ملاحظات نقدية
الآن وقد عرضنا عرضا موجزا حياة المائة الاوائل لا مندوحة لنا من القول ، انه من السهل جدا ان تنتقد عملا ما بينما من الصعوبة بمكان ابتكار هذا العمل . وفي نقدنا لكتاب الدكتور مایکال هارت لابد لنا من مناقشة بعض النقاط ذات الاهمية تعليقا على ما عرضه من افكار مع تقديرنا لعمل المؤلف الكبير واكبارنا لجهده المبذول. فان هذا الكتاب جاء نتيجة مطالعاته وثقافته الواسعة وبيئته العامة ، مضافا اليها ومشاعره . ره سواء الخاصة ام الدينية ام العرقية ام الوطنية .
ورغم ذلك فقد لاحظنا ان المؤلف كان حريصا على التجرد قــــدر الامكان وقد احكم تجرده في وضع المقاييس التي بموجبها استخرج المائة الاوائل ولكنه لم يستطع التجرد تماما عند ترتيبه الشخصيات المائة .
فالمؤلف اميركي الجنسية غربي التربية والثقافة والحس العام والرأي . فهو ملتزم ضمن اطار عام يميز ا الغربي ، ذلك الاطار الذي يعتبر اميركا ( من الناحية الثقافية ) جزء من العالم الانكلوسكسوني خصوصا والغربي الأوروبي عموما ، تلك النظرة التي تعتبر العالم متفوقا عن غيره بثقافته العريقة المتميزة ذات الجذور التي تعود للعهد الكلاسيكي اليوناني حصرا باعتبار ان العلوم والمعارف الحديثة تعود لعصر النهضة الذي يعتبر بعثا للعصر الكلاسيكي اليوناني . واننا اذ نبدي بعض الملاحظات النقدية هدفنا اظهار الحقائق المجردة بالنسبة لهذا الكتاب .
اولا :
يظهر من خلال ما كتبه المؤلف ومن تعليقاته عن المائة الأوائل انه . من اتباع الفلسفة الذرائعية pragmatism وهذه حركة فكرية اميركية اسسها بيرس ووليم جيمس ومن تعاليمها المميزة ان معاني المفاهيم يجب يبحث عنها في تطبيقاتها العملية وان وظيفة وعمل الفكر هو الارشاد للعمل ، وانه يجب ان يحكم على صدق اي فكرة او حقيقة بنتائجها في المستقبل.
وهكذا فقد لاحظ القارىء ان المؤلف كان دائما يطرح فكرة النتيجة العملية لاي فرد من افراد المائة التي اختارها وانها العامل الاول في تأهيله لذلك المركز وكان يفضل شخصا على شخص لمجرد بعض نتائج عملية فائقة للشخص يبذ بها الآخر .
وحتى في مقدمته صرح المؤلف بهذه الحقيقة بصراحة ومرارا ، فهو يقول انه اهمل الاشخاص الخرافيين مثل هو ميروس و ايسوب ولاتزو وذلك لانه لم يكن لاعمالهم نتيجة عملية مما اخر ترتيبهم ضمن المائة .
هذا وقد قال عند تكلمه عن السيد المسيح بأن بعض افكاره مثل : لا تقاوم الشر ، ومن ضربك على خدك الأيمن أدر له الايسر . ان هذه الافكار مثالية وغير عملية . فنحن لا نمارسها ولا ننتظر من أحد ان يمارسها ولو اتبعها جميع الناس ، لما ترددنا عن وضع يسوع المسيح في المرتبة الاولى ، كل هذه الشواهد تدل على مدى تمسك المؤلف ( براجماتيته ) واهتمامه بالنتائج عند الحكم على الاشخاص اكثر مـــن اهتمامه بالاشخاص أنفسهم .
