تتحكم جميع دول العالم تقريبًا بإمداداتها النقدية بواسطة بنوكها المركزية، إذ يتحكم البنك الاحتياطي الفيدرالي (FRB) بمعروض الولايات المتحدة النقدي، ويتحكم بنك الصين الشعبي (PBOC) بمعروض الصين النقدي. يعد الاقتصاد الصيني من الأكبر والأسرع نموًا في العالم، ويتميز بسوق مفتوحة واشتراكية وفريدة من نوعها، ومع أن الحكومة الصينية تفرض رقابة مشددة فإنها تظل منفتحة في السوق الحرة، وبما أن الاقتصاد الصيني قائم على التصنيع والتصدير -ما يجعله يتلقى كميات هائلة من العملات الأجنبية مقابل صادراته- فإن سعر العملة الصينية مقابل العملات العالمية يؤثر في المعروض النقدي للبلاد.
تناقش هذه المقالة أبرز الطرق التي تتبعها الصين للتحكم بمعروضها النقدي وأسعار العملات الأجنبية.
عناوين رئيسة:
المعروض النقدي -أو المخزون النقدي- هو المبلغ المالي الإجمالي المتداول أو الموجود في بلد ما في وقت محدد، ويؤثر المعروض النقدي في مستويات الأسعار وتوافر رأس المال والتضخم والدورة الاقتصادية والتجارية العامة في البلاد.
تؤدي سرعة التداول العالية إلى زيادة القوة الشرائية وانخفاض أسعار الفائدة، ما يزيد حجم رأس المال المتاح من أجل الاستثمارات والأعمال والإنفاق، ويحدث العكس عند انخفاض سرعة تداول المعروض النقدي.
تراقب السلطات الحكومية من كثب المعروض النقدي، وتتخذ الإجراءات اللازمة والمناسبة للاقتصاد العام أو لقطاعات محددة، وتختلف سياسات عرض النقد في الصين عن الأساليب التقليدية التي تستخدمها الدول الأخرى بسبب النظام الاقتصادي الفريد للبلاد.
الاقتصاد الصيني التقليدي
تمتلك الصين فائضًا تجاريًا، نظرًا إلى أن اقتصادها قائم على التصنيع والتصدير، إذ تبيع للعالم أكثر مما تشتري منه. يتقاضى المصدرون الصينيون دولارًا أمريكيًا مقابل صادراتهم، لكن يتعين عليهم دفع نفقاتهم وأجورهم المحلية بالعملة المحلية، وهي اليوان الصيني أو الرنمينبي. وقد يرتفع سعر اليوان مقابل الدولار الأمريكي بسبب العرض الكبير للدولار الأمريكي والطلب على اليوان الصيني.
عند حدوث ذلك، تصبح الصادرات الصينية أكثر تكلفة، وتخسر ميزتها الأساسية في السوق العالمية المتمثلة بسعرها المنافس، ويعد هذا الأمر معضلة بالنسبة للاقتصاد الصيني، ما قد يؤدي إلى قلة مبيعات السلع المصنعة أو انعدامها بالكامل، إضافةً إلى انتشار البطالة، والركود الاقتصادي.
يتدخل مصرف الصين الشعبي بهدف حل تلك المعضلة، ما يؤدي إلى انخفاض أسعار الصرف بعد قيامه بالإجراءات اللازمة.
التغيرات في العقد الماضي
بقي سعر صرف اليوان الصيني مقابل الدولار الأمريكي مستقرًا من 2008 إلى 2020 نحو 6.1 إلى 7.1. وقد شهد المعروض النقدي الصيني في الآونة الأخيرة نموًا مستقرًا، إلى جانب ازدياد الناتج المحلي الإجمالي الصيني أيضًا بنسب مماثلة.
وتُوصف العلاقة بين عملة الصين واقتصادها بأنها مثيرة للاهتمام، إذ يعمل نظامها الاقتصادي القائم على التصدير بطريقة مختلفة عن نظام البلدان الأخرى. إذ أدت الإصلاحات الهامة التي قادتها الحكومة الصينية من 2010 إلى 2020 إلى ازدياد انتشار السوق الصينية وانفتاح اقتصادها.
شهدت تلك الفترة تسييل مجموعة متنوعة من الموارد وزيادة توافرها في السوق المفتوحة، ما أدى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية واسعة النطاق. وتشمل هذه الموارد السلع المُصنعة والبنى التحتية والتكنولوجيا والموارد الطبيعية، فضلًا عن رأس المال البشري والعمالة. وأدى ازدياد الطلب على العملة الصينية إلى تحفيز الإقراض المصرفي التجاري، فزاد المعروض النقدي في النهاية. وقد ازداد المعروض النقدي كثيرًا في السنوات العشر الماضية، وبسبب معدلات النمو المرتفعة والمستقرة هذه، تمكنت الصين من إدارة المعروض النقدي المتزايد بطريقة فعالة، مع الحفاظ على استقرار أسعار صرف العملات.
