الصفويون Safavides - Séfévides (سلالة حكمت فارس من 907 ـ 1148هـ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصفويون Safavides - Séfévides (سلالة حكمت فارس من 907 ـ 1148هـ

    الصفويون
    (سلالة حكمت فارس من 907 ـ 1148هـ)
    ينتسب الصفويون إلى الشيخ صفي الدين الأربيلي[ر]. ومع أن أصولهم الحقيقية غيرمعروفة بدقة، فقد أصبح من المتفق عليه اليوم أنهم من أصول فارسية، ربما كردية. ويعد الشاه إسماعيل الأول (907ـ930هـ/1502ـ1524م) مؤسس الأسرة الصفوية التي حكمت فارس فعلياً قرابة قرنين وربع القرن.
    تميزعهد الشاه إسماعيل الأول بمد سلطان الصفويين تدريجياً على شيروان وأذربيجان وسائربلاد فارس والعراق، وبإعلان الفقه الجعفري من المذهب الشيعي الاثنى عشري مذهباً رسمياً للدولة والقضاء على المذهب السني فيها بهدف خلق شعوربالوحدة والهوية المميزة لدى أتباعه، بل خلق دولة قومية حديثة، وقد حمى فارس من ابتلاع الامبراطورية العثمانية السنية لها، وإذا كان السلطان سليم الأول العثماني قد نجح في سحق الجيش الصفوي في معركة جالديران (2رجب920هـ/23آب1514م)، فما ذلك إلا لفترة وجيزة.
    واتسم عهد ابنه وخلفه طهماسب الأول (930ـ983هـ/1524ـ1576م) بتوطيد المذهب الشيعي في فارس، ونجاح جيشه الصغيرفي احتواء الاندفاعة العثمانية باتجاه فارس من الغرب، والأُوزبكية من الشرق، لكن مقابل نجاح العثمانيين في انتزاع العراق من أيدي الصفويين (941هـ/1534م).
    بعد وفاة طهماسب شهدت فارس أزمة جديدة في الداخل دامت ما يزيد على عشرسنوات، وأخذت تتهددها الأخطار من الخارج0 ففي عهد كل من الشاه إسماعيل الثاني (984ـ 985هـ/1576ـ1577م)، وسلطان محمد شاه (985ـ996هـ/1578ـ1588م) أضحت فارس مسرحاً للصراع على السلطة بين الارستقراطية العسكرية المكونة من قادة القزل باش (ذوي الرؤوس الحمراء) التي تسعى إلى الحفاظ على امتيازاتها والارستقراطية العسكرية الجديدة الصاعدة المؤلفة من قادة الجورجيين والشركس الذين دخلوا في خدمة الصفويين منذ عهد طهماسب الأول. وأدى تدخل حريم القصرالملكي من الجورجيات والشركس في الشؤون السياسية بهدف ضمان وراثة العرش لأبنائهن إلى تفاقم الأزمة الداخلية، في الوقت نفسه أخذت فيه الأخطار الخارجية تتهدد فارس باستئناف العثمانيين عملياتهم العسكرية واحتلالهم لمدينة تبريز (993هـ/1585م)0
    وحينما تولى الشاه عباس الأول (996ـ1038هـ/1588ـ1629م) عرش فارس وجد الامبراطورية الصفوية داخلياً وخارجياً في وضع حرج جداً؛ فكان عليه إعادة الأمور إلى نصابها في الداخل، ودرء الأخطار عنها من الخارج، ولاسيما أن الأزبك في الشرق احتلوا هرات (977هـ/1569م)، وتقدموا إلى مشهد في خراسان. وبما أنه لايستطيع قتال جميع أعدائه في الداخل والخارج في آن معاً، فقد صمم على أن يقضي عليهم الواحد تلوالآخر؛ فبدأ بعقد معاهدة سلام مخزية مع العثمانيين (معاهدة القسطنطينية 998هـ/1589م) نزل لهم بموجبها عن عدد كبيرمن البلدان في أذربيجان وأرمينيا وجورجيا وكردستان، التفت بعد ذلك إلى إصلاح الامبراطورية من الداخل. ولكي يقضي على نفوذ القزل باش، باشرعباس الأول بتأسيس جيش نظامي حديث من عناصرشيعية فارسية وجورجية وشركسية قوامه 37ألف رجل، ومجهز بمدفعية وأسلحة نارية، ومرتبط به شخصياً، وبذلك يكون الشاه عباس قد أضعف نفوذ أمراء القزل باش، ثم ما لبث أن استبدلهم في المراكزالقيادية برجال خرجوا من صفوف النخبة الجديدة، وفرض سلطته في الداخل، وأصبح بإمكانه القضاء على أعداء الامبراطورية في الخارج.
