ما هو الانكماش الاقتصادي؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما هو الانكماش الاقتصادي؟

    ما هو الانكماش الاقتصادي؟


    عندما تنخفض الأسعار، يعد ذلك شيئًا جيدًا بوجه عام، خاصةً عندما يتعلق الأمر بوجهات التسوق المفضلة لديك.

    عندما تهبط الأسعار عبر الاقتصاد بأكمله يعرف ذلك بالانكماش الاقتصادي، وهذه لعبة أخرى، فالانكماش الاقتصادي خبر سيئ لبلدك وأموالك.
    تعريف الانكماش الاقتصادي


    الانكماش الاقتصادي يحدث عندما تنخفض أسعار السلع والأصول بمرور الوقت، وتزداد القوة الشرائية.

    باختصار، يمكنك شراء المزيد من السلع والخدمات غدًا بنفس القدر من المال الذي تملكه اليوم. وهذه هي الصورة العكسية للتضخم، وهو الزيادة التدريجية في الأسعار في مختلف قطاعات الاقتصاد.

    ورغم أن الانكماش قد يبدو أمرًا طيبًا، فإنه قد يشير إلى ركود وشيك وأوقات اقتصادية عصيبة، وعندما يشعر الناس بأن الأسعار تتجه نحو الانخفاض فإنهم يؤجلون الشراء على أمل أن يتمكنوا من شراء الأشياء بأسعار أقل في وقت لاحق. لكن انخفاض الإنفاق يؤدي إلى انخفاض دخل المنتجين، وهو ما قد يؤدي إلى البطالة وارتفاع أسعار الفائدة.



    وهذه الحلقة من ردود الفعل السلبية تعمل على توليد مستويات أعلى من البطالة، بل وحتى أسعار أقل، بل وحتى إنفاق أقل. إذ يؤدي الانكماش إلى المزيد من الانكماش. في معظم تاريخ الولايات المتحدة، تصاحب فترات الانكماش عادة انحدارات اقتصادية حادة.
    كيف يُقاس الانكماش؟


    يقاس الانكماش باستخدام مؤشرات اقتصادية مثل مؤشر أسعار المستهلك – CPI.

    ويتتبع مؤشر أسعار المستهلك CPI أسعار مجموعة من السلع والخدمات المشتراة بوجه عام، وتنشر التغييرات كل شهر.

    فعندما تكون الأسعار التي تُقاس في المجموع بمؤشر أسعار المستهلك أقل في فترة واحدة مقارنة بالفترة السابقة، فإن الاقتصاد يشهد الانكماش.

    وعلى العكس من ذلك، يشهد الاقتصاد التضخم عندما ترتفع الأسعار ارتفاعًا جماعيًا.
    الانكماش مقابل خفض التضخم


    لا ينبغي لنا أن نخلط بين الانكماش وبين خفض التضخم. رغم أن كليهما يبدو أنه يشير إلى انخفاض الأسعار، فإن انخفاض التضخم يعني في واقع الأمر أن الأسعار لا تزال ترتفع، لكن ببطء أكبر.

    قد يكون هذا بمثابة تحول من معدل تضخم سنوي يبلغ 4% إلى معدل تضخم سنوي يبلغ 2%، ما يعني أن السلعة التي كانت تكلف 10 دولارات تكلف الآن في محل لمبيعات التجزئة 10.20 دولار، بدلًا من 10.40 دولار المتوقعة.

    أما الانكماش من ناحية أخرى فيصف الانخفاضات الفعلية في الأسعار، لا الانخفاض في معدل ارتفاع التضخم. ومع انكماش بنسبة 2% فإن السلعة التي كانت تكلف 10 دولارات أصبحت تكلفتها الآن 9.80 دولار.
    ما الذي يسبب الانكماش؟


    هناك سببان رئيسيان للانكماش: انخفاض في الطلب أو نمو في العرض. وكل منهما مرتبط بالعلاقة الاقتصادية الجوهرية بين العرض والطلب. ويؤدي انخفاض الطلب الكلي إلى انخفاض أسعار السلع والخدمات إذا لم يتغير العرض.

    قد يحدث انخفاض في الطلب الكلي نتيجة لما يلي:
    • السياسة النقدية: قد يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى دفع الناس إلى ادخار أموالهم النقدية بدلًا من إنفاقها وقد يجعلهم أقل ميلًا إلى الاقتراض. فالحد من الإنفاق يعني تضاؤل الطلب على السلع والخدمات.
    • تراجع الثقة: قد تؤدي الأحداث الاقتصادية المعاكسة -مثل الوباء العالمي- إلى انخفاض الطلب الكلي. وإذا كان الناس قلقين بشأن الاقتصاد أو البطالة، فقد يقللون من إنفاق أموالهم إذ يصبح بوسعهم أن يدخروا المزيد.

