امير خسرو دهلوي
Amir Khusrow Dehlawi - Amir Khosrow Dehlevi
أمير خسرو دهلوي
(651 - 725هـ /1253 - 1325م)
أمير خسرو دهلوي ابن سيف الدين أحمد من أكبر شعراء الهند، ولد في باتيالي من مقاطعة إيتا في الهند، عاش أكثر حياته في دهلي «دلهي» وإليها ينسب. وأبوه تركي الأصل، قدم إلى الهند والتحق بخدمة السلطان إلتتمش ثالث سلاطين دولة المماليك الأتراك في دهلي(حكم 607 - 633هـ). أما أم أمير خسرو فهي ابنة عماد الملك أحد قادة الجيش في الهند، وفي حجره نشأ أمير خسرو، إذ مات أبوه وهو في الثامنة من عمره. وعندما شب أمير خسرو عمل في خدمة كشلوخان ابن السلطان غياث الدين بلبان ألغ بك مؤسس الدولة الألغ خانية (حكم 664 - 686هـ) ثم انتقل إلى خدمة أخيه ناصر الدين بغراخان بن بلبان ورافقه إلى البنغال، ولكنه مالبث أن عاد إلى دهلي ووضع نفسه في خدمة أكبر أولاد السلطان وهو محمد قان بن بلبان الذي اصطحبه معه في حروبه. ولما قتل محمد قان في إحدى المعارك التي خاضها في مقارعة المغول سنة 683هـ/1284م، وقع أمير خسرو أسيراً ووضع في السجن، ولكنه تمكن من الهرب بعد وقت قصير، وعاد إلى دهلي، ثم التحق بالملك علي سرجندار هاتام خان ابن بغراخان حاكم «أودة» وبقي معه مدة سنتين، ثم استأذنه في العودة إلى دهلي، حيث أقام بحماية السلطان معز الدين كيقباد (686 - 689هـ/1287 - 1290م). وبعد أن استولى جلال الدين فيروز شاه الخلجي على الحكم في دهلي (689 - 695هـ/1290 - 1295م) عمل أمير خسرو في خدمته فكان ذا حظوة لديه، وخصه بنفقة كبيرة، كانت له أكبر مشجع على الكتابة.
ولما قتل جلال الدين الخلجي التحق الشاعر بخليفته علاء الدين الخلجي (695 - 716هـ) الذي حفظ له نفقته ولكنه لم يستخدمه إلا حين الضرورة. كانت هذه المرحلة من أخصب المراحل التي أبدع فيها أمير خسرو في الكتابة، وبعد وفاة علاء الدين تقرب أمير خسرو من السلطان قطب الدين مبارك شاه الخلجي(716 - 720هـ/ 1316 - 1320م)، وكان المفضل عنده. كما ظل أمير خسرو من المقربين في أثناء حكم غياث الدين محمد تغلق شاه الذي أنهى حكم الخلجيين في دهلي وأسس الدولة التغلقية (720 - 815 هـ/1320 - 1412م). دفن أمير خسرو في نظام أباد في دلهي القديمة في جوار قبر الشاعر الصوفي نظام الدين أوليا المعروف باسم «نظامي»، الذي كان الملهم الروحي لأمير خسرو.
ترك أمير خسرو كثيراً من المؤلفات الشعرية والأدبية والتاريخية، وقد كتبها بالأوردية والفارسية والهندية، وله بعض المؤلفات بالعربية ويمكن أن تصنف مؤلفاته ضمن الأقسام التالية:
ـ الدواوين الشعرية الخمسة وهي: «تحفة الصغر» وهي الأشعار التي نظمها في مرحلة المراهقة. و«وسط الحياة» نظمها في شبابه،و«غرة الكمال» وهي قصائد الرجولة، و«بقية نقية» وهي مختارات ما بقي من أشعاره وهو متقدم في السن، و«نهاية الكمال» وهي مجموعة من الغزل والرباعيات.
ـ المخمسات التي صاغها على نسق أشعار نظامي، وهي: «مطلع الأنوار» وهي منظومة دينية أخلاقية، و«شيرين وخسرو» و«مجنون ليلى» و«آينية اسكندري» (أو مرآة اسكندر)، و«هشت بهشت» وهي ثماني حدائق في الجنة يصف فيها غرام بهرام. وبعد أن استوحى موضوعات المخمسات من قصائد نظامي فقد أدخل عليها تعديلات جوهرية مهمة، واستفاد من الأدب الشعبي الهندي على نطاق واسع، وضمنها كثيراً من الأمثال والألغاز.
