كبرى الكوارث الطبيعية سبّبت خسائر بمليارات الدولارات.
الكوارث الطبيعية، مثل الأعاصير والزلازل والجفاف والفيضانات، قادرة على قلب حياة السكان المحليين، وترك آثار اقتصادية على شكل نفقات كبيرة تتكبدها الحكومات والمؤسسات التجارية والأفراد. أما الكوارث الأكبر -مثل إعصاري كاترينا وهارفي- فتخلف أضرارًا تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
يتحمل أصحاب الممتلكات والأفراد في المنطقة المتضررة أكبر قدر من هذه التكاليف. ويساهم عامة الناس في تعويض جزء كبير من الخسارة من خلال صناديق الكوارث المحلية والفدرالية، فضلًا عن التأمين الخاص بمالكي المساكن، الذي يغطي القسم الأكبر من تكاليف إعادة البناء بعد الكارثة. يعني ازدياد حدوث الكوارث الطبيعية واسعة النطاق في العقود الأخيرة أن التأثير المالي أصبح مكلفًا أكثر من أي وقت مضى في التاريخ الحديث.
من ناحية أخرى، أثبتت الأحداث غير المتوقعة عامي 2020 و2021 أنها أكثر الكوارث الطبيعية التي واجهتها الولايات المتحدة كلفةً، ناهيك بتأثيرها في الاقتصاد العالمي. وقّع الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب في 27 مارس 2020 على حزمة تحفيز طارئة بقيمة 2 تريليون دولار، بعنوان «قانون الرعاية»، لمواجهة تداعيات فيروس كورونا. ووقّع على جولة ثانية من التحفيز بلغ مجموعها 900 مليار دولار لتصبح قانونًا في ديسمبر 2020. في 11 مارس 2021، وقّع الرئيس بايدن على قانون خطة الإنقاذ الأمريكية لعام 2021، وهو حزمة إنقاذ من تداعيات فيروس كورونا بقيمة 1.9 تريليون دولار.
الكوارث الطبيعية تزداد شيوعًا
مع أن حوادث الطقس الخطيرة تحدث دائمًا، تشير البيانات الحكومية إلى تزايد وتيرتها في السنوات الماضية. وفقًا للمراكز الوطنية للمعلومات البيئية، كان عام 2020 العام السادس على التوالي الذي أثرت فيه 10 أو أكثر من الأحداث المناخية والجوية، بلغت خسائرها مليار دولار أو أكثر في الولايات المتحدة. في الفترة بين عامي 2018 و2020، وقعت 50 حادثة من هذا النوع، تسببت مجتمعة في أضرار بلغت 237.2 مليار دولار.
في الفترة 2010 – 2019، حدث 119 حدثًا متعلقًا بالمناخ والطقس، فاقت تكاليفها مليار دولار، إذ بلغت الأضرار وسطيًا 80.2 مليار دولار سنويًا. في العقد السابق لذلك (2000-2009) لم يحدث سوى 59 حدثًا في الولايات المتحدة، وبلغت تكلفتها 52 مليار دولار. شهدت تسعينات القرن العشرين أزمات مناخية أقل، إذ حدث 52 حدثًا و تكلفت وسطيًا 27 مليار دولار في السنة.
من أسباب هذه الزيادة امتلاك الولايات المتحدة أصولًا في أماكن أكثر عرضة للخطر مقارنةً بالعقود الماضية. إذ حدث جزء كبير من النمو السكاني الأخير في المناطق الساحلية والسهول النهرية الفيضية، التي تتعرض لخطر أكبر عند وقوع أحداث مناخية خطرة.
أيضًا فإن تغير المناخ العالمي يجعل هذه الظواهر أكثر تكرارًا مما كانت عليه في العقود الماضية. قد يكون لهذا التحول سلسلة واسعة من التأثيرات في الولايات المتحدة، منها الجفاف والحرائق المتزايدة في الغرب، وهطول متزايد للأمطار في الشرق.
بسبب ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض بوتيرة ثابتة نسبيًا، فإن تكرار تلك الأحداث المتعلقة بالمناخ قد يزداد في السنوات المقبلة. كان عام 2020 ثاني أكثر الأعوام دفئًا.
من يتحمل الآثار الاقتصادية للكوارث الطبيعية؟
تسبب الكوارث المرتبطة بالمناخ والطقس تكاليف مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد. التكاليف المباشرة أوضح، إذ تشمل الضرر الواقع على المباني التجارية والمنازل، أو الحاجة إلى إصلاح الطرق وخطوط الكهرباء. تؤثر الكوارث الطبيعية أيضًا على المجتمعات المحلية بطرق أقل وضوحًا، بتعطيل الأعمال التجارية بسبب الأضرار التي تلحق بالممتلكات، أو تغيب الموظفين عن العمل.
