كل ما تود معرفته عن بيرني مادوف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كل ما تود معرفته عن بيرني مادوف

    من هو بيرني مادوف؟


    بيرني مادوف هو ممول أمريكي، اسمه الكامل بيرنارد لورنس مادوف. نفذ أحد أكبر مخططات الاحتيال بواسطة البيع الهرمي في التاريخ، فسلب آلاف المستثمرين عشرات المليارات من الدولارات على مدى سبعة عشر عامًا على الأقل. وكان أيضًا رائدًا في التجارة الإلكترونية، ورئيسًا لشركة ناسداك في أوائل التسعينيات.

    توفي مادوف في السجن يوم 14 أبريل 2021، بينما كان يقضي حكمًا بالسجن 150 عامًا بتهمة غسل الأموال والاحتيال في الأوراق المالية، وعدة جرائم أخرى.


    فهم ما فعله بيرني مادوف


    ادعى مادوف قدرته على توليد عائدات ضخمة للمستثمرين، بواسطة استراتيجية استثمارية تُسمى تحويل الأرباح المنفصلة. ومع أنها استراتيجية تداول حقيقية، فإن مادوف خدع العملاء ببساطة!

    فبعد وعوده بتوليد عائدات ضخمة ومطردة، أودع مادوف ببساطة أموال العملاء الجدد في حساب مصرفي واحد، استخدمه لسداد مستحقات العملاء الحاليين الذين يريدون أخذ أموالهم نقدًا.

    وهكذا موّل عمليات الاسترداد بجذب مستثمرين جدد. لكنه لم يتمكن من الحفاظ على سر احتياله عندما تدهورت السوق بشدة أواخر عام 2008. اعترف مادوف إلى أبنائه الذين عملوا في شركته في 10 ديسمبر 2008، وسلموه إلى السلطات في اليوم التالي، وقد أقر بأن أبناءه لم يعلموا بخطط الاحتيال التي مارسها. وأشارت البيانات إلى أن أصول العملاء لديه بلغت 64.8 مليار دولار.

    عام 2009، في سن الحادية والسبعين، أقر مادوف بذنبه في 11 تهمة جنايات فيدرالية. متضمنةً الاحتيال في الأوراق المالية، والاحتيال على البريد، وشهادة الزور، وغسل الأموال.

    أصبح البيع الهرمي المعروف باسم مخطط بونزي، رمزًا قويًا لثقافة الجشع وعدم الأمانة التي سادت وول ستريت في الفترة السابقة للأزمة المالية، في نظر المنتقدين. حُكم على مادوف بالسجن 150 عامًا، ومصادرة أصول بقيمة 170 مليار دولار.

    لكن أحدًا من الشخصيات البارزة في وول ستريت لم يواجه أي تداعيات قانونية عقب تلك الأزمة.
    سيرة مختصرة لبيرني مادوف


    وُلد بيرني مادوف في كوينز-نيويورك في 29 إبريل 1938. وبدأ يواعد روث ني ألبيرن -التي ستصبح زوجته- عندما كانا في بداية مراهقتهما.

    في مكالمة هاتفية من السجن، قال مادوف للصحفي ستيف فيشمان أن والده الذي كان يدير متجرًا لبيع السلع الرياضية، توقف عن العمل بسبب نقص الحديد خلال الحرب الكورية. صمم مادوف على تحقيق النجاح الدائم الذي لم يحققه والده مهما تطلب الأمر.

    مع ذلك، كانت مسيرة مادوف مليئة بالتقلبات.
    مادوف وبداية الاستثمار


    أسس مادوف شركته «برنار ل. مادوف للاستثمار» عام 1960، بعمر الثانية والعشرين.

    في البداية كان يعمل على تداول الأسهم العادية بقيمة 5000 دولار أميركي، ما يقدر بقيمة 41000 دولار أميركي سنة 2017.

    سرعان ما أقنع أصدقاء العائلة وغيرهم بأن يستثمروا أموالهم معه. وعندما حدث «انهيار كينيدي» المقدر ب 20٪ من السوق عام 1962، انهارت رهانات مادوف واضطر والد زوجته إلى إنقاذه.

