تجتمع لجنة العمل العادل في أستراليا سنويًا لرؤية؛ هل ينبغي رفع الحد الأدنى الأجور؟، ويترافق ذلك مع تحذيرات من كبار رجال الأعمال؛ تزعم أن رفع الأجور سيؤدي إلى تقليص فرص العمل وخسارة الناس لوظائفهم. وقد منحت جائزة نوبل في الاقتصاد لهذا العام للخبير الاقتصادي ديفيد كارد المقيم في الولايات المتحدة عن عمله مع آلان كروجر في تصحيح هذا المفهوم -الذي يبدو للوهلة الأولى منطقيًا- وعكسه.
إذ كان المعتقد السائد قبل كارد وآلان أن فرض زيادة الحد الأدنى للأجور ستؤدي إلى تقليص فرص العمل وخسارة بعض الموظفين لوظائفهم عندما يعجز أصحاب الأعمال على سداد هذه الأجور.
وعمل ديفيد كارد وآلان كروجر على عكس هذا المفهوم عند رجال الاقتصاد ليحولوه إلى خرافة اقتصادية، فقد نشر كارد وكروجر مقالًا مؤثرًا عام 1994، ثم ما لبثا أن شرحاه ووسعا مضامينه في كتابٍ اختبرا فيه ما أطلقا عليه تسمية: «تجربة طبيعية»؛ حين رفعت ولاية نيو جيرسي الأمريكية الحد الأدنى للأجور ليصبح الأعلى في الولايات المتحدة، أما ولاية بنسلفانيا المجاورة فلم تفعل المثل، وكان هذا مثاليًا لفهم الفرق الناتج.
استطلاعات الرأي لعمال مطاعم الوجبات السريعة على حدود الولايتين:
اختير عمال مطاعم الوجبات السريعة للدراسة لأن تلك المطاعم توظف عددًا كبيرًا من العمال بالحد الأدنى للأجور في الولاية، وقد أجرى ديفيد كارد و آلان كروجر استطلاعات رأي شملت 400 منفذًا لبيع الوجبات السريعة على جانبي الولايتين، وأرادوا معرفة؛ هل هنالك أي تغيير في عدد العاملين في المدن التي كانت قريبة من بعضها بعضًا، ولكن تفصل بينها حدود الولاية، وبالتالي يختلف بينها الحد الأدنى للأجور؟.
وكانت المفاجأة أنه رغم زيادة الحد الأدنى للأجور فقد حافظ العاملون على وظائفهم، ولم يجدا أي مؤشرٍ يدل على أن زيادة الحد الأدنى للأجور قد جاءت بنتائج عكسية، وأفقدت الناس وظائفهم.
وقد وجدت دراسة أجريت في عام 2021 أن دعم الحد الأدنى للأجور امتد إلى المؤسسات، مثل صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ووصفها البحث الذي أعده ديفيد كارد وآلان كروجر بأنها «محورية لهذا التغيير في الرؤية».
وقد وردت الإشارة إلى عمل ديفيد كارد و آلان كروجر في أحكام لجنة العمل العادل في أستراليا، وهذا يعني أن عملهم ساعد على تحديد دخول العمال من ذوي الأجور المتدنية في بلدٍ يقع في النصف الآخر من الكرة الأرضية، وهو مثال كلاسيكي على مقولة الخبير الاقتصادي جون ماينارد كينز عن تأثير الكتاب الأكاديميين، فقد كتب كينز: «إن تعالي أصوات الرجال الغاضبين في السلطة ما هو إلا للتنفيس عن غضبهم على كاتبٍ أكاديمي قبل ذلك ببضعة أعوام».
«تجارب طبيعية»:
لم يكتفي ديفيد كارد بهدم هذا المفهوم السائد فحسب، بل عمل أيضًا على دراسة تأثير الهجرة على أجور ونسب توظيف السكان المحليين، والمفاجأة أنه وجد هذا التأثير ضئيلًا.
ورغم الفرحة العارمة التي تنتاب أي شخصٍ يفوز بجائزة نوبل إلا أن سعادة ديفيد كارد لم تكتمل لفوزه بالجائزة وحيدًا، إذ لم يتمكن من مشاركتها مع شريكه الراحل آلان كروجر، الذي قدم مساهماتٍ عظيمةً في الاقتصاد، ربما أكثر من ديفيد كارد، وتراوحت أعمال آلان بين اقتصاديات عدم المساواة وموسيقى الروك وحتى الإرهاب. ويعود السبب في عدم تشارك كروجر للجائزة مع كارد إلى أنه انتحر في عام 2019، ولا يتم منح جائزة نوبل للأشخاص المتوفين (هذا وكان كروجر قد شغل منصب رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس أوباما).