ثانيا :
أما بالنسبة للمرأة فيقول المؤلف ان المرأة قد اهملت خلال التاريخ وان ذكره لامرأتين فقط بين المائة االاوائل هو من . وهذا يظهر مدى تأثر المؤلف بالوضع الراهن statisquo وعدم قدرته على من جاذبية ذلك الوضع المقيت الذي . اهمال المرأة عبر التاريخ لمجرد كونها كائناً بشرياً حساساً وضعيفاً ، مم اثبتت خلال العصور انها تضارع الرجل ان لم تتفوق عليه في كثير من الميادين العقلية والثقافية والاجتماعية والعلمية . هذا وقد ذكر المؤلف عرضا مدام كوري عند تحدثه عن هنري بكوريل والاشعاع ولكن هنالك عدة نساء شهيرات اغفلهن المؤلف . فالتاريخ منذ القدم وحتى الآن مليء باسماء النساء اللواتي كان لهن اثر على مجرى الحضارة الانسانية مثل سميراميس ملكة أشور و حتشبسوت ملكة مصر وزنوبيا ملكة تدمر وفلورنس نايتنجيل التي انقذت الوف الجرحى في حرب القرم . وكانت رائدة الممرضات في العالم وامثال تلشكوفا التي دارت حول الارض داخل مركبة فضائية والمناضلات لاجل القضاء على مظالم العمال امثال ناديجدا کرو بسكايا ، وکلار از نکین وسواهن .
ثالثا :
مع أن المؤلف ذكر مرارا وتكرارا أن الحضارة ليست ملكا لشخص واحد ولا لأمة واحدة . الا انه عاد عند اعادة التصنيف بشكل احصائي فأكد بتعليقاته النهائية ان معظم النابغين والعلماء في العالم هم من الاصل البريطاني . فهنالك ۱۸ شخصية من بريطانيا العظمى وهـو يشير الى ان خمس شخصيات منهم اتوا من اسكتلندة وهم في طليعة المائة الاوائل . وبذلك يستنتج ان في اسكتلندة تركيز مدهش للمواهب هذا ان اسكتلندة هي ام الحضارة ياترى ؟ اليس في هذا تناقض ان الحضارة لا تنتمي الى شخص واحد ولا الى امة واحدة بل هي مزيج من عصارات الفكر والجداول الصغيرة التي تنبع من جميع انحاء العالم وتصب في مجرى كبير هو مجرى الحضارة البشرية العتيد ! .
رابعا :
يلاحظ ان المؤلف كان عند اختياره المائة الاوائل متأثرا بثقافته الشخصية نوعاما فهو مختص بالعلوم والفلك والقانون . لذا نرى ان معظم شخصياته منتقاه . هذه الميادين . وعلى الخصوص ميدان الفيزياء فهنالك خمس عشرة شخصية اخذت القرن العشرين احتوت عشر شخصيات علمية والباقي سياسية . ومن الشخصيات العلمية هذه نجد تسعا اشتهرت بابحاثها في الفيزياء كما واننا تتلمس اهتمام المؤلف حصلوا على جائزة نوبل . فمن الشخصيات العشرة المذكورة اعلاه قد حصلوا على جائزة نوبل تسعا منهم بالفيزياء والعاشر بالعلوم الطبية . علما بأن جوائز نوبل قد بديء بتقديمها في مطلع القرن العشرين .
خامسا :
ومن ناحية اخرى نرى ان المؤلف يبدأ في البحث عن الشخصيات المرشحة للمئة اعتبارا من القرن السادس ق .م مهملا دور حضارات بلاد النهرين وسوريا ومصر وكان احدا لا يستحق الذكر في الحقبة السابقة للقرن السادس ق . م مع ان مهد الحضارة والعلوم يعود الى تلك الحقبة فهل نسي المؤلف حمورابي المشرع الاول في التاريخ ؟ وسواه ممن أثروا في التاريخ والحضارة القديمة ؟
والمؤلف يعتبر الفترة ما بين القرن الثاني ق.م والقرن الرابع عشر الظلام ميلادي هي فترة ركود حضارية في العالم والحقيقة ان هذه الفترة لم تكن فترة ركود سوى في اوربا التي كانت ترزح تحت عصور التي تلت انهيار الامبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي. وقد نسي المؤلف الحضارة العربية التي ازدهرت في العالم العربي والاسلامي. وفي الاندلس حيث ظهر الكثير من العلماء العرب الذين كان لهم أوفر أثر في الحضارة العالمية والذين اخذت عنهم اوربا الكثير حين بدأت الدول الاوربية في نهضتها امثال الخوارزمي والفارابي وابي بكر الرازي وابن سينا والحسن وابن الهيثم وابن رشد وابن خلدون وسواهم. وتأكيداً لذلك نرى المؤلف يختار ١٦ شخصية في هذه الحقبة منهم اربع شخصيات دينية والباقي شخصيات سياسية وعسكرية ولم يذكر اية شخصية علمية.