كيف تتحكم الصين في معروضها النقدي؟
تتبع الصين مجموعة من الأساليب المتنوعة لإدارة معروضها النقدي. فيما يلي الأساليب الرئيسة المتبعة:
التحكم بسعر صرف العملات الأجنبية
تتمثل إحدى المهام الرئيسة لبنك الصين المركزي في امتصاص تدفقات رأس المال الأجنبي الكبيرة من الفائض التجاري للصين. بينما يشتري بنك الصين الشعبي العملات الأجنبية من المصدرين، ويطرح عملة اليوان الصيني بدلًا عنها. ويتمتع بنك الصين الشعبي بحرية طرح المبالغ بالعملة المحلية للتبادل في سوق العملات الأجنبية.
يضمن طرح الأوراق النقدية بالعملة المحلية بقاء أسعار صرف العملات الأجنبية مستقرة أو متغيرة بنطاق محدود. إضافةً إلى بقاء الصادرات الصينية أرخص، ما يؤدي إلى حفاظ الصين على تفوقها بمثابة اقتصاد صناعي ومُصدر. وأهم من ذلك، تتحكم الصين بالعملات الأجنبية الواردة إلى البلاد بشدة، ما يؤثر على معروضها النقدي.
التطهير
تنفذ الصين إجراءات تطهيرية مختلفة، من ضمنها الإجراء النقدي الذي يتخذه بنك الصين الشعبي للحد من تأثير تدفقات رؤوس الأموال الداخلة والخارجة المستمرة على المعروض النقدي للبلاد. وقد تؤدي إجراءات بنك الصين الشعبي هذه إلى بعض العواقب السلبية.
يزيد البنك معروض العملة المحلية في السوق المحلي، ما يزيد احتمالية ارتفاع معدلات التضخم، ومن أجل تقليص المعروض النقدي الفائض، يبيع بنك الصين الشعبي المقدار المطلوب من سندات العملة المحلية، ما ينتج عنه تصريف الفائض النقدي من الأسواق المفتوحة. بينما يشتري البنك سندات العملة المحلية عند الحاجة إلى ضخ السيولة في الأسواق.
طباعة الأوراق النقدية
طباعة العملة المحلية هي إحدى الطرق التي تتبعها الصين، فبوسع بنك الصين الشعبي طباعة اليوان حسب الحاجة، مع أن ذلك قد يؤدي إلى ازدياد معدل التضخم. لكن الضوابط الحكومية في الصين صارمة ومتحكمة بالاقتصاد، ما يمكنها من السيطرة على معدلات التضخم بأساليب مختلفة عن الدول الأخرى. وقد أُجريت تغييرات بشأن الإعانات وأساليب التحكم بالأسعار من أجل ضبط التضخم في الصين.
نسبة الاحتياطي
يتعين على البنوك التجارية الاحتفاظ بنسبة مئوية من إجمالي مبلغ الودائع لدى البنك المركزي للبلد، وهو ما يُعرف باسم نسبة الاحتياطي. إذا خفضت البنوك المركزية نسبة الاحتياطي، فإن البنوك التجارية تحتفظ بأموال أقل من الاحتياطي لديها، مع توفير أموال أكثر من أجل زيادة معروضها النقدي، والعكس صحيح.
معدل الحسومات
إذا اقترضت البنوك التجارية أموالًا إضافية من البنوك المركزية، فإنها ستدفع فائدة على المبلغ وفقًا لمعدل الحسم المطبق. وبوسع البنوك المركزية أيضًا تغيير معدل الحسم من أجل زيادة تكلفة هذه القروض أو تقليلها، ما يؤثر في النهاية في توافر السيولة في الأسواق المفتوحة. ويُتبع أسلوب التغييرات في معدلات الحسم على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم بغية التحكم بالمعروض النقدي.
الخلاصة
تنطبق بعض الإجراءات التي تتخذها الصين لضبط معروضها النقدي عالميًا على جميع البلدان، في حين يعد البعض الآخر خاصًا بالصين فقط، وكونها اقتصادًا يجمع بين السوق الاشتراكية والسوق الحرة، ابتكرت الصين أسلوبها الخاص للحفاظ على قبضتها المحكمة على اقتصادها. وتعد الصين قوة مالية عظمى تشهد نموًا اقتصاديًا ناجمًا عن إجراءاتها المُحكمة.
