قلعي (نهاد ـ)
(1928ـ 1993)
نهاد قلعي ممثل وكاتب سوري، عمل في المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون. ولد في مدينة زحلة اللبنانية لأسرة دمشقية متوسطة الحال، وتوفي في دمشق. عاش طفولته في حي سوق ساروجة بمدينة دمشق، ثم انتقل وأسرته إلى حي المهاجرين.
نمت هوايته الفنية في الأربعينيات من القرن العشرين، وهو على مقاعد الدراسة في ثانوية جودت الهاشمي التي كانت تموج بمختلف التيارات الفكرية والثقافية.
كان أول إسهام مسرحي له في مسرحية «قيس وليلى» في مسرح «الهبرة» بحي باب توما، إلى جانب الفنانين تيسير السعدي ووصفي المالح وآخرين، وكان دوره صغيراً لا يتعدى النطق بجملة واحدة. وكان الدور الثاني المهم في حياة نهاد قلعي الفنية عام 1945 في مسرحية «جيشنا السوري»، وكان عليه أن يؤدي دورين معاً لأن سلطات الاحتلال الفرنسية آنذاك منعت زميلاً له من التمثيل في المسرحية.
بعد حصوله على شهادة الدراسة الثانوية، حاول قلعي الانتساب إلى معهد الفنون المسرحية في القاهرة، وقد تلقى موافقة من زكي طليمات عميد المعهد وقتها، لكن ظرفاً مادياً طارئاً حال دون سفره لإتمام دراسته الفنية، فانصرف مع مجموعة من أصدقائه لتأسيس «النادي الشرقي» الذي نشط بعد الاستقلال في مرحلة الخمسينيات. كان قلعي يمارس هوايته ليلاً، وفي النهار كان يعمل موظفاً إدارياً في جامعة دمشق. وبقي في عمله الإداري هذا قرابة سبع سنوات، ثم تركه وعمل مخلِّصاً جمركياً في الموانئ السورية.
في عام 1957، حدثت نقلة نوعية في المسيرة الفنية لنهاد قلعي، إذ سافر مع «النادي الشرقي» إلى القاهرة ليقدم عرض مسرحية «لولا النساء» من تأليف سامي جانو. وسافر إلى هناك مرة أخرى عام 1958 بعد قيام الوحدة السورية المصرية لتقديم مسرحية «ثمن الحرية» لعمانويل روبليه E.Roblès، وقد عربها زهير براق وجعل أحداثها تدور في الجزائر التي كانت تغلي آنذاك وهي تخوض حرب استقلالها. وقد لقي العرضان صدى طيباً. وأشاد الناقد المسرحي الكبير محمد مندور بالعرض الثاني، مما حثّ الجهات الثقافية والرسمية على إنشاء مسرح قومي في الإقليم السوري. وعندما عادت الفرقة إلى دمشق كلف نهاد قلعي مع عدد من الفنانين بانتقاء العناصر الموهوبة من الأندية الأهلية في دمشق وحلب لتشكيل مسرح ترعاه الدولة، وهكذا تم تأسيس المسرح القومي السوري الذي صار نهاد قلعي أول مدير له. وقد ظل في منصبه هذا قرابة ست سنوات من عام 1958 إلى عام 1964 حين قدم استقالته والتحق بالتلفزيون.
قدم نهاد قلعي في أثناء إدارته للمسرح القومي مسرحيات عدة ممثلاً ومخرجاً منها: «المزيفون» تأليف محمود تيمور، و«البورجوازي النبيل» لموليير، و«مدرسة الفضائح» لشريدان، و«الأخوة كرامازوف» لدوستويفسكي.
