القديس اوغسطين
st.augustine
٣٥٤ - ٤٣٠ م
عاش اوغسطين اثناء سنوات انحطاط وسقوط الامبراطورية الرومانية وكان اعظم عالم لاهوتي في ذلك العصر وقد اثرت كتاباته على المذاهب والمواقف الدينية خلال القرون الوسطى وحتى يومنا هذا .
ولد اغسطين عام ٣٥٤ في مدينة تاغاستي ( وتسمى الآن سوق احرس في الجزائر) وكان والده وثنيا، اما والدته فكانت مسيحية متحمسة ولذا فلم يعمد وهو طفل .
كان ذكاؤه باديا وهو في سن المراهقة وفي سن السادسة عشرة ارسل الى قرطاجة للدراسة وهنالك اتخذ له خليلة وأنجب طفلا غير شرعي وفي التاسعة عشرة قرر دراسة الفلسفة وسرعان ما تحول الى الديانة ( المانية ) وهو دين (ماني ) الفارسي . وفي بادىء الأمر لم يرق له الدين المسيحي بل تعلق بالمانية لأنه اعتقد ان المسيحية غير ممتعة عقليا وعندما أصبح في التاسعة والعشرين انتقل الى روما ثم الى ميلان في شمال ايطاليا حيث أصبح أستاذ العلم البلاغة والخطابة وهنالك ألم" بالفلسفة الافلاطونية نسخة معدلة . فلسفة افلاطون .
وكان اسقف ميلان في ذلك الوقت القديس امبروس. وقد اصغى اوغسطين لبعض عظاته التي عرفته على مظهر جديد مصقول لا مع من المسيحية . وفي الثانية والثلاثين تحول أوغسطين الى المسيحية وأصبح الرجل المرتاب من أشد أنصار المسيحية حماسا واخلاصا . وفي عام ٣٨٧ عمده القديس امبروس وبعد ذلك رجع الى وطنه الجزائر .
وفي عام ٣٩١ أصبح مساعدًا للاسقف هيبو وبعد خمس سنوات توفي الأسقف وأصبح أوغسطين وهو في الثانية والاربعين أسقفا لمدينة هيبو وقد بقي في هذا المركز طيلة حياته . ومع | ان مدينة . صغيرة ، إلا أن ذكاء أوغسطين وتوقد ذهنه بدا واضحا للجميع وأصبح أحد زعماء الكنيسة المرموقين ، ومع أن بنيته كانت ضعيفة إلا أنه وبمساعدة أحد الكتاب استطاع ان يؤلف عددا من الكتابات الدينية وقد بقيت الى الان حوالي ٥٠٠ من عظاته فضلا عن حوالي ٢٠٠ من رسائله، وأما كتبه فان أعظم كتابين هما ( مدينة الله ) و ( الاعترافات ) والاخير الذي كان من أمتع كتب السير الشخصية ألفه وهو في الاربعينات .
إن كثيرا من رسائل وعظات اوغسطين كانت نقدا وتفنيدا للديانة ( المانية ) وجميع الفرق المسيحية المنشقة وان مجادلته الشديدة مع البيلاجيين وهم ( فرقة مسيحية كافرة في تلك الأيام ) تؤلف جزء من مذهب أوغسطين الديني .
وقد كان بيلاجيوس راهبا انكليزيا أتى الى روما عام ٤٠٠ وهناك قدم مذاهب دينية لاهوتية ممتعة ، فقد أعلن أن كل انسان هو بدون خطيئة ونحن أحرار في أن نختار الخير أو الشر بالمعيشة الخيرة والاعمال الصالحة ويمكن للفرد أن يحصل على الخلاص بنفسه .
ولكن ومن خلال كتابات أوغسطين ونفوذه أعلن ان بيلاجوس كافر وفرض عليه الحرمان بعد أن طرد من روما . وطبقا لآراء أوغسطين أن جميع البشر ملطخون بخطيئة آدم ولا تستطيع البشرية ان تحصل على الخلاص بأعمالها الخاصة الخيرة بل بفضل ونعمة . الله فقط . وقد كانت هنالك أفكار مشابهة لافكار أوغسطين من قبل ولكن أوغسطين ثبت هذه الافكار في المعتقدات المسيحية .
بالحقيقة أن آراء القديس أوغسطين بالنسبة للجنس كان لها تأثير عظيم على المواقف في القرون الوسطى تجاه الجنس فقد قرر أوغسطين بعد تحوله الى الدين المسيحي أن ينصرف عن الجنس ، فقد كتب مرة يقول : لاشيء يجب أن تتجنبه مثل الجنس والعلاقات الجنسية » وقد كان نبذ الجنس يبدو صعبا بالنسبة للقديس أوغسطين ولكن نضاله الشخصي للامتناع عن العلاقات الجنسية وآراءه الشخصية في هذا الموضوع قد وصفها بدقة في كتابه ( الاعترافات ) .
وكانت الامبراطورية الرومانية تنحدر في مهاوي السقوط أثناء حياة القديس أوغسطين . ولقد كانت كتاباته وسيلة الدخول وانتقال كثير من الفلسفة اليونانية الى أوربا في القرون الوسطى وبصورة خاصة الافلاطونية الحديثة . واننا نسمع من خلال أقواله عبارات دسكارتيس اليوناني الشهيرة : ( أظن ، لذلك انني موجود ) . لقد كان أوغسطين آخر عالم في اللاهوت المسيحي قبل حلول القرون الوسطى المظلمة . وبقيت كتاباته ذات تأثير طيلة العصور الوسطى .
وقد تأثر بكتاباته كثير من رجال الدين المشهورين مثل القديس توماس اکونیاس ولوثر و كالفن .
توفي أوغسطين في مدينة هيبو عام ٤٣٠ ب. م في السادسة والسبعين وكانت القبائل الفندالية البربرية تحاصر مدينة هيبو عند وفاته وقد أحرقوا المدينة ولكن كاتيدرائية أوغسطين ومكتبته نجتا من الحرق .
تعليق