قوة الهجين
لوحظ منذ زمن بعيد أن تزاوج حيوانات لا تمُتُّ إلى بعضها بصلات قرابة ينتج نسلاً جيد الصفات، ويظهر ذلك بوضوح في النسل الناتج من تلقيح حيوانات أو نباتات ناشئة عن التربية الداخلية (تربية الأقارب) inbreeding، وتدعى هذه الظاهرة قوة الهجين hybrid vigour (heterosis)، وتظهر في الصفات التناسلية والإنتاجية الجيدة، مثل إنتاج اللحم والحليب والخصوبة وسرعة النمو وعدد المواليد ووفرة المحصول ومقاومة الأمراض والعوامل البيئية القاسية؛ بالمقارنة مع مثيلاتها عند آبائها الأصيلة التي أنتجتها.
يبين الجدول (1) مثالاً على كيفية إنتاج قوة الهجين بتزاوج حيوانات ناتجة من التربية الداخلية ولا تجمع بينها صلات قربى، على أساس أن السيادة غير تامة incomplete dominance في كل من المواقع الستة المستقلة (غير المرتبطة) التي تسبب صفة ما. ويُفترض في هذا المثال المبسَّط أن التأثير المستقل لكل أليل سائد يعادل (4) وحدات، ولكل أليل متنحٍ (-2) وحدة. وأن تأثير زوج الأليلات الهجينة يعادل 5 وحدات، كما تعادل القيمة التربوية مجموع الآثار المستقلة للمورثات (وبديهي أن هذا نادر، ويهمل آثار البيئة، ولكنه افترض كذلك للتبسيط).
تعتمد حسابات الجدولين (1و2) على المعادلة الآتية:
القيمة الوراثية = القيمة التربوية + القيمة الوراثية غير التجمعية
يُشار إلى القيمة التربوية للآباء بكونها العامل الرئيس المحدد للقيمة التربوية للأبناء (النسل) ومظاهر هؤلاء الأفراد. أما القيمة الوراثية غير التجمعية (المُضيفة) nonadditive (أو قيمة تجمع المورثات (الجينات) gene combination value) فهي الجزء المتبقي من القيمة الوراثية للصفة والعائدة لتفاعل المورثات معاً، متمثلة بالسيادةdominance [ر. السيادة الوراثية] والتفوق epistasis. ولأن هذه القيمة تتوقف على تفاعل المورثات معاً فإنها لا تورث من جيل إلى آخر، بل تتكون مجدداً في كل جيل، وذلك على عكس القيمة التربوية التي تعتمد على المورثات التي تنتقل عبر الأعراس من جيل إلى آخر.
يبين الجدول (2) كيف تزداد طرداً قيمة قوة الهجين في النسل عندما يكون الآباء والأمهات من مجموعات لا صلات قرابة بينها. وقد حسبت بياناته باستخدام القيم التبسيطية المستعملة في الجدول السابق له.
قياس قوة الهجين
في التطبيق العملي؛ تقاس قوة الهجين بكونها الفرق بين متوسط القيمة المظهرية للصفة المدروسة في الأبناء الهجينة ومتوسط هذه القيمة في آبائها الأصيلة purebred، ويُعبر عن ذلك رياضياً بالمعادلة الآتية:
حيث:
HV= قوة الهجين بالوحدات المستخدمة لقياس الصفة
متوسط مظهر الصفة في الأفراد الهجينة
متوسط مظهر الصفة في السلالتين الأبويتين
وتساوي
ويمكن التعبير عن قوة الهجين نسبةً مئويةً على النحو الآتي:
مثال: إذا كان متوسط عدد المواليد من عرقين من الأغنام هو 1 و2حمل، فقد يتوقع بعضهم أن تنتج النعاج الهجينة متوسطاً قدره 1.5 حملاً (متوسط العرقين الأبوين). وإذا كان متوسط عدد المواليد من النعاج الهجينة 1.6 حملاً، فإن ذلك يُشير إلى حدوث قوة الهجين في هذه الصفة، قدرها في هذه التلقيحات 0.1 حملاً (= 1.6- 1.5)، أو 6.7% [= (0.1/1.5)×100)].