في حين تسبب الكثير من الكوارث أضرارًا واسعة النطاق في الممتلكات والتجارة، فإن أكثر الأحداث كلفةً في التاريخ الحديث كانت الأعاصير. يكمن السبب في المزيج الحاد من الرياح الشديدة والأمطار الغزيرة، ما يسبب دمارًا في منطقة جغرافية واسعة في غضون أيام أو حتى ساعات.
عادةً تغطي مجموعة متنوعة من المصادر العامة والخاصة تكاليف أضرار الأعاصير والكوارث الأخرى. مثل إعصار هارفي، الذي دمر هيوستن وضواحيها في صيف 2017. وفقًا لمكتب مراقب الحسابات في تكساس، فإن نحو 130 مليار دولار من تكلفة أضرار إعصار هارفي غطته المصادر التالية:
ما مدى تأثير هذه الكوارث على دافعي الضرائب الفيدراليين؟ وفقًا لتقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس عام 2019، يُتوقع أن تكلف الأضرار الناجمة عن الأعاصير والعواصف الأخرى الحكومة الأمريكية 17 مليار دولار سنويًا. نحو 11 مليار دولار من هذا المبلغ يمثل خسائر القطاع العام، و4 مليارات دولار تغطي المساعدات التي تذهب مباشرة إلى الأفراد، ونحو مليار دولار مخصص للتكاليف الإدارية. يتوقع مكتب الميزانية أن ترفع الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ أقساط برامج التأمين لتصحيح العجز المتوقع.
قد يواجه الأفراد خارج المنطقة المتضررة بعض التكاليف الإضافية التي تتجاوز النفقات الفدرالية. في بعض الحالات، يضطر المستهلكون لدفع المزيد مقابل سلع معينة، مثل الماشية والمنتجات، التي تُفقد بسبب كوارث الطقس. مثلًا بعد إعصاري كاترينا وريتا اللذان ألحقا الضرر بمصافي النفط في منطقة خليج المكسيك بفارق شهر، ارتفع سعر البنزين 30٪ تقريبًا، ما سبّب زيادةً هائلة في تكاليف النقل للمستهلكين والشركات.
أثر الكوارث الطبيعية في الاقتصاد
قد تدفع بعض الأعمال التجارية ثمنًا باهظًا نتيجة العواصف الكبرى، ومنها المتاجر والمطاعم التي تعتمد بالكامل على العملاء المحليين.
تشير البحوث إلى أن أثر الكوارث الطبيعية يميل -من وجهة نظر اقتصادية- إلى أن يكون إقليميًا، وأن الأعمال التجارية في المنطقة المتضررة عادةً تستعيد عافيتها بسرعة وتعيد بناء ممتلكاتها وتجديد مخازنها. حتى عاصفة بحجم إعصار هارفي لم تسفر عن تراجع للناتج الاقتصادي إلا بمقدار 8.5 مليار دولار، وهو رقم ضئيل للغاية مقارنةً بالناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة البالغ نحو 19 تريليون دولار عام 2017.
وجدت دراسة أجراها اقتصاديون في جامعة شيكاغو عام 2014 أن آثار إعصار كاترينا كانت صغيرة نسبيًا، رغم الأضرار الهائلة التي لحقت بساحل الخليج. بعد الإعصار والفيضانات، استنتج الباحثون أنه ليست فقط الأعمال التجارية، بل أن العمال هم أيضًا يخرجون منها بحالة جيدة مقارنةً بمدن أخرى لم تتأثر بالإعصار. وجد الباحثون أن مستويات الدخل في مسار العاصفة ارتفعت أو تجاوزت مثيلاتها في المناطق الحضرية الأخرى في غضون سنوات قليلة.
الخلاصة
أظهر التاريخ أن الكوارث الطبيعية قد تكبّد الحكومات والشركات والمواطنين خسائر مالية فادحة. تزداد وتيرة العواصف وغيرها من الأحداث المتعلقة بالطقس بسبب تغير المناخ. ولأن الولايات المتحدة تواصل البناء في المناطق المعرضة للخطر، فإن متوسط تكاليف إعادة البناء يتزايد باطراد.
