القانون Law كلمة تطلق على جميع القواعد والأنظمة بهدف تنظيم الأنشطة الاجتماعيةالمختلفة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القانون Law كلمة تطلق على جميع القواعد والأنظمة بهدف تنظيم الأنشطة الاجتماعيةالمختلفة

    القانون

    تطلق كلمة قانون law=loi في معناها العام على جميع القواعد والأنظمة التي تهدف إلى تنظيم الأنشطة الاجتماعية المختلفة؛ لذلك يرتبط معنى القانون بالتنظيم، أي تنظيم المجتمع. فالإنسان خُلِق؛ ليعيش حياته ويتمتع بوجوده، وهو في سبيل ذلك يقوم بالعديد من الأعمال والأنشطة، ندر منها ما ينفرد بإنجازه، فطبيعة الحياة تقتضي التعاون بين الأفراد. وبمرور الزمن وتطور العلاقات الاجتماعية وتشابكها غدا الأمر ملحّاً لنشوء علاقات مشتركة بين أفراد المجتمع متعاونين متكافئين لدفع عجلة الحياة.
    وعلى الرغم من تعدّد أنشطة الأفراد وحاجاتهم، فهي متماثلة، متقاربة متداخلة، والنتيجة هي التضارب والتنافس، فالإنسان أنانيّ بطبعه محبّ لذاته، وهو كذلك متساو مع غيره في انعدام كل قيد على حريته، بحسب الأصل؛ ولذلك فقد ألحّ الوجود الإنسانيّ بضرورة التنسيق بين حاجات الأفراد وأنشطتهم ووضع القواعد المنظمة لعلاقاتهم وروابطهم المتبادلة.
    وارتضى الأفراد بهذه القواعد التي تنظم حياتهم بوازع ذاتيّ أخلاقيّ، ومع الزمن أصبحت هذه القواعد ملزمة، ووجد من يملك سلطة تنفيذها، ولو جبرا عند الاقتضاء، مكوّنة بذلك القواعد القانونيّة التي من مجموعها يتكوّن القانون.
    والقانون باعتباره المنظّم للمجتمع، يطلق على مجموعة القواعد والأنظمة التي يتكون منها أياً كان مصدرها، بيد أنه بجانب هذا المعنى المتسع للقانون، يوجد لـه معنى آخر أكثر تقييداً، يقصره على تلك القواعد القانونية التي تسنّها السلطة التشريعية لتنظيم موضوع معين. فهذا المعنى الضيق يقتصر على تلك القواعد القانونية التي يكون مصدرها التشريع دون باقي المصادر الأخرى؛ لذلك يطلق علىالقانون في هذه الحالة تسمية «التشريع» legislation.
    خصائص القواعد القانونية
    تتميز القواعد القانونية بالخصائص والصفات الآتية:
    ـ العموم والتجريد: كل قاعدة قانونية تواجه فرضاً معيناً، أي وضعاً أو مركزاً محدداً، وهذا الفرض الذي يحدد نطاق تطبيق القاعدة ومجاله، يجب أن يحدّد تحديداً مجرداً وليس تحديداً مخصصاً. أي، يتعين لتجريد القاعدة القانونية أن تتوجّه بحكمها إلى طوائف وفئات غير متناهية، تعيّن بأوصافها وشروطها، وليس بالتحديد والتخصيص.
    وبصياغة القاعدة القانونية صياغة مجردة فإنها تبعد عن شبهة الميل والهوى، وتجريد القاعدة القانونية لا يعني استلزام مواجهتها للناس كافة، بل يمكن أن تخص طبقة معينة أو فئة من فئات المجتمع كالطلبة والموظفين والتجار، أو شخصاً واحداً، مادام لم يكن معيّناً ومقصوداً بذاته، ومثال هذه القواعد تلك التي تحدد اختصاصات رئيس الدولة أو رئيس مجلس الوزراء.
    وينشأ عن كون القاعدة القانونية مجرّدة في فرضها أن تكون عامة التطبيق في حكمها، بمعنى وجوب تطبيق الحكم أو الحل الذي تأتي به القاعدة متى توافرت شروطها في واقعة أو شخص أياً كان.
    ويترتب على اتصاف القاعدة القانونية بالعموم والتجريد، كفالة المساواة والعدل بين الأفراد وتحقيق النظام في المجتمع.
