رامي الدويري - حمص قصة عشق لاتنتهي
٣٠ مارس، الساعة ١:١٣ ص ·
علم من علماء مدينة حمص
الحافظ المقرئ المعمّر الصالح الزاهد العابد نحسبه والله حسيبه محمد خالد بن أحمد الأشقر المعروف "بالغجري" رحمه الله تعالى (1914م 2012) كان كفيف البصر، لكنه حاد البصيرة، تتلمذ بالكُّتاب على يد الشيخ محمد أبو الخشب ليحفظ ويتعلم القرآن، ثم اصطحبه عمه الى كتاب الشيخة الكفيفة الحافظة ( كوكب) بحماة ثم الى مفتي حماة (محمد سعيد النعسان) والشيخ عبد الرزاق جرابات ليتم القراءة برواية حفص عن عاصم مكث في الجامع النوري تحت رعاية الشيخ عبد اللطيف السيجري، وأكمل دراسته بالعلوم الشرعية بحماه بمدرسة الشيخ إبراهيم، ودرس الثانوية على يد الشيخ توفيق الصباغ الشيرازي، والشيخ سعيد الجابي، وأخذ إجازة بقراءة حفص وأتم القراءات السبع. أكمل دراسته بحلب ثم سافر الى مصر وبيروت، وعاد الى حماة ثم نزل حمص ليقرأ على الشيخ الكيزاوي القراءات. كان جامعًا للقراءات وحافظًا للشاطبية. استقر بحمص، والتقى الشيخ القارئ المقرئ الكبير العالم الحافظ عبد العزيز عيون السود، فلازمه وأخذ منه العلم، فمنحه الشيخ عبد العزيز إجازة بالقراءات السبع بعد أن قرأ عليه ثلاثٌ وعشرونَ ختمة، وتعرف على الشيخ الزاهد الكبير الشيخ محمود جنيد ولازمه، وبعد وفاة الشيخ عبد العزيز شيخ القراء رحمه الله أسندت اليه مهمة لجنة الإقراء بحمص. خدم القرآن طوال عمره. لازم علماء حمص الأجلاء في فترة من الزمن كان العلماء فيها كثيرٌ عددهم عظيمٌ نفعهم من أمثال عبد القادر الخجا، وطاهر الرئيس، وعبد العزيز عيون السود، وعبد الغفار الدروبي، ووالده عبد الفتاح الدروبي، ومحمود جنيد، وعبد الفتاح المسدي، ووصفي المسدي، وعبد السلام بسمار أبوالسعود، وغيرهم من جلّة علماء حمص بل والشام كلها. كان رحمه الله تعالى حاد الذَّكاء فطنًا، ويمتلك ذاكرة فولاذية مكنته من حفظ عشرات الآلاف من أبيات الشعر، وقصائد العرب، والمنظومات المختلفة في شتى العلوم الشرعية واللغوية وغيرها، وكان يشمّ من أنفاس محدثه مايخفي وراءها من أمور يكتمها، فيسأله عنها، كما كان يعرف محدثه من يكون في أول كلمة ينطق بها، ومن عجائب الأمور أنه كان يعمل في تصليح الساعات والراديو فيفك هذه الآلات ويقوم بإصلاحها ثم يعيد تركيبها وإعادتها كما كانت، وكان صاحب نكتٍ لطيفة ودعابة لاتمل، حُدثنا مرة أنه كان يسبح في البحر مع صديق له كفيف أيضًا كانا يسبحان إلى جانب قارب راسٍ وحبله ممدود إلى المرسى فكانا لايبتعدان عن الحبل ولكنهما انسجما في اللعب والسباحة حتى ابتعدا وجرفهما التيار ولم يعودا يعرفان أين مكانهما، واستمر الحال لساعتين حتى عثرا على الحبل وكادا يهلكا ما يزال الراوي يذكر حديثه المسلي المضحك عن هذه الحادثة يوم قال له زميله (وجدته) فقال له الشيخ (أمسكه هدا عمرك)، كان رحمه الله زاهدًا عفيفًا يسكن في غرفة لاتتجاوز ستة أمتار مربع، وسقفها منخفض كأنها غرفة حارس فيها فراشه ومايحتاج إليه من كتب فيقضي معظم يومه من قبل الفجر بساعتين بإقراء القرآن الكريم وكان يرفض حضور الدعوات والاحتفال ويرى أنها تشغله عن الإقراء والمراجعة. زاره جماعة من الأوقاف والثانوية الشرعية وكرّموه بدرع تذكاري نحاسي، فلمّا سألهم ماهذا؟ قالوا: هذا درع وفاء وتقدير لك أجابهم: (هذه ليست لنا إنّما هي للأطفال لتشجيعهم نحن نرجو الجزاء من رب العالمين).
حمص قصة عشق لاتنتهي
رامي الدويري عضو الجمعية التاريخية السورية