لطالما دار الجدل في أروقة دوائر السياسات النقدية العالمية حول الإمكانية والآلية والتوقيت الأنسب لإدخال العملات الرقمية للبنوك المركزية. سابقًا، انتشرت أصداء هذا الجدل في كل مرة شهدت فيها السياسات النقدية تحولات كبرى، إلى أن أدت التطورات التكنولوجية اليوم إلى صياغة أشكال جديدة من المال، من ضمنها العملات الافتراضية المشفرة مثل بيتكوين، والعملات الرقمية مثل ليبرا وديم، والعملات الرقمية للبنك المركزي مثل الدولار البهامي.
بالنظر إلى تاريخ التحولات النقدية، يُعد التغيير التكنولوجي المالي أمرًا لا مفر منه، وهو ما يتطلبه اقتصاد السوق. لطالما كانت مهمة توفير العملة والأصول تقع على عاتق الحكومة في المقام الأول وذلك لخدمة المصلحة العامة، والتي تنظم بدورها شؤون البلاد المالية الداخلية بواسطة النظام المصرفي التجاري، ومن المرجح أن تسري المهام بشأن الأموال الرقمية مثلما هي عليه للأموال الائتمانية.
التحولات النقدية عبر التاريخ
تأثرت التحولات النقدية عبر التاريخ بالتطور التكنولوجي وتقلبات السوق والنمو الاقتصادي، والحاجة إلى الاستفادة القصوى من الخصائص المالية التي تطورت بمرور الوقت. ثلاثة تحولات تاريخية مهدت الطريق للتحول الرقمي الحالي، هي:
تطورت السياسات النقدية بعد رحلة طويلة ومجهدة من التعلم لتواجه التضخم المتغير اليوم، وهي ما يمكن أن تستنسخه وتستفيد منه العملات الرقمية للبنوك المركزية.
الأسباب الدافعة للعملات الرقمية للبنوك المركزية
تعرف العملة الرقمية للبنك المركزي بأنها أصل بصيغة إلكترونية، يؤدي الوظائف الأساسية للعملة الورقية، مزوَّد بإمكانية وصول عالمية وقدرة على دخول المناقصات قانونيًا. ستكون العملة الرقمية للبنك المركزي قادرة على إنجاز الوظائف الرئيسية للأموال فيما يخص الحسابات وتحويل الأموال وتخزينها.
يرى الاقتصاديون الكلاسيكيون أن العملة بمعناها الأساسي هي سلعة عامة على الحكومة توفيرها بصورة مناسبة لصالح الشعب.
العوامل الرئيسية الدافعة للاهتمام بالعملات الرقمية للبنوك المركزية:
تعد العملة الرقمية للبنك المركزي نسخة القرن الحادي والعشرين من مبدأ الادخار الاجتماعي للأموال الائتمانية للاقتصادي آدم سميث، الذي يلجأ إلى تقليل تكاليف إصدار الأموال وعمليات تشغيلها التي تستهلك نحو 0.5% إلى 1% من الناتج المحلي الإجمالي وفقًا لصندوق النقد الدولي عام 2020، إضافةً إلى تقليل تكاليف الاحتكار الذي يسببه النظام المصرفي التجاري.
قلل التطور الرقمي من استخدام النقد بدرجة كبيرة في العديد من البلدان، مثل السويد والنرويج. ومن المتوقع أن توفر العملة الرقمية للبنك المركزي وسيلة دفع تتميز بجميع سمات النقد المادي، مع قابلية أقل للسرقة وفقد الأموال. ستزيد العملة الرقمية للبنك المركزي من الشمول المالي للفئات التي لا تملك الوصول للحسابات المصرفية.
تسعى العملة الرقمية للبنك المركزي إلى إجهاض تهديدات السيادة النقدية التي تشنها العملات الرقمية الصادرة من شركات الخدمات الرقمية العالمية مثل فيسبوك، والتي من شأنها تهديد قدرة البنوك المركزية على إدارة سياساتها النقدية.
ستوفر العملة الرقمية للبنك المركزي عملةً آمنةً ومستقرةً، بعيدًا عن مخاطر الاحتيال والقرصنة وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
التنفيذ الفعلي للعملة الرقمية للبنك المركزي
يثير تنفيذ العملة الرقمية للبنك المركزي عددًا من الأسئلة المهمة حول تصميمها الذي فحصته البنوك المركزية فحصًا دقيقًا، ومنها خياري التجزئة والجملة للعملة الرقمية. إذ تشير التحسينات في آليات الدفع إلى أن الأساس في العملة الرقمية للبنك المركزي هو الدفع بالتجزئة. هنا يوفر جانب المصلحة العامة للعملة أساسًا منطقيًا متينًا لكل من التوفير المباشر والتنظيم والإشراف بوساطة الحكومة.