الكوارث الطبيعية، مثل الأعاصير والزلازل والجفاف والفيضانات، قادرة على قلب حياة السكان المحليين، وترك آثار اقتصادية على شكل نفقات كبيرة تتكبدها الحكومات والمؤسسات التجارية والأفراد. أما الكوارث الأكبر -مثل إعصاري كاترينا وهارفي- فتخلف أضرارًا تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
يتحمل أصحاب الممتلكات والأفراد في المنطقة المتضررة أكبر قدر من هذه التكاليف. ويساهم عامة الناس في تعويض جزء كبير من الخسارة من خلال صناديق الكوارث المحلية والفدرالية، فضلًا عن التأمين الخاص بمالكي المساكن، الذي يغطي القسم الأكبر من تكاليف إعادة البناء بعد الكارثة. يعني ازدياد حدوث الكوارث الطبيعية واسعة النطاق في العقود الأخيرة أن التأثير المالي أصبح مكلفًا أكثر من أي وقت مضى في التاريخ الحديث.
من ناحية أخرى، أثبتت الأحداث غير المتوقعة عامي 2020 و2021 أنها أكثر الكوارث الطبيعية التي واجهتها الولايات المتحدة كلفةً، ناهيك بتأثيرها في الاقتصاد العالمي. وقّع الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب في 27 مارس 2020 على حزمة تحفيز طارئة بقيمة 2 تريليون دولار، بعنوان «قانون الرعاية»، لمواجهة تداعيات فيروس كورونا. ووقّع على جولة ثانية من التحفيز بلغ مجموعها 900 مليار دولار لتصبح قانونًا في ديسمبر 2020. في 11 مارس 2021، وقّع الرئيس بايدن على قانون خطة الإنقاذ الأمريكية لعام 2021، وهو حزمة إنقاذ من تداعيات فيروس كورونا بقيمة 1.9 تريليون دولار.
الكوارث الطبيعية تزداد شيوعًا
مع أن حوادث الطقس الخطيرة تحدث دائمًا، تشير البيانات الحكومية إلى تزايد وتيرتها في السنوات الماضية. وفقًا للمراكز الوطنية للمعلومات البيئية، كان عام 2020 العام السادس على التوالي الذي أثرت فيه 10 أو أكثر من الأحداث المناخية والجوية، بلغت خسائرها مليار دولار أو أكثر في الولايات المتحدة. في الفترة بين عامي 2018 و2020، وقعت 50 حادثة من هذا النوع، تسببت مجتمعة في أضرار بلغت 237.2 مليار دولار.
في الفترة 2010 – 2019، حدث 119 حدثًا متعلقًا بالمناخ والطقس، فاقت تكاليفها مليار دولار، إذ بلغت الأضرار وسطيًا 80.2 مليار دولار سنويًا. في العقد السابق لذلك (2000-2009) لم يحدث سوى 59 حدثًا في الولايات المتحدة، وبلغت تكلفتها 52 مليار دولار. شهدت تسعينات القرن العشرين أزمات مناخية أقل، إذ حدث 52 حدثًا و تكلفت وسطيًا 27 مليار دولار في السنة.
من أسباب هذه الزيادة امتلاك الولايات المتحدة أصولًا في أماكن أكثر عرضة للخطر مقارنةً بالعقود الماضية. إذ حدث جزء كبير من النمو السكاني الأخير في المناطق الساحلية والسهول النهرية الفيضية، التي تتعرض لخطر أكبر عند وقوع أحداث مناخية خطرة.
أيضًا فإن تغير المناخ العالمي يجعل هذه الظواهر أكثر تكرارًا مما كانت عليه في العقود الماضية. قد يكون لهذا التحول سلسلة واسعة من التأثيرات في الولايات المتحدة، منها الجفاف والحرائق المتزايدة في الغرب، وهطول متزايد للأمطار في الشرق.
بسبب ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض بوتيرة ثابتة نسبيًا، فإن تكرار تلك الأحداث المتعلقة بالمناخ قد يزداد في السنوات المقبلة. كان عام 2020 ثاني أكثر الأعوام دفئًا.
من يتحمل الآثار الاقتصادية للكوارث الطبيعية؟
تسبب الكوارث المرتبطة بالمناخ والطقس تكاليف مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد. التكاليف المباشرة أوضح، إذ تشمل الضرر الواقع على المباني التجارية والمنازل، أو الحاجة إلى إصلاح الطرق وخطوط الكهرباء. تؤثر الكوارث الطبيعية أيضًا على المجتمعات المحلية بطرق أقل وضوحًا، بتعطيل الأعمال التجارية بسبب الأضرار التي تلحق بالممتلكات، أو تغيب الموظفين عن العمل.