    في عام 1007هـ/1598م، حقق نصراً ساحقاً على الأزبك وطردهم من هرات التي احتلوها قبل عشرسنوات0 وما أن أمَّن حدود الامبراطورية الصفوية من الشرق حتى التفت إلى العثمانيين في الغرب0 ومع حلول عام 1016هـ/1607م، كان آخرجندي عثماني قد طُرد من الأراضي الصفوية0 كما طُرد العثمانيون من العراق0
    أمضى الشاه عباس الأول ما تبقى من مدة حكمه في إضعاف نفوذ القزل باش وتعزيز مركزالجورجيين والشركس الذين أصبح يعتمد بالدرجة الأولى على دعمهم ومساندتهم له، وإعادة تنظيم الإدارة على أسس جديدة قوامها الفصل بين السلطتين الزمنية والروحية0 وتعاظم دور السلطة المركزية بحيث إن الوزير، رئيس الجهازالبيروقراطي، أصبح الأكثرنفوذاً في الدولة، ويحمل غالباً ألقاباً طنانة مثل اعتماد الدولة والصدرالأعظم sadr-i asami. وبلغت الامبراطورية الصفوية في عهده أوج قوتها ومجدها0
    كما شهد عهده إقامة علاقة « دبلوماسية» مع بعض الدول الأوربية مثل إسبانيا والبرتغال وبريطانيا التي أرسلت سفراء إلى البلاط الصفوي، والسماح لبعض الإرساليات التبشيرية بتأسيس أديرة لها في فارس، وتطورالعلاقات التجارية مع الغرب0 وتميز عهد الشاه عباس الأول بالعديد من الإنجازات في جميع الميادين: سياسياً بتعزيز مركز الأسرة الصفوية في فارس بحيث تمكنت من البقاء في حكم فارس قرناً آخراً من الزمن على الرغم ضعف العديد من ملوكها؛ وقومياً باكتساب فارس العديد من سمات شخصيتها والحفاظ عليها حتى اليوم؛ ومعمارياً بعد أن نقل عاصمة ملكه إلى مدينة أصفهان، جعل منها واحدة من أجمل مدن العالم في عصره؛ واقتصادياً فقد اعتنى بصناعة الأشياء الفاخرة: المنمنمات والموزاييك والصناعات النسيجية والسجاد التي لا تزال تحظى بشهرة عالمية جودة وجمالاً.
    وبعد وفاة الشاه عباس الأول دخلت الدولة الصفوية في طور الانحطاط0 فباستثناء الشاه عباس الثاني (1052ـ1077هـ/ 1642ـ1667م) الذي استرد قندهار من شاه جيهان أميردلهي، وأدت حملة قامت بها جيوشه ضد شيخ من شيوخ الازبك على حدود خراسان إلى حمل القوات الهندية على إخلاء بلخ، وتحسنت في عهده العلاقات مع العثمانيين تحسناً عظيماً، واتسع نطاق التعامل مع الدول الغربية.
    لم يتول عرش فارس بعد عباس الثاني عاهل جدير بهذا الاسم0 وأسباب ذلك كثيرة ومتنوعة، وأهمها على الإطلاق شك ملوك الأسرة الصفوية بأبنائهم وخوفهم من تآمرهم عليهم وسجنهم في قصرالحريم وحظر كل اتصال لهم بالعالم الخارجي، وخاصة ولي العهد، وعجز الملوك الصفويين أنفسهم عن ممارسة السلطة وإطلاق العنان المتنامي للخصيان وحريم القصر للتدخل في الشؤون السياسية والإدارية، والصراعات على وراثة العرش التي كانت تقودها نساء القصرالملكي، وتراجع السلطة المركزية وما نجم عن ذلك من تدهور اقتصادي، وانتشارالفساد في المستويات الحكومية كافة، وانعدام فاعلية الآلة العسكرية.
    وقد أثار ذلك كله أطماع الأفغان في الامبراطورية الصفوية0 ففي عهد الشاه حسين (1105ـ1135هـ/1694ـ1722م)، أعلن مير ويس والي قندهار الأفغاني استقلاله عن فارس (1123هـ/1711م)0 وفي عام 1135هـ/1722م غزا محمود بن مير ويس بلاد فارس وحاصر أصفهان، وأكره القحط والمرض المدينة على الاستسلام بعد أن فقدت عشرات الألوف من أبنائها، وأرغم الشاه حسين على النزول عن عرش فارس. ويعد هذا التاريخ تاريخ النهاية الحقيقية للأسرة الصفوية في فارس، وبداية صعود نجم القادة الأفغان0
    غير أن التدخل الأفغاني كان قصيرالأمد؛ ذلك أن عجزالقادة الأفغان عن فرض سيطرتهم على بلاد فارس بأكملها سمح لأحد أبناء الشاه حسين، بإعلان نفسه ملكاً في قزوين Kazwin باسم طهماسب الثاني (1134ـ 1145هـ/1722ـ1732م).
    لكن طهماسب الثاني لم يكن يملك القدرة على طرد الأفغان من العاصمة الصفوية، ومجابهة العثمانيين الذين احتلوا شمالي فارس وغربيها(1137هـ/1724م). وإن استطاعت جيوشه تحقيق بعض الانتصارات، فإن الفضل في ذلك يعود إلى محارب مغمور من خراسان هو نادرخان، الذي سرعان ما أصبح قائد الجيش الصفوي العام، وقام بطرد الأفغان من أصفهان(1142هـ/1729م)، وأعاد الأسرة الصفوية إلى عرش فارس في شخص طهماسب الثاني. لكن نادر خان سرعان ما انقلب على العاهل الصفوي لصالح ابنه عباس الثالث الحديث السن (1145هـ/1732م)0 ولم يمض أربع سنوات على استلام هذا الأخيرللعرش حتى انقلب عليه نادرخان وأعلن نفسه ملكاً على فارس باسم نادر شاه (1148هـ/1736م). وبذلك انتهى رسمياً عهد الأسرة الصفوية المالكة التي لم تعد تحكم فارس إلا اسمياً منذ (1134هـ/1722م)0
    صباح كعدان
يعمل...
X