إنشاء الحسابات في البنك المركزي أمر ممكن، إلا أن القطاع الخاص يتمتع بأفضلية نسبية من ناحية الابتكار المالي. تفضل البلدان المتقدمة تصنيفها حسب المستويات أو حسب القطاعين العام والخاص، وقد تشترك بعض المؤسسات في توفير حسابات بعملات رقمية في البنك المركزي للعامة، أو تؤدي دور الوسيط بين البنك المركزي وأصحاب الحسابات.
يشعر المسؤولون بالقلق حيال العملة الرقمية للبنك المركزي القائمة على إنشاء الحسابات، إذ ستؤدي إلى تحييد البنك عن الوساطة وتنفصل عن النظام المصرفي التجاري. اقترحت الأبحاث إمكانية تعويض عدم وساطة البنك عبر سياسته للميزانية العمومية، بتقييد حيازات العملات الرقمية للبنك المركزي، أو بتصنيف وفرز معدلات الفائدة لحسابات العملات الرقمية للبنك المركزي والحسابات غير التابعة لها. تمتلك البنوك المركزية خطوط الدفاع الملائمة للتعامل مع عمليات تشغيل العملات الرقمية بصورة منظمة والتأمين على الودائع وقروض الملاذ الأخير.
العملة الرقمية للبنك المركزي والسياسة النقدية
يرى الباحثون أن الفائدة المدفوعة على العملة الرقمية للبنك المركزي قد تحسن العمليات المالية، تحديدًا فيما يخص الإقراض، ستقلل أيضًا من الميزانية العمومية للبنك المركزي وتعيد إلى الواجهة سياسة الاعتماد على الفواتير فقط. قد تساعد سياسة الفائدة المدفوعة على العملة الرقمية للبنك المركزي بانتقال البنك المركزي من النظام الأرضي الذي يتطلب سيولة مالية عالية جدًا لخفض معدلات الفائدة، إلى نظام الممر الذي يتطلب سيولة أعلى بقليل من الصفر.
العملة الرقمية للبنك المركزي والاقتصاد المفتوح
للعملة الرقمية للبنك المركزي تأثير مهم للغاية في الاقتصاد المفتوح، إذ بإمكانها تحسين آليات الدفع الخارجي بصورة ملحوظة وفقًا لما أشار إليه صندوق النقد الدولي في 2020، مثل القدرة على إنجاز عمليات الدفع الفوري، وخلق التوفير الاجتماعي على غرار ما فعله أول خط تلغراف دائم عبر الأطلسي عام 1866.
يتعهد بعض مزودي العملات الرقمية باتباع نظام الدفع نظير إلى نظير عبر شبكاتها، وهو ما قد يهدد السيادة النقدية ويصبح مصدرًا لمخاطر الائتمان. يتعين على العملة الرقمية للبنك المركزي في هذه الحالة تقديم أفضل ما لديها بهدف اتباع اللوائح، لكنها بحاجة أيضًا إلى اتباع النظام الذي يجعلها متوافقة مع نظيراتها من العملات الأجنبية.
من ناحية أخرى، قد يؤدي أحد أنظمة العملات الرقمية للبنوك المركزية، الذي يربط بين الأنظمة النقدية وأنظمة الدفع في مختلف البلدان، إلى تضخيم الآثار السلبية الجانبية للسياسات النقدية المحلية على البلدان الأخرى.
قد تؤدي العملات الرقمية للبنوك المركزية إلى استبدال العملة، أي رقمنة الدولار، ما قد يؤثر في السيادة النقدية للشركات المملوكة للدولة، لا سيما الشركات ذات السياسات النقدية والمالية الضعيفة. تكمن قدرة العملات الرقمية على منافسة العملات الأخرى بسبب عزلها الوظائف المالية عن بعضها وتفوق شبكاتها الذي يمكّنها حقيقةً من تحدي هيمنة الدولار.
قد تواجه العملات الرقمية المتنافسة عبر منصاتها الخاصة مشكلات في التشغيل والتنسيق، مشابهة لتلك التي واجهتها العديد من العملات المتنافسة في القرن التاسع عشر. إن عدم تناسق المعلومات يحفز العملة الرقمية للبنك المركزي للعمل بأفضل صيغة ممكنة.