    ـ الإلزام: تهدف القاعدة القانونية إلى إقامة النظام في المجتمع بتنظيم سلوك الأفراد وترشيده عن طريق وضع القيود على تصرفاتهم وحرياتهم، تلك القيود التي تظهر في صورة أوامر ونواهٍ. ولتحقيق هدف القانون يلزم تنفيذ قواعده واحترامها من الأفراد الخاضعين لأحكامه؛ لذلك كانت قواعد القانون ملزمة، واجبة الاتباع، ولو بالقسر إذا ما اقتضى الأمر ذلك، فالقاعدة القانونية تأمر وتنهى؛ لا تنصح وترشد.
    ويتحقق إلزام القاعدة القانونية إما عن طريق الإجبار والقسر؛ أي الإكراه على اتباع حكمها، وإما عن طريق التهديد بتوقيع جزاء معين في حالة مخالفتها.
    والجزاء القانوني هو الذي يميز القاعدة القانونية من غيرها من قواعد السلوك الاجتماعي الأخرى كالقواعد الدينية والقواعد الأخلاقية.
    ـ الصفة الاجتماعية: تتصف القاعدة القانونية بأنها قاعدة اجتماعية، تنظم سلوك الأفراد الخارجي في المجتمع، فهي قاعدة اجتماعية أولاً، تنظم سلوك الأفراد الخارجي في المجتمع؛ أي قاعدة سلوك خارجي ثانياً.
    أ ـ القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية: ترمي القاعدة القانونية إلى إقامة النظام في المجتمع بتنظيم أنشطة الأفراد وإزالة تعارضها، وذلك يستتبع بالضرورة وجود المجتمع الذي يقوم القانون بتنظيم أنشطته المتباينة، فإذا وجد المجتمع، وجد القانون، فهو ظاهرة اجتماعية، يوجد في كل جماعة أياً كان شكلها.
    وحتى يأتي القانون بثماره لابدّ من خضوع الجماعة بأكملها لقواعده أفراداً وحكّاماً. رؤساء ومرؤوسين، مواطنين وأجانب، كما تخضع لـه الدولة بأجهزتها المختلفة، وذلك ما يعبّر عنه بسيادة القانون في الجماعة.
    ويترتب على ارتباط القانون بالمجتمع واتصافه بأنه ظاهرة اجتماعية، أن قواعده لاتكون ثابتة أزلية، بل هي متغيرة تختلف من مجتمع لآخر.
    ب ـ القاعدة القانونية قاعدة سلوك خارجي: القاعدة القانونية قاعدة سلوكية بحسب الأصل، بمعنى أنها تهتم بسلوك الأفراد وأنشطتهم الخارجية، فهي تهتم بما يظهر الأفراد؛ وليس بما يبطنون، باعتبار أن اهتمامها ينصب على العلاقات التي تنشأ في المجتمع، ولاتتوافر هذه العلاقات إلا بوجود مظهر خارجي لسلوك الأفراد.
    ولكن ذلك لايعني أن القانون يغفل النوايا والبواعث كلية ويقصر اهتمامه على الأفعال الخارجية للأفراد فقط، فالقانون يعتدّ في الكثير من المسائل بنية الفرد ومقصده، من ذلك اشتراط حسن النية لدى حائز المنقول لإمكانه تملكه، واشتراط مشروعية الباعث لصحة العقد.
    كما يشدد القانون عقوبة القتل الذي يقترن بسبق إصرار من القاتل، معتداً في ذلك بنيته إذا تمّ ظهورها في الحيز الخارجي.
    ولما للقاعدة القانونية من صفة اجتماعية، فالقانون وطيد الصلة بالعلوم الاجتماعية الأخرى وفي مقدمتها علم الاجتماع، وعلم النفس، والعلوم السياسية والاقتصادية.
    القاعدة القانونية والقاعدة الأخلاقية
    القاعدة الأخلاقية هي تعبير عما استقر في نفوس الأفراد في حقبة معينة من الزمن من مبادئ سامية واجبة الاتباع؛ لكونها ترجمة للمثل التي يجب أن تسود علاقاتهم وأنشطتهم، وتستمد القاعدة الأخلاقية قوتها واحترامها ـ مما يهدد من يخالفها ـ من سخط الآخرين وازدرائهم.