ويمكن إيضاح قوة الهجين بشكل تخطيطي كما يأتي:
تُعد الصفات المتعلقة بالتناسل والبقاء survival واللياقة العامة أكثر الصفات التي تُظهر قوة الهجين. كما أن عدداً من الصفات الإنتاجية تظهرها بشكل أو بآخر. وتظهر قوة الهجين بوضوح عند كون الأفراد المتزاوجة من سلالات ناتجة من التربية الداخلية (تربية الأقارب)، ومن أهم آثار التربية الداخلية حدوث ما يدعى «التدهور بتربية الأقارب» inbreeding depression، الذي يؤدي إلى تدهور الصفات التناسلية والإنتاجية وصفات مقاومة الشروط البيئية الرديئة ومقاومة الأمراض وغيرها، وترتبط كثيراً بتحول المورثات من حالة خليطة إلى حالة أصيلة، مما يتيح للمورثات المتنحية الضارة أن تظهر آثارها. ويمكن النظر إلى قوة الهجين كونها معاكسة للتدهور بتربية الأقارب، فالتربية الخارجية (تربية الأباعد) تكوِّن أفراداً هجينة في قسم كبير من مواقع مورثاتها. ويمكن التعبير رقمياً- بشيء من التبسيط- عن تعاكس قوة الهجين والتربية الداخلية في الجدول (3) الذي تدرس فيه صفة بسيطة يسببها شفع واحد من المورثات ذات السيادة التامة، وتستخدم فيه الـتأثيرات ذاتها التي سبق استخدامها في المثالين السابقين.
في الجدول (3)، حيث يعدّ المجموع في حالة توازن هاردي - واينبرغ [ر] Hardy-Weinberg equilibrium، ومن ثم فإن تكرار الأليلين B وb فيه = 0.5، ومن ثم فإن التكرارات الوراثية هي: 0.25 BBء0.50 Bb، و 0.25 bb، وهي القيم المبينة في السطر الأول من الجدول. وباستخدام هذه التكرارات ووزن القيم التربوية والوراثية فيها؛ يمكن الحصول على متوسطات القيمة التربوية والقيمة الوراثية وعلى القيمة الوراثية غير المُضيفة التي تبلغ: 2، 5، 3وحدات على التوالي.
السطور الثلاثة التالية خاصة بالقيم المذكورة في السلالتين الأصيلتين الناتجتين من تربية داخلية. ولأن الأليلين B وb متساويان في المجموع الأساس، فإن أعداد السلالتين النقيتين BB و bb متساوية، ويلاحظ أن القيمتين التربوية والوراثية هما الأكبر في هذه المجموعة عند السلالة BB، ويلاحظ أيضاً أن متوسط القيمة التربوية للسلالتين (2 وحدة) مساو لها في المجموع الأساس، ولكن ـ عامةً ـ متوسط هاتين السلالتين قد تدهور، بحيث يساوي متوسطا القيمة الوراثية والقيمة الوراثية غير المُضيفة (2 و صفر وحدة)؛ على التوالي.
وبدراسة قيم المجموعات الهجينة فإنه يُلاحظ تساوي متوسطات القيمتين التربوية والوراثية والوراثية غير المُضيفة مع مثيلاتها في المجموع الأساس. وبمعنى آخر فإن قوة الهجين التي فُقدت في السلالتين النقيتين قد استعيدت في المجموعات الهجينة. يستفاد من ظاهرة قوة الهجين في النباتات على نطاق واسع، ومن أمثلتها الذرة الهجينة التي تنتج في جميع أنحاء العالم بالتلقيح بين سلالات أصيلة (ناتجة من التربية الداخلية)، كما تستخدم في حيوانات المزرعة، ويكون ذلك بالخلط الوراثي crossbreeding بين حيوانات من عروق أصيلة. ويجري ذلك أساساً لإنتاج حيوانات اللحم التي تباع للذبح (الأغنام والخنازير وأبقار اللحم والدواجن) حيث تتميز الحيوانات الخليطة بسرعة النمو والكفاءة الجيدة لتحويل الغذاء إلى لحم وافر جيد الصفات.
تجري هذه العملية بأشكال عدة، مثل الخلط الثنائي حيث تلقح الحيوانات من سلالتين أو عرقين أصيلين لإنتاج جيل تظهر فيه قوة الهجين (وخاصة إذا كانت الحيوانات المتزاوجة ناتجة من تربية داخلية)، وهناك خلط ثلاثي تلقح فيه إناث الجيل الأول مع ذكور من عرق ثالث أو غيرها.
أسامة عارف العوا
لوحظ منذ زمن بعيد أن تزاوج حيوانات لا تمُتُّ إلى بعضها بصلات قرابة ينتج نسلاً جيد الصفات، ويظهر ذلك بوضوح في النسل الناتج من تلقيح حيوانات أو نباتات ناشئة عن التربية الداخلية (تربية الأقارب) inbreeding، وتدعى هذه الظاهرة قوة الهجين hybrid vigour (heterosis)، وتظهر في الصفات التناسلية والإنتاجية الجيدة، مثل إنتاج اللحم والحليب والخصوبة وسرعة النمو وعدد المواليد ووفرة المحصول ومقاومة الأمراض والعوامل البيئية القاسية؛ بالمقارنة مع مثيلاتها عند آبائها الأصيلة التي أنتجتها.