في أواخر عام 1960 بدأ البث التلفزيوني في سورية، واعتمدت أعماله الدرامية على العاملين في المسرح، فانضم إليه نهاد قلعي مع عدد من الفنانين مثل: عمر حجو، ومحمود جبر، ودريد لحام. وكانت نقطة البداية مع البرنامج الفكاهي الترفيهي «الإجازة السعيدة». ثم توقف البرنامج بعد بضع حلقات من بثه، بسبب انفصال عدد من الفنانين عنه، فانتقل نهاد قلعي لتقديم برنامج آخر هو «سهرة دمشق» الذي شهد ولادة واحد من أشهر الثنائيات الكوميدية في الوطن العربي: غوار الطوشة (دريد لحام)، وحسني البورظان (نهاد قلعي). ويذكر اجتماعهما معاً بالثنائي الكوميدي الإنكليزي لوريل وهاردي[ر] ليس من حيث الشكل فحسب (دريد لحام النحيل صغير الحجم، ونهاد قلعي البدين)، وإنما من حيث الطباع أيضاً. فدريد الإنسان الشعبي البسيط ظاهرياً ذو النظارة الطبية التي تخفي خلفها عينين ثعلبيتين، يتمتع بقدرة هائلة على نسج المكائد والمقالب التي غالباً ما يكون ضحيتها نهاد الطيب القلب.
بعد ذلك سجل دريد ونهاد للتلفزيون السوري مسرحية «عقد اللولو» التي سبق وقدمت كعرض مسرحي، فلقيت نجاحاً كبيراً دفعهما لاحقاً لتحويلها إلى فيلم سينمائي، ولتقديم أعمال تلفزيونية أخرى منها: «مقالب غوار»، و«حمام الهنا»، و«صح النوم» بجزأيه الأول والثاني، و«ملح وسكر» وجميعها من إخراج خلدون المالح، وقد شارك فيها كبار الفنانين السوريين أمثال: رفيق سبيعي، وعبد اللطيف فتحي[ر]، ونجاح حفيظ، وياسين بقوش، وغيرهم. كذلك قدّم نهاد قلعي مع دريد لحام عدداً من المسلسلات الإذاعية مثل: «غوار بغوارين»، و«الكنز»، و«غوار يخترق الجدار»، ثم قدّم بمفرده مسلسل «حلاق الحارة» مصوراً فيه البيئة الشعبية في أوائل القرن العشرين.
بعد النجاح الكبير في التلفزيون، عاد نهاد قلعي بصحبة شريكه الفني دريد لحام إلى المسرح مرة أخرى في أواخر الستينيات ليقدم ضمن ما سمي بـ«مسرح الشوك» ثلاث مسرحيات ذات طبيعة اجتماعية سياسية ساخرة هي: «مرايا»، «جيرك»، «براويظ». وفي أوائل السبعينيات أسسا معاً «فرقة تشرين المسرحية» وقدما من خلالها مسرحيتين: «ضيعة تشرين» و«غربة» وهما من تأليف محمد الماغوط[ر].
قدم دريد ونهاد للسينما أيضاً ما يقارب 22فيلماً، حظيت بنجاح جماهيري كبير، ووقفا فيها إلى جانب كبار الفنانين مثل: شادية، وصباح، وكمال الشناوي، وفريد شوقي، وناديا لطفي، ونجلاء فتحي، ونبيلة عبيد وغيرهم. ولكن نجاح هذه الأفلام من الناحية الفنية لم يكن موازياً لنجاحها من الناحية التجارية، ولم يكن دريد ونهاد راضيين عنها، عدا بضعة أفلام مثل: «عقد اللولو» (1964)، بالاشتراك مع الفنانة صباح وإخراج يوسف المعلوف، و«اللص الظريف» (1968)، بالاشتراك مع الفنانة نيللي وإخراج يوسف عيسى، و«خياط للسيدات» (1969)، بالاشتراك مع الفنانة شادية وإخراج عاطف سالم، و«الثعلب» (1971)، بالاشتراك مع نوال أبو الفتوح وإخراج يوسف المعلوف، و«مقلب من المكسيك» (1972)، بالاشتراك مع ناهد يسري وإخراج سيف الدين شوكت.
تعرض نهاد قلعي عام 1976 لحادث أعاقه عن العمل، وكان يكتب حينها مسلسلاً تلفزيونياً جديداً بعنوان «الأغرار»، فلم يستطع إكماله، وأنجزه بعده محمد الماغوط وظهر بعنوان «وادي المسك». بعد ذلك كانت صحته تتحسن تارة وتسوء تارة أخرى، وقد استطاع كتابة مسلسل بعنوان «يسعد مساكم»، إلا أنه لم يجد طريقه إلى التنفيذ. ثم كتب ومثل مسلسلاً تلفزيونياً هو «عريس الهنا»، وكان هذا العمل آخر مشاركة فنية له. ولكنه ظل أيضاً، طوال فترة مرضه، يكتب قصصاً لإحدى مجلات الأطفال المصورة.