    ومن التحديد السابق، يتضح أن هناك فروقاً عدة بين القاعدة القانونية والقاعدة الأخلاقية، تتمثل أولاً في أن الهدف أو الغاية من القاعدة القانونية غاية تنظيمية نفعية، حيث إن هدفها تنظيم علاقات الأفراد وأنشطتهم تحقيقاً للصالح العام، في حين غاية القاعدة الأخلاقية مثالية؛ لأنها تهدف إلى الارتفاع بالأفراد، بتفكيرهم وتصرفاتهم نحو السمو والكمال، بحضها على التحلي بالفضائل والبعد عن الرذائل.
    ويتمثل ثانياً في وسيلة تحقيق الهدف في كل منهما، إذ تستند القاعدة القانونية في تحقيق غايتها ونفاذ حكمها إلى ما يرافقها من جزاء مادي حالٍ يناط توقيعه بالسلطة العامة، في حين نجد أن جزاء القاعدة الأخلاقية يتوقف على شعور الفرد ونمو ضميره وموقف الآخرين منه. هذا إضافة إلى أن القاعدة الأخلاقية تتغلغل؛ لتصل إلى ضمائر الأفراد ولا تقتصر على أنشطتهم الظاهرية.
    القاعدة القانونية والقاعدة الدينية
    القواعد الدينية هي الأوامر والنواهي التي تأتي بها الأديان السماوية؛ ويلتزم بها الأفراد وإلا تعرضوا للعقاب الأخروي الإلهي.
    ويمتد نطاق القواعد الدينية؛ ليشمل واجب الفرد نحو ربه وواجبه نحو نفسه، ثم واجبه نحو غيره من الأفراد. وفي هذه الطائفة الثالثة من الواجبات تشترك القواعد الدينية والقواعد القانونية معاً، حيث تبين كلّ منهما ما يجب على الأفراد مراعاته من قواعد عند تعاملهم بعضهم مع بعضهم الآخر، ومن هنا وجد التشابه بينهما، ولكن التشابه يقف عند هذا الحد، ويختلفان بعد ذلك سواء من حيث مصدر كل منهما أو من حيث الجزاء الذي يطبق عند مخالفتهما، فالذي يتولى توقيع جزاء مخالفة القواعد الدينية هو المولى عز وجل، وليست السلطة العامة كما هو شأن القواعد القانونية.
    تقسيم القواعد القانونية
    يمكن تقسيم القواعد القانونية إلى تقسيمات عدة، بحسب الزاوية التي ينظر إليها، وذلك على الوجه الآتي:
    ـ القواعد المكتوبة والقواعد غير المكتوبة: تصنف القواعد القانونية من حيث شكلها وصورة ظهورها إلى قواعد مكتوبة (أو مدونة) وقواعد غير مكتوبة (أو غير مدونة)، ويقصد بالأولى تلك التي تقوم بسنّها السلطات التشريعية المختصة، وتظهر في صورة التشريعات. أما القواعد غير المكتوبة فيقصد بها القواعد العرفية، التي تستمدّ وجودها ممّا اعتاد عليه الأفراد من سلوك معين؛ مع اعتقادهم وشعورهم بأهمية هذا السلوك ووجوب اتباعه كمنظم لأنشطتهم.
    ـ القواعد الموضوعية والقواعد الشكلية: تقسم القواعد القانونية من حيث الموضوعات التي تنظمها إلى قواعد موضوعية وقواعد إجرائية أو شكلية. والقواعد الموضوعية هي التي تتولى بالتحديد تنظيم حقوق الأفراد وواجباتهم، كقواعد القانون المدني[ر] والتجاري[ر] وغيرها من القواعد التي تحدد مصادر الحقوق ومداها واستعمالها وانقضاءها، في حين لا تتعرض القواعد الإجرائية إلا للجانب الشكلي والإجرائي لوضع الحقوق والواجبات موضع التنفيذ، كقواعد قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية.
    ـ القواعد الآمرة والقواعد المكملة: تقسم القواعد القانونية من حيث مدى تقيد الأفراد بما تمليه من أحكام، إلى قواعد آمرة وقواعد مكملة، ويقصد بالأولى؛ أي القواعد الآمرة تلك القواعد التي لا تجيز الاتفاق على ما يخالف ما تقرره من آثار وأحكام، وإلا وقع مثل هذا الاتفاق باطلاً، فالصفة الآمرة في تلك القواعد تتعلق بحتمية اتباع ما تقرره من أحكام؛ لكونها تنظم مسائل تتعلق بكيان المجتمع.