في حين تسبب الكثير من الكوارث أضرارًا واسعة النطاق في الممتلكات والتجارة، فإن أكثر الأحداث كلفةً في التاريخ الحديث كانت الأعاصير. يكمن السبب في المزيج الحاد من الرياح الشديدة والأمطار الغزيرة، ما يسبب دمارًا في منطقة جغرافية واسعة في غضون أيام أو حتى ساعات.
عادةً تغطي مجموعة متنوعة من المصادر العامة والخاصة تكاليف أضرار الأعاصير والكوارث الأخرى. مثل إعصار هارفي، الذي دمر هيوستن وضواحيها في صيف 2017. وفقًا لمكتب مراقب الحسابات في تكساس، فإن نحو 130 مليار دولار من تكلفة أضرار إعصار هارفي غطته المصادر التالية:
- الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ: قدمت الأموال للأفراد، وحكومات الولايات والحكومات المحلية، والمستفيدين من البرنامج الوطني للتأمين ضد الفيضانات.
- إدارة الشركات الصغيرة: قدمت قروضًا منزلية وقروضًا تجارية.
- وزارة الإسكان والتنمية الحضرية الأمريكية.
- صناديق الولايات والصناديق المحلية.
- برامج المنح الحكومية.
- شركات تأمين خاصة.
- منظمات غير ربحية.
ما مدى تأثير هذه الكوارث على دافعي الضرائب الفيدراليين؟ وفقًا لتقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس عام 2019، يُتوقع أن تكلف الأضرار الناجمة عن الأعاصير والعواصف الأخرى الحكومة الأمريكية 17 مليار دولار سنويًا. نحو 11 مليار دولار من هذا المبلغ يمثل خسائر القطاع العام، و4 مليارات دولار تغطي المساعدات التي تذهب مباشرة إلى الأفراد، ونحو مليار دولار مخصص للتكاليف الإدارية. يتوقع مكتب الميزانية أن ترفع الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ أقساط برامج التأمين لتصحيح العجز المتوقع.
قد يواجه الأفراد خارج المنطقة المتضررة بعض التكاليف الإضافية التي تتجاوز النفقات الفدرالية. في بعض الحالات، يضطر المستهلكون لدفع المزيد مقابل سلع معينة، مثل الماشية والمنتجات، التي تُفقد بسبب كوارث الطقس. مثلًا بعد إعصاري كاترينا وريتا اللذان ألحقا الضرر بمصافي النفط في منطقة خليج المكسيك بفارق شهر، ارتفع سعر البنزين 30٪ تقريبًا، ما سبّب زيادةً هائلة في تكاليف النقل للمستهلكين والشركات.
أثر الكوارث الطبيعية في الاقتصاد
قد تدفع بعض الأعمال التجارية ثمنًا باهظًا نتيجة العواصف الكبرى، ومنها المتاجر والمطاعم التي تعتمد بالكامل على العملاء المحليين.
تشير البحوث إلى أن أثر الكوارث الطبيعية يميل -من وجهة نظر اقتصادية- إلى أن يكون إقليميًا، وأن الأعمال التجارية في المنطقة المتضررة عادةً تستعيد عافيتها بسرعة وتعيد بناء ممتلكاتها وتجديد مخازنها. حتى عاصفة بحجم إعصار هارفي لم تسفر عن تراجع للناتج الاقتصادي إلا بمقدار 8.5 مليار دولار، وهو رقم ضئيل للغاية مقارنةً بالناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة البالغ نحو 19 تريليون دولار عام 2017.
وجدت دراسة أجراها اقتصاديون في جامعة شيكاغو عام 2014 أن آثار إعصار كاترينا كانت صغيرة نسبيًا، رغم الأضرار الهائلة التي لحقت بساحل الخليج. بعد الإعصار والفيضانات، استنتج الباحثون أنه ليست فقط الأعمال التجارية، بل أن العمال هم أيضًا يخرجون منها بحالة جيدة مقارنةً بمدن أخرى لم تتأثر بالإعصار. وجد الباحثون أن مستويات الدخل في مسار العاصفة ارتفعت أو تجاوزت مثيلاتها في المناطق الحضرية الأخرى في غضون سنوات قليلة.
الخلاصة
أظهر التاريخ أن الكوارث الطبيعية قد تكبّد الحكومات والشركات والمواطنين خسائر مالية فادحة. تزداد وتيرة العواصف وغيرها من الأحداث المتعلقة بالطقس بسبب تغير المناخ. ولأن الولايات المتحدة تواصل البناء في المناطق المعرضة للخطر، فإن متوسط تكاليف إعادة البناء يتزايد باطراد.