بعد وفاته أطلق اسمه على فرقة تشرين المسرحية.
محمود عبد الواحد
(1928ـ 1993)
نمت هوايته الفنية في الأربعينيات من القرن العشرين، وهو على مقاعد الدراسة في ثانوية جودت الهاشمي التي كانت تموج بمختلف التيارات الفكرية والثقافية.
كان أول إسهام مسرحي له في مسرحية «قيس وليلى» في مسرح «الهبرة» بحي باب توما، إلى جانب الفنانين تيسير السعدي ووصفي المالح وآخرين، وكان دوره صغيراً لا يتعدى النطق بجملة واحدة. وكان الدور الثاني المهم في حياة نهاد قلعي الفنية عام 1945 في مسرحية «جيشنا السوري»، وكان عليه أن يؤدي دورين معاً لأن سلطات الاحتلال الفرنسية آنذاك منعت زميلاً له من التمثيل في المسرحية.
بعد حصوله على شهادة الدراسة الثانوية، حاول قلعي الانتساب إلى معهد الفنون المسرحية في القاهرة، وقد تلقى موافقة من زكي طليمات عميد المعهد وقتها، لكن ظرفاً مادياً طارئاً حال دون سفره لإتمام دراسته الفنية، فانصرف مع مجموعة من أصدقائه لتأسيس «النادي الشرقي» الذي نشط بعد الاستقلال في مرحلة الخمسينيات. كان قلعي يمارس هوايته ليلاً، وفي النهار كان يعمل موظفاً إدارياً في جامعة دمشق. وبقي في عمله الإداري هذا قرابة سبع سنوات، ثم تركه وعمل مخلِّصاً جمركياً في الموانئ السورية.
في عام 1957، حدثت نقلة نوعية في المسيرة الفنية لنهاد قلعي، إذ سافر مع «النادي الشرقي» إلى القاهرة ليقدم عرض مسرحية «لولا النساء» من تأليف سامي جانو. وسافر إلى هناك مرة أخرى عام 1958 بعد قيام الوحدة السورية المصرية لتقديم مسرحية «ثمن الحرية» لعمانويل روبليه E.Roblès، وقد عربها زهير براق وجعل أحداثها تدور في الجزائر التي كانت تغلي آنذاك وهي تخوض حرب استقلالها. وقد لقي العرضان صدى طيباً. وأشاد الناقد المسرحي الكبير محمد مندور بالعرض الثاني، مما حثّ الجهات الثقافية والرسمية على إنشاء مسرح قومي في الإقليم السوري. وعندما عادت الفرقة إلى دمشق كلف نهاد قلعي مع عدد من الفنانين بانتقاء العناصر الموهوبة من الأندية الأهلية في دمشق وحلب لتشكيل مسرح ترعاه الدولة، وهكذا تم تأسيس المسرح القومي السوري الذي صار نهاد قلعي أول مدير له. وقد ظل في منصبه هذا قرابة ست سنوات من عام 1958 إلى عام 1964 حين قدم استقالته والتحق بالتلفزيون.
قدم نهاد قلعي في أثناء إدارته للمسرح القومي مسرحيات عدة ممثلاً ومخرجاً منها: «المزيفون» تأليف محمود تيمور، و«البورجوازي النبيل» لموليير، و«مدرسة الفضائح» لشريدان، و«الأخوة كرامازوف» لدوستويفسكي.
في أواخر عام 1960 بدأ البث التلفزيوني في سورية، واعتمدت أعماله الدرامية على العاملين في المسرح، فانضم إليه نهاد قلعي مع عدد من الفنانين مثل: عمر حجو، ومحمود جبر، ودريد لحام. وكانت نقطة البداية مع البرنامج الفكاهي الترفيهي «الإجازة السعيدة». ثم توقف البرنامج بعد بضع حلقات من بثه، بسبب انفصال عدد من الفنانين عنه، فانتقل نهاد قلعي لتقديم برنامج آخر هو «سهرة دمشق» الذي شهد ولادة واحد من أشهر الثنائيات الكوميدية في الوطن العربي: غوار الطوشة (دريد لحام)، وحسني البورظان (نهاد قلعي). ويذكر اجتماعهما معاً بالثنائي الكوميدي الإنكليزي لوريل وهاردي[ر] ليس من حيث الشكل فحسب (دريد لحام النحيل صغير الحجم، ونهاد قلعي البدين)، وإنما من حيث الطباع أيضاً. فدريد الإنسان الشعبي البسيط ظاهرياً ذو النظارة الطبية التي تخفي خلفها عينين ثعلبيتين، يتمتع بقدرة هائلة على نسج المكائد والمقالب التي غالباً ما يكون ضحيتها نهاد الطيب القلب.