    كان مادوف يشعر دائمًا أنه لم يكن جزءًا من مجتمع وول ستريت. إذ نقل فيشمان قوله: «كنا شركة صغيرة فقط، لم نكن أعضاءً في بورصة نيويورك».

    وفقًا لمادوف، فقد بدأ بتكوين اسم لنفسه بوصفه صانع سوق سرية. وذكر مثالًا عن عميل لديه أراد بيع ثمانية سندات. مع أن أي شركة أكبر كان من شأنها أن ترفض مثل هذا النوع من التعاملات، فإن شركة مادوف ستقوم بالأمر.
    مرحلة النجاح


    بدأ النجاح عندما بدأ هو وأخوه بيتر بناء قدرات تجارية إلكترونية، فيما يعرف بالذكاء الاصطناعي. وفقًا لمادوف، لقد جذب هذا تدفقًا هائلًا للطلب، وعزز العمل بتزويد رؤية حاسوبية في نشاط السوق. ما جعل التعاملات البنكية تهبط، وتحول جزء كبير منها إلى شركة مادوف.

    إذ كان يعمل هو وأربع شركات أخرى فقط في وول ستريت لمعالجة نصف طلبات سوق نيويورك للأوراق المالية، وبحلول أواخر الثمانينيات، كانت شركة مادوف تجني نحو 100 مليون دولار سنويًا.

    لاحقًا، سيصبح بيرني رئيسًا لناسداك عام 1990، وسيتولى عدة مناصب أخرى حتى عام 1993.
    خطة مادوف للبيع الهرمي


    من غير المؤكد تحديدًا متى بدأت خطة مادوف للببيع الهرمي. لكنه أفاد في المحكمة أنها بدأت عام 1991 . إلا أن مدير حساباته فرانك ديباسكالي -الذى عمل في الشركة منذ 1975- قال إن التزوير كان يحدث طوال الوقت.

    ومن غير الواضح حتى يومنا هذا أيضًا، لماذا نفذ مادوف هذا المخطط في الأساس! قال مادوف: «كنت أملك ما يكفي من المال لأمارس نمط الحياة الذي أريد. لم أكن بحاجة إلى فعل ذلك».

    كانت التجارة المشروعة مربحة للغاية آنذاك. وكان بوسع مادوف أن يكتسب احترام نخبة وول ستريت بوصفه صانعًا للسوق من جهة، ورائدًا للتجارة الإلكترونية من جهة أخرى.

    أصر مادوف مرارًا أنه ليس مسؤولًا عن الاحتيال بالكامل، لكنه لم يفصح عن المسؤولين الآخرين، وأضاف: «لقد سمحت لنفسي أن أتورط في هذا الموضوع، وهذا خطئي. ظننت أنني أستطيع أن أخلص نفسي بعد فترة من الزمن. اعتقدت أنها فترة قصيرة جدًا من الوقت، لكنني لم أستطع».

    جذب الاهتمام ما يُسمى الأربعة الكبار: كارل شبيرو وجيفري بيكوور وستانلي شايس ورويال ليفي، لتورطهم الطويل والمربح مع شركة برنارد إل مادوف. إذ تعود علاقات مادوف مع هؤلاء إلى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وأتاحت خطته مئات الملايين من الدولارات لكل منهم.

    أشار مادوف إلى أن الشركات الأربع الكبرى، وغيرها من الشركات اشتركت في الأمر. فكان عدد من صناديق التغذية تضخ أموال عملائها إليه. وأضاف مادوف «لا بد أن تشك في العائدات التي أنتجتها شركتي. فكيف يمكنك تحقيق 15 أو 18%، في حين يجني الجميع أقل من ذلك بكثير؟».
    كيف أفلت مادوف من أفعاله فترةً طويلة؟


    يبدو أن العائدات الفائقة التي حققتها شركة مادوف لفتت انتباه العملاء عن التفكير في كيفية تحقيق تلك الأرباح. مع أنه ببساطة أودع أموال العملاء في حساب لدى بنك تشيس مانهاتن، الذي اندمج ليصبح «جيه بي مورجان تشيس أند كومباني» عام 2000. وفقًا لبعض التقديرات، ربما كسب البنك نحو 483 مليون دولار من هذه الودائع! هذا يفسر أن البنك لم يهتم بالتساؤل عما يحدث.