سادسا :
زيادة على ما يلاحظ من تحيز المؤلف للغريبين عموما والعالم الانكلوسكسوني خصوصا ، وبتأثير الثقافة الغربية نراه قد اهمل العلماء والفنانين الروس والثقافة السلافية عموما . ففي ميدان الفن والموسيقى ذكر بيتهوفن الهولندي الاصل وباخ الالماني ولم يذكر تشايكوفسكي اورمسي كورساكوف رغم أن الاخيرين لا يقلان عن ا الاولين في مقدرتهما وانتاجهما وتأثيرهما على العالم . واما من ناحية العلوم فقد تجاهل العالم الروسي مندلييف صاحب جدول التصنيف الدوري للعناصر الذي لايزال اساس التصنيف الكيميائي للعناصر والذي عن طريقه تم ا اكتشاف كثير من العناصر التي كانت مجهولة . وكذلك تجاهل العالم الفيسيولوجي بافلوف مكتشف المنعكس الشرطي وميكانيكية الاعصاب والجملة العصبية وذلك باعتراف العلماء الامريكان أنفسهم .
سابعا :
وككل غربي ايضا تتلمس كره المؤلف للحضارة العربية الاسلامية فهو يقدم البابا اربان الثاني مثير الحروب الصليبية . ويشير الى شارل مارتل الذي اوقف الزحف العربي في اوربا ويقدم ايزابيلا التي قضت على العرب في اسبانيا وجنكيز خان الذي . الحضارة العربية العباسية. ومن هذا القبيل تحامله السافر على الدول العربية والامة العربية. فهو عندما ذکر ( فرنسيس بزارو ) الذي اسقط امبراطورية ( الانكا ) في بيرو التي يبلغ تعداد سكانها ستة ملايين وجيشها الذي يزيد على اربعين الفا ، بجيش قوامه مئتي رجل فقط . وهو يشبه هذه الحالة بحالة الحرب بين العرب واسرائيل عام ١٩٦٧ . ( وقد اخرنا بحث هذه الملاحظة وآثرنا ان نؤجل الاجابة على هذا الموضوع حتى نهاية عرض المائة الاوائل ) لاننا حريصون على أن يظل بحث المائة الاوائل صافياً ومنسجماً مع الغاية التي وضعت لاجلها، وهي التعريف بالمائة الأوائل الذين كان لهم القدح المعلى في بلورة ورقي الحضارة الانسانية . لقد تناسى المؤلف ان اسرائيل ما هي الا المخفر الامامي للاستعمار الحديث الطامع في الشرق الاوسط ببتروله وخاماته وخيراته ومياهه فاصبحت اسرائيل بمثابة السوط والجلاد .
ان اسرائيل في الشرق الاوسط هي نيكاراجوا سيموزا وهي ايران نظام ایان سميث العنصري في جنوب افريقية ، كل هذه الانظمة كانت مخافر واسواط للاستعمار الحديث لكنها انهارت أو تكاد تحت مطارق الشعوب الضعيفة القوية .
ولكن نعود فنقول ان من اختار محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) ليكون أولا المائة الاوائل ( وبحق) يستحق ان يحظى ببعض التسامح باعتبار ان هذه كبوة ولكل جواد كبوة . وان المؤلف ضحية الدعاية الصهيونية الطاغية في امريكا .