    فارتفاع العرض الكلي يعني أن المنتجين قد يضطرون إلى خفض أسعارهم بسبب زيادة المنافسة. وقد يكون هذا الارتفاع في إجمالي العرض بسبب انخفاض تكاليف الإنتاج: وإذا كان إنتاج السلع أقل تكلفة، فإن الشركات قادرة على تصنيع المزيد منها بنفس السعر. وقد يسفر هذا عن عرض أكثر من الطلب وانخفاض الأسعار.
    عواقب الانكماش الاقتصادي


    رغم أنه قد يبدو من المفيد أن تنخفض أسعار السلع والخدمات، فقد تكون له آثار سلبية جدًا على الاقتصاد.
    • البطالة: مع هبوط الأسعار، تنخفض أرباح الشركات، وقد تخفض بعض الشركات التكاليف عن طريق تسريح العمال.
    • الدين: تميل أسعار الفائدة إلى الارتفاع في فترات الانكماش، وهو ما يجعل الديون أكثر تكلفة. وغالبًا ما يخفض المستهلكون والشركات إنفاقهم نتيجةً لذلك.
    • الدوامة الانكماشية: وهي تأثير الدومينو الناتج عن كل جزء متداخل من الانكماش.

    قد يؤدي هبوط الأسعار إلى انخفاض الإنتاج، وقد يؤدي انخفاض الإنتاج إلى انخفاض الأجور، وقد يؤدي انخفاض الأجور إلى انخفاض الطلب.

    قد يؤدي انخفاض الطلب إلى انخفاض الأسعار بصورة متزايدة وهكذا دواليك. ما من شأنه أن يزيد الموقف الاقتصادي سوءًا.
    لماذا الانكماش أكثر ضررًا من التضخم


    حين ترتفع الأسعار وتهبط قوة العملة فإن الاقتصاد يشهد التضخم. وفي حين أن التضخم يعني أن قيمة العملة التي تمتلكها ستقل قوتها الشرائية، فإنه يقلل أيضًا من قيمة الدين، فيستمر المقترضون في الاقتراض ويستمر المدينون في دفع فواتيرهم.

    إن التضخم المتواضع أمر طبيعي في الدورة الاقتصادية -فالاقتصاد يعاني عادة تضخمًا يتراوح من 1% إلى 3% سنويًّا- وينظر عمومًا إلى وجود تضخم برقم صغير على أنه علامة على نمو إقتصادي صحي.

    والتضخم أيضًا أمر يستطيع المستهلكون أن يحموا أنفسهم منه إلى حد ما. فاستثمار أموالك، مثلًا، ربما يساعد على نمو أرباحك أسرع من التضخم، ما يساعدك على الاحتفاظ بقوتك الشرائية وتنميتها.

    في حين قد يبدو ارتفاع الأسعار أسوأ من انخفاضها، فإن الانكماش بوجه عام أقل إيجابية ويرتبط بالانكماش الاقتصادي والركود.

    قد تعمل الدوامة الانكماشية على تحويل الأوقات الاقتصادية العصيبة إلى ركود ثم كساد.

    إن حماية نفسك من الانكماش أمر أصعب قليلًا من حماية نفسك من التضخم. وخلافًا للتضخم، فإن الديون تصبح أكثر تكلفة مع الانكماش، ما يدفع الناس والشركات إلى تجنب الاستحواذ على ديون متزايدة القيمة التي يدينون بها بالفعل.

    خلال فترات الانكماش، فإن أفضل مكان يستطيع الناس أن يحتفظوا فيه بأموالهم هو الاستثمارات النقدية، التي لا تكسب الكثير من العائدات وهذا إن وجدت. وستكون أنواع أخرى من الاستثمارات أكثر خطورة مثل الأسهم وسندات الشركات والاستثمارات العقارية عندما يكون هناك انكماش لأن الشركات يمكن أن تواجه أوقات صعبة جدًا أو تفشل بالكامل.
    التحكم في الانكماش الاقتصادي


    الحكومة لديها عدد قليل من الاستراتيجيات لكبح جماح الانكماش.
    • تعزيز عرض النقود: يستطيع بنك الاحتياطي الفيدرالي إعادة شراء سندات الخزانة لزيادة المعروض من المال. ومع زيادة المعروض فإن كل دولار يصبح أقل قيمة، الأمر الذي يشجع الناس على إنفاق المال ورفع الأسعار.
    • جعل الاقتراض أسهل: قد يطلب بنك الاحتياطي الفيدرالي من البنوك زيادة كمية الائتمان المتاحة أو خفض أسعار الفائدة حتى يتمكن الناس من اقتراض المزيد.