ـ رواية «مفتاح الفتوح» وهي رواية شعرية في وصف أربعة انتصارات لحملات جلال الدين فيروز شاه الثاني في السنة الأولى من حكمه.
ـ القصائد الغزلية أو القصائد المغناة.
ـ القصائد التاريخية ومنها: «قران السعدين» وهي من الشعر المثنوي، وتصف لقاء السلطان معز الدين كيقباذ وأباه ناصر الدين بغراخان سلطان البنغال على ضفاف «الساردو» في أودة. و«نه سبهر» وهي منظومة وصف فيها بلاط قطب الدين مبارك شاه مع ذكر أهم الأحداث في عهده، و«دول راني خضر خان» أو «أشيكا» وهي منظومة عن القصص الغرامية لخضر خان ابن السلطان علاء الدين الخلجي مع دول راني ابنة راني كره الكجراي.
أما أعماله النثرية فمنها: «خزائن الفتوح» التي صور فيها انتصارات علاء الدين الخلجي، و«أفضل الفوائد» وهي مستوحاة من أفكار نظامي، ومهداة إليه، ويبدو فيها متأثراً بالصوفية القديمة. وكتاب «إعجاز خسروي» وهو كتاب في البلاغة، مؤلف بأسلوب أنيق منمق.
وأكثر كتب أمير خسرو ما يزال مخطوطاً، وأكثر ما طبع منها كان بإشراف جامعة عليكرة الإسلامية .
ومع أن أمير خسرو لم يكن مؤرخاً في دواوينه وأشعاره التاريخية والغزلية، ولم يحاول أن يقدم فيها التاريخ الإنساني بدقة، إذ كان يكتب من أجل الحكام الذين كانوا يسبغون عليه الرعاية والحماية، فإن كتبه الشعرية والنثرية تمثل لوحة كاملة لشخصيته، كما تُظهر الحضارة الهندية الإسلامية في القرون الوسطى وما تتسم به في ذلك العصر أكثرمن أي عمل أدبي أو تاريخي آخر مكتوب باللغة الفارسية أو الأوردية. وتقدم آثاره الأدبية الأفكار الدينية الصوفية والأخلاقية والثقافية للقرنين السادس والسابع الهجريين (الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين)، وتصور حياة القصور وذوق سكانها من الهنود الأغنياء المثقفين، وذلك أن أمير خسرو كان يؤمن بأن حياة الإنسان ليست إلا عرضاً فخماً للأعمال الملوكية العظيمة المتشابهة والمتكررة، وحياة الرجال العظام الذين يعيشون، على غرارها، ولذلك فإن أكثر قصائده تلك يدور حول حياة البلاط ومن فيه، وقد كتب باللغة الأوردية.
كذلك فقد عثر على عدد من قصائده التي نظمها بالعربية وسكب فيها إحساساته الرقيقة وإن كان بعض الباحثين يثيرون الشكوك حول الأشعار التي تنسب إليه، ولا ريب في أن أمير خسرو كان يجيد العربية، متمكناً من النحو والبلاغة والعروض وتتسم قصائده بالرقة والسهولة. ومع ذلك فإن أمير خسرو لم يتمكن من الحصول على المكانة الرفيعة في تاريخ الأدب العربي الهندي، ولعل شاعريته الفلسفية قد حالت دون عنايته بالشعر العربي عناية كبيرة، وذلك لأن اللغة الفارسية في زمنه كانت لغة السلاطين والحكام والأمراء، وكان العلماء والأدباء يعجبون بقصائد الشعر الفارسي ويحفظونها، ولعل قصائد خسرو العربية لم تنل ما تستحقه من مؤرخي الأدب فاندثرت مع الأيام.
وإلى هذا فقد كان أمير خسرو ماهراً بالموسيقى علماً وعملاً، ويعزى إليه كثير من الألحان المؤلفة بالأوردية ويغنيها المثقفون الهنود.
أقيم له مهرجان في نيودلهي عام 1953 بمناسبة مرور سبع مئة سنة على مولده لأنه كان يمثل تفاعل الثقافات وانصهارها في الإبداع الإنساني.