ثامنا :
هنالك بعض اخطاء تاريخية وقع بها المؤلف فهو يقول على سبيل المثال عند ذكر شارلمان انه مؤسس الامبراطورية الرومانية المقدسة . والحقيقة ان هذا الاس لم يطلق الا على الدولة التي كان يحكمها فردريك الاول ( ١١٥٢ - ۱۱۹٠ ) رغم ان المؤرخين يعتبرون شارلمان مؤسسا لهذه الامبراطورية ولكن لم يطلق عليها اسم ( مقدسة ) الا في زمن فردريك الاول .
ثم ان المؤلف يذكر ان فاسكوداجاما قد ( التقط ) مرشدا هنديا ارشده على طريق دام عشرين يوما عبر البحر العربي الى الهندوثمة رواية ان البحار العربي (ابن ماجة) الذي اعتبر فاسكو ضيفا عليه واكرمه ، هو الذي ( تبرع ) بارشاده الى الطريق ولكن كان نصيبه ونصيب العرب الذين ساعدوا فاسكو دا جاما نكران الجميل والاساءة .
هذه بعض ملاحظاتنا المتجردة عن الكتاب ولم يقصد بها الحصـ بل اعطاء فكرة عن طريقة تفكير المؤلف بهذا الصدد .
هذا وان هذا الكتاب يمثل فجر عهد جديد من المعالجة الموضوعية للحضارة العالمية المتجسدة في اشخاص وهذه المحاولة لم يسبق لها مثيل في ترتيبها ومنهجيتها .
في الختام
وتتمة لهذا البحث رأينا ان نفرد زاوية خاصة بالعلماء والمفكرين العرب والروس الذين ورد ذكرهم في ملاحظاتنا مرتبة حسب تاريخ الميلاد لكل منهم . اكبارا لجهودهم واعترافاً بفضل العلماء العرب على الحضارة الحديثة لكونهم قد نقلوا وحفظوا التراث القديم واليوناني خاصة وقدموه للغربيين اضافة لانتاجهم الخاص ليكون ماء الحياة العصر النهضة ومن ثم العصر الحديث علما بأن مؤلفات العلماء العرب كانت تعتبر المصادر الاساسية للعلوم في أوروبا حتى عهد قربب .
الآن وقد عرضنا عرضا موجزا حياة المائة الاوائل لا مندوحة لنا من القول ، انه من السهل جدا ان تنتقد عملا ما بينما من الصعوبة بمكان ابتكار هذا العمل . وفي نقدنا لكتاب الدكتور مایکال هارت لابد لنا من مناقشة بعض النقاط ذات الاهمية تعليقا على ما عرضه من افكار مع تقديرنا لعمل المؤلف الكبير واكبارنا لجهده المبذول. فان هذا الكتاب جاء نتيجة مطالعاته وثقافته الواسعة وبيئته العامة ، مضافا اليها ومشاعره . ره سواء الخاصة ام الدينية ام العرقية ام الوطنية .
ورغم ذلك فقد لاحظنا ان المؤلف كان حريصا على التجرد قــــدر الامكان وقد احكم تجرده في وضع المقاييس التي بموجبها استخرج المائة الاوائل ولكنه لم يستطع التجرد تماما عند ترتيبه الشخصيات المائة .
فالمؤلف اميركي الجنسية غربي التربية والثقافة والحس العام والرأي . فهو ملتزم ضمن اطار عام يميز ا الغربي ، ذلك الاطار الذي يعتبر اميركا ( من الناحية الثقافية ) جزء من العالم الانكلوسكسوني خصوصا والغربي الأوروبي عموما ، تلك النظرة التي تعتبر العالم متفوقا عن غيره بثقافته العريقة المتميزة ذات الجذور التي تعود للعهد الكلاسيكي اليوناني حصرا باعتبار ان العلوم والمعارف الحديثة تعود لعصر النهضة الذي يعتبر بعثا للعصر الكلاسيكي اليوناني . واننا اذ نبدي بعض الملاحظات النقدية هدفنا اظهار الحقائق المجردة بالنسبة لهذا الكتاب .