    عندما يرغب عميل في استرداد استثماراته، موّل مادوف ذلك بواسطة رأس مال جديد، كان قد حصّله بواسطة كسب ثقة زبائنه، مستخدمًا سمعته التي تُبشر بعائدات لا تصدق. سمح هذا النموذج لما يقرب من نصف المستثمرين في شركة مادوف بأن يصرفوا أموالهم ويستفيدوا من الأرباح.

    وهكذا خلق مادوف جبهة قوية مغلفة بالكثير من الاحترام. فاستقطب المستثمرين عبر عمله الخيري، واحتال على عدد من المنظمات غير الربحية، التي خسرت بعضها أموالها تقريبًا، متضمنةً مؤسسة إيلي ويزيل للسلام، وغيرها. واستغل علاقاته للتقرب من رجال ونساء المجتمع. وفقًا لروايات مختلفة، تسببت شركة مادوف في خسائر تتراوح بين مليار وملياري دولار لبعض أعضائها.

    استندت مصداقية مادوف في التعامل مع المستثمرين إلى عدة عوامل:
    1. بدت محفظته العامة الرئيسية متماسكةً باستثمارات آمنة في الأسهم الممتازة.
    2. ارتفاع العائدات (10% إلى 20%سنويًا)، وثباتها. أوردت صحيفة وول ستريت في مقابلة مع مادوف عام 1992، أن مادوف لم يكن يعد عائدات شركته شيئًا خاصًا حقًا، إذ إن مؤشر ستاندرد آند بورز، ولّد متوسط عائد سنوي بلغ 16.3% بين نوفمبر 1982 ونوفمبر 1992.
    3. زعم استخدام استراتيجية معقدة تعرف بتحويل الضربة القاسمة. وهي وسيلة للحد من المخاطر، إذ تكون الأسهم الأساسية محمية بخيار «الشراء حال عدم وجود أموال».
    تحقيق لجنة الأوراق المالية والبورصة


    حقق المجلس الأعلى للأمن في قضية شركة مادوف على نحو متقطع منذ عام 1999. وهي حقيقة أحبطت الكثيرين بعد محاكمته، إذ كان من الممكن تلافي الضرر لو أن التحقيقات الأولية كانت صارمة بالقدر الكافي.

    كان المحلل المالي هاري ماركوبولوس من أوائل المبلغين عن الفساد عام 1999، وقدم أول شكوى ضد مادوف عام 2000، لكن الهيئة التنظيمية تجاهلته.

    في رسالة لاذعة موجهة إلى لجنة الأوراق المالية والبورصة عام 2005، كتب ماركوبولوس: «تُعد شركة مادوف للأوراق المالية، أكبر مخطط للبيع الهرمي على مستوى العالم. لم يستجب قسم مراقبة الفساد لما قلته، لذلك سأفصح عن شكوكي وأنشرها، لأن هذا هو الشيء الصحيح لفعله».

    باستخدام ما يُسمى «طريقة الموزاييك»، لاحظ ماركوبولوس عددًا من المخالفات المالية، إذ زعمت شركة مادوف أنها كانت تحقق الأرباح حتى عندما كان مؤشر ستاندرد آند بورز يتهاوى، وهو ما لم يكن ممكنًا رياضيًا، استنادًا إلى نوع الاستثمار الذي زعموه.

    أكثر ما أثار شكوك ماركوبولوس، أن شركة مادوف للأوراق المالية تكسب عمولات غير معلنة بدلًا من الرسوم القياسية التي يدفعها صندوق التحوط، 1٪ من الإجمالي إضافةً إلى 20٪ من الأرباح.