    أما القواعد المكملة ـ أو المفسرة ـ فيقصد بها تلك القواعد التي لا تجبر الأفراد على الالتزام بما تقرره من أحكام، بل تجيز لهم الاتفاق علىما يخالفها؛ وذلك لأنها تتناول بالتنظيم مسائل تتعلق بمعاملات الأفراد أنفسهم، فلا تنطبق إلا في حالة عدم اتفاقهم على قواعد خاصة.
    فروع القانون
    تتعدد القواعد القانونية وتتنوع مظاهر النشاط الاجتماعي، فبالنسبة للأنشطة الدولية تطلق عليها قواعد القانون الدولي أو الخارجي، أما إذا كانت الأنشطة داخلية ـ أي داخل المجتمع الواحد ـ فيحكمها القانون الداخلي. وهذا القانون الأخير تتعدد فروعه بدوره بتعدد الأنشطة الداخلية التي يحكمها وتنوعها، فبالنسبة لعلاقات الأفراد الخاصة، أي علاقاتهم فيما بينهم دون تدخل من السلطة العامة طرفاً فيها باعتبارها صاحبة السلطة والسيادة، يطلق على القانون الذي ينظمها تسمية القانون الخاص، وذلك بالمقابلة لفروع القانون العام[ر] الذي يطبق على العلاقات التي تظهر فيها الدولة أو السلطة العامة بصفتها هذه.
    وهكذا يتفرع القانون إلى قانون دولي[ر] وقانون داخلي، ويتفرع هذا الأخير إلى قانون عام وقانون خاص[ر].
    سنّ القوانين
    حماية للأفراد وضماناً لحرياتهم تقوم الدساتير بوضع إجراءات محددة يتعين مراعاتها عند قيام السلطة التشريعية بوضع التشريعات، لا يقوم القانون إلا بمراعاتها، ويمكن إيجاز هذه الإجراءات في ثلاث ضمانات رئيسة، تبدأ بإقرار التشريع من السلطة التشريعية، ثم التصديق عليه من رئيس الدولة وأخيراً نشر التشريع قبل العمل به.
    ـ إقرار التشريع: تبدأ فكرة القانون باقتراح يتقدم به أحد أعضاء السلطة التشريعية (البرلمان) أو مشروع بقانون تتقدم به السلطة التنفيذية إلى السلطة التشريعية، أما الإجراءات التشريعية فتتمثل أولى مراحلها في عرض هذا الاقتراح أو المشروع بقانون على السلطة التشريعية لمناقشته وإقراره، أي الموافقة عليه كما هو، أو بعد إجراء ما تراه من تعديلات..
    ـ التصديق على التشريع: بعد إقرار السلطة التشريعية للمشروع بقانون على الوجه السابق، يتعين رفع هذا المشروع إلى رئيس الدولة للتصديق عليه، أي للموافقة على المشروع على الوجه الذي أقرّته السلطة التشريعية، فإن تم التصديق يصبح المشروع قانوناً، ويصدره، أما إن اعترض رئيس الدولة على المشروع؛ فيرده إلى السلطة التشريعية لإعادة مناقشة المشروع، والتصويت عليه من جديد بأغلبية خاصة، قبل رفعه مرة ثانية إلى رئيس الدولة للموافقة والتصديق عليه حكماً هذه المرة.
    ـ نشر التشريع: ينتهي عمل السلطة التشريعية بالنسبة لسن التشريع بتصديق رئيس الدولة على المشروع بقانون على الوجه السابق إيضاحه، وبذلك يوجد القانون من الناحية التشريعية والدستورية، ولكنه لا ينفذ ولا يطبق على الأفراد إلا بتدخل السلطة التنفيذية ومنحه الثقة اللازمة عن طريق إصداره بوساطة رئيس الدولة، ثم نشره في الجريدة الرسمية للدولة.
    والإصدار عمل أو إجراء قانوني متمم للقانون ذاته، ويتضمن أمرين: أولهما شهادة رئيس الدولة بأن السلطة التشريعية قد أقرت القانون وفق أحكام الدستور، والثاني أمر إلى جميع الهيئات والسلطات بتنفيذ القانون كل فيما يخصه.
    أما النشر فيمثل الإجراء الأخير لنفاذ القانون وتطبيقه، وتقوم به السلطة التنفيذية حيث تقوم بنشر التشريع وشهره في الجريدة الرسمية للبلاد؛ تسهيلاً لعلم الأفراد به، وهو إجراء لازم حتى يمكن نفاذ التشريع.
    إبراهيم الدسوقي أبو الليل
يعمل...
X