وبدلًا من مشاركة ديفيد كارد لآلان الجائزة، فقد تشاركها مع جوشوا انغرست وغيدو إمبينز وذلك لإسهاماتهم المنهجية في تحليل العلاقات السببية.
في حالاتٍ عديدة لا يَسَعُ الاقتصاديون القيامَ بتجارب مضبوطة، إذ تمانع الحكومات رفع الحد الأدنى للأجور لنصف القوى العاملة فقط ما يفوت على الاقتصاديين فرصة مقارنة النتائج. وللتغلب على هذه العقبة ينشئ خبراء الاقتصاد «تجارب طبيعية»، بالاستعانة بالاختلافات بين المدن على جانبي الحدود بين الولايات. وقد ساعد انغرست وإمبينز على وضع إطارٍ لكيفية القيام بتلك التجربة، ومُنِحت جائزة نوبل في الاقتصاد هذا العام لثلاثة رجال مقيمين في الولايات المتحدة لإسهامهم في التنوع الاقتصادي.
والجدير بالذكر أن ديفيد كارد الفائز هذا العام بالجائزة هو الرئيس الحالي للجمعية الاقتصادية الأمريكية، حاله حال العديد ممن سبقوه بالفوز بجائزة نوبل.
وتعد سوزان آثي أحد أهم المرشحين المحتمليين للفوز بالجائزة مستقبلًا، ومن المؤشرات المحتملة أنها قد انتخبت رئيسة للجمعية الاقتصادية الأميركية لعام 2022، وتشمل اهتماماتها البحثية اقتصاديات الإنترنت، ووسائل الإعلام الإخبارية، والذكاء الاصطناعي، والبيانات والعملات المشفرة. وأيضًا، كانت أول امرأة تفوز بميدالية جون بيتس كلارك، التي تمنح للاقتصادي الأمريكي تحت سن ٤٠ عامًا الذي يقدم أكبر إسهامٍ في الفكر الاقتصادي والمعرفة. وكان ديفيد كارد أحد الفائزين بميدالية جون بيتس كلارك وأعقبها فوزه بجائزة نوبل، ما يشكل مؤشرًا على احتمالية فوز سوزان بالجائزة مستقبلًا.
إذ كان المعتقد السائد قبل كارد وآلان أن فرض زيادة الحد الأدنى للأجور ستؤدي إلى تقليص فرص العمل وخسارة بعض الموظفين لوظائفهم عندما يعجز أصحاب الأعمال على سداد هذه الأجور.
وعمل ديفيد كارد وآلان كروجر على عكس هذا المفهوم عند رجال الاقتصاد ليحولوه إلى خرافة اقتصادية، فقد نشر كارد وكروجر مقالًا مؤثرًا عام 1994، ثم ما لبثا أن شرحاه ووسعا مضامينه في كتابٍ اختبرا فيه ما أطلقا عليه تسمية: «تجربة طبيعية»؛ حين رفعت ولاية نيو جيرسي الأمريكية الحد الأدنى للأجور ليصبح الأعلى في الولايات المتحدة، أما ولاية بنسلفانيا المجاورة فلم تفعل المثل، وكان هذا مثاليًا لفهم الفرق الناتج.
استطلاعات الرأي لعمال مطاعم الوجبات السريعة على حدود الولايتين:
اختير عمال مطاعم الوجبات السريعة للدراسة لأن تلك المطاعم توظف عددًا كبيرًا من العمال بالحد الأدنى للأجور في الولاية، وقد أجرى ديفيد كارد و آلان كروجر استطلاعات رأي شملت 400 منفذًا لبيع الوجبات السريعة على جانبي الولايتين، وأرادوا معرفة؛ هل هنالك أي تغيير في عدد العاملين في المدن التي كانت قريبة من بعضها بعضًا، ولكن تفصل بينها حدود الولاية، وبالتالي يختلف بينها الحد الأدنى للأجور؟.
وكانت المفاجأة أنه رغم زيادة الحد الأدنى للأجور فقد حافظ العاملون على وظائفهم، ولم يجدا أي مؤشرٍ يدل على أن زيادة الحد الأدنى للأجور قد جاءت بنتائج عكسية، وأفقدت الناس وظائفهم.