بإمكان نظام العملات الرقمية للبنوك المركزية القابلة للتحويل القضاء على الاستبدال غير الكامل للعملة الرقمية.
دروس مستفادة عبر التاريخ
من المتوقع أن رقمنة النقود هي مستقبل العالم المالي، وعلى هذا فإن البنوك المركزية مطالبة بتعلم الدروس من التاريخ وتوفير العملة الرقمية الخاصة بها لإنجاز عملياتها العامة بالصورة المثلى.
بالنظر إلى تاريخ التحولات النقدية، يُعد التغيير التكنولوجي المالي أمرًا لا مفر منه، وهو ما يتطلبه اقتصاد السوق. لطالما كانت مهمة توفير العملة والأصول تقع على عاتق الحكومة في المقام الأول وذلك لخدمة المصلحة العامة، والتي تنظم بدورها شؤون البلاد المالية الداخلية بواسطة النظام المصرفي التجاري، ومن المرجح أن تسري المهام بشأن الأموال الرقمية مثلما هي عليه للأموال الائتمانية.
التحولات النقدية عبر التاريخ
تأثرت التحولات النقدية عبر التاريخ بالتطور التكنولوجي وتقلبات السوق والنمو الاقتصادي، والحاجة إلى الاستفادة القصوى من الخصائص المالية التي تطورت بمرور الوقت. ثلاثة تحولات تاريخية مهدت الطريق للتحول الرقمي الحالي، هي:
- أدت التقنيات المالية الجديدة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر إلى ظهور الأموال الائتمانية -الأوراق النقدية القابلة للتحويل- ما أدى إلى انخفاض كبير في تكاليف موارد القطع النقدية. وأدى ارتفاع تكاليف تمويل الحروب في أوائل العصر الحديث إلى طرح الحكومات النقود الورقية غير القابلة للتحويل. من المتوقع أن تمثل العملة الرقمية للبنك المركزي الجيل الجديد من التقدم التكنولوجي.
- استُخدمت سجلات البنوك التجارية سيئة التنظيم التي تصدر الأوراق النقدية والتي يمكن تحويلها إلى قطع نقدية معدنية في عملية التنظيم الحكومي للبنوك التجارية واحتكار الحكومة لعملية إصدار الأوراق النقدية. كان سجل الخدمات المصرفية المجانية في الولايات المتحدة أحد أهم مسببات عدم الاستقرار. أدى ارتفاع تكاليف المعلومات غير المتكافئة لنظام متعدد العملات إلى إنشاء نظام دفع غير فعال. وخضع إصدار الأوراق النقدية إلى احتكار الحكومة وبنكها المركزي. يشير الانتشار الحالي للعملات المشفرة والعملات الرقمية إلى حتمية دمج العملات الرقمية بالبنوك المركزية في نهاية المطاف.
- تطورت البنوك المركزية بين القرنين السابع عشر والعشرين لتصبح قادرة على تلبية الاحتياجات العامة المهمة، ومنها تمويل الحروب وإنشاء نظام دفع فعال وتحقيق الاستقرار الكلي، متضمنًا الاستقرار المالي واستقرار الأسعار.
تطورت السياسات النقدية بعد رحلة طويلة ومجهدة من التعلم لتواجه التضخم المتغير اليوم، وهي ما يمكن أن تستنسخه وتستفيد منه العملات الرقمية للبنوك المركزية.
الأسباب الدافعة للعملات الرقمية للبنوك المركزية
تعرف العملة الرقمية للبنك المركزي بأنها أصل بصيغة إلكترونية، يؤدي الوظائف الأساسية للعملة الورقية، مزوَّد بإمكانية وصول عالمية وقدرة على دخول المناقصات قانونيًا. ستكون العملة الرقمية للبنك المركزي قادرة على إنجاز الوظائف الرئيسية للأموال فيما يخص الحسابات وتحويل الأموال وتخزينها.
يرى الاقتصاديون الكلاسيكيون أن العملة بمعناها الأساسي هي سلعة عامة على الحكومة توفيرها بصورة مناسبة لصالح الشعب.