بعد ذلك سجل دريد ونهاد للتلفزيون السوري مسرحية «عقد اللولو» التي سبق وقدمت كعرض مسرحي، فلقيت نجاحاً كبيراً دفعهما لاحقاً لتحويلها إلى فيلم سينمائي، ولتقديم أعمال تلفزيونية أخرى منها: «مقالب غوار»، و«حمام الهنا»، و«صح النوم» بجزأيه الأول والثاني، و«ملح وسكر» وجميعها من إخراج خلدون المالح، وقد شارك فيها كبار الفنانين السوريين أمثال: رفيق سبيعي، وعبد اللطيف فتحي[ر]، ونجاح حفيظ، وياسين بقوش، وغيرهم. كذلك قدّم نهاد قلعي مع دريد لحام عدداً من المسلسلات الإذاعية مثل: «غوار بغوارين»، و«الكنز»، و«غوار يخترق الجدار»، ثم قدّم بمفرده مسلسل «حلاق الحارة» مصوراً فيه البيئة الشعبية في أوائل القرن العشرين.
بعد النجاح الكبير في التلفزيون، عاد نهاد قلعي بصحبة شريكه الفني دريد لحام إلى المسرح مرة أخرى في أواخر الستينيات ليقدم ضمن ما سمي بـ«مسرح الشوك» ثلاث مسرحيات ذات طبيعة اجتماعية سياسية ساخرة هي: «مرايا»، «جيرك»، «براويظ». وفي أوائل السبعينيات أسسا معاً «فرقة تشرين المسرحية» وقدما من خلالها مسرحيتين: «ضيعة تشرين» و«غربة» وهما من تأليف محمد الماغوط[ر].
قدم دريد ونهاد للسينما أيضاً ما يقارب 22فيلماً، حظيت بنجاح جماهيري كبير، ووقفا فيها إلى جانب كبار الفنانين مثل: شادية، وصباح، وكمال الشناوي، وفريد شوقي، وناديا لطفي، ونجلاء فتحي، ونبيلة عبيد وغيرهم. ولكن نجاح هذه الأفلام من الناحية الفنية لم يكن موازياً لنجاحها من الناحية التجارية، ولم يكن دريد ونهاد راضيين عنها، عدا بضعة أفلام مثل: «عقد اللولو» (1964)، بالاشتراك مع الفنانة صباح وإخراج يوسف المعلوف، و«اللص الظريف» (1968)، بالاشتراك مع الفنانة نيللي وإخراج يوسف عيسى، و«خياط للسيدات» (1969)، بالاشتراك مع الفنانة شادية وإخراج عاطف سالم، و«الثعلب» (1971)، بالاشتراك مع نوال أبو الفتوح وإخراج يوسف المعلوف، و«مقلب من المكسيك» (1972)، بالاشتراك مع ناهد يسري وإخراج سيف الدين شوكت.
تعرض نهاد قلعي عام 1976 لحادث أعاقه عن العمل، وكان يكتب حينها مسلسلاً تلفزيونياً جديداً بعنوان «الأغرار»، فلم يستطع إكماله، وأنجزه بعده محمد الماغوط وظهر بعنوان «وادي المسك». بعد ذلك كانت صحته تتحسن تارة وتسوء تارة أخرى، وقد استطاع كتابة مسلسل بعنوان «يسعد مساكم»، إلا أنه لم يجد طريقه إلى التنفيذ. ثم كتب ومثل مسلسلاً تلفزيونياً هو «عريس الهنا»، وكان هذا العمل آخر مشاركة فنية له. ولكنه ظل أيضاً، طوال فترة مرضه، يكتب قصصاً لإحدى مجلات الأطفال المصورة.
بعد وفاته أطلق اسمه على فرقة تشرين المسرحية.
محمود عبد الواحد