يبين الجدول (1) مثالاً على كيفية إنتاج قوة الهجين بتزاوج حيوانات ناتجة من التربية الداخلية ولا تجمع بينها صلات قربى، على أساس أن السيادة غير تامة incomplete dominance في كل من المواقع الستة المستقلة (غير المرتبطة) التي تسبب صفة ما. ويُفترض في هذا المثال المبسَّط أن التأثير المستقل لكل أليل سائد يعادل (4) وحدات، ولكل أليل متنحٍ (-2) وحدة. وأن تأثير زوج الأليلات الهجينة يعادل 5 وحدات، كما تعادل القيمة التربوية مجموع الآثار المستقلة للمورثات (وبديهي أن هذا نادر، ويهمل آثار البيئة، ولكنه افترض كذلك للتبسيط).
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الجدول (1) |
القيمة الوراثية = القيمة التربوية + القيمة الوراثية غير التجمعية
يُشار إلى القيمة التربوية للآباء بكونها العامل الرئيس المحدد للقيمة التربوية للأبناء (النسل) ومظاهر هؤلاء الأفراد. أما القيمة الوراثية غير التجمعية (المُضيفة) nonadditive (أو قيمة تجمع المورثات (الجينات) gene combination value) فهي الجزء المتبقي من القيمة الوراثية للصفة والعائدة لتفاعل المورثات معاً، متمثلة بالسيادةdominance [ر. السيادة الوراثية] والتفوق epistasis. ولأن هذه القيمة تتوقف على تفاعل المورثات معاً فإنها لا تورث من جيل إلى آخر، بل تتكون مجدداً في كل جيل، وذلك على عكس القيمة التربوية التي تعتمد على المورثات التي تنتقل عبر الأعراس من جيل إلى آخر.
يبين الجدول (2) كيف تزداد طرداً قيمة قوة الهجين في النسل عندما يكون الآباء والأمهات من مجموعات لا صلات قرابة بينها. وقد حسبت بياناته باستخدام القيم التبسيطية المستعملة في الجدول السابق له.
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الجدول (2) |
في التطبيق العملي؛ تقاس قوة الهجين بكونها الفرق بين متوسط القيمة المظهرية للصفة المدروسة في الأبناء الهجينة ومتوسط هذه القيمة في آبائها الأصيلة purebred، ويُعبر عن ذلك رياضياً بالمعادلة الآتية:
HV= قوة الهجين بالوحدات المستخدمة لقياس الصفة
متوسط مظهر الصفة في الأفراد الهجينة
متوسط مظهر الصفة في السلالتين الأبويتين
وتساوي
ويمكن التعبير عن قوة الهجين نسبةً مئويةً على النحو الآتي:
ويمكن إيضاح قوة الهجين بشكل تخطيطي كما يأتي:
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الجدول (3) |
السطور الثلاثة التالية خاصة بالقيم المذكورة في السلالتين الأصيلتين الناتجتين من تربية داخلية. ولأن الأليلين B وb متساويان في المجموع الأساس، فإن أعداد السلالتين النقيتين BB و bb متساوية، ويلاحظ أن القيمتين التربوية والوراثية هما الأكبر في هذه المجموعة عند السلالة BB، ويلاحظ أيضاً أن متوسط القيمة التربوية للسلالتين (2 وحدة) مساو لها في المجموع الأساس، ولكن ـ عامةً ـ متوسط هاتين السلالتين قد تدهور، بحيث يساوي متوسطا القيمة الوراثية والقيمة الوراثية غير المُضيفة (2 و صفر وحدة)؛ على التوالي.
وبدراسة قيم المجموعات الهجينة فإنه يُلاحظ تساوي متوسطات القيمتين التربوية والوراثية والوراثية غير المُضيفة مع مثيلاتها في المجموع الأساس. وبمعنى آخر فإن قوة الهجين التي فُقدت في السلالتين النقيتين قد استعيدت في المجموعات الهجينة. يستفاد من ظاهرة قوة الهجين في النباتات على نطاق واسع، ومن أمثلتها الذرة الهجينة التي تنتج في جميع أنحاء العالم بالتلقيح بين سلالات أصيلة (ناتجة من التربية الداخلية)، كما تستخدم في حيوانات المزرعة، ويكون ذلك بالخلط الوراثي crossbreeding بين حيوانات من عروق أصيلة. ويجري ذلك أساساً لإنتاج حيوانات اللحم التي تباع للذبح (الأغنام والخنازير وأبقار اللحم والدواجن) حيث تتميز الحيوانات الخليطة بسرعة النمو والكفاءة الجيدة لتحويل الغذاء إلى لحم وافر جيد الصفات.
تجري هذه العملية بأشكال عدة، مثل الخلط الثنائي حيث تلقح الحيوانات من سلالتين أو عرقين أصيلين لإنتاج جيل تظهر فيه قوة الهجين (وخاصة إذا كانت الحيوانات المتزاوجة ناتجة من تربية داخلية)، وهناك خلط ثلاثي تلقح فيه إناث الجيل الأول مع ذكور من عرق ثالث أو غيرها.
أسامة عارف العوا