    خلص ماركوبولوس إلى أن المستثمرين عرفوا أن شركة بيرني مادوف تدير أموالهم. وتبين أيضًا أن مادوف قدم طلبًا للحصول على قروض ضخمة من البنوك الأوروبية، وهو ما كان غير ضروري إن كانت عائداته مرتفعة فعلًا كما زعم.

    تعرض مجلس الأوراق المالية والبورصة لانتقادات شديدة عام 2008، عقب الكشف عن الاحتيال الذي ارتكبه مادوف، وتبين بطء استجابتهم لطلبات التحقيق.
    بيرني مادوف ومرحلة الاعتراف والمحاكمة


    في نوفمبر 2008، سجلت شركة برنار إل مادوف للأوراق المالية الاستثمارية، عائدات سنوية قدرها 5.6%، في حين انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 39% خلال الفترة ذاتها. ومع استمرار البيع، لم يعد مادوف قادرًا على مواكبة طلبات سحب الأموال الخاصة بالعملاء.

    في 10 ديسمبر اعترف مادوف بالحقيقة لابنيه مارك وآندي اللذين كانا يعملان في شركة والدهما، وطلب منهما البحث عن محام. نصحهما المحامي بتسليم أبيهم للسلطات. واعتُقل الأب في 11 ديسمبر 2008.

    زعم مادوف أنه كان المسؤول الوحيد. مع أن العديد من زملائه اقتيدوا إلى السجن، وانتحر الابن الأكبر مارك بعد عامين من كشف احتيال أبيه، وانتحر العديد من المستثمرين من شركة مادوف. وتوفي آندي مادوف بالسرطان عام 2014.

    أما مادوف الأب فقد حُكم عليه بالسجن مدة 150 عامًا، وصودر 170 مليار دولار من أمواله عام 2009. وعُرضت بيوته الثلاثة ويخته في مزاد علني.

    أقام مادوف في مؤسسة بوتنر الإصلاحية الاتحادية في كارولاينا الشمالية حتى وفاته عام 2021.
    ما بعد خطة مادوف للبيع الهرمي


    بيّنت السجلات، إضافةً إلى أقوال الضحايا، مدى تعقيد ما فعله مادوف وضخامته. إذ امتدت عملية الاحتيال أكثر من خمسة عقود، بدايةً من ستينيات القرن العشرين.

    وتشير بيانات حسابه الختامي، التي تشمل ملايين الصفحات من التجارة الوهمية والمحاسبة المشبوهة، إلى أن الشركة حققت أرباحًا بقيمة 47 مليار دولار.

    رغم اعتراف مادوف بذنبه عام 2009، وصدور الحكم بقضاء بقية حياته في السجن، فقد آلاف المستثمرين مدخراتهم، وتتناول العديد من الروايات الشعور المروع بالخسارة التي تكبدها الضحايا.

    تلقى ضحايا بيرني مادوف المساعدة من إرفينغ بيكار، وهو محام من نيويورك أشرف على تصفية شركة مادوف في محكمة الإفلاس.

    أقام بيكار دعوى قضائية ضد المستفيدين من مخطط البيع الهرمي. وبحلول ديسمبر 2018، استعاد 13.3 مليار دولار.

    وأُنشئ «صندوق ضحايا مادوف» عام 2013، للمساهمة في تعويض الضحايا. إلا إنه لم تُضخ أي أموال في الصندوق حتى عام 2017، إذ تلقى نحو 4 مليارات دولار. كانت معظم المطالبات من «مستثمرين غير مباشرين»، أي أشخاص وضعوا أموالهم لدى جهات، بدورها أودعت المال في مخطط بيرني مادوف.

    في 5 فبراير 2020، طلب محامو بيرني مادوف الإفراج عنه، زاعمين أنه يعاني مرضًا في الكلى قد يقتله في غضون 18 شهرًا. توفي بيرني مادوف في السجن في 14 أبريل 2021، بعد 11 عامًا من صدور الحكم ضده.
يعمل...
X