نهلة الحمصي
Amir Khusrow Dehlawi - Amir Khosrow Dehlevi
أمير خسرو دهلوي
(651 - 725هـ /1253 - 1325م)
أمير خسرو دهلوي ابن سيف الدين أحمد من أكبر شعراء الهند، ولد في باتيالي من مقاطعة إيتا في الهند، عاش أكثر حياته في دهلي «دلهي» وإليها ينسب. وأبوه تركي الأصل، قدم إلى الهند والتحق بخدمة السلطان إلتتمش ثالث سلاطين دولة المماليك الأتراك في دهلي(حكم 607 - 633هـ). أما أم أمير خسرو فهي ابنة عماد الملك أحد قادة الجيش في الهند، وفي حجره نشأ أمير خسرو، إذ مات أبوه وهو في الثامنة من عمره. وعندما شب أمير خسرو عمل في خدمة كشلوخان ابن السلطان غياث الدين بلبان ألغ بك مؤسس الدولة الألغ خانية (حكم 664 - 686هـ) ثم انتقل إلى خدمة أخيه ناصر الدين بغراخان بن بلبان ورافقه إلى البنغال، ولكنه مالبث أن عاد إلى دهلي ووضع نفسه في خدمة أكبر أولاد السلطان وهو محمد قان بن بلبان الذي اصطحبه معه في حروبه. ولما قتل محمد قان في إحدى المعارك التي خاضها في مقارعة المغول سنة 683هـ/1284م، وقع أمير خسرو أسيراً ووضع في السجن، ولكنه تمكن من الهرب بعد وقت قصير، وعاد إلى دهلي، ثم التحق بالملك علي سرجندار هاتام خان ابن بغراخان حاكم «أودة» وبقي معه مدة سنتين، ثم استأذنه في العودة إلى دهلي، حيث أقام بحماية السلطان معز الدين كيقباد (686 - 689هـ/1287 - 1290م). وبعد أن استولى جلال الدين فيروز شاه الخلجي على الحكم في دهلي (689 - 695هـ/1290 - 1295م) عمل أمير خسرو في خدمته فكان ذا حظوة لديه، وخصه بنفقة كبيرة، كانت له أكبر مشجع على الكتابة.
ولما قتل جلال الدين الخلجي التحق الشاعر بخليفته علاء الدين الخلجي (695 - 716هـ) الذي حفظ له نفقته ولكنه لم يستخدمه إلا حين الضرورة. كانت هذه المرحلة من أخصب المراحل التي أبدع فيها أمير خسرو في الكتابة، وبعد وفاة علاء الدين تقرب أمير خسرو من السلطان قطب الدين مبارك شاه الخلجي(716 - 720هـ/ 1316 - 1320م)، وكان المفضل عنده. كما ظل أمير خسرو من المقربين في أثناء حكم غياث الدين محمد تغلق شاه الذي أنهى حكم الخلجيين في دهلي وأسس الدولة التغلقية (720 - 815 هـ/1320 - 1412م). دفن أمير خسرو في نظام أباد في دلهي القديمة في جوار قبر الشاعر الصوفي نظام الدين أوليا المعروف باسم «نظامي»، الذي كان الملهم الروحي لأمير خسرو.
ترك أمير خسرو كثيراً من المؤلفات الشعرية والأدبية والتاريخية، وقد كتبها بالأوردية والفارسية والهندية، وله بعض المؤلفات بالعربية ويمكن أن تصنف مؤلفاته ضمن الأقسام التالية:
ـ الدواوين الشعرية الخمسة وهي: «تحفة الصغر» وهي الأشعار التي نظمها في مرحلة المراهقة. و«وسط الحياة» نظمها في شبابه،و«غرة الكمال» وهي قصائد الرجولة، و«بقية نقية» وهي مختارات ما بقي من أشعاره وهو متقدم في السن، و«نهاية الكمال» وهي مجموعة من الغزل والرباعيات.
ـ المخمسات التي صاغها على نسق أشعار نظامي، وهي: «مطلع الأنوار» وهي منظومة دينية أخلاقية، و«شيرين وخسرو» و«مجنون ليلى» و«آينية اسكندري» (أو مرآة اسكندر)، و«هشت بهشت» وهي ثماني حدائق في الجنة يصف فيها غرام بهرام. وبعد أن استوحى موضوعات المخمسات من قصائد نظامي فقد أدخل عليها تعديلات جوهرية مهمة، واستفاد من الأدب الشعبي الهندي على نطاق واسع، وضمنها كثيراً من الأمثال والألغاز.