اولا :
يظهر من خلال ما كتبه المؤلف ومن تعليقاته عن المائة الأوائل انه . من اتباع الفلسفة الذرائعية pragmatism وهذه حركة فكرية اميركية اسسها بيرس ووليم جيمس ومن تعاليمها المميزة ان معاني المفاهيم يجب يبحث عنها في تطبيقاتها العملية وان وظيفة وعمل الفكر هو الارشاد للعمل ، وانه يجب ان يحكم على صدق اي فكرة او حقيقة بنتائجها في المستقبل.
وهكذا فقد لاحظ القارىء ان المؤلف كان دائما يطرح فكرة النتيجة العملية لاي فرد من افراد المائة التي اختارها وانها العامل الاول في تأهيله لذلك المركز وكان يفضل شخصا على شخص لمجرد بعض نتائج عملية فائقة للشخص يبذ بها الآخر .
وحتى في مقدمته صرح المؤلف بهذه الحقيقة بصراحة ومرارا ، فهو يقول انه اهمل الاشخاص الخرافيين مثل هو ميروس و ايسوب ولاتزو وذلك لانه لم يكن لاعمالهم نتيجة عملية مما اخر ترتيبهم ضمن المائة .
هذا وقد قال عند تكلمه عن السيد المسيح بأن بعض افكاره مثل : لا تقاوم الشر ، ومن ضربك على خدك الأيمن أدر له الايسر . ان هذه الافكار مثالية وغير عملية . فنحن لا نمارسها ولا ننتظر من أحد ان يمارسها ولو اتبعها جميع الناس ، لما ترددنا عن وضع يسوع المسيح في المرتبة الاولى ، كل هذه الشواهد تدل على مدى تمسك المؤلف ( براجماتيته ) واهتمامه بالنتائج عند الحكم على الاشخاص اكثر مـــن اهتمامه بالاشخاص أنفسهم .
ثانيا :
أما بالنسبة للمرأة فيقول المؤلف ان المرأة قد اهملت خلال التاريخ وان ذكره لامرأتين فقط بين المائة االاوائل هو من . وهذا يظهر مدى تأثر المؤلف بالوضع الراهن statisquo وعدم قدرته على من جاذبية ذلك الوضع المقيت الذي . اهمال المرأة عبر التاريخ لمجرد كونها كائناً بشرياً حساساً وضعيفاً ، مم اثبتت خلال العصور انها تضارع الرجل ان لم تتفوق عليه في كثير من الميادين العقلية والثقافية والاجتماعية والعلمية . هذا وقد ذكر المؤلف عرضا مدام كوري عند تحدثه عن هنري بكوريل والاشعاع ولكن هنالك عدة نساء شهيرات اغفلهن المؤلف . فالتاريخ منذ القدم وحتى الآن مليء باسماء النساء اللواتي كان لهن اثر على مجرى الحضارة الانسانية مثل سميراميس ملكة أشور و حتشبسوت ملكة مصر وزنوبيا ملكة تدمر وفلورنس نايتنجيل التي انقذت الوف الجرحى في حرب القرم . وكانت رائدة الممرضات في العالم وامثال تلشكوفا التي دارت حول الارض داخل مركبة فضائية والمناضلات لاجل القضاء على مظالم العمال امثال ناديجدا کرو بسكايا ، وکلار از نکین وسواهن .
ثالثا :
مع أن المؤلف ذكر مرارا وتكرارا أن الحضارة ليست ملكا لشخص واحد ولا لأمة واحدة . الا انه عاد عند اعادة التصنيف بشكل احصائي فأكد بتعليقاته النهائية ان معظم النابغين والعلماء في العالم هم من الاصل البريطاني . فهنالك ۱۸ شخصية من بريطانيا العظمى وهـو يشير الى ان خمس شخصيات منهم اتوا من اسكتلندة وهم في طليعة المائة الاوائل . وبذلك يستنتج ان في اسكتلندة تركيز مدهش للمواهب هذا ان اسكتلندة هي ام الحضارة ياترى ؟ اليس في هذا تناقض ان الحضارة لا تنتمي الى شخص واحد ولا الى امة واحدة بل هي مزيج من عصارات الفكر والجداول الصغيرة التي تنبع من جميع انحاء العالم وتصب في مجرى كبير هو مجرى الحضارة البشرية العتيد ! .