تناقش هذه المقالة أبرز الطرق التي تتبعها الصين للتحكم بمعروضها النقدي وأسعار العملات الأجنبية.
عناوين رئيسة:
- يتحكم بنك الصين الشعبي الذي يعد جزءًا من الحكومة المركزية بالمعروض النقدي للبلاد.
- تختلف سياسات العرض النقدي في الصين عنها في الدول الأخرى، وذلك بسبب نظامها الاقتصادي الفريد القائم على التصدير.
- تدير الصين معروضها النقدي إما من طريق التحكم بأسعار العملات الأجنبية، وإما من طريق طباعة الأوراق النقدية.
- يستطيع بنك الصين الشعبي التحكم بالمعروض النقدي بتغيير نسبة الاحتياطي النقدي ومعدل الحسومات.
المعروض النقدي -أو المخزون النقدي- هو المبلغ المالي الإجمالي المتداول أو الموجود في بلد ما في وقت محدد، ويؤثر المعروض النقدي في مستويات الأسعار وتوافر رأس المال والتضخم والدورة الاقتصادية والتجارية العامة في البلاد.
تؤدي سرعة التداول العالية إلى زيادة القوة الشرائية وانخفاض أسعار الفائدة، ما يزيد حجم رأس المال المتاح من أجل الاستثمارات والأعمال والإنفاق، ويحدث العكس عند انخفاض سرعة تداول المعروض النقدي.
تراقب السلطات الحكومية من كثب المعروض النقدي، وتتخذ الإجراءات اللازمة والمناسبة للاقتصاد العام أو لقطاعات محددة، وتختلف سياسات عرض النقد في الصين عن الأساليب التقليدية التي تستخدمها الدول الأخرى بسبب النظام الاقتصادي الفريد للبلاد.
الاقتصاد الصيني التقليدي
تمتلك الصين فائضًا تجاريًا، نظرًا إلى أن اقتصادها قائم على التصنيع والتصدير، إذ تبيع للعالم أكثر مما تشتري منه. يتقاضى المصدرون الصينيون دولارًا أمريكيًا مقابل صادراتهم، لكن يتعين عليهم دفع نفقاتهم وأجورهم المحلية بالعملة المحلية، وهي اليوان الصيني أو الرنمينبي. وقد يرتفع سعر اليوان مقابل الدولار الأمريكي بسبب العرض الكبير للدولار الأمريكي والطلب على اليوان الصيني.
عند حدوث ذلك، تصبح الصادرات الصينية أكثر تكلفة، وتخسر ميزتها الأساسية في السوق العالمية المتمثلة بسعرها المنافس، ويعد هذا الأمر معضلة بالنسبة للاقتصاد الصيني، ما قد يؤدي إلى قلة مبيعات السلع المصنعة أو انعدامها بالكامل، إضافةً إلى انتشار البطالة، والركود الاقتصادي.
يتدخل مصرف الصين الشعبي بهدف حل تلك المعضلة، ما يؤدي إلى انخفاض أسعار الصرف بعد قيامه بالإجراءات اللازمة.
التغيرات في العقد الماضي
بقي سعر صرف اليوان الصيني مقابل الدولار الأمريكي مستقرًا من 2008 إلى 2020 نحو 6.1 إلى 7.1. وقد شهد المعروض النقدي الصيني في الآونة الأخيرة نموًا مستقرًا، إلى جانب ازدياد الناتج المحلي الإجمالي الصيني أيضًا بنسب مماثلة.
وتُوصف العلاقة بين عملة الصين واقتصادها بأنها مثيرة للاهتمام، إذ يعمل نظامها الاقتصادي القائم على التصدير بطريقة مختلفة عن نظام البلدان الأخرى. إذ أدت الإصلاحات الهامة التي قادتها الحكومة الصينية من 2010 إلى 2020 إلى ازدياد انتشار السوق الصينية وانفتاح اقتصادها.
شهدت تلك الفترة تسييل مجموعة متنوعة من الموارد وزيادة توافرها في السوق المفتوحة، ما أدى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية واسعة النطاق. وتشمل هذه الموارد السلع المُصنعة والبنى التحتية والتكنولوجيا والموارد الطبيعية، فضلًا عن رأس المال البشري والعمالة. وأدى ازدياد الطلب على العملة الصينية إلى تحفيز الإقراض المصرفي التجاري، فزاد المعروض النقدي في النهاية. وقد ازداد المعروض النقدي كثيرًا في السنوات العشر الماضية، وبسبب معدلات النمو المرتفعة والمستقرة هذه، تمكنت الصين من إدارة المعروض النقدي المتزايد بطريقة فعالة، مع الحفاظ على استقرار أسعار صرف العملات.