ـ رواية «مفتاح الفتوح» وهي رواية شعرية في وصف أربعة انتصارات لحملات جلال الدين فيروز شاه الثاني في السنة الأولى من حكمه.
ـ القصائد الغزلية أو القصائد المغناة.
ـ القصائد التاريخية ومنها: «قران السعدين» وهي من الشعر المثنوي، وتصف لقاء السلطان معز الدين كيقباذ وأباه ناصر الدين بغراخان سلطان البنغال على ضفاف «الساردو» في أودة. و«نه سبهر» وهي منظومة وصف فيها بلاط قطب الدين مبارك شاه مع ذكر أهم الأحداث في عهده، و«دول راني خضر خان» أو «أشيكا» وهي منظومة عن القصص الغرامية لخضر خان ابن السلطان علاء الدين الخلجي مع دول راني ابنة راني كره الكجراي.
أما أعماله النثرية فمنها: «خزائن الفتوح» التي صور فيها انتصارات علاء الدين الخلجي، و«أفضل الفوائد» وهي مستوحاة من أفكار نظامي، ومهداة إليه، ويبدو فيها متأثراً بالصوفية القديمة. وكتاب «إعجاز خسروي» وهو كتاب في البلاغة، مؤلف بأسلوب أنيق منمق.
وأكثر كتب أمير خسرو ما يزال مخطوطاً، وأكثر ما طبع منها كان بإشراف جامعة عليكرة الإسلامية .
ومع أن أمير خسرو لم يكن مؤرخاً في دواوينه وأشعاره التاريخية والغزلية، ولم يحاول أن يقدم فيها التاريخ الإنساني بدقة، إذ كان يكتب من أجل الحكام الذين كانوا يسبغون عليه الرعاية والحماية، فإن كتبه الشعرية والنثرية تمثل لوحة كاملة لشخصيته، كما تُظهر الحضارة الهندية الإسلامية في القرون الوسطى وما تتسم به في ذلك العصر أكثرمن أي عمل أدبي أو تاريخي آخر مكتوب باللغة الفارسية أو الأوردية. وتقدم آثاره الأدبية الأفكار الدينية الصوفية والأخلاقية والثقافية للقرنين السادس والسابع الهجريين (الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين)، وتصور حياة القصور وذوق سكانها من الهنود الأغنياء المثقفين، وذلك أن أمير خسرو كان يؤمن بأن حياة الإنسان ليست إلا عرضاً فخماً للأعمال الملوكية العظيمة المتشابهة والمتكررة، وحياة الرجال العظام الذين يعيشون، على غرارها، ولذلك فإن أكثر قصائده تلك يدور حول حياة البلاط ومن فيه، وقد كتب باللغة الأوردية.
كذلك فقد عثر على عدد من قصائده التي نظمها بالعربية وسكب فيها إحساساته الرقيقة وإن كان بعض الباحثين يثيرون الشكوك حول الأشعار التي تنسب إليه، ولا ريب في أن أمير خسرو كان يجيد العربية، متمكناً من النحو والبلاغة والعروض وتتسم قصائده بالرقة والسهولة. ومع ذلك فإن أمير خسرو لم يتمكن من الحصول على المكانة الرفيعة في تاريخ الأدب العربي الهندي، ولعل شاعريته الفلسفية قد حالت دون عنايته بالشعر العربي عناية كبيرة، وذلك لأن اللغة الفارسية في زمنه كانت لغة السلاطين والحكام والأمراء، وكان العلماء والأدباء يعجبون بقصائد الشعر الفارسي ويحفظونها، ولعل قصائد خسرو العربية لم تنل ما تستحقه من مؤرخي الأدب فاندثرت مع الأيام.
وإلى هذا فقد كان أمير خسرو ماهراً بالموسيقى علماً وعملاً، ويعزى إليه كثير من الألحان المؤلفة بالأوردية ويغنيها المثقفون الهنود.
أقيم له مهرجان في نيودلهي عام 1953 بمناسبة مرور سبع مئة سنة على مولده لأنه كان يمثل تفاعل الثقافات وانصهارها في الإبداع الإنساني.
نهلة الحمصي