العوامل الرئيسية الدافعة للاهتمام بالعملات الرقمية للبنوك المركزية:
تعد العملة الرقمية للبنك المركزي نسخة القرن الحادي والعشرين من مبدأ الادخار الاجتماعي للأموال الائتمانية للاقتصادي آدم سميث، الذي يلجأ إلى تقليل تكاليف إصدار الأموال وعمليات تشغيلها التي تستهلك نحو 0.5% إلى 1% من الناتج المحلي الإجمالي وفقًا لصندوق النقد الدولي عام 2020، إضافةً إلى تقليل تكاليف الاحتكار الذي يسببه النظام المصرفي التجاري.
قلل التطور الرقمي من استخدام النقد بدرجة كبيرة في العديد من البلدان، مثل السويد والنرويج. ومن المتوقع أن توفر العملة الرقمية للبنك المركزي وسيلة دفع تتميز بجميع سمات النقد المادي، مع قابلية أقل للسرقة وفقد الأموال. ستزيد العملة الرقمية للبنك المركزي من الشمول المالي للفئات التي لا تملك الوصول للحسابات المصرفية.
تسعى العملة الرقمية للبنك المركزي إلى إجهاض تهديدات السيادة النقدية التي تشنها العملات الرقمية الصادرة من شركات الخدمات الرقمية العالمية مثل فيسبوك، والتي من شأنها تهديد قدرة البنوك المركزية على إدارة سياساتها النقدية.
ستوفر العملة الرقمية للبنك المركزي عملةً آمنةً ومستقرةً، بعيدًا عن مخاطر الاحتيال والقرصنة وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
التنفيذ الفعلي للعملة الرقمية للبنك المركزي
يثير تنفيذ العملة الرقمية للبنك المركزي عددًا من الأسئلة المهمة حول تصميمها الذي فحصته البنوك المركزية فحصًا دقيقًا، ومنها خياري التجزئة والجملة للعملة الرقمية. إذ تشير التحسينات في آليات الدفع إلى أن الأساس في العملة الرقمية للبنك المركزي هو الدفع بالتجزئة. هنا يوفر جانب المصلحة العامة للعملة أساسًا منطقيًا متينًا لكل من التوفير المباشر والتنظيم والإشراف بوساطة الحكومة.
إنشاء الحسابات في البنك المركزي أمر ممكن، إلا أن القطاع الخاص يتمتع بأفضلية نسبية من ناحية الابتكار المالي. تفضل البلدان المتقدمة تصنيفها حسب المستويات أو حسب القطاعين العام والخاص، وقد تشترك بعض المؤسسات في توفير حسابات بعملات رقمية في البنك المركزي للعامة، أو تؤدي دور الوسيط بين البنك المركزي وأصحاب الحسابات.
يشعر المسؤولون بالقلق حيال العملة الرقمية للبنك المركزي القائمة على إنشاء الحسابات، إذ ستؤدي إلى تحييد البنك عن الوساطة وتنفصل عن النظام المصرفي التجاري. اقترحت الأبحاث إمكانية تعويض عدم وساطة البنك عبر سياسته للميزانية العمومية، بتقييد حيازات العملات الرقمية للبنك المركزي، أو بتصنيف وفرز معدلات الفائدة لحسابات العملات الرقمية للبنك المركزي والحسابات غير التابعة لها. تمتلك البنوك المركزية خطوط الدفاع الملائمة للتعامل مع عمليات تشغيل العملات الرقمية بصورة منظمة والتأمين على الودائع وقروض الملاذ الأخير.
العملة الرقمية للبنك المركزي والسياسة النقدية
يرى الباحثون أن الفائدة المدفوعة على العملة الرقمية للبنك المركزي قد تحسن العمليات المالية، تحديدًا فيما يخص الإقراض، ستقلل أيضًا من الميزانية العمومية للبنك المركزي وتعيد إلى الواجهة سياسة الاعتماد على الفواتير فقط. قد تساعد سياسة الفائدة المدفوعة على العملة الرقمية للبنك المركزي بانتقال البنك المركزي من النظام الأرضي الذي يتطلب سيولة مالية عالية جدًا لخفض معدلات الفائدة، إلى نظام الممر الذي يتطلب سيولة أعلى بقليل من الصفر.
العملة الرقمية للبنك المركزي والاقتصاد المفتوح
للعملة الرقمية للبنك المركزي تأثير مهم للغاية في الاقتصاد المفتوح، إذ بإمكانها تحسين آليات الدفع الخارجي بصورة ملحوظة وفقًا لما أشار إليه صندوق النقد الدولي في 2020، مثل القدرة على إنجاز عمليات الدفع الفوري، وخلق التوفير الاجتماعي على غرار ما فعله أول خط تلغراف دائم عبر الأطلسي عام 1866.
