمرة للتنبؤ بمستقبل الاقتصاد باستخدام النماذج والأدوات الاقتصادية الخاطئة.
يُعد علم الاقتصاد اليوم في وضع أفضل للتعامل مع المخاطر والشكوك التي تنطوي عليها.
نستطيع القول بثقة كبيرة بعد مرور خمسة عشر عامًا على تقرير ستيرن إن مخاطر اتخاذ خطوات جدية بشأن تغير المناخ أقل بكثير من مخاطر الوقوف مكتوفي اليدين، بل أصبحت تلك المخاطر تحت السيطرة أكثر من أي وقت سابق.
يملك المجتمع الدولي القدرة على جعل نشاطات الاقتصاد أكثر أمانًا واستدامة اتجاه الكوكب وأكثر كفاءة وابتكارًا وإنتاجًا في الوقت ذاته.
هذا ما سعى إليه زعماء العالم في اجتماعهم الأخير في غلاسكو لحضور قمة المناخ للأمم المتحدة، إذ كانت دعواتهم للتحرك والعمل الجاد أكثر إلحاحًا وصرامة من أي وقت مضى.