كيف تتحكم الصين في معروضها النقدي؟
تتبع الصين مجموعة من الأساليب المتنوعة لإدارة معروضها النقدي. فيما يلي الأساليب الرئيسة المتبعة:
التحكم بسعر صرف العملات الأجنبية
تتمثل إحدى المهام الرئيسة لبنك الصين المركزي في امتصاص تدفقات رأس المال الأجنبي الكبيرة من الفائض التجاري للصين. بينما يشتري بنك الصين الشعبي العملات الأجنبية من المصدرين، ويطرح عملة اليوان الصيني بدلًا عنها. ويتمتع بنك الصين الشعبي بحرية طرح المبالغ بالعملة المحلية للتبادل في سوق العملات الأجنبية.
يضمن طرح الأوراق النقدية بالعملة المحلية بقاء أسعار صرف العملات الأجنبية مستقرة أو متغيرة بنطاق محدود. إضافةً إلى بقاء الصادرات الصينية أرخص، ما يؤدي إلى حفاظ الصين على تفوقها بمثابة اقتصاد صناعي ومُصدر. وأهم من ذلك، تتحكم الصين بالعملات الأجنبية الواردة إلى البلاد بشدة، ما يؤثر على معروضها النقدي.
التطهير
تنفذ الصين إجراءات تطهيرية مختلفة، من ضمنها الإجراء النقدي الذي يتخذه بنك الصين الشعبي للحد من تأثير تدفقات رؤوس الأموال الداخلة والخارجة المستمرة على المعروض النقدي للبلاد. وقد تؤدي إجراءات بنك الصين الشعبي هذه إلى بعض العواقب السلبية.
يزيد البنك معروض العملة المحلية في السوق المحلي، ما يزيد احتمالية ارتفاع معدلات التضخم، ومن أجل تقليص المعروض النقدي الفائض، يبيع بنك الصين الشعبي المقدار المطلوب من سندات العملة المحلية، ما ينتج عنه تصريف الفائض النقدي من الأسواق المفتوحة. بينما يشتري البنك سندات العملة المحلية عند الحاجة إلى ضخ السيولة في الأسواق.
طباعة الأوراق النقدية
طباعة العملة المحلية هي إحدى الطرق التي تتبعها الصين، فبوسع بنك الصين الشعبي طباعة اليوان حسب الحاجة، مع أن ذلك قد يؤدي إلى ازدياد معدل التضخم. لكن الضوابط الحكومية في الصين صارمة ومتحكمة بالاقتصاد، ما يمكنها من السيطرة على معدلات التضخم بأساليب مختلفة عن الدول الأخرى. وقد أُجريت تغييرات بشأن الإعانات وأساليب التحكم بالأسعار من أجل ضبط التضخم في الصين.
نسبة الاحتياطي
يتعين على البنوك التجارية الاحتفاظ بنسبة مئوية من إجمالي مبلغ الودائع لدى البنك المركزي للبلد، وهو ما يُعرف باسم نسبة الاحتياطي. إذا خفضت البنوك المركزية نسبة الاحتياطي، فإن البنوك التجارية تحتفظ بأموال أقل من الاحتياطي لديها، مع توفير أموال أكثر من أجل زيادة معروضها النقدي، والعكس صحيح.
معدل الحسومات
إذا اقترضت البنوك التجارية أموالًا إضافية من البنوك المركزية، فإنها ستدفع فائدة على المبلغ وفقًا لمعدل الحسم المطبق. وبوسع البنوك المركزية أيضًا تغيير معدل الحسم من أجل زيادة تكلفة هذه القروض أو تقليلها، ما يؤثر في النهاية في توافر السيولة في الأسواق المفتوحة. ويُتبع أسلوب التغييرات في معدلات الحسم على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم بغية التحكم بالمعروض النقدي.
الخلاصة
تنطبق بعض الإجراءات التي تتخذها الصين لضبط معروضها النقدي عالميًا على جميع البلدان، في حين يعد البعض الآخر خاصًا بالصين فقط، وكونها اقتصادًا يجمع بين السوق الاشتراكية والسوق الحرة، ابتكرت الصين أسلوبها الخاص للحفاظ على قبضتها المحكمة على اقتصادها. وتعد الصين قوة مالية عظمى تشهد نموًا اقتصاديًا ناجمًا عن إجراءاتها المُحكمة.