    إذا خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الاحتياطي، أي المبلغ الذي يتعين على البنوك التجارية أن تحتفظ به من النقد، فسوف يكون بوسع البنوك أن تُقرض المزيد من المال. وهذا يشجع على الإنفاق ويساعد على رفع الأسعار.
    • إدارة السياسة المالية: إذا ما لجأت الحكومة إلى زيادة الإنفاق العام وخفض الضرائب، فسوف يكون بوسعها العمل على تعزيز الطلب الكلي والدخل المتاح، ما يؤدي بدوره إلى المزيد من الإنفاق وارتفاع الأسعار.
    كيف أدى الانكماش دورًا في التاريخ


    في الإجمال، شهدت الولايات المتحدة التضخم في المقام الأول، لا الانكماش. وخلال بعض الفترات، شكل الانكماش اقتصادات الولايات المتحدة وغيرها.
    الكساد الكبير


    كان الانكماش معجلًا لواحدة من أقسى الفترات الاقتصادية في الولايات المتحدة، الكساد الكبير.

    رغم أن الأسعار بدأت مع الركود في عام 1929، فإن الانخفاض السريع في الطلب على السلع والخدمات كان سببًا في انخفاض الأسعار انخفاضًا كبيرًا، ما أدى إلى انهيار العديد من الشركات وارتفاع معدلات البطالة. فبين صيف عام 1929 وأوائل عام 1933، هبط مؤشر أسعار الجملة بنسبة 33%، وبلغت البطالة ذروتها فتجاوزت 20%.

    حدث انكماش الأسعار بسبب الكساد الأعظم في كل البلدان الصناعية الأخرى في العالم تقريبًا. وفي الولايات المتحدة، لم يعد الناتج إلى مساره الصحيح حتى عام 1942.
    الانكماش الياباني


    شهدت اليابان حالة انكماش خفيف منذ منتصف التسعينيات، والواقع أن مؤشر أسعار المستهلك الياباني كان سلبيًا بصورة طفيفة دومًا تقريبًا منذ عام 1998، باستثناء فترة وجيزة قبل الأزمة المالية العالمية في الفترة 2007-2008.

    وقد ربط بعض الخبراء هذه المشكلة بفجوة الإنتاج في اليابان -أي الفرق بين الناتج الفعلي والمتوقع للاقتصاد الياباني-. ويقترح آخرون أن القضية هنا تتلخص في عدم كفاية التيسير النقدي.

    في كل الأحوال؛ فإن بنك اليابان يتبنى حاليًا سياسة سلبية خاصة بأسعار الفائدة، وهي السياسة النقدية التي تعاقب الناس قليلًا على الاحتفاظ بالمال في محاولة لمكافحة الانكماش.
    الركود العظيم


    كان هناك قلق كبير بشأن الانكماش في الركود الأمريكي الذي امتد من أواخر عام 2007 إلى منتصف عام 2009. فقد هبطت أسعار السلع الأساسية، ووجد المدينون صعوبة كبيرة في سداد القروض. وانخفضت سوق الأسهم، وارتفعت معدلات البطالة، وانخفضت أسعار المساكن انخفاضًا حادًا.

    كان خبراء الاقتصاد قلقين من أن الانكماش قد يؤدي إلى دوامة اقتصادية هابطة، لكن ذلك لم يحدث. وتشير دراسة نشرت في المجلة الأميركية للاقتصاد الكلي إلى أن الأزمة المالية في بداية الفترة تمكنت من دعم التضخم. ولأن أسعار الفائدة كانت مرتفعة جدًا في بداية الركود، فإن بعض الشركات لم تكن قادرة على تحمل انخفاض الأسعار، ما قد ساعد الاقتصاد في تجنب الانكماش الواسع النطاق.
    خلاصة القول


    الانكماش هو النقصان الشامل في تكلفة السلع والخدمات الاقتصادية. وفي حين قد يحفز الانخفاض الطفيف في الأسعار الإنفاق الاستهلاكي، فإن الانكماش الواسع النطاق من الممكن أن يثبط الإنفاق ويؤدي إلى قدر أعظم من الانكماش والركود الاقتصادي.

    ومن حسن الحظ أن الانكماش لا يحدث غالبًا، وعندما يحدث فإن الحكومات والبنوك المركزية تصبح لديها الأدوات اللازمة للحد من تأثيره إلى الحد الأدنى.
يعمل...
X