وقد وجدت دراسة أجريت في عام 2021 أن دعم الحد الأدنى للأجور امتد إلى المؤسسات، مثل صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ووصفها البحث الذي أعده ديفيد كارد وآلان كروجر بأنها «محورية لهذا التغيير في الرؤية».
وقد وردت الإشارة إلى عمل ديفيد كارد و آلان كروجر في أحكام لجنة العمل العادل في أستراليا، وهذا يعني أن عملهم ساعد على تحديد دخول العمال من ذوي الأجور المتدنية في بلدٍ يقع في النصف الآخر من الكرة الأرضية، وهو مثال كلاسيكي على مقولة الخبير الاقتصادي جون ماينارد كينز عن تأثير الكتاب الأكاديميين، فقد كتب كينز: «إن تعالي أصوات الرجال الغاضبين في السلطة ما هو إلا للتنفيس عن غضبهم على كاتبٍ أكاديمي قبل ذلك ببضعة أعوام».
«تجارب طبيعية»:
لم يكتفي ديفيد كارد بهدم هذا المفهوم السائد فحسب، بل عمل أيضًا على دراسة تأثير الهجرة على أجور ونسب توظيف السكان المحليين، والمفاجأة أنه وجد هذا التأثير ضئيلًا.
ورغم الفرحة العارمة التي تنتاب أي شخصٍ يفوز بجائزة نوبل إلا أن سعادة ديفيد كارد لم تكتمل لفوزه بالجائزة وحيدًا، إذ لم يتمكن من مشاركتها مع شريكه الراحل آلان كروجر، الذي قدم مساهماتٍ عظيمةً في الاقتصاد، ربما أكثر من ديفيد كارد، وتراوحت أعمال آلان بين اقتصاديات عدم المساواة وموسيقى الروك وحتى الإرهاب. ويعود السبب في عدم تشارك كروجر للجائزة مع كارد إلى أنه انتحر في عام 2019، ولا يتم منح جائزة نوبل للأشخاص المتوفين (هذا وكان كروجر قد شغل منصب رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس أوباما).
وبدلًا من مشاركة ديفيد كارد لآلان الجائزة، فقد تشاركها مع جوشوا انغرست وغيدو إمبينز وذلك لإسهاماتهم المنهجية في تحليل العلاقات السببية.
في حالاتٍ عديدة لا يَسَعُ الاقتصاديون القيامَ بتجارب مضبوطة، إذ تمانع الحكومات رفع الحد الأدنى للأجور لنصف القوى العاملة فقط ما يفوت على الاقتصاديين فرصة مقارنة النتائج. وللتغلب على هذه العقبة ينشئ خبراء الاقتصاد «تجارب طبيعية»، بالاستعانة بالاختلافات بين المدن على جانبي الحدود بين الولايات. وقد ساعد انغرست وإمبينز على وضع إطارٍ لكيفية القيام بتلك التجربة، ومُنِحت جائزة نوبل في الاقتصاد هذا العام لثلاثة رجال مقيمين في الولايات المتحدة لإسهامهم في التنوع الاقتصادي.
والجدير بالذكر أن ديفيد كارد الفائز هذا العام بالجائزة هو الرئيس الحالي للجمعية الاقتصادية الأمريكية، حاله حال العديد ممن سبقوه بالفوز بجائزة نوبل.
وتعد سوزان آثي أحد أهم المرشحين المحتمليين للفوز بالجائزة مستقبلًا، ومن المؤشرات المحتملة أنها قد انتخبت رئيسة للجمعية الاقتصادية الأميركية لعام 2022، وتشمل اهتماماتها البحثية اقتصاديات الإنترنت، ووسائل الإعلام الإخبارية، والذكاء الاصطناعي، والبيانات والعملات المشفرة. وأيضًا، كانت أول امرأة تفوز بميدالية جون بيتس كلارك، التي تمنح للاقتصادي الأمريكي تحت سن ٤٠ عامًا الذي يقدم أكبر إسهامٍ في الفكر الاقتصادي والمعرفة. وكان ديفيد كارد أحد الفائزين بميدالية جون بيتس كلارك وأعقبها فوزه بجائزة نوبل، ما يشكل مؤشرًا على احتمالية فوز سوزان بالجائزة مستقبلًا.