يتعهد بعض مزودي العملات الرقمية باتباع نظام الدفع نظير إلى نظير عبر شبكاتها، وهو ما قد يهدد السيادة النقدية ويصبح مصدرًا لمخاطر الائتمان. يتعين على العملة الرقمية للبنك المركزي في هذه الحالة تقديم أفضل ما لديها بهدف اتباع اللوائح، لكنها بحاجة أيضًا إلى اتباع النظام الذي يجعلها متوافقة مع نظيراتها من العملات الأجنبية.
من ناحية أخرى، قد يؤدي أحد أنظمة العملات الرقمية للبنوك المركزية، الذي يربط بين الأنظمة النقدية وأنظمة الدفع في مختلف البلدان، إلى تضخيم الآثار السلبية الجانبية للسياسات النقدية المحلية على البلدان الأخرى.
قد تؤدي العملات الرقمية للبنوك المركزية إلى استبدال العملة، أي رقمنة الدولار، ما قد يؤثر في السيادة النقدية للشركات المملوكة للدولة، لا سيما الشركات ذات السياسات النقدية والمالية الضعيفة. تكمن قدرة العملات الرقمية على منافسة العملات الأخرى بسبب عزلها الوظائف المالية عن بعضها وتفوق شبكاتها الذي يمكّنها حقيقةً من تحدي هيمنة الدولار.
قد تواجه العملات الرقمية المتنافسة عبر منصاتها الخاصة مشكلات في التشغيل والتنسيق، مشابهة لتلك التي واجهتها العديد من العملات المتنافسة في القرن التاسع عشر. إن عدم تناسق المعلومات يحفز العملة الرقمية للبنك المركزي للعمل بأفضل صيغة ممكنة.
بإمكان نظام العملات الرقمية للبنوك المركزية القابلة للتحويل القضاء على الاستبدال غير الكامل للعملة الرقمية.
دروس مستفادة عبر التاريخ
- يعد التطور التكنولوجي في مجال الابتكار المالي أمرًا لا مفر منه، نتيجةً لتأثره بالحوافز المالية لاقتصاد السوق.
- للحكومة الدور الرئيسي في مهمة توفير الأموال الداخلية، والأموال الخارجية المتمثلة في الذهب والأسهم والسندات، التي تعد منفعة عامة ينبغي للبنك المركزي توفيرها. تنطبق المسؤوليات على كل من النقود الورقية والرقمية. أما فيما يخص إصدار العملة، فيعتمد على مصداقية المُصدر، وفي حال تعثر أو فشل العملية، فإن المنافسة الشديدة من العملات الرقمية للبنوك المركزية الأخرى ستؤدي إلى المس بالسيادة النقدية للبلد.
- بوسع العملة الرقمية للبنك المركزي تحسين آلية التحويل وتعزيز شفافية السياسة النقدية. يمكنها أيضًا تخفيف الميزانية العمومية للبنك المركزي إلى حد بعيد، ومساعدته على العودة لنظام عمل أبسط كان يتبع قبل الأزمة المالية العالمية. قد تسبب العملة الرقمية للبنك المركزي ثورة في عالم السياسات النقدية إذا ما اعتمد نظام تحصيل الفوائد عليها.
- تعد العملة الرقمية للبنك المركزي ابتكارًا عالميًا، بإمكانها نقل التحويلات المالية العالمية إلى مستوى آخر تمامًا مثلما فعل أول خط تلغراف عبر الأطلسي عام 1866. قد تؤدي العملة الرقمية إلى خلخلة استقرار العملات الذي يتطلب تعاونًا نقديًا دوليًا. مع أن العملات الرقمية باستطاعتها تحدي النظام النقدي الدولي، فإنه من غير المرجح أن تتغير القوى الأساسية العالمية المسؤولة عن هيمنة العملات. مع ذلك، فإن الرقمنة قد تسرع من التحولات التي تؤثر في العملات المهيمنة، مثلما حدث في القرن العشرين عندما تفوق الدولار على الجنيه.
من المتوقع أن رقمنة النقود هي مستقبل العالم المالي، وعلى هذا فإن البنوك المركزية مطالبة بتعلم الدروس من التاريخ وتوفير العملة الرقمية الخاصة بها لإنجاز عملياتها العامة بالصورة المثلى.