رابعا :
يلاحظ ان المؤلف كان عند اختياره المائة الاوائل متأثرا بثقافته الشخصية نوعاما فهو مختص بالعلوم والفلك والقانون . لذا نرى ان معظم شخصياته منتقاه . هذه الميادين . وعلى الخصوص ميدان الفيزياء فهنالك خمس عشرة شخصية اخذت القرن العشرين احتوت عشر شخصيات علمية والباقي سياسية . ومن الشخصيات العلمية هذه نجد تسعا اشتهرت بابحاثها في الفيزياء كما واننا تتلمس اهتمام المؤلف حصلوا على جائزة نوبل . فمن الشخصيات العشرة المذكورة اعلاه قد حصلوا على جائزة نوبل تسعا منهم بالفيزياء والعاشر بالعلوم الطبية . علما بأن جوائز نوبل قد بديء بتقديمها في مطلع القرن العشرين .
خامسا :
ومن ناحية اخرى نرى ان المؤلف يبدأ في البحث عن الشخصيات المرشحة للمئة اعتبارا من القرن السادس ق .م مهملا دور حضارات بلاد النهرين وسوريا ومصر وكان احدا لا يستحق الذكر في الحقبة السابقة للقرن السادس ق . م مع ان مهد الحضارة والعلوم يعود الى تلك الحقبة فهل نسي المؤلف حمورابي المشرع الاول في التاريخ ؟ وسواه ممن أثروا في التاريخ والحضارة القديمة ؟
والمؤلف يعتبر الفترة ما بين القرن الثاني ق.م والقرن الرابع عشر الظلام ميلادي هي فترة ركود حضارية في العالم والحقيقة ان هذه الفترة لم تكن فترة ركود سوى في اوربا التي كانت ترزح تحت عصور التي تلت انهيار الامبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي. وقد نسي المؤلف الحضارة العربية التي ازدهرت في العالم العربي والاسلامي. وفي الاندلس حيث ظهر الكثير من العلماء العرب الذين كان لهم أوفر أثر في الحضارة العالمية والذين اخذت عنهم اوربا الكثير حين بدأت الدول الاوربية في نهضتها امثال الخوارزمي والفارابي وابي بكر الرازي وابن سينا والحسن وابن الهيثم وابن رشد وابن خلدون وسواهم. وتأكيداً لذلك نرى المؤلف يختار ١٦ شخصية في هذه الحقبة منهم اربع شخصيات دينية والباقي شخصيات سياسية وعسكرية ولم يذكر اية شخصية علمية.
سادسا :
زيادة على ما يلاحظ من تحيز المؤلف للغريبين عموما والعالم الانكلوسكسوني خصوصا ، وبتأثير الثقافة الغربية نراه قد اهمل العلماء والفنانين الروس والثقافة السلافية عموما . ففي ميدان الفن والموسيقى ذكر بيتهوفن الهولندي الاصل وباخ الالماني ولم يذكر تشايكوفسكي اورمسي كورساكوف رغم أن الاخيرين لا يقلان عن ا الاولين في مقدرتهما وانتاجهما وتأثيرهما على العالم . واما من ناحية العلوم فقد تجاهل العالم الروسي مندلييف صاحب جدول التصنيف الدوري للعناصر الذي لايزال اساس التصنيف الكيميائي للعناصر والذي عن طريقه تم ا اكتشاف كثير من العناصر التي كانت مجهولة . وكذلك تجاهل العالم الفيسيولوجي بافلوف مكتشف المنعكس الشرطي وميكانيكية الاعصاب والجملة العصبية وذلك باعتراف العلماء الامريكان أنفسهم .
سابعا :
وككل غربي ايضا تتلمس كره المؤلف للحضارة العربية الاسلامية فهو يقدم البابا اربان الثاني مثير الحروب الصليبية . ويشير الى شارل مارتل الذي اوقف الزحف العربي في اوربا ويقدم ايزابيلا التي قضت على العرب في اسبانيا وجنكيز خان الذي . الحضارة العربية العباسية. ومن هذا القبيل تحامله السافر على الدول العربية والامة العربية. فهو عندما ذکر ( فرنسيس بزارو ) الذي اسقط امبراطورية ( الانكا ) في بيرو التي يبلغ تعداد سكانها ستة ملايين وجيشها الذي يزيد على اربعين الفا ، بجيش قوامه مئتي رجل فقط . وهو يشبه هذه الحالة بحالة الحرب بين العرب واسرائيل عام ١٩٦٧ . ( وقد اخرنا بحث هذه الملاحظة وآثرنا ان نؤجل الاجابة على هذا الموضوع حتى نهاية عرض المائة الاوائل ) لاننا حريصون على أن يظل بحث المائة الاوائل صافياً ومنسجماً مع الغاية التي وضعت لاجلها، وهي التعريف بالمائة الأوائل الذين كان لهم القدح المعلى في بلورة ورقي الحضارة الانسانية . لقد تناسى المؤلف ان اسرائيل ما هي الا المخفر الامامي للاستعمار الحديث الطامع في الشرق الاوسط ببتروله وخاماته وخيراته ومياهه فاصبحت اسرائيل بمثابة السوط والجلاد .
ان اسرائيل في الشرق الاوسط هي نيكاراجوا سيموزا وهي ايران نظام ایان سميث العنصري في جنوب افريقية ، كل هذه الانظمة كانت مخافر واسواط للاستعمار الحديث لكنها انهارت أو تكاد تحت مطارق الشعوب الضعيفة القوية .
ولكن نعود فنقول ان من اختار محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) ليكون أولا المائة الاوائل ( وبحق) يستحق ان يحظى ببعض التسامح باعتبار ان هذه كبوة ولكل جواد كبوة . وان المؤلف ضحية الدعاية الصهيونية الطاغية في امريكا .
ثامنا :
هنالك بعض اخطاء تاريخية وقع بها المؤلف فهو يقول على سبيل المثال عند ذكر شارلمان انه مؤسس الامبراطورية الرومانية المقدسة . والحقيقة ان هذا الاس لم يطلق الا على الدولة التي كان يحكمها فردريك الاول ( ١١٥٢ - ۱۱۹٠ ) رغم ان المؤرخين يعتبرون شارلمان مؤسسا لهذه الامبراطورية ولكن لم يطلق عليها اسم ( مقدسة ) الا في زمن فردريك الاول .
ثم ان المؤلف يذكر ان فاسكوداجاما قد ( التقط ) مرشدا هنديا ارشده على طريق دام عشرين يوما عبر البحر العربي الى الهندوثمة رواية ان البحار العربي (ابن ماجة) الذي اعتبر فاسكو ضيفا عليه واكرمه ، هو الذي ( تبرع ) بارشاده الى الطريق ولكن كان نصيبه ونصيب العرب الذين ساعدوا فاسكو دا جاما نكران الجميل والاساءة .
هذه بعض ملاحظاتنا المتجردة عن الكتاب ولم يقصد بها الحصـ بل اعطاء فكرة عن طريقة تفكير المؤلف بهذا الصدد .
هذا وان هذا الكتاب يمثل فجر عهد جديد من المعالجة الموضوعية للحضارة العالمية المتجسدة في اشخاص وهذه المحاولة لم يسبق لها مثيل في ترتيبها ومنهجيتها .
في الختام
وتتمة لهذا البحث رأينا ان نفرد زاوية خاصة بالعلماء والمفكرين العرب والروس الذين ورد ذكرهم في ملاحظاتنا مرتبة حسب تاريخ الميلاد لكل منهم . اكبارا لجهودهم واعترافاً بفضل العلماء العرب على الحضارة الحديثة لكونهم قد نقلوا وحفظوا التراث القديم واليوناني خاصة وقدموه للغربيين اضافة لانتاجهم الخاص ليكون ماء الحياة العصر النهضة ومن ثم العصر الحديث علما بأن مؤلفات العلماء العرب كانت تعتبر المصادر الاساسية للعلوم في أوروبا حتى